فضيلة يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1835 - 2007 / 2 / 23 - 10:18
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
أسكن أميالاً قليلة بعيداً عن منشأة تكنولوجية تنتج اليورانيوم المنضّب ( Depleted Uranuim DU) الذي يستخدم في صناعة قذائف الدبابات ،إن قذائف الدبابات كغيرها من الأسلحة تقتل وتدمّر وتذكرّنا دائماً بفشلنا الحضاري ، وتضع تساؤلات حول ميل مجتمعاتنا للعنف .
وتثار أسئلة حول أضرار الأسلحة المصنّعة من اليورانيوم المنضب منذ حرب الخليج الأولى وكلما تزايدت الأسئلة كلما خرجت المؤسسة العسكرية الأمريكية بدراسات عن الأمان في استخدام القذائف المصنعة من اليورانيوم المنضب، لدرجة أن أحدهم أطلق على اليورانيوم المنضب أنه قشدة عنصر اليورانيوم في رده على إحدى مقالاتي وأن أحد ضباط القوات المسلحة الأمريكية طاف بالمواقع الالكترونية يهدّد كل من يكتب عن اليورانيوم المنضّب أي شيء غير أنه غير خطير.
والذين يخدعون الناس عند الحديث عن القذائف المصنوعة من اليورانيوم المنضب عليهم تفسير الزيادة الكبيرة في حالات الإصابة بالسرطان والتشوّهات الخلقية للمواليد الجدد والتسمم الإشعاعي بين العراقيين في البصرة .
وعليهم تفسير دراسة المؤسسة الطبية للمحاربين القدماء والتي تبين أن 21 ألف من الجنود الذين شاركوا في حرب الخليج الأولى يعانون من التشوّهات الخلقية لمواليدهم الجدد وهذا العدد هو ضعف عدد الإصابات للجنود الذين لم يشاركوا في الحرب .
وعليهم تفسير تقرير الواشنطن بوست في كانون الثاني 2006 والذي يبين أن 51800 جندياً من 580000 جندي شاركوا في الحرب يعانون من إعاقات وأكثر من نصفهم بإعاقات دائمة.
وعليهم تفسير موت 13000 جندي ممن شاركوا في هذه الحرب رغم أن 250 جندياّ فقط قتلوا في المعارك و 7000 جندي أصيبوا بجراح.
وسأحاول إيجاد إجابات لهذه التساؤلات من خلال استعراض دراسة الباحثة العلمية العالمية المشهورة د. راسل بيرتل
ما هو اليورانيوم المنضب ولماذا يسبب المشاكل ؟
اليورانيوم المنضب من المخلفات التي تتبقى بعد عمليات التعدين والتصنيع التي تتم للحصول على اليورانيوم -235 (يستخدم هذا النظير لليورانيوم في صناعة القنابل الإنشطارية وفي المفاعلات النووية ) ويكون غالباً من النظير( يورانيوم -238) وهو عنصر مشع فترة نصف العمر له 4.5 بليون سنة وفي الولايات المتحدة لا يسمح لأحد التعامل مع هذه المادة إلا لأخصائيين مدربين ويتم عزله عن البيئة الخارجية .
ويتاكسد هذا العنصر مكونأ اكسيد اليورانيوم أثناء عمليات التعدين والتصنيع وهي عملية مختلفة تماماً عن أكسدة اليورانيوم عند استخدام القذائف المصنعة من اليورانيوم المنضب والتي تتم في درجات حرارة عالية عند اصطدام القذيفة بالهدف وتنتج دخان ( ابخرة ) تسمى ايروسول ( aerosol) وتتراوح درحات الحرارة فيه من 3000- 6000 درجة مئوية .ويكون اكسيد اليورانيوم الناتج على شكل جسيمات متناهية في الصغر (ميكرونية) وغير مرئية وتدخل جسم الإنسان عن طريق الرئتين ولا تذوب في الدم وتعرض الجسم لإشعاعات مستمرة ولتسمّم بعنصر ثقيل .وتبخر درجات الحرارة العالية عناصر ثقيلة أخرى كالحديد والنيكل تدخل جسم الإنسان أيضاً.وتصل هذه الجسيمات إلى الأجهزة والأعضاء الحساسة في الجسم كالعقد اللمفية والطحال والقلب والجهاز العصبي المركزي .
يطلق اليورانيوم – 238 اشعة الفا التي تمتاز بقدرتها المحدودة على اختراق الخلايا وبما أن اليورانيوم المنضب أقّل اشعاعاً من اليورانيوم الطبيعي فإن بعض العلماء يعتبر أن اليورانيوم المنضب أقل خطراً على الإنسان لكن الدراسات لم تثبت ذلك بعد .
وقد أثبتت الدراسات انتقال هذه الأبخرة من اليورانيوم المنضب من ميدان المعارك في الكويت إلى البصرة وبغداد رغم عدم حصول معارك فيها .
تأثيرات اليورانيوم المنضب:
لليورانيوم المنضب له خاصيتان تجعلانه أكثر سميّة من أي عنصر آخر وهما أنه عنصر ثقيل وعنصر مشع .
