أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - القرار 2803 أخطر ما صدر عن مجلس الأمن بشأن فلسطين منذ تأسيس الأمم المتحدة















المزيد.....

القرار 2803 أخطر ما صدر عن مجلس الأمن بشأن فلسطين منذ تأسيس الأمم المتحدة


عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)


الحوار المتمدن-العدد: 8530 - 2025 / 11 / 18 - 10:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اعتمد مجلس الأمن منذ قليل القرار الأمريكي المتعلق بغزة بموافقة ثلاثة عشر عضوًا وامتناع روسيا والصين عن التصويت. وبذلك تدخل القضية الفلسطينية منعرج التصفية المعبّد بقرار أممي يجُبّ ما قبله من قرارات تُقرّ حق الفلسطينيين في دولة مستقلة ذات سيادة، وتُمنَحُ فيها الولايات المتحدة، عمليًا، تفويضًا دوليًا للاستفراد بإدارة الملف الفلسطيني وفق الرؤية الإسرائيلية وبعيدًا عن أي دور فعلي للأمم المتحدة. وهو فخ استراتيجي يُقنّن تصفية القضية، ويفرض على الدول العربية، وبصورة غير مسبوقة، مسارًا إجباريًا نحو التطبيع كشرط ضمني للتعامل مع "المرحلة الانتقالية" التي ينص عليها القرار، وأول بنودها إعادة الإعمار.

القرار الذي صدر تحت عدد 2803 لا يتحدث عن دولة فلسطينية، ولا عن "حل الدولتين"، ولا عن وحدة غزة والضفة، ولا عن حدود 1967. والأخطر من ذلك أنه يُنشئ، دون تحديد صلاحيات واضحة، ما سمّته الولايات المتحدة "مجلس السلام" وقوات "حفظ الاستقرار"، وهي قوات أمريكية ستتولى نزع سلاح المقاومة بالقوة وتثبّت واقع الاحتلال ضمن نظام إدارة انتقالية طويلة الأمد. وكأنّ منظمة الأمم المتحدة سحبت قرار التقسيم 181، ووضعت مكانه قرار جديد يٍقرّ بالحق التاريخي لليهود في الإحلال محل سكان فلسطين.

ترامب أخطر شخصية على القضية الفلسطينية

لقد كانت الولايات المتحدة منذ مطلع التسعينات من أقل الدول رضا عن أداء الأمم المتحدة، خصوصًا في قضايا الشرق الأوسط. لكن مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، أصبحت الرغبة في تحجيم دورها شديدة الوضوح، وذلك من خلال الابتزاز والمقايضة والتهديد بوقف تمويل المنظمة الاممية، أو تحويلها إلى إدارة تابعة للإدارة الأميركية. ومع أن هذه النزعة بدت، في بدايتها، مجرد ضغط، فإن القرار الذي مرّ اليوم يثبت أن المسألة أصبحت هندسة سياسية لإعادة تشكيل دور القانون الدولي في خدمة الطرف الأقوى.

كشفت الدراسات النفسية الأميركية أن نفسية الرئيس ترامب تقوم على نرجسية مرضية تُقدّر بنسبة تفوق الثمانين بالمئة، وعلى سجل من الأكاذيب اليومية رصدتْه "نيويورك تايمز" و"واشنطن بوست"، كما أكدت شهادات شخصيات من دائرته الضيقة على أن الرجل بلا أخلاق، ومنها كتاب جون بولتون، "الغرفة التي حدث فيها: مذكرات من البيت الأبيض"، حيث يقول حرفيا إن ترامب لا يرى العرب سوى "أكياس مال". وكذلك كتاب صهر ترامب "كثير جدًّا وغير كافٍ- كيف صنعت عائلتي أخطر رجل في العالم"، الذي يكشف نمطًا نفسيًا يعتبر الكذب وسيلة طبيعية للنجاح، ويرى الابتزاز جزءًا من “فن الصفقة”.

هذه الخلفية تجعل من تمرير القرار الأمريكي في مجلس الأمن أوسع عملية خداع سياسي تمّت تحت قبة الشرعية الدولية، خاصة وأن ترامب يمنح اليمين الإسرائيلي المتطرف ما لم يجرؤ أي رئيس أمريكي على منحه: نفي وجود شعب فلسطيني أصلًا.

الصياغة الغامضة والمضمون التصفوي للقرار، يستند إلى ركائز سبق لإدارة ترامب أن روّجت لها:

أوّل ركيزة، هي الدولة الفلسطينية احتمال غامض مشروط بـ"الإصلاحات". وقد جاء في القرار ما نصّه "قد تتوفر الظروف أخيرًا" بعد إنجاز "الإصلاحات" الفلسطينية وإعادة تطوير غزة لمسار يقود إلى تقرير المصير الفلسطيني. وهنا من الواضح أن كلمة "قد" ليست تفصيلاً لغويًا، بل إلغاء عملي لأي التزام سياسي.
هذا إضافة إلى أن القرار لا يحدد حدود الدولة، خلافًا لقرارات 242 و338 والمبادرة العربية. وهذا يُبقي الباب مفتوحًا أمام كل التأويلات. ممكن أن تكون دولة في غزة فقط، حكم ذاتي منقوص السيادة، أو مجرّد كيان إداري أمني.

ثاني ركيزة، مجلس سلام برئاسة أمريكية، وهذا يعني سلب الشرعية من الأمم المتحدة وتسليمها للدولة الأقوى في العالم وللإدارة الاكثر دعما لفكرة "إسرائيل الكبرى".

أسوأ ما في القرار هو "مجلس سلام" تديره الولايات المتحدة، مع شخصيات تنفيذية من طراز توني بلير، ويكون ترامب، بحكم القرار، المرجعية العليا لهذه المرحلة. وبما أن "استكمال إصلاحات السلطة" خاضع لتقييم الرئيس الأميركي بالتشاور مع الحكومة الإسرائيلية، فقد يستغرق عشرين سنة، وفي الخلال يكون الاستيطان قد ابتلع الضفة الغربية، ما يجعل "الظروف المناسبة" التي يتحدث عنها القرار أشبه ب"مرحلة الحل النهائي" في اتفاق أوسلو.

القرار الروسي الصيني البديل، الذي دعا إلى دولة فلسطينية كاملة السيادة على حدود 1967، