أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جابر احمد - الأسباب التي دفعت الشاب الأهوازي أحمد البالدي إلى إشعال النار بنفسه من زاوية علم النفس الاجتماعي















المزيد.....

الأسباب التي دفعت الشاب الأهوازي أحمد البالدي إلى إشعال النار بنفسه من زاوية علم النفس الاجتماعي


جابر احمد

الحوار المتمدن-العدد: 8531 - 2025 / 11 / 19 - 23:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بقلم: الدكتور موسى مزيدي
ترجمة: جابر أحمد

إنّ إقدام الشباب على إشعال النار بأنفسهم ما هو إلا ردّ فعل احتجاجي في المناطق المهمّشة، وهو يعكس مزيجاً من العوامل البنيوية والنفسية والاجتماعية. فالفقر الاقتصادي، وعدم المساواة، والتمييز القومي، وغياب القنوات المشروعة للاحتجاج، والشعور بانعدام الإصغاء والعجز عن تغيير الواقع، جميعها عوامل مؤثّرة دفعت الشباب ومنهم الشاب أحمد البالدي إلى إشعال النار بنفسه، في حين إنه يعيش في إقليم غني ويُعدّ من أغنى الأقاليم في إيران، ولكن وفقاً لمؤشّرات عدم المساواة والتمييز البنيوي ضدّ السكان الأصليين كونه عربياً يعاني من أشدّ أنواع الحرمان، مما جعل الحادثة مناسبة لكي تدفع الشاب أحمد إلى القيام بهذا الفعل.

إنّ إقدام الأفراد على إشعال النار بأنفسهم، وإن كان عملاً فردياً، إلا أنه يحمل رسالة اجتماعية، خصوصاً في البيئات التي تُغلق فيها أساليب التعبير العادية للاحتجاج. ففي مناطق مثل إقليم الأهواز العربي، فإنّ التناقض بين ثروات الإقليم وفقر السكان يعزّز الشعور بالحرمان، ويؤدي أحياناً إلى مظاهر احتجاجية حادّة.

وبموجب الدراسات التي أُجريت بين عامي 2011 و2014، فإنّ عدد حالات الانتحار المسجّلة في إقليم الأهواز قد بلغ أكثر من 11 ألف حالة، بمتوسط سنوي يصل إلى نحو 85 حالة لكل 100 ألف نسمة، وقد احتلّت مدينة مسجد سليمان النسبة الأعلى في معدّلات الانتحار. كما شكّل الشباب بين 18 و24 عاماً النسبة الأكبر من هذه الحالات.

ورغم أن إقليم الأهواز يحتوي على ثروات ضخمة من النفط والغاز والمياه، إلا أنه يعاني منذ عقود من تحدّيات خطيرة مثل الفقر، والتمييز، والتلوّث الشديد، وضعف الخدمات العامة. هذا التناقض بين وفرة الموارد وحرمان غالبية السكان يمثّل أساساً ملائماً لتحليل نفسي واجتماعي لظواهر الاحتجاج الحادّة، ومن بينها ظاهرة لجوء الشباب إلى إشعال النار بأنفسهم.

وفي هذا المجال تؤكّد التقارير أيضاً انعدام تمثيل العرب في إدارة إقليمهم من قبل الدولة المركزية، إضافة إلى نقص الخدمات العامة.

وبناءً على نظرية الحرمان النسبي، فإنّ شعور السكان الأصليين بالظلم نتيجة رؤيتهم لثروات منطقتهم واستبعادهم منها يغذّي حالة من الاستياء. كما أنّ عدم المساواة البنيوية، وغياب المشاركة السياسية، وانعدام فرص الاحتجاج المشروع، يؤدّي أيضاً إلى بروز مظاهر احتجاجية شديدة، ولعلّ ما أقدم عليه الشاب الجامعي الأهوازي أحمد البالدي خير مثال على هذا النوع من السلوك الاحتجاجي، وقد حدث ذلك في سياق الدفاع عن مصدر رزق أسرته الوحيد.

الأبعاد الاجتماعية والبنيوية للظاهرة
أما العوامل الأساسية التي تدفع المواطنين لمثل هذا الأسلوب الاحتجاجي القاسي في الإقليم فهي:

1- الحرمان الاقتصادي والفقر وعدم المساواة
رغم الثروات الهائلة الموجودة في هذا الإقليم، فإنّ العديد من مناطقه تعاني من ارتفاع نسب البطالة، بالإضافة إلى فقدان فرص العمل الدائم ومشكلات تنموية. وهذا التناقض الحاد يعزّز ما يُسمّى في علم النفس الاجتماعي بـ”الحرمان النسبي” أي إدراك الظلم من خلال مقارنة الفرد لنفسه بالآخرين أو بموارد المنطقة.

2- التمييز والشعور بالعجز
لطالما عبّر السكان العرب في الإقليم عن شعورهم بالتمييز الثقافي والسياسي والاقتصادي، وقد عبّروا عن ذلك في احتجاجات واسعة قوبلت بقمع شديد. بالإضافة إلى ما ورد حول وجود تمييز واضح في إشغال المناصب الإدارية من قبل غير العرب وتدنّي الخدمات العامة، وانعدام آليات الاحتجاج السلمي. فكلّ هذه المظاهر تزيد من الإحساس بالعجز وتجاهل استغاثة المواطنين.

3- غياب القنوات المشروعة للاحتجاج
عندما تصبح الأدوات القانونية والمدنية للمطالبة بالحقوق ممنوعة أو غير فعّالة، ولا مسؤول يسمع صوت المواطن، فقد يلجأ بعض الأفراد إلى الأساليب الحادّة بهدف إيصال صوتهم إلى المجتمع.

الأبعاد النفسية لظاهرة الانتحار الاحتجاجي
من زاوية علم النفس الاجتماعي، هناك ثلاثة عوامل رئيسية تدفع الشباب للقيام بمثل هذه الأعمال:

1- أزمة الهوية والشعور بعدم الاعتراف
فعندما يشعر الفرد بأنّ كرامته مهانة وهويته وثقافته مُهمّشة، يزداد ميله للجوء إلى ممارسة هذه الأفعال الشديدة.

2- الظلم القومي الممنهج
في ظل هذا الظلم المزمن وغياب استجابة المؤسسات، قد يقتنع الفرد بأنه غير قادر على تغيير أي شيء، ولعلّ هذا هو العامل الرئيسي في اللجوء إلى مثل هذه السلوكيات الخطرة.

3- إشعال الشخص النار بنفسه كرسالة اجتماعية
في هذه الحالات لا يكون الدافع هو الموت بحد ذاته، بل إيصال رسالة أو جذب الانتباه إلى الظلم والضغوط التي يتعرّض لها الفرد.

وتشير التقارير المنشورة بشأن إقدام الشاب الأهوازي أحمد البالدي على إشعال النار إلى أنّ الحدث ذو طابع اجتماعي وليس عملاً فردياً محضاً، وقد وقع في سياق ضغوط اقتصادية ومعاناة وصعوبات معيشية وأسرية صعبة.

الخلاصة
إنّ الشعور بالعجز وأزمة الهوية يلعبان دوراً مهمّاً في وقوع مثل هذه الظواهر. فالشخص الذي يشعر بأنه مهمل ولا يمتلك سبيلاً للاحتجاج، قد يلجأ إلى إشعال النار بنفسه كآخر وسيلة. هذه الظاهرة هي نتاج التفاعل بين الحرمان الاقتصادي، والتمييز القومي، واليأس، والانهيار النفسي. وللحد من هذه الظاهرة، ينبغي تعزيز العدالة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص في التعليم والعمل، واحترام هوية الشعب العربي الأهوازي. وإلا فإنّ الممارسات الشديدة قد تُشعل احتجاجات شعبية واسعة ستكون لها عواقب وخيمة وسوف تطال الجميع، وبخاصة المسؤولين.

موسى مزيدي
16.11.2025

المصادر:
1. الدراسة الوقائية عن الانتحار في محافظة خوزستان (جنوب غرب إيران)، 2011–2014، من أرشيف مجلة الطب النفسي والعلاج النفسي، العدد 4.
2. إيران‌واير: ارتفاع معدلات الانتحار في إيران بسبب الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
3. وكالة مهر للأنباء: “إذا تمت معالجة المشكلات المعيشية في خوزستان، سوف نتجنب وقوع العديد من المآسي…”.
4. ويكيبيديا: احتجاجات عام 1400 إيران.

الكشك العائد لأسرة الشاب أحمد البالدي الذي دُمّر على يد موظفي البلدية.



#جابر_احمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تم اعتقال عالم علم الاجتماع الدكتور سنكسري؟ ولماذا طُر ...
- لن ننسى مجزرة معشور، ولن يفلت الجناة من العقاب
- وفاة الشاب أحمد البالدي… شرارة الغضب التي كشفت مأساة الأهواز
- تدمير البيئة في إقليم الأهواز العربي: قراءة في السياسات الما ...
- وفاة الشاب الأهوازي أحمد البالدي
- تصاعد الغضب الشعبي بعد محاولة شاب أهوازي إحراق نفسه احتجاجًا ...
- ظاهرة الانتحار في إقليم الأهواز: بين القهر القومي والتدهور ا ...
- معاناة السيدة مريم زبيدي في سجن سبيدار بالأهواز
- منظمة حقوق الإنسان الأهوازية تدين التمييز العنصري ضد العمال ...
- منظمة حقوق الإنسان الاهوازية تدين اعتقال عمال شركة الصلب وال ...
- إقليم الأهواز: منبع الثورة النفطية ومعاناة شعبه المتعددة
- التطورات الهامة التي حصلت خارجيًا وداخليًا، هل تدفع نظام ولا ...
- فرحة ممزوجة بالدموع… تحية للأسرى الفلسطينيين الأحرار
- بيان منظمة حقوق الإنسان الأهوازية بمناسبة اليوم العالمي لمنا ...
- منظمة الشعوب غير الممثلة في هيئة الأمم المتحدة (UNPO) تدين إ ...
- عندما تتحرك الشعوب ويصمت الحكام: مرحباً بأسطول السلام العالم ...
- العمال في مواجهة الإفقار والتهميش: الأهواز تنتفض مجددًا
- اجتماع هام لقوى التضامن الشامل من أجل الحرية والمساواة في إي ...
- اعتراف دولي متصاعد بفلسطين: انتصار للعدالة والشرعية الوطنية
- حضور فعّال لحزب التضامن الديمقراطي الأهوازي في جلسات المنتدى ...


المزيد.....




- وابل طائرات مسيرة روسية يضرب غرب أوكرانيا ويسفر عن مقتل 25 ع ...
- -لا تمنحوه أكثر مما يستحق-... وزير خارجية الجزائر يدخل على خ ...
- بعد طلب سعودي.. ترامب يعلن بدء العمل لإنهاء الحرب في السودان ...
- صور تكشف استخدام إسرائيل لقنابل عنقودية محظورة دوليًا في حرب ...
- روبوت راقص يستقبل بوتين ويعلن خطة لبناء 38 وحدة طاقة نووية ج ...
- -أصعب شيء هو العيش في انتظار الموت- ـ محنة عائلة فلسطينية في ...
- وفد دبلوماسي فرنسي إلى الجزائر
- أوكرانيا - روسيا : هل ينجح اردوغان حيث فشل ترامب ؟
- قضية ابستين : هل ينجو ترامب من الفضيحة ؟
- سيارة -بي واي دي- الكهربائية الجديدة.. تصميم مبتكر يقلب مواز ...


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جابر احمد - الأسباب التي دفعت الشاب الأهوازي أحمد البالدي إلى إشعال النار بنفسه من زاوية علم النفس الاجتماعي