سوزان ئاميدي
الحوار المتمدن-العدد: 8536 - 2025 / 11 / 24 - 13:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من الصعب أن يُعاد إنتاج سرديات سياسية مشوّهة بعد مرور أكثر من عشر سنوات على الأزمة التي فجّرها نوري المالكي بقطع رواتب إقليم كوردستان عام 2014، وكأن الذاكرة العامة لا تحفظ إلا ما يُراد لها أن تحفظ . بعض من يُفترض أنهم “مثقفون” ما زالوا يصفون ذلك الإجراء بأنه “حل للمشكلة” أو “إجراء قانوني”، رغم أن الدستور نفسه يقف على الجهة المقابلة تماماً من هذا التفسير .
الدستور العراقي، في مادته 14، يمنع التمييز بين المواطنين في الحقوق والواجبات. وفي مادته 121، يضمن للإقليم حصته من الموازنة الاتحادية بما يشمل الرواتب والموازنة التشغيلية. ولا توجد في الدستور ـ لا تصريحاً ولا تلميحاً ـ مادة تسمح لرئيس الوزراء باتخاذ قرار فردي بقطع رواتب إقليم أو محافظة، مهما كانت الخلافات السياسية .
وبذلك فإن ما جرى كان عقاباً جماعياً بكل معنى الكلمة .
أزمة النفط بين بغداد وأربيل لم تكن قانونية بقدر ما كانت سياسية، لأن المادة 112 من الدستور تحدد إدارة النفط بالتنسيق المشترك بين الطرفين، بينما بقي قانون النفط والغاز معطلاً بسبب الخلافات نفسها التي كان المالكي جزءاً رئيسياً منها. أي أن اتهام الإقليم بخرق قانون غير موجود هو محاولة لإعادة صياغة الحقيقة بما يخدم الصراع السياسي، لا الواقع الدستوري.
نتائج تلك السياسات ظهرت سريعاً: أزمة اقتصادية خانقة في الإقليم، فقدان ثقة مستمر بين الطرفين، وتعميق الشرخ الوطني . أما الإقليم، فقد اضطر إلى التوجّه نحو الاستقلال الاقتصادي لأن بغداد أغلقت أمامه كل أبواب التعاون .
اليوم ومع عودة المالكي إلى الساحة السياسية كلاعب مؤثر عبر كتلته النيابية، تبدو دروس الماضي أكثر ضرورة. فالأحزاب الكوردية وعلى رأسها الحزب الديمقراطي الكوردستاني مطالبة بتغيير قواعد التفاوض جذرياً :
1- لا اتفاق بلا ضمانات تنفيذية .
2- ولا شراكة تُبنى على وعود غير موثقة .
3- ولا ثقة تُمنح لمن استخدم سابقاً الرواتب كسلاح سياسي .
التجربة أثبتت أن الحقوق لا تُحفظ بالنوايا، بل بالنصوص الملزمة والضمانات الواضحة.
وأن الدستور، لا المزاج السياسي، هو الحكم الوحيد على شرعية القرارات .
#سوزان_ئاميدي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