ورغم تجاهل الفيزيائيين النوويين تأثير اليورانيوم المنضب على البروتينات المكونة للحمض النووي ( DNA) المسؤول عن نقل الصفات الوراثية وعن عمليات التمثيل الغذائي في الخلايا بسبب مقارنة ذلك مع الغبار الناتج أثناء عمليات التعدين والتصنيع في المناجم ،يرى عدة بروفيسورات في الطب أن المشاكل في هذه البروتينات هي المسؤولة عن المرض العصبي المرتبط بحرب الخليج الأولى وتسبب المعادن الثقيلة ومنها اليورانيوم التدهور الحاد في مناعة الخلايا ويربطون بين ذلك وبين أمراض تصيب الكلى والجهاز الدوري والجهاز العصبي بسبب تعريض الجسم للإصابة بالفيروسات والبكتيريا ،ويفقد اليورانيوم المايتوكندريا قدرتها على القيام بوظائفها في الخلية مما يدّمر عمل القلب والكلية والدماغ والكبد والعضلات الهيكلية .
وقد وجد العلماء ان كمية صغيرة جدً من اليورانيوم المنضب تكون درجة سمّيتها قليلة ( غير قاتلة) غير أنها تسبب الأمراض السرطانية وقد أقرّت ذلك مؤسسة الأبحاث التابعة للجيش الأمريكي .
وفي العادة يدخل جسم الإنسان يومياً 1.9 ميكروجرام من اليورانيوم عن طريق الغذاء والماء وتبلغ نسبة امتصاصه في الجسم من 1-2 % ويستطيع الجسم التخلص من اليورانيوم المتبقي بفعالية لكن جسم الإنسان لا يستطيع التخلص من الجسيمات الدقيقة السيراميكية النانومترية التي تدخل من خلال الرئتين فهذه الجسيمات لا تذوب ولا تفقد قدرتها على الاشعاع..
استنكار دولي
يعتبر استخدام القذائف المصنوعة من اليورانيوم المنضب غير شرعياً ضمن قوانين الأمم المتحدة وتنتج قذائف اليورانيوم المنضب أبخرة لفلزات سامة وهذا يخالف ميثاق جنيف حول استخدام الغازات في الحروب .إن الذخائر المصنوعة من اليورانيوم المنضب تخالف القوانين الأربعة الأساسية التي تضبط استخدام القذائف في الحروب:
1- أن لا تستطيع القذائف المستخدمة في الحرب القتل بعد ذلك .
2- أن لا تسبب معاناة إنسانية قاسية .
3- أن لا تسبب اضراراً للبيئة .
4- أن تقتصر على ساحة المعركة.
وهناك ادّلة كافية على ضرورة وقف استخدام هذه القذائف حتى تقوم مؤسسة علمية مستقلّة بدراسات تثبت عكس ذلك وحتى ذلك الحين ستظل الولايات المتحدة تنتج وتبيع وتستخدم القذائف المصنوعة من اليورانيوم المنضب .
ان العودة إلى حكاية استخدام الغاز البرتقالي في الحرب الفيتنامية قد يوضح الصورة فقد أنكرت الولايات المتحدة لمدة 30 عاماً تأثيرات الغاز على الجنود الأمريكيين ثم عادت واٌعترفت بذلك غير ان هذا قد قلل من الأموال التي دفعتها الحكومة الأمريكية للجنود المصابين بالغاز.
وسيكلف تنظيف العراق من اليورانيوم المنضب مبالغ هائلة ولذلك لا تعترف الحكومة الأمريكية بأنها ألقت على العراق من 1000-2000 طن من اليورانيوم المنضب ولا تقّر بالأضرار التي يسببها للجنود الأمريكيين وللمدنيين العراقيين لأسباب اقتصادية .
وعبر عدة سنوات فإن الجنود الذين يخدمون في العراق لفترتين أو ثلاثة سوف يصابون بالأمراض التي أصابت الجنود الذين شاركوا في حرب الخليج الأولى والذين ينظرون إلى حياتهم وهي تتدمر أمامهم بمشاكل صحية متنوعة.إضافة إلى المخاطر التي يتعرض لها المدنيون العراقيون والمدنيون في الدول المجاورة حيث تنقل الرياح والمياه أبخرة ورواسب اليورانيوم المنضب.
د. جواد العلي مدير مركز الأورام في البصرة قال عام 2003 "لقد شاهدت في البصرة بعد حرب الخليج الأولى ظاهرتين لم أشاهدهما من قبل في حياتي الأولى أن يصاب الشخص الواحد بنوعين أو ثلاثة أنواع من السرطان والثانية أن يصاب عدد كبير من الأفراد بالسرطان في عائلة واحدة ليس لها تاريخ مرضي بالسرطان .
لقد قدّرت مؤسسة الطاقة الذرية البريطانية أن اليورانيوم المنضب المستخدم في حرب الخليج الأولى قد يقتل نصف مليون عراقي .غير ان المؤسسة العسكرية الأمريكية ستواصل تجاهل مخاطر اليورانيوم المنضب حتى لا تتحمل مسؤولية ذلك وعندما حاول جون هانشيت الكتابة حول ذلك في جريدة USA Today تلّقى مكالمة هاتفية من البنتاجون بالتوقف عن ذلك ثم تم إبعاده عن الجريدة .
إن الجنود الأمريكيين والمدنيين العراقيين سيستمرون في المعاناة والتقديرات حول عدد العراقيين الذين سيموتون نتيجة لليورانيوم المنضب مفزعة .. 11% من 27 مليون عراقي إنها جريمة حرب ضد الإنسانية ما زالت في الظلال .
Craige Etchison ,Ph.D. truthout
مترجم
#فضيلة_يوسف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