أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صلاح عبد الرحمن صالح - هكذا المَآل عندما تخاف الدولة من الشعبوية: جهيمان العتيبي وأمثاله















المزيد.....

هكذا المَآل عندما تخاف الدولة من الشعبوية: جهيمان العتيبي وأمثاله


صلاح عبد الرحمن صالح

الحوار المتمدن-العدد: 8536 - 2025 / 11 / 24 - 12:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ربما لا يعرف الكثيرون ان المملكة العربية السعودية التي قام بتأسيسها عبد العزيز ال سعود في الربع الثاني من القرن العشرين (1932) كان محورها التحالف السياسي والعسكري بين قائد سياسي متمثلا بعبد العزيز ال سعود من طرف, وجماعة عسكرية عقائدية مثمثلة بـ( إخوان من اطاع الله) المعروفة اختصاراً بـ(الإخوان). إخوان من اطاع الله هي مجاميع بدوية مقاتلة تم العمل على تنظيمها عسكرياً وادارياً من خلال العمل على استقرارها وترك حياة البداوة، والاستفادة منها لاحقاً من اجل تشكيل القوة الضاربة التي اعتمد عليها عبد العزيز ال سعود في حروبه ضد الشريف حسين شريف مكة وغيره من الأمراء الموجودين في الجزيرة العربية. لقد كان هذا التحالف الاستراتيجي، السياسي والعقائدي والعسكري هو مفتاح سيطرة ال سعود على مناطق نجد اولاً ومن بعدها على الحجاز واسقاط امارة الشريف حسين ليتم السيطرة على كامل الجزيرة العربية.
كانت العلاقة بين عبد العزيز ال سعود واعضاء مجاميع إخوان من اطاع الله عبارة عن علاقة استراتيجية تقوم على المساندة والدعم القتالي من طرف الإخوان، والمساندة والدعم السياسي والسلطوي من قبل الملك الجديد. ولكن ما أن انتظمت الأمور للملك الجديد حتى بدأ الخلاف يدب بين الجانبين. حيث أن مجاميع الإخوان بعد ان بسطت المملكة الجديدة نفوذها على الاجزاء الواسعة من الجزيرة العربية بدأت بالتحرك باتجاه العراق والكويت، فقامت ولعدة مرات بالإغارة على العراق في وقت المملكة العراقية على الرغم من وجود اتفاقية بحرة بين المملكة العراقية وبين عبد العزيز ال سعود عندما كان أمير نجد قبل سيطرته على الحجاز وتأسيس المملكة العربية السعودية. استمرت محاولة فرض السيطرة بين الجانبين، عبد العزيز ال سعود من جهة والإخوان من جهة أخرى حتى عام 1929 عندما وقعت معركة السبلة بين عبد العزيز ال سعود والإخوان وانتصر فيها عبد العزيز لينهي دور الإخوان العسكري القتالي في المملكة حديثة التأسيس.
إن انكسار مجاميع الإخوان عسكرياً لم يكن لينهي فكرها العقائدي التي توارثها منها الاجيال اللاحقة حتى تمثل في صورته الكبيرة في عام 1979. في ذلك العام قامت مجموعة كبيرة من الإخوان الجدد بإحتلا الحرم المكي خلال موسم الحج وهي الحادثة المعروفة باحتلال الحرم، أو حادثة جهيمان العتيبي. جهيمان العتيبي هو ابن واحد من الإخوان الذين استقروا في مستعمرة ساجر احدى المستعمرات (يطلق عليها الهجر) التي استوطن بها البدو الرحل الذين شكلوا مجاميع الإخوان سابقاً. ولد جهيمان العتيبي ونشأ في هذا الجو وضمن تلك العقلية العقائدية المعادية للحاكم والتي قادته الى تشكيل المجاميع التي اقتحمت الحرم المكي في عام 1979.
كان لحادثة الحرم المكي تأثير اجتماعي كبير على المملكة العربية السعودية. تمثل هذا التأثير في جانبه الأكبر في نقطتين اساسيتين؛

الأولى: اندفاع الحاكم إلى ايقاف حالة التقدم المجتمعي والإنفتاح على الحداثة ومواكبة العصر.
الثانية: مسايرة الحاكم للتطرف والانغلاق وعدم الصدام معه.

ايقاف حالة التقدم المجتمعي والإنفتاح على الحداثة ومواكبة العصر
لقد كانت السعودية تسير ضمن ركب دول الشرق الأوسط المحيطة بها مثل العراق والكويت نحو الحداثة القيمية والاجتماعية ولو بشكل ابطأ، ولكن الممكلة كانت سائرة في اتجاه الحداثة وخصوصاً من أواسط الستينيات وصولاً الى نهاية السبعينيات. وهناك الكثير من الدلائل والمشاهدات سواء من خلال البرامج التلفزيونية التي كانت تبث على التلفزيون السعودي، أو من شهادات المفكرين السعوديين الذين عايشوا تلك المرحلة، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الكاتب السعودي تركي الحمد. جاءت حركة جهيمان العتيبي لتشكل نقطة التوقف والنكوص لدى القيادة السعودية لتأخذ مسار القهقري، وتعود بالمجتمع السعودي الى عقلية الإخوان والفكر الراديكالي. هذا الرجوع بالقهقري الذي اختارته القيادة السعودية كان جزء مهم منه مسايرةً للشعبوية الضاغطة على من الحاكم أو صاحب القرار. هذه الشعبوية التي ضغطت على من يتخذ القرار آنذاك في المملكة كان لرجال الدين الدور الأكبر فيها. فإذا عرفنا ان واحد من اهم رجال الدين الذين كانت لهم علاقة بجهيمان وتوجهه الفكري هو الشيخ ابن باز الذي كان يشغل في ذلك الوقت رئيس الجامعة الاسلامية في المدينة المنورة قبل ان يصبح مفتي السعودية. واذا عرفنا ان انتشار المحتسبة (افراد يطبقون الفضيلة بدون سلطة الدولة) بالرغم من وجود هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي كانت تمثل الهيكل الرسمي للدولة. كانت هذه العوامل الشعبوية المتأطرة بشكل الدين تشكل عوامل ضاغطة على صاحب القرار السياسي في السعودية من اجل التراجع عن مواكبة الحداثة وهذا ادى الى تجميد الحداثة ومسايرة نقيضها من التطرف الديني.
ادى التوجه الى مسايرة التطرف الديني إلى انغماس الحاكم مع الافكار الشعبوية وعدم استطاعته الخروج من أُطرها. لنتيجة لذلك توقفت المملكة العربية السعودية عن التطور المجتمع والإنفتاح الثقافي عقود كثيرة.

