أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 780 - غزة… والولايات المتحدة… وإسرائيل: حين تصطدم الخطط الإمبراطورية بإرادة تقوم من تحت الأنقاض














المزيد.....

طوفان الأقصى 780 - غزة… والولايات المتحدة… وإسرائيل: حين تصطدم الخطط الإمبراطورية بإرادة تقوم من تحت الأنقاض


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8537 - 2025 / 11 / 25 - 11:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي

24 نوفمبر 2025

في مساءٍ بدا كأنه صفحة أخرى من كتاب القدر، صوّت مجلس الأمن على الخطة الأمريكية لمستقبل غزة. إحتفلت واشنطن، وصفّق البيت الأبيض لخطوة «تاريخية»، وتحدّث دونالد ترامب بثقة رجلٍ يعتقد أن العالم يمكن أن يُعاد تشكيله بقرار واحد. وعلى الجانب الآخر، كان بنيامين نتنياهو يرى في التصويت ضوءاً أخضر لمشروعه الطويل: غزة بلا حماس… وبلا سلاح… وبلا ذاكرة مقاومة.
لكن في الأزقة المظلمة التي لم يخرج منها الضوء منذ عامين، وبين ركام البيوت المهشمة، كانت حركة حماس تقول شيئاً مختلفاً تماماً:
لن نكون توقيعاً صغيراً على هامش مخطط كبير صُمّم فوق الطاولة الأمريكية.
وهنا، كما كتب المحلل الروسي إيغور سوبوتين* في مقاله اللافت بعنوان «حماس تُعيق الخطة الأمريكية بشأن غزة،
المقاتلون يرفضون الإمتثال لقرار مجلس الأمن الجديد» في
صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية بتاريخ 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2025 ، يبدأ التصدع الأول بين عالمين:
عالمٍ يكتب مصائر الشعوب من غرفٍ مكيفة… وعالمٍ آخر يعيش هذه المصائر حرفياً تحت الحطام.

الخطة التي أرادت واشنطن أن تكون قدر غزة

قدّم الأمريكيون خطتهم كما لو أنها عصا سحرية: سلام، إعمار، و«إزالة السلاح» كشرطٍ لمستقبل أفضل.
لكن جملة واحدة في القراءة السياسية تكفي لكشف الجوهر:
«بعد الإصلاحات، قد تتوافر الشروط المناسبة لتقرير المصير».
ليس تقرير المصير نفسه… بل «قد» تتوافر شروطه، ذات يوم، بعد سلسلة شروطٍ أخرى.
إنه وعدٌ مؤجّل، معلّق في الهواء، لا دولة فيه ولا سيادة ولا وضوح… بل درجٌ طويل نحو مجهولٍ لا يضمنه أحد.
هذه الصياغة التي بدت أنيقة في نيويورك، تحوّلت في غزة إلى سكينة مغلفة بالقطن.
فحماس قالت بصراحة: «الخطة تنتزع من الفلسطينيين حقهم في دولة مستقلة، وتفصل غزة عن الجغرافيا الفلسطينية».
في لحظة، إنكشف ما حاول الأمريكيون تغليفه: إنها ليست خطة لتسوية سياسية، بل هندسة جديدة للمنطقة، تحاول تحويل غزة إلى «نموذج وظيفي» منزوع السيادة.

إسرائيل: فرحٌ معلن… وتهديد خفي

نتنياهو بارك القرار كما لو أنه إنتصار شخصي.
تحدث عن «عودة الرهائن»، وعن «بطولة الجنود»، وعن «بدء نزع سلاح غزة».
لكن سوبوتين يكشف عن رواية موازية همس بها مسؤولون إسرائيليون بعيداً عن الكاميرات:
«إذا فشل تنفيذ الخطة، سنقوم نحن بنزع السلاح وحدنا».
هذا ليس تعليقاً دبلوماسياً… بل إنذارٌ بعملية عسكرية أخرى، مكتوبة بالحبر ذاته الذي سطّر الحرب الأخيرة.
فإسرائيل لا تثق بالمجتمع الدولي، ولا بقوات حفظ السلام، ولا بأي طرف لا يضع أمنها في رأس الأولويات.
إنها تريد غزة بلا صوت، بلا بنية سياسية، بلا قدرة على تشكيل واقع مختلف.
وهذه الرؤية – مهما تجمّلت – لا تستطيع إخفاء حقيقتها: مشروع لفرض هدوءٍ بالقوة، وليس لخلق تسوية.

حماس… لماذا تقوم وسط الركام؟

المفارقة التي توقف عندها سوبوتين بدقة تعيد رسم المشهد من جديد:
51% من سكان غزة يرون أداء الحركة إيجابياً.
41% سيصوّتون لها في أي إنتخابات قادمة.
وهذه أعلى نسبة تأييد منذ نهاية 2023.
أي أن القوة التي أرادت واشنطن إخراجها من المشهد…
والقوة التي تريد إسرائيل محوها…
تعود اليوم لتصبح الفاعل الوحيد الذي لا يمكن تجاوزه.
في السياسة – كما في الطبيعة – حين تنهار الجسور، لا يبقى إلا الأكثر رسوخاً.
وحماس، بُغضاً أو تأييداً، أصبحت الشجرة الأخيرة الباقية في أرضٍ إحترق أغلبها.

وراء كل ذلك… سؤال كبير

لماذا فشلت الخطة الأمريكية منذ لحظة إعلانها؟
لماذا جاء الرفض سريعاً وحاداً؟
ولماذا تراجعت واشنطن عن لغة «الحل النهائي» إلى لغة «فرصة مستقبلية لتقرير المصير»؟
الجواب واضح لمن يريد أن يرى: لا يمكن إعادة تشكيل غزة دون التحدث مع القوة التي تحكمها فعلياً.
لا يمكن إجبار مجتمع مدمَّر على قبول تسوية لم يصنعها، ولم يُستشَر فيها، ولم تُبنَ على تجربته.
ومهما حاولت واشنطن أن ترسم المستقبل من فوق…
فإن الواقع يكتب نفسه من تحت، من بين الأنفاق، ومن بين الخيام البالية، ومن بين الأحياء التي لا تزال تحصي موتاها.

الخاتمة: ما بين واشنطن وغزة… هناك حائط إسمه الإرادة

في إفتتاحيات الصحف الكبرى، كثيراً ما يقال إن التاريخ يتحرك بين «الخطط» و«الحقائق».
والخطة الأمريكية، مهما بدت قوة مسنودة بخمسة آلاف صفحة من التقارير والدعم الدولي، إصطدمت منذ اللحظة الأولى بحقيقة لم تستطع إخفاءها:
غزة ليست أرضاً شاغرة.
وليست ملفاً على مكتب.
وليست مساحة يمكن نزع صوتها بسحب سلاحها.
هناك شعب، وهناك ذاكرة، وهناك حركة مسلحة تشكل – شاء العالم أم أبى – جزءاً من الهوية السياسية للمكان.
وهذا ما أدركه الكاتب الروسي إيغور سوبوتين حين كتب أن مشروع واشنطن «تجاهل تماماً مركز الثقل الحقيقي في غزة»، فدفع الثمن سريعاً.
فالمعادلة اليوم، بكل بساطة، هي: من يريد صياغة مستقبل غزة عليه أن يبدأ من غزة نفسها… لا من نيويورك.
وحتى يحدث ذلك، ستظل كل الخطط مجرّد أوراقٍ تُنثر في الهواء، بينما الحقيقة تُكتب على الأرض…
حيث لا صوت يعلو فوق صوت من يبقى واقفاً بعد كل هذا الخراب.

*****

هوامش

1) إيغور سوببوتين
هو صحفي ومحلل روسي متخصص في الشؤون الدولية، يعمل ككاتب ومراسل دولي في هيئة تحرير صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الروسية، ويقدّم تحليلات معمّقة حول قضايا الشرق الأوسط والسياسة العالمية.

2) «نيزافيسيمايا غازيتا»
هي صحيفة روسية يومية مستقلة تأسست عام 1990 في موسكو، وتُعد من أبرز المنابر الإعلامية السياسية التي تقدّم تحليلات معمّقة حول شؤون روسيا والعالم، مع تركيز خاص على القضايا الاستراتيجية والدولية.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطة ترامب لإنهاء حرب أوكرانيا - ملف خاص -3
- طوفان الأقصى 779 - فلسطين: الذاكرة التي لا تنام - حين يصبح ا ...
- خطة ترامب لإنهاء حرب أوكرانيا - ملف خاص - 2
- طوفان الأقصى 778 – العراق بعد الإنتخابات – صراع النفوذ وتواز ...
- خطة ترامب لإنهاء حرب أوكرانيا - ملف خاص - 1
- ألكسندر دوغين - تصاعد الخطاب المعادي لإسرائيل في الولايات ال ...
- ألكسندر دوغين - ماغا MAGA والصليب في زمن “السلام الكاذب”
- طوفان الأقصى 776 - واشنطن – تل أبيب: ترامب يطلب العفو عن نتن ...
- طوفان الأقصى 775 - غزة بين الخطة الأمريكية والإعتراضات الإقل ...
- ألكسندر دوغين - لماذا تحتاج روسيا إلى إنترنت سيادي؟
- طوفان الأقصى 774 - مراجعة لكتاب الغد كان بالأمس - 3-3
- طوفان الأقصى 773 - مراجعة لكتاب الغد كان بالأمس - الجزء 2-3
- طوفان الأقصى 772 - مراجعة لكتاب -الغد كان بالأمس: الحياة وال ...
- طوفان الأقصى 771 - تغيّر بوصلة الغضب في الشرق الأوسط: قراءة ...
- طوفان الأقصى 770 - السلام في الشرق الأوسط وممر النقل العابر ...
- طوفان الأقصى 769 - خطوة إلى الأمام... خطوتان إلى الوراء: قرا ...
- طوفان الأقصى 768 - إيران وتوقيت العودة إلى التخصيب: إستراتيج ...
- طوفان الأقصى 767 - حرب متعددة الأبعاد: كيف يستخدم نتنياهو ال ...
- طوفان الأقصى 766 - نتنياهو يزرع الفوضى... في بحثٍ محموم عن ح ...
- بمناسبة ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى الجزء 7 والأخير - لماذ ...


المزيد.....




- فيضانات مدمرة تحاصر 30 رضيعًا في مستشفى بتايلاند.. شاهد ما ح ...
- مسعد بولس: طرفا الحرب في السودان رفضا مقترح الهدنة.. ولا أعر ...
- أعمال عنف في حمص وعلويون في اللاذقية يطالبون بـ-الحماية-، ما ...
- كشف «خدعة» خط الفقر في إيران: ملايينٌ تحت عتبة البقاء
- -مؤسسة غزة الإنسانية- تعلن إنهاء مهمتها.. وأوضاع كارثية في ا ...
- ليبيا : -صحتي في غذائي-، انطلاق حملة توعوية صحية حول التغذية ...
- خطة السلام في أوكرانيا…  صخب دبلوماسي يصب في مصلحة روسيا؟
- غضب فينيسيوس من الاستبدال وتهديده بالرحيل عن الريال يشعل الم ...
- كيف تفاعلت المنصات اليمنية مع وصول غبار بركان إثيوبيا؟
- -شبكات- يتناول وصول رماد بركان إثيوبيا لليمن وغضب فينيسيوس


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 780 - غزة… والولايات المتحدة… وإسرائيل: حين تصطدم الخطط الإمبراطورية بإرادة تقوم من تحت الأنقاض