أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مجدي الشوملي - التحـّول في الرواية الفلسطينية















المزيد.....

التحـّول في الرواية الفلسطينية


مجدي الشوملي

الحوار المتمدن-العدد: 8531 - 2025 / 11 / 19 - 04:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مرّت الرواية الفلسطينية خلال المئة عام الأخيرة في أربع مراحل:‏
المرحلة الأولى وهي التي بُنيت على أساس "أرض بلا شعب"، وفيها غلبت ‏الرواية الإسرائيلية على الرواية الفلسطينية وخاصة أن مصلحة الغرب كانت تقتضي ‏انكار الوجود الفلسطيني وانشاء دولة إسرائيل كقاعدة عسكرية. وقد ساعد في حدوث ‏هذه الغلبة غياب وسائل الاتصالات وسهولة التزوير واختلاق الحقائق. وقد انتشرت هذه ‏الرواية رغم وجود مليون وربع فلسطيني على أرضهم يعملون ويزرعون ويحصدون، ‏ورغم وجود المسارح ودور العرض، والمدارس والكليات، ورغم وجود المطارات ‏والشوارع، والاذاعات والجرائد، والمزارع والمصانع؛ كل هذا لم يكن ضمن الرواية ‏التي سادت خارج فلسطين. فانتصرت رواية أن الأرض بل شعب، ورواية عودة ‏الشعب اليهودي إلى أرضه، والتي تستلزم انكار وجود الشعب الفلسطيني، وهذا ما سهل ‏ارتكاب المجازر التي أدت إلى النكبة. وساعد انضمام الضفة إلى الأردن وانضمام غزة ‏إلى مصر على تغييب أي جسم فلسطيني فاعل وناطق‎.‎
المرحلة الثانية تميّزت ببروز عدد من المثقفين والإعلاميين والمؤرخين ‏الفلسطينيين والعرب تصاحب مع انطلاق الثورة الفلسطينية، فحصدت الرواية الفلسطينية ‏بعض التعاطف مما حفّز الغرب على إعادة النظر في مسألة "وجود" الشعب الفلسطيني ‏وجرى الاعتراف جزئيا بمنظمة التحرير كممثل للشعب الفلسطيني، إلا أن ذلك لم يؤدي ‏إلى انتصار الرواية الفلسطينية أو هزيمة الرواية الإسرائيلية. كما أن إسرائيل وحلفاءها ‏نجحوا في وسم الثورة الفلسطينية بأنها يسارية وفي حالات أخرى ارهابية، وهذا كان له ‏آذان صاغية في الغرب. ويمكن وصف هذه المرحلة بفترة إعادة التفكير وإعادة تقييم ‏الرواية الفلسطينية. وكانت هذه الرواية تصعد وتختفي لأسباب داخلية وخارجية عديدة. ‏كما برز العشرات من المؤرخين والآثاريين الإسرائيليين والعالميين الذين بدأوا بالتشكيك ‏بالرواية الإسرائيلية، وهذا كان في صالح الرواية الفلسطينية‎.‎
المرحلة الثالثة والتي بدأت بعد أكتوبر 2023 رغم أن بذورها قد بدأت قبل ذلك ‏وخاصة في الانتفاضة الأولى وانتفاضة الشيخ جراح واغتيال شيرين أبو عاقلة. وقد ‏اعتقدت إسرائيل أنها نجحت في روايتها عما جرى في 7 أكتوبر وخاصة ما يتعلق ‏بقطع رؤوس الأطفال واغتصاب النساء؛ وبدأت بشن حرب تدمير شاملة ضد ‏الفلسطينيين في غزة، إلا أن الرواية الحقيقية انكشفت بسرعة بأنها حرب إبادة، فانطلقت ‏التظاهرات في كافة أرجاء العالم‎. ‎
لقد استهدفت الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة منذ اليوم الأول: الجامعات ‏والمواقع الأثرية والتاريخية مما يعكس النية لتدمير الوجه الحضاري والثقافي للشعب ‏الفلسطيني، وقد ساعد ذلك على إصرار المتظاهرين للتضامن مع فلسطين حيث استمرت ‏التظاهرات لأكثر من سنتين في كافة مدن العالم (ولا زالت). ولعبت وسائل الاعلام ‏ووسائل التواصل الاجتماعي دوراً في نقل صورة ما يجري داخل غزة الأمر الذي زاد ‏من قناعة المتظاهرين بالرواية الفلسطينية، وتشكّل رأي عام عالمي لصالح فلسطين ‏وعزل إسرائيل دولياً. وظهرت في تغيير مواقف الحكومات، كما ظهرت في نتائج ‏استطلاعات الرأي. ومن أهم التغيرات في الرأي العام تشكّل إطار "يهود ضد ‏الصهيونية" وهذ الإطار الجديد قد يكون سببا في سقوط الرواية الصهيونية وإلى الأبد، ‏وتعزز ذلك بنتائج المكتشفات الأثرية وتطور العلوم وبخاصة علم ال‎ DNA. ‎
المرحلة الرابعة والتي نحن نعيشها حاليا، وهي مرحلة الانتقال من التضامن ‏العالمي إلى الشراكة، ومن التظاهر في الشوارع إلى محاكمة المشاركين في حرب الإبادة ‏وطردهم من المحافل الدولية، مرحلة استثمار التغيير في الرأي العام وتحويل أصوات ‏المتظاهرين إلى أوراق في صناديق الاقتراع؛ كما حدث في انتخابات الرئاسة في ايرلندا ‏وانتخابات بلدية نيويورك وغيرها من البلديات والولايات الأمريكية، كما تضمنت هذه ‏المرحلة الانتقال من معرفة الفلسطيني عن بعد كما هو في نشرات الأخبار إلى الرغبة ‏بالتعرّف على الفلسطيني عن قرب‎. ‎
وقد لوحظ خلال العامين الماضيين تزايد الاهتمام بتنظيم نشاطات حيّة ثقافية ‏وسياسية واجتماعية في أوروبا وأمريكا وهي بمثابة شراكة بين غربيين وفلسطينيين ‏وعرب. كما برز اهتمام وتعاطف كبير مع الفلسطينيين عند زياراتهم إلى أوروبا ‏وغيرها، مقابل الاستقبال السلبي للمواطنين الإسرائيليين. ومن الأمثلة على ذلك ‏الاستقبال الكبير لجوقة بنات القدس التابعة لمعهد ادوارد سعيد الوطني للموسيقى في ‏ايرلندا وبريطانيا، ومشاركة فريق كرة القدم للآنسات في أوسلو والاستقبال الحافل ‏لمنتخب فلسطين في لقاءه مع الباسك في اسبانيا، والاهتمام الكبير بممثلة فلسطين في ‏مسابقة ملكة جمال العالم، وحجم المشاركة الغربية في مؤتمر كايروس (بيت لحم 14-‏‏11-2025) واستقبال جرحى غزة في أمريكا وعدد من الدول الأوروبية، والاهتمام ‏بمشاركة فلسطين في الألعاب الأولمبية الصيفية 2024 في باريس، والاهتمام الكبير ‏بفيلم "هند رجب" و "أرض لا غير". وفي ألمانيا بالذات سوف يتم تنظيم نشاطات ‏بمناسبة عيد الميلاد في (آحاد المجيء) الأربعة في عشرين مدينة ألمانية وسوف تكون ‏فلسطين هي محور هذه النشاطات. وهذه مجرد أمثلة سريعة لا شك ان هناك مئات ‏مثلها‎.‎
ومؤخراً جرى طرد الوفد الإسرائيلي المشارك في مؤتمر المناخ، وتجري ‏تظاهرات في أوروبا لطرد إسرائيل من الفيفا الأوروبية، ولا ننسى التظاهرات التي ‏جرت في سباق الدراجات في اسبانيا وكيف تصاعدت احتجاجا على مشاركة الدرّاجين ‏الإسرائيليين، يقابل ذلك الاحتفاء الكبير بالمنتخب الفلسطيني في لقاءه الودي مع فريق ‏الباسك في 15-11-2025، وطرد السائحين الإسرائيليين من إيطاليا واليونان واسبانيا. ‏وتجري صراعات متواصلة لدعم الفنانين الذين اتخذوا مواقف مؤيدة لفلسطين في ‏مواجهة محاولات عزلهم من قبل مؤيدي إسرائيل، ويعتبر نجاح حفلة بوب فيلان قبل ‏أيام في لندن خير مثال على هذا الصراع. وتزايدت قرارات المقاطعة (وليس فقط ‏التظاهرات) في الجامعات الأوروبية وقامت مطلع هذا الشهر (تشرين ثاني 2025) ‏خمس جامعات أوروبية بإلغاء شراكات التطبيع مع الجامعات الإسرائيلية‎.‎
سوف يتعرض الغرب قريباً إلى حملة تهدف إلى استعادة صورة إسرائيل، ‏وسوف يشارك في هذه الحملة شركات وخبراء متخصصين، وسيتم استخدام الذكاء ‏الصناعي وتجري محاولات للسيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وسوف يتم ‏رصد الملايين لهذا الغرض، لكن مصداقية إسرائيل لن يتم استردادها بسهولة، وأكبر ‏مثال على ذلك كيف تحوّل الرأي العام في العالم ومنها أمريكا وألمانيا، وهي أكثر دول ‏دعماً لإسرائيل، وانتخابات بلدية نيويورك أكبر دليل على ذلك، حيث نجح مؤيد فلسطين ‏برئاسة بلدية نيويورك رغم التحالف الذي تشكّل لإسقاطه والذي ضم: الحزب ‏الجمهوري وإيباك وإسرائيل والاتجاه اليميني في الحزب الديموقراطي وأثرياء نيويورك‎. ‎
بالتوازي مع الحملات المنادية ب "أمريكا أولا" و "يهود ضد صهيونية" وفي ‏خضم تسريب أسرار جزيرة الفضائح وجيفري أيبستون، والأزمات الداخلية والخارجية ‏التي تواجه إسرائيل وخاصة في عزلتها؛ فإن علينا نحن الفلسطينيين أن نستوعب ‏المرحلة ونضع نصب أعيننا كيف نقدم للعالم صورتنا بأبهى صورها التي تعكس ‏الحضارة والثقافة والأخلاق والوحدة، وهذا سيعمّق ويعزز التضامن والشراكة بين ‏فلسطين والعالم، ويزيد من عزلة إسرائيل ومقاطعتها وطردها من المحافل الدولية‎. ‎
صورة الفلسطيني خلال العامين الماضيين كانت صورة مئات الآلاف من ‏الشهداء والجرحى وصورة الدمار والتشريد، وهذا تسبب في عزلة إسرائيل وتقديمها ‏للمحاكمة، أما الصورة التي نحتاجها في السنتين القادمتين فهي صورة الشعب القوي ‏الأخلاقي صاحب الحق والحضارة العريقة والذي يسعى للتخلص من الاحتلال ونيل ‏حقوق شعبه وبناء دولته‎.‎



#مجدي_الشوملي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معركة بلدية نيويورك
- المعركة الخفية
- موافقة حماس على خطة ترامب: مناورة ‏سياسية لا استسلام
- المظاهرات العالمية ونتائجها
- يهود ضد الصهيونية


المزيد.....




- لحظات مضحكة.. شاهد رجلًا يقفز على سقف السيارة هربًا من ماعز ...
- بساعتين فقط يوميًا.. رئيسة وزراء اليابان الجديدة لا تنام تقر ...
- حوافزُ مالية وتسهيلاتٌ في التأشيرات.. ترامب يكافئ دولًا أفري ...
- خمسة أعوام على فرض حظر السفر وتجميد الأموال بحق ثلاثة من مدي ...
- 25 قتيلاً على الأقل بينهم أطفال في إحدى أعنف الضربات الروسية ...
- فيديو - بعد عامين وبالرغم من بتر أطرافهم.. فلسطينيون يعودون ...
- ألمانيا: -فظائع مخيم اليرموك- أمام محكمة كوبلنتس
- خبراء: الأغذية فائقة المعالجة تشكل خطرا على الصحة العامة في ...
- الجيش الإسرائيلي يطالب بإخلاء مبان جنوبي لبنان قبل قصفها
- ظاهرة الكراسي المتحركة بالمطارات جدل يبدأ من الهند


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مجدي الشوملي - التحـّول في الرواية الفلسطينية