مسايرة التطرف والانغلاق وعدم الصدام معه
النتيجة الحتمية لحالة النكوص عن الحداثة هو التوجه الى ما يعاكسها، وهذا الذي حصل في السعودية. لقد سايرت السلطة السياسية، أو كانت مضطرة للمسايرة الجهات الشعبوية الضاغطة والمتمثلة بالمؤسسة الدينية من اجل ابعاد ما يهدد وجودها السياسي. لقد أدت هذه المسايرة الى استفحال نفوذ المؤسسة الدينية متمثلة بالشيوخ ومرديهم والشعبويين من الذين لبسوا ثياب حُمات الفضيلة والدين من غير علم. هذا الاستفحال جعل من افراد المجتمع السعودي لا يتراجع القهقري فقط عن الحداثة، ولكنه اصبح غريب عن نفسه وخصوصاً عندما يتواجد خارج السعودية. لقد اصبح المواطن السعودي يعيش حياة ثلاثية الأبعاد متمثلة بـ؛ الصورة النمطية في المجتمع السعودي، الحياة الخاصة داخل البيوت السعودية، وأخيراً الحياة الخاصة عند السفر خارج السعودية وخصوصاً الى الدول الغربية أو العربية ذات الطابع المتفتح.
ادى هذا النكوص والتراجع الى ما اداه في المجتمع السعودي من انتشار الفكر المتطرف الذي لا يقبل الآخر ولا يقبل التعايش معه. ولولا أن السعودية لديها الوفرة المالية الكبيرة من واردات النفط، ولولا أن السعودية ابتعدت عن الدخول في صراعات خارجية مباشرة لكانت الخسائر الاجتماعية اكبر مما يتحمله المجتمع السعودي، واعظم من أن يمكن اصلاحها كما هو المسار الذي تسير عليه السعودية الآن.
إن حالة الخوف من الشعبوية والانجرار وراء الشعبويين اذا تلبست صاحب القرار السياسي تدفع بأي بلد كان الى التراجع الحداثي، وأقصد بالتراجع الحداثي التراجع بكل اشكاله على المستوى الثقافي والمعرفي والعلمي وما يتبعه من تراجع في شتى مجالات الاقتصاد والصناعة واشكال التطور الأخرى. إن الإنجرار وراء الشعبوية من الآفات القاتلة وهي تشبه دودة الأرض التي تأكل منسأة الوطن لتتركه خاوياً ومعرضاً للسقوط بدون ترميم.
يجب الاستفادة من الدروس التي مرت على الدول الشعوب ويجب التعلم منها، وعدم الوقوع في نفس الأخطاء. اقول هذا القول كجرس إنذار تجاه النموذج المماثل والمتشكل عندنا في العراق وهو يأخذ الصورة المشابه للحالة السعودية.



#صلاح_عبد_الرحمن_صالح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية: ما بين المفهوم الاجتماعي الواسع والمفهوم السياس ...
- ما قبل الانهيار– الاصلاح الدستوري إحدى الحلول
- الليبرالية داخل الحزب والسلطة: مآلات المعارضة والحُكم قراءة ...


المزيد.....




- إدارة ترامب تصنف الرئيس الفنزويلي مادورو كعضو في منظمة إرهاب ...
- الدوحة تحتفي بالموضة العربية..أبرز الإطلالات في حفل -فاشن تر ...
- أول تعليق من الكرملين على محادثات جنيف بشأن خطة ترامب للسلام ...
- وسط هدنة هشة.. غارات إسرائيلية تسقط ضحايا في غزة وتثير تساؤل ...
- مطابخ الطعام في غزة لا تزال تفتقر إلى المنتجات الأساسية برغم ...
- بوعلام صنصال: -سأعود إلى الجزائر و لو مرة-
- الامارات : أطول شخصية خيالية من مكعبات الليغو تدخل موسوعة -غ ...
- نيجيريا.. فرار 50 طالبا بمدرسة كاثوليكية من خاطفيهم وعودتهم ...
- خالد النبوي: كن مختلفا ولو بقيت وحيدا
- خطة -سلام- أميركية روسية ..ما الذي تبقى لأوكرانيا وأوروبا؟


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صلاح عبد الرحمن صالح - هكذا المَآل عندما تخاف الدولة من الشعبوية: جهيمان العتيبي وأمثاله