أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخُّل الْغَيْبِيّ عَنْ مُرُونَة الْكَيْنُونَة وَصِرَاع الْإِرَادَات الْوُجُودِيَّة -الْجُزْءُ الرَّابِعُ و الثَّلَاثُون-















المزيد.....


السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخُّل الْغَيْبِيّ عَنْ مُرُونَة الْكَيْنُونَة وَصِرَاع الْإِرَادَات الْوُجُودِيَّة -الْجُزْءُ الرَّابِعُ و الثَّلَاثُون-


حمودة المعناوي

الحوار المتمدن-العدد: 8530 - 2025 / 11 / 18 - 16:27
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


_ فلسفة السحر الميتافيزيقي والنسيان القهري: إعادة برمجة الكينونة عبر بوابة الذاكرة

تتناول الفلسفة الميتافيزيقية والسحرية العلاقة بين السحر والكينونة (Being) على أنها تفاعل عميق ومتبادل، حيث لا يُنظر إلى الطقس السحري بإعتباره مجرد فعل خارجي، بل كعملية تحويلية تُعيد تشكيل الواقع الداخلي والخارجي للكيان المُستهدف. الكينونة، في هذا السياق، ليست مجرد وجود مادي، بل هي مجموع الخبرات، الوعي، الذاكرة، و الإمكانات. تشكل الذاكرة الركيزة الأساسية لتعريف الكينونة؛ فـأنا أتذكر، إذن أنا موجود هي معادلة توازي معادلة ديكارت، لأن الذاكرة هي التي تمنح الكينونة إستمرارية هويتها عبر الزمن. من هذا المنطلق، فإن أي تدخل سحري يسعى لتغيير الكينونة يجب أن يمر حتماً عبر بوابة الذاكرة. النسيان القهري (Compulsive Oblivion)، في هذا الإطار، يُمكن تصوره على أنه هدف سحري يسعى إلى محو أو إخفاء أجزاء محددة من السرد الذاتي للكينونة، مما يؤدي إلى بتر طقسي لجزء من هويتها. هذا لا يهدف فقط إلى النسيان السطحي، بل إلى إحداث فجوة وجودية تُجبر الكينونة على إعادة بناء نفسها دون مرجعية الحدث المنسي، وهو ما يمثل أقصى درجات التحكم في الهوية الفردية. لتحقيق حالة النسيان القهري كجزء من طقس سحري، لا بد من إفتراض وجود آليات ميتافيزيقية تتجاوز حدود علم النفس المعرفي. هذه الآليات تعمل على مستوى الأثير أو الوعي الجمعي أو الجسد الأثيري الطاقي للكيان. يُمكن تفسير الأمر من خلال عدة نماذج: أولاً، نموذج الإختراق الرمزي (Symbolic Penetration) حيث يستخدم الساحر رموزاً مُحددة كتعاويذ، رموز هندسية، مواد طقسية تعمل كـمفاتيح أو شيفرات لفك إرتباط الحدث المُستهدف عن الشبكة العصبية الطاقية للذاكرة. هذه الرموز لا تُخاطب العقل الواعي، بل تُخاطب العقل الباطن أو مركز الروح (Soul Center)، و تُصدر أمراً بإخفاء أو تغليف الذاكرة المُحددة بطبقة من الطاقة السلبية أو المضادة للوعي، مما يجعلها غير قابلة للإستدعاء الإرادي أو حتى العفوي. ثانياً، نموذج إعادة التكوين الزمني (Temporal Reconfiguration) يرى هذا النموذج أن السحر يمكنه التلاعب بمفهوم الوقت الذاتي للكينونة. فالنسيان هنا ليس مجرد فقدان للمعلومة، بل هو فصل جذري للحدَث عن خط الزمن الشخصي. الطقس السحري يحاول أن يُنشئ مساراً زمنياً بديلاً لا يتضمن الحدث، مما يُنشئ حالة من التناقض المعرفي والوجودي؛ فالحدث وقع في الواقع الموضوعي، لكنه غير موجود في سجل الوعي الذاتي، وهذا التناقض هو جوهر الطبيعة القهرية للنسيان. الهدف هو إحداث تحويل جذري يُغيّر التفاعلات المستقبلية للكينونة بناءً على الفقدان المُتعمّد لجزء من ماضيها. إن نجاح السحر في إحداث النسيان القهري يطرح تحديات وجودية وأخلاقية عميقة. وجودياً، يُمثل هذا العمل إعتداءً على سيادة الذات (Sovereignty of the Self). إذا كانت هويتنا تتشكل من خلال تجميع خبراتنا، فماذا يحدث عندما يُنزع جزء أساسي منها بالإكراه؟ يتحول الكيان إلى كيان مُنقوص الذاكرة أو مُعدّل الوعي بشكل دائم، مما يُعرّض مفهوم الحرية الوجودية للخطر. فالكيان لا يُمكنه إتخاذ قرارات حرة ومستنيرة إذا كان يفتقر إلى جزء من السجل الكامل لحياته. علاوة على ذلك، يتقاطع هذا المفهوم مع فكرة القدر والمشيئة في النظم الكونية. هل يُمكن للفعل السحري، الذي هو تجسيد للإرادة المركّزة، أن يتجاوز النظام الطبيعي للحفاظ على الذاكرة؟ من وجهة نظر أخلاقية سحرية، يعتبر التلاعب بذاكرة الكينونة دون إرادتها أحد أبشع أشكال الإكراه الروحي، و يُصنَّف ضمن السحر الأسود الهادف إلى السيطرة المطلقة. فالنسيان القهري هو شكل من أشكال الإستعباد المعرفي، حيث يتم محو الوعي بالقيود المفروضة على الذات، مما يجعل العودة إلى حالة الوعي الكامل أو التحرر الذاتي أمراً شبه مستحيل، لأن الكينونة لا تعرف أصلاً ما الذي سُرِق منها. يُمكن القول إن الطقس السحري الذي يؤدي إلى النسيان القهري هو محاولة لإعادة برمجة جوهر الكينونة ذاتها لخدمة غرض الطقس، و هو الهدف الأسمى للسيطرة السحرية. يُمكن القول إن التقنية السحرية قادرة، في إطار الإفتراضات الميتافيزيقية للسحر العملي، على إحداث حالة من النسيان القهري لأحداث معينة في حياة الكينونة. هذا النسيان لا يُعد فشلاً في إستدعاء المعلومة، بل هو تحويل وجودي قسري يُعيد صياغة بنية الوعي والهوية. إنه فعل لا يعمل على تغيير الماضي الموضوعي، بل على تغيير الإستقبال الذاتي للماضي، و بالتالي تغيير المسار المستقبلي للكينونة. النسيان هنا هو سلاح ذو حدين: قد يُستخدم سحرياً لإزالة صدمة عميقة و مدمرة (سحر علاجي مُتشدد)، أو قد يُستخدم لإنتزاع حقائق ضرورية لوعي الكينونة وإبقائها في حالة من الجهل المُسيطر عليه (سحر ظلامي). يظل النسيان القهري، في جوهره، تحدياً خطيراً لمبدأ الوعي الذاتي الكامل الذي تسعى إليه الفلسفات الروحانية العليا.

_ المناعة الروحية المكتسبة: تحوُّل الوعي و الإرادة كآلية للإستدامة الذاتية ضد التدخلات السحرية المتكررة

تُعدّ فكرة المناعة الروحية (Spiritual Immunity) المكتسبة إطارًا فلسفيًا عميقًا يتقاطع مع مفاهيم الوعي، الإرادة الحرة، و إستدامة الذات في مواجهة التدخلات الخارجية. على غرار الجهاز المناعي البيولوجي الذي يتعرف على مسببات الأمراض ويكوّن ضدها إستجابة دائمة، تُفترض المناعة الروحية على أنها قدرة الكينونة (Being) على التعرف على الأنماط الطاقية أو الشيفرات السحرية التي تُستخدم في التقنيات السحرية المتكررة، وتطوير آليات دفاعية داخلية تُصبح مع مرور الوقت غير قابلة للإختراق أو التأثير. لا تقتصر هذه المناعة على مجرد الصد اللحظي للطاقة السلبية، بل هي تحوّل هيكلي في بنية الكينونة الأثيرية والوعي الذاتي، مما يجعلها أرضًا غير صالحة لرسوخ أو تجذّر أي تأثير سحري مُعاد. هذا التحول ينبع من فهم عميق للتفاعلات السحرية السابقة وتفكيكها على مستوى الوعي، مما يسمح للكينونة بإعادة تنظيم طاقتها الداخلية بما يتوافق مع إرادتها المطلقة. إن إكتساب هذه المناعة ليس عملية سلبية، بل هو نتيجة لصدمة روحية مُتعمَّدة أو متكررة يتم تجاوزها بنجاح. يُمكن تحليل هذه الآلية من منظورين رئيسيين:
1. نموذج التكيف الوجودي (Existential Adaptation): يتعرض الكيان في كل مرة لتقنية سحرية مُعاكسة لمسار إرادته. في كل مرة يتم فيها فك الإرتباط بهذا التأثير سواء عبر طقوس علاجية مضادة أو قوة إرادة ذاتية، يتم تشفير نمط هذا الهجوم السحري ضمن الوعي الأعمق للكينونة. هذا التشفير يُشبه بصمة يتم التعرف عليها مستقبلاً. الإستجابة المتكررة لا تؤدي فقط إلى المقاومة، بل إلى تقوية الغلاف الروحي (Auraic Hardening). فلسفيًا، هذا يعني أن الكينونة تُثبت إرادتها على إرادة الساحر المُهاجِم. تكرار هذا الإثبات يُحوّل الإرادة من قوة كامنة إلى درع طاقي دائم.
2. نموذج التسامي المعرفي (Cognitive Transcendence): المناعة الروحية الحقيقية ليست مجرد قوة طاقية، بل هي وعي. عندما يتعرض الكيان لتقنيات سحرية متكررة، فإنه يبدأ بفهم الطبيعة الرمزية و النفسية للطريقة التي يعمل بها السحر. هذا الفهم يُجرّد التقنية السحرية من قوتها الغامضة والمُخيفة. فالسحر يعتمد جزئيًا على قوة الإيحاء أو الخوف الروحي الذي يفتحه في وعي الهدف. عندما يتسامى الكيان فوق الخوف ويُدرك أن السحر هو مجرد شكل من أشكال التلاعب بالطاقة والرموز، فإنه يُصبح محصّنًا معرفيًا. هذا الوعي يمثل أعلى درجات المناعة، لأنه ينبع من مركز الكينونة (الروح الواعية) وليس مجرد رد فعل طاقي خارجي.
على الرغم من إمكانية إكتساب المناعة الروحية، فإنها ليست مطلقة. تظل هناك تحديات وقيود تفرضها طبيعة السحر نفسه. قد يكتسب الكيان مناعة ضد نمط سحري معين مثل سحر الربط، لكن ساحرًا ماهرًا قد يُغيّر الأنماط والرموز و الترددات الطاقية المستخدمة بشكل جذري مثل الإنتقال إلى سحر التوهم أو سحر الظل. في هذه الحالة، يجب على الكينونة أن تبدأ عملية التكيف والتشهير من جديد، مما يؤكد أن المناعة دائمة ضد التقنية القديمة ولكنها تتطلب يقظة مستمرة ضد التقنيات الجديدة. الإستجابة لكل هجوم سحري يستهلك جزءًا من الطاقة الحيوية للكيان. التكرار المُفرط للهجمات قد يؤدي إلى إرهاق روحي (Spiritual Fatigue) حتى لو لم تخترق التقنية الدفاعات. هذا الإرهاق يُمكن أن يفتح ثغرات في الدفاعات الذاتية بسبب إستنزاف الموارد الطاقية للكينونة. المناعة الروحية المكتسبة فعالة جدًا ضد القوى الخارجية. لكنها قد لا تكون فعالة بنفس القدر ضد السحر الداخلي، وهو التدمير الذاتي الناجم عن الشك، القلق، أو الجروح النفسية غير المُعالجة التي تُنشئ منافذ للطاقة السلبية دون الحاجة لتدخل ساحر خارجي. فلسفيًا، يمكننا تأكيد أن الكينونة قادرة على إكتساب مناعة روحية دائمة ضد التقنيات السحرية المتكررة، ولكن هذه المناعة لا تأتي عبر طقس واحد، بل هي نتيجة لتراكم الإرادة المُثبتة و تعميق الوعي الذاتي. هي ليست حالة سكون، بل هي حالة ديناميكية مستدامة من اليقظة الروحية. كل هجوم سحري فاشل يُصبح بمثابة لقاح يُقوّي الروح، ويُحوّل الكيان من هدف سلبي إلى مركز طاقي مُحصَّن يُشعّر بوعيه ويسيطر بشكل كامل على مسار حياته الوجودي. تُصبح الكينونة في هذه الحالة أكثر سحرًا من السحر نفسه، لأنها تُجسد قوة الإرادة المطلقة التي لا يُمكن لأي تقنية خارجية أن تنال منها.

_ التعديل السحري للبوصلة الأخلاقية: تحوير القيم، إزدواجية الوجود، وتداعيات المسؤولية الوجودية

إن طرح فكرة أن السحر يعمل على تعديل البوصلة الأخلاقية للكينونة بدلاً من إلغائها يمثل تحولًا فلسفيًا عميقًا في فهم العلاقة بين السحر والإرادة الحرة. البوصلة الأخلاقية (Moral Compass) تُعتبر في الفلسفة الغربية و الشرقية هي الجوهر الداخلي الذي يوجه الكينونة نحو التمييز بين الصواب والخطأ، العدل والظلم، وهي مرتبطة إرتباطًا وثيقًا بالضمير و القيم الأساسية للكيان. عندما يُمارس السحر على كينونة ما بهدف التأثير على سلوكها الأخلاقي، فإن الهدف التقني للسحر لا يكون بالضرورة الإلغاء المطلق للبوصلة وهو ما يُعد تحديًا وجوديًا هائلاً يمس جوهر الروح، بل هو تحوير أو تعديل للقيم المُدرَكة. هذا التعديل يجعل الكينونة تُفسّر الفعل غير الأخلاقي على أنه فعل صائب أو ضروري في سياقها الجديد المُعدّل سحريًا. بالتالي، لا يفقد الكيان القدرة على إصدار الأحكام الأخلاقية تمامًا، لكن المعايير التي يستند إليها في هذه الأحكام تتغير لتخدم هدف الطقس السحري، مما يُنشئ حالة من الإزدواجية الوجودية (Existential Duplicity). يُمكن النظر إلى عملية تعديل البوصلة الأخلاقية سحريًا على أنها تعمل وفق آليات متطورة و معقدة تتجاوز الإكراه المباشر:
1. إستبدال الأولويات الرمزية (Symbolic Prioritization): يعمل الطقس السحري على إدخال رمز طاقي جديد في شبكة الوعي الذاتي للكينونة. هذا الرمز يحمل قيمة عليا مرتبطة بهدف الساحر مثل: الرغبة في شخص معين، الإنتقام، الثراء. يتم تضخيم هذا الرمز الطاقي ليصبح القيمة المُهيمنة والمُطلقة في وعي الكينونة. فعلى سبيل المثال، إذا كان هدف السحر هو الثراء غير المشروع، فإن الطقس لا يلغي مبدأ الصدق تمامًا، بل يُعدّل البوصلة لتجعل قيمة تحقيق الثراء بأي وسيلة تسبق و تتجاوز قيمة الصدق أو الأمانة. الكينونة تظل تمتلك معايير أخلاقية، لكن تم وضع مرشح سحري يجعل هدف الساحر هو الأول دائمًا، و يُحوّل جميع الأفعال المُتعارضة معه إلى أفعال ثانوية أو غير ذات أهمية.
2. إزاحة الوعي الذاتي (Self-Consciousness Displacement): بدلاً من محو الوعي الأخلاقي، يسعى السحر إلى إزاحة مركز الوعي الأخلاقي من منطقة الضمير الداخلي إلى منطقة المنفعة الذاتية الفورية أو الخضوع للإرادة الخارجية (إرادة الساحر). الكينونة تظل تعرف بشكل غامض أن ما تفعله ليس صوابًا وهذا هو الجانب القهري والتعديلي في النسيان القهري المذكور سابقاً، لكن قوة التأثير السحري تُنشئ طبقة من التبرير الذاتي المُصطنع. هذا التبرير يسمح للكينونة بدمج الفعل غير الأخلاقي ضمن سردها الذاتي الجديد والمُعدّل، مما يُجنّبها الإنهيار النفسي الكامل و يُبقيها عاملة ولكن في إتجاه مُغيّر. هذا التعديل يُحوّل الشر الموجه خارجيًا إلى شر مُتبنى داخليًا ومُبرر ذاتيًا، وهو ما يُعد أكثر فعالية في السيطرة الدائمة.
إن المفهوم القائل بأن السحر يُعدّل البوصلة الأخلاقية بدلاً من إلغائها له تداعيات وجودية و أخلاقية خطيرة تتعلق بمسؤولية الكينونة عن أفعالها. إذا كانت البوصلة الأخلاقية مُعدّلة سحريًا، فهل يُعفى الكيان من المسؤولية؟ الفلسفة السحرية تؤكد أن أي تعديل سحري، مهما كان قوياً، لا يمكنه إلغاء الإرادة الحرة بشكل كامل، بل يُحاول التأثير عليها أو تشويهها. هذا يعني أن جزءًا أصيلًا من الكينونة (المركز الروحي) يظل مُدركًا للتعديل. المسؤولية تقع هنا في درجة المقاومة الداخلية التي مارستها الكينونة. السحر، في هذه الحالة، هو بمثابة فعل تشويه للهوية؛ فهو يجعل الكينونة تفعل ما هو ضد طبيعتها الجوهرية. حتى بعد زوال التأثير السحري، قد تجد الكينونة صعوبة بالغة في إعادة ضبط بوصلتها الأخلاقية إلى حالتها الأصلية، لأن الأفعال التي إرتكبتها في ظل التعديل تُصبح وقائع وجودية لا يمكن محوها من سجل الخبرة. هذا يُشير إلى أن التعديل السحري ليس مجرد حالة مؤقتة، بل هو عامل مُشكّل بشكل دائم، مما يُلقي بظلاله على مسألة التكفير والعودة إلى الذات الأصلية. بالتالي، يعمل السحر تقنياً على تعديل مسارات الطاقة و الوعي لقلب أو تشويه القيم المُعتمدة، مما يجعل الكينونة تتصرف بأخلاق مُختلفة، لكنها لا تُصبح كائنًا بلا أخلاق، بل كائنًا مُغاير الأخلاق بغير إرادته الحرة الأصلية.

_ السحر كآلية للهروب من عبىء الكينونة: تفويض المسؤولية، وهم الحتمية، والثمن الوجودي

يُعدّ عبىء الكينونة (The Burden of Being) مفهومًا وجوديًا وفلسفيًا يشير إلى الثقل النفسي والأخلاقي المترتب على الإرادة الحرة والوعي الذاتي. هذا العبىء يشمل المسؤولية المطلقة عن كل قرار وإختيار مصيري، والتعامل مع القلق الناجم عن الحرية، ومواجهة حتمية الموت، كما طرحه فلاسفة مثل سارتر وكامو. إن الوجود الواعي يفرض على الكينونة (Being) أن تكون مشروعًا ذاتيًا مستمرًا، يتطلب جهدًا دائمًا وتبريرًا أخلاقيًا للذات. من هذا المنطلق، يمكن تحليل السحر ليس فقط كأداة للتحكم في الواقع المادي، بل كآلية نفسية وميتافيزيقية تسعى إلى التخفيف من هذا العبىء عبر نقل أو تحميل المسؤولية الكينونية على جهة أخرى. هذا النقل يمثل محاولة هروب من الحرية المطلقة التي تفرضها الوجودية. يسعى بعض الأفراد إلى السحر كطريق للتحرر من الشعور بالمسؤولية، سواء كانت مسؤولية عن الفشل الشخصي، أو عن الخيارات الأخلاقية الصعبة. هذا الهدف يتحقق من خلال آليات سحرية وفلسفية معقدة:
1. آلية التفويض الكياني (Entity Delegation): يعتمد جزء كبير من السحر الطقسي على إستدعاء أو التعاقد مع كيانات غير بشرية، أرواح، جن، كائنات أثيرية. فلسفياً، يُنظر إلى هذا التعاقد على أنه تفويض لجزء من الإرادة و المسؤولية. يرى الفرد الذي يمارس السحر أن الكيان الذي تم إستدعاؤه هو الذي نفذ الفعل، سواء كان سحر ضرر أو جلب منفعة غير مشروعة. هذا يُنشئ حاجزًا نفسيًا وأخلاقيًا؛ "أنا لم أفعل ذلك، الكيان هو من فعل". وبذلك، يتم تحميل المسؤولية الأخلاقية عن الفعل الكارمي أو القانوني على عاتق الكيان الآخر. يصبح الساحر مجرد قناة أو وسيط للطاقة، وليس المصدر الأصلي للقرار الأخلاقي، مما يخفف عبىء الكينونة المُذنبَة.
2. السحر كـحتمية خارجية (External Determinism): عندما يواجه الفرد خيارًا صعبًا أو نتيجة غير مرغوبة، قد يلجأ إلى السحر لخلق وهم الحتمية. فبدلاً من الإعتراف بالقرار كفشل شخصي أو كخطأ في التقدير، يُمكن لوم القوى السحرية أو السحر المُمارس ضده حتى لو كان هو من بدأ به. هذا يسمح للكينونة بتبني موقف الضحية الوجودية أو المُسيّر طاقيًا. في هذه الحالة، السحر هو أداة لإعادة تعريف الواقع الشخصي حيث لا تكون النتائج ناجمة عن الحرية الفردية، بل عن تأثيرات طاقية خارجية مُسيطرة، مما يُقلّل بشكل كبير من المسؤولية الكينونية تجاه مصيره وقراراته.
إن محاولة تخفيف عبىء الكينونة عبر السحر تُثير تساؤلات ميتافيزيقية حول طبيعة المسؤولية الكارميّة. وفقًا للعديد من النظم الروحية، لا يمكن نقل المسؤولية الكارميّة (الأخلاقية) بشكل حقيقي. الكيان الذي إتخذ القرار الأصلي بممارسة السحر أو طلبه يظل هو المتحمل الأساسي لـ العبء الكارمي المترتب على الفعل، حتى لو تم التفويض لكيان آخر للتنفيذ. الكيانات المستدعاة قد تشارك في العبىء أو تستفيد منه، لكن نية الكينونة البشرية هي القوة الدافعة التي تُطلق السلسلة السببية، وهي بالتالي المصدر الجوهري للمسؤولية. السحر، في هذا السياق، يصبح مجرد وهم للنقل، يريح الوعي النفسي المؤقت لكنه لا يحل المشكلة الوجودية. إن الأفراد الذين يلجؤون إلى السحر لتخفيف عبىء المسؤولية يدفعون ثمنًا وجوديًا باهظًا. الإعتماد على كيانات خارجية للقيام بـالعمل القذر أو لتحقيق الأهداف يعني التنازل عن جزء من الإرادة الحرة لتلك الكيانات. هذا النقل للمسؤولية يتحول إلى تبعية روحية، حيث لا تعود الكينونة قادرة على العمل والتحقيق بقوة ذاتها النقية، مما يُزيد في الواقع من العبىء الروحي الطويل الأمد عبر تقييد إمكاناتها الوجودية. فلسفيًا، يمكن تأكيد أن السحر يُستخدم كتقنية نفسية و ميتافيزيقية لتخفيف الشعور بعبء المسؤولية الكينونية عبر نقلها ظاهريًا إلى كيانات أخرى أو تفسير الأحداث على أنها حتمية خارجية. ومع ذلك، فإن هذا التخفيف ليس تحريرًا حقيقيًا. إنه وهم للتحرر يُرضي القلق الوجودي مؤقتًا، لكنه لا يلغي القانون الكارمي أو الوجودي الذي ينص على أن الكينونة الواعية هي المسؤولة عن نيتها وقراراتها الجوهرية. بالتالي، السحر في هذا السياق هو محاولة يائسة للهروب من لعنة الحرية التي يفرضها الوجود.

_ إشكالية التأثير السحري المتقطع: صراع الإرادة بين شحنة الطقس والمقاومة الدورية للكينونة

إن إشكالية التأثير السحري المتقطع (Intermittent Magical Influence) على الكينونة تُعد نقطة مفصلية في الفلسفة السحرية العملية. فبدلاً من أن يكون التأثير خطيًا و ثابتًا، نلاحظ في كثير من الحالات ظواهر تتسم بالتذبذب: فترة قوة واضحة للتأثير تليها فترة ضعف أو غياب شبه كامل، قبل أن يعود التأثير للظهور. هذا الإنقطاع يُفسَّر تقنيًا و فلسفيًا بأنه دليل على أن السحر ليس قانونًا فيزيائيًا مُطلقًا، بل هو تفاعل ديناميكي بين طاقة الإرادة المُرسَلة (الطقس) وطاقة المقاومة الجوهرية للكينونة المُستهدفة. التأثير المتقطع يُشير إلى عدم وجود تطابق رنيني كامل دائم بين تردد السحر والتردد الوجودي للكيان، مما يمنع رسوخ التأثير بشكل مطلق ومستمر. يُفسَّر التقطع في التأثير السحري تقنيًا من خلال تداخل عدة عوامل تعمل على تعديل قوة الإشارة السحرية أو قدرة الإستقبال لدى الكينونة:
1. عامل الشحن الطاقي (Energy Charge and Decay): يتم بناء الطقس السحري على أساس شحنة طاقية مُركّزة يتم إرسالها نحو الهدف. هذه الشحنة، كأي طاقة مُرسَلة، تخضع لقوانين الإضمحلال أو التشتت مع مرور الزمن و المسافة الروحية. يكون التأثير قويًا ومستمرًا فور إطلاق الشحنة (ذروة الطقس). لكن بمرور الوقت، تتفكك هذه الشحنة الأثيرية وتضعف، مما يؤدي إلى فترة إنقطاع. لضمان الإستمرارية، يجب على الساحر القيام بـتجديد الشحنة (Recharging) أو طقوس مُتابعة دورية. الإنقطاع هنا هو دلالة على إنتهاء صلاحية الشحنة الطاقية الأولية.
2. المقاومة الدورية للكينونة (Cyclical Resistance): الكينونة ليست كيانًا سلبيًا. إنها تمتلك إرادة حرة ونظامًا دفاعيًا روحيًا (المناعة الروحية المذكورة سابقًا). هذا النظام لا يعمل بالضرورة بثبات مطلق، بل يتأثر بعوامل داخلية و خارجية. عندما ترتفع مستويات الوعي و الإيجابية والثقة بالنفس لدى الكينونة مثلاً، خلال فترات اليقظة الروحية أو النجاح الشخصي، يرتفع معها التردد الطاقي الروحي الذي يعمل كدرع، مما يصد التأثير السحري ويؤدي إلى فترة إنقطاع. عندما تنخفض هذه المستويات (الإجهاد، المرض، القلق)، يضعف الدرع، ويصبح الكيان أكثر إستقبالًا لتردد السحر، مما يؤدي إلى ظهور التأثير مرة أخرى.
3. العوامل الفلكية والطبيعية (Cosmic and Elemental Factors): تُربط العديد من الطقوس السحرية بالدورات القمرية، أو الأوضاع الفلكية (كواكب، أبراج)، أو العناصر الطبيعية (أوقات المد والجزر الطاقي). قد يكون الطقس مصممًا أصلاً ليكون تأثيره أقوى خلال فترات فلكية معينة مثل إكتمال القمر ويضعف بشكل طبيعي خارج هذه الأوقات. التقطع هنا هو جزء مُبرمج من جدولة التأثير الطاقي وفقاً للإيقاعات الكونية.
فلسفيًا، يُفسر التأثير المتقطع على أنه دلالة قاطعة على الصراع المستمر بين إرادة الساحر و إرادة الكينونة المُستهدفة. السحر يمثل محاولة لفرض إرادة خارجية على مسار وجودي داخلي. التأثير المتقطع يثبت أن الإرادة الحرة لا تُقهر كليًا، لو كان السحر قادرًا على الإلغاء المطلق للإرادة الحرة، لكان التأثير ثابتًا ومستمرًا. لكن التقطع يثبت أن الجوهر الحر للكينونة قادر على إستعادة السيطرة مؤقتًا و طرد التأثير. في اللحظات التي يستيقظ فيها وعي الكينونة أو يتشكك في واقعه المُعدّل سحريًا، تتولد قوة داخلية تُعاكس تدفق الطاقة السحرية. هذه اللحظات من الصحوة الكينونية تُفسر فترات الإنقطاع، حيث تسيطر الذات الأصيلة مؤقتًا قبل أن تستهلكها طاقة السحر المتبقية أو يُعاد شحنها. خلاصة القول هي أن التأثير المتقطع ليس فشلاً كاملاً للطقس، بل هو إنعكاس للطبيعة غير المستقرة والهشة لأي محاولة لفرض الإرادة عبر الأثير. هو صراع موجات حيث تتغلب الموجة السحرية تارة، وتستعيد الموجة الوجودية السيطرة تارة أخرى.



#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- حْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخُّل ا ...


المزيد.....




- فيضانات مدمرة تحاصر 30 رضيعًا في مستشفى بتايلاند.. شاهد ما ح ...
- مسعد بولس: طرفا الحرب في السودان رفضا مقترح الهدنة.. ولا أعر ...
- أعمال عنف في حمص وعلويون في اللاذقية يطالبون بـ-الحماية-، ما ...
- كشف «خدعة» خط الفقر في إيران: ملايينٌ تحت عتبة البقاء
- -مؤسسة غزة الإنسانية- تعلن إنهاء مهمتها.. وأوضاع كارثية في ا ...
- ليبيا : -صحتي في غذائي-، انطلاق حملة توعوية صحية حول التغذية ...
- خطة السلام في أوكرانيا…  صخب دبلوماسي يصب في مصلحة روسيا؟
- غضب فينيسيوس من الاستبدال وتهديده بالرحيل عن الريال يشعل الم ...
- كيف تفاعلت المنصات اليمنية مع وصول غبار بركان إثيوبيا؟
- -شبكات- يتناول وصول رماد بركان إثيوبيا لليمن وغضب فينيسيوس


المزيد.....

- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخُّل الْغَيْبِيّ عَنْ مُرُونَة الْكَيْنُونَة وَصِرَاع الْإِرَادَات الْوُجُودِيَّة -الْجُزْءُ الرَّابِعُ و الثَّلَاثُون-