أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - عوامل سقوط النظام














المزيد.....

عوامل سقوط النظام


عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)


الحوار المتمدن-العدد: 8537 - 2025 / 11 / 25 - 15:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أهمّ الأسباب التي تؤدّي لسقوط أي نظام هي الأسباب الاقتصادية والاجتماعية. فالجوع هو الذي يدفع لتمرّد الناس على امتداد جغرافيا البلاد.
هنا لن أناقش الأسباب الموجبة لإسقاط النّظام، فهي معروفة، وسأفترض أنها متوفّرة. إنما الأهم من الأسباب هي العوامل التي يجب أن تتوفّر لكي يُصبح الحديث عن التغيير مُبرّرًا ومعقولا وليس مجرّد لغو فارغ.

بداية "الثورة"، "إسقاط النظام"، أو"تغيير النظام"، بقطع النظر عن طبيعة الحدث وعن المفردات المستعملة لتوصيفه، تبقى ظاهرة محلية في الأصل. بمعنى أنه إذا لم يكن هنالك تصميم شعبي واسع على التغيير، لا يسقط أي نظام بالضغط الخارجي. ولكن ما أن تتوسع الاحتجاجات وتأخذ طابع التمرّد والعصيان والثورة على النظام، حتى تصبح شأنًا إقليميًا، فتتحرّك الدول المجاورة لاحتوائها خشية مآلاتها، ذلك أن الثورات مُخيفة مثل الجوائح، إذا بدأت سرعان ما تنتشر. وفي هذه الحالة يصبح الخارج معنيًّا بالحدث ومؤثّرا جدًّا، إمّا مُساعدًا على إسقاط النّظام، أو مساعدا على تثبيته.

أما معركة الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان واستقلال القضاء، فتظل قضية النخبة، ولا يمكنها تحريك الشارع، إلّا إذا طُرِحت ضمن المطالب الأساسية المتعلقة بمعيشة الأغلبية. وبالتالي لا يمكن لأي نخبة معزولة شعبيًا أن تطيح بنظام بسبب انتهاكه لشروط المحاكمة العادلة، خصوصا إذا كان الشعب لا يثق بهذه النخبة، والدول في الإقليم لا تطمئن لها.

عموما، استنادا إلى الدراسات المقارنة، ما هي العوامل التي يجب أن تتوفر حتى يسقط أي نظام سياسي؟

أن تصبح مسألة إسقاط النظام أقرب لإجماع شعبي يُميّز مزاج الأغلبية، ويدفعها لاحتلال الشوارع على امتداد تراب البلد.

أن يتسبّب النظام في أزمة خطيرة تهدّد كيان الدولة، كانهيار البنوك مثلا والعجز عن التوريد، بحيث تُضرب الأعصاب الاقتصادية للنظام.

أن يتورط النظام في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية ضد جزء من السكان. بحيث تصبح تلك الجرائم قضية إنسانية تُوجِبُ على العالم الوُقوف إلى جانب التمرّد ضد النظام.

أن تتمكن المعارضة من نزع شرعية النظام بتعبئة الشارع، وتكريس النظرة إليه على أنه نظام غير قابل للإصلاح، وبأن بقاءه يشكل خطرا على البلد أو على الإقليم.

ان تنجح المعارضة في انتزاع الاعتراف الدولي بها لتمثيل الشعب في المنابر الدولية بناء على شعبيتها وقدرتها على التحكم في حركة الاحتجاج.

أن يحدث انشقاق داخل النخبة الحاكمة بحيث ينأى جزء منها بنفسه، او يلتحق بالمعارضة. وخاصة في صفوف القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، أو يحدث شرخ عميق داخل الدولة يعكس اهتزاز ثقة النظام في قدرته على الاستمرار.

أن يلتزم الجيش الحياد ويرفع يده على السلطة السياسية.

أن يكون النظام مُستهدفًا من قوى خارجية راغبة في التخلص منه لتحقيق أهداف استراتيجية ومنافع تفوق تكاليف التدخل العسكري المباشر ضده، أو من خلال دعم ميليشيات محلية مسلحة. أو بالعقوبات الاقتصادية والحصار. أو بجميع هذه الإجراءات.

أن يشكل النظام خطرا على الأمن والسلم العالميين، ما يخلق توافق بين إرادة دولية وقرار داخلي في تغييره.

أن يسقط النظام كعرض جانبي لصراع إقليمي أو دولي (مثلما حدث لنظام الأسد). وهنالك أمثلة عديدة سقطت فيها أنظمة كنتيجة غير مباشرة لصراع أوسع وأكبر من البلد. مثلا نتيجة لنهاية الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفياتي، سقطت أنظمة أروبا الشرقية، وسقط النظام في أثيوبيا، وفي الصومال، وفي منغوليا.. واضطرّ الرفاق في اليمن الجنوبي إلى الذهاب إلى الوحدة مع اليمن الشمالي لأن الحليف الدولي اختفى.

عندما نتأمل في هذه العوامل، لا يبدو أن النّظام التونسي اليوم في أيّ من هذه الحالات لا من قريب ولا من بعيد. فهو مازال يتمتع بشعبية تفوق شعبية المعارضة. والمؤسستين الأمنية والعسكرية على درجة من التماسك لم تشهدها منذ 2011، علاوه على العلاقة الطبيعية بالجوار وبالعالم.

في المقابل مشكلة المعارضة أنها تُركّز معركتها على "الحريات" وعلى شخص رئيس الجمهورية، وليس على المطالب الاقتصادية والاجتماعية، ومطلب تغيير أسس النظام الاقتصادي ومنوال التنمية بِرُمته. ويوميا تُهاجم أهم دولة في الجوار الجغرافي لتونس. والمعنيّة أمنيًّا أكثر من غيرها بالاستقرار في تونس.

على هذا أعتقد أن التغيير يحتاج تواضع المعارضة، وربط مصيرها بمصير شعبها، والالتزام بقول الحقيقة لاستعادة ثقة التوانسة، والكفّ عن نشر الأوهام والتبشير باقتراب ساعة سقوط النظام، لأنّ هذا الأسلوب يُضاعف قوّة النظام ويزيده شعبيّة.

وبمناسبة استسهال إسقاط النظام، علينا أن نتذكّر أنّ النّظام التونسي مثله مثل النظام المغربي والنظام المصري، مهما تعرّض لأزمات يظلّ صامدا لأنه يستند لدولة ذات بنية تاريخية متجذّرة، خلقت علاقة نفسية بينها وبين المجتمع قائمة على الولاء الجماعي والقبول الضّمني بوجود سلطة مركزية قويّة.
وهو نظام أمنه محترف، وجيشه غير مُسيّس يخشى على الدولة من الانهيار في جغرافيا صغيرة، مواردها محدودة، ولا تتحمّل الفوضى. ولذلك بنت الأجهزة الأمنية والعسكرية عقيدتها على الاستقرار في الداخل، وعلى كون تونس "دولة حاجز" في ملفّي الإرهاب والهجرة، وأي اضطراب داخلي يهدد إيطاليا وفرنسا والجزائر مباشرة، وهذا ما منح النظام شبكات أمان وجدران صدّ تمنع الانهيار مهما كان حجم الأزمة السياسية. وهذا يعني أن قرار المؤسسة الأمنية والعسكرية أهمّ ألف مرّة بالنسبة للخارج من مطلب الحريات.

فبحيث الموضوع، في رأيي، يتطلب التفكير أكثر من الدعاية.



#عزالدين_بوغانمي (هاشتاغ)       Boughanmi_Ezdine#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا ليست تونس: نقد القياس السياسي وبيان شروط سقوط الأنظمة.
- المسافة بين التجربتين: في بطلان قياس تونس على سوريا.
- التونسيون ليسوا ضد الديمقراطية، بل ضد من يختزلها في تجربة ال ...
- بين خطاب -التاسعة- وواقع العولمة: هل كلّ ناشط في المجتمع الم ...
- براغماتية الدولة: قراءة في التصويت الجزائري على القرار الأمر ...
- القرار 2803 أخطر ما صدر عن مجلس الأمن بشأن فلسطين منذ تأسيس ...
- منطق السلطة بين تطبيق القانون وحماية أمن الدول
- هل المشكل في الفساد أم في مكافحة الفساد؟ قراءة نقدية في الخط ...
- المشهد الرّمزي حول زيارة أحمد الشرع لواشنطن
- فوز زهران ممداني: بداية التحول البنيوي في المشهد الأمريكي
- مشروع قرار أمريكي لمجلس الأمن بصدد -إنشاء قوة استقرار دولية ...
- خصوصية الانتقال الديمقراطي في تونس وعوامل فشل التجربة
- لماذا لم يدافع الشعب التونسي عن -الديمقراطية-؟
- المقاومة والحواف الأخلاقية لضبط العنف الضروري
- الجدل المغلوط حولاتّفاقية التعاون الدفاعي بين توس والجزائر.
- الحرب على إيران والبيئة الاستراتيجية لإسرائيل الكبرى
- في الذكرى الثانية للطّوفان، دفاعًا عن المقاومة
- مقترح ترامب، مناورة جديدة، ومواجهة جديدة بين المقاومة وأعدائ ...
- كيف سقط النظام السوري؟
- حول مسألة -المساجد في المعاهد التونسية-


المزيد.....




- فيضانات مدمرة تحاصر 30 رضيعًا في مستشفى بتايلاند.. شاهد ما ح ...
- مسعد بولس: طرفا الحرب في السودان رفضا مقترح الهدنة.. ولا أعر ...
- أعمال عنف في حمص وعلويون في اللاذقية يطالبون بـ-الحماية-، ما ...
- كشف «خدعة» خط الفقر في إيران: ملايينٌ تحت عتبة البقاء
- -مؤسسة غزة الإنسانية- تعلن إنهاء مهمتها.. وأوضاع كارثية في ا ...
- ليبيا : -صحتي في غذائي-، انطلاق حملة توعوية صحية حول التغذية ...
- خطة السلام في أوكرانيا…  صخب دبلوماسي يصب في مصلحة روسيا؟
- غضب فينيسيوس من الاستبدال وتهديده بالرحيل عن الريال يشعل الم ...
- كيف تفاعلت المنصات اليمنية مع وصول غبار بركان إثيوبيا؟
- -شبكات- يتناول وصول رماد بركان إثيوبيا لليمن وغضب فينيسيوس


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - عوامل سقوط النظام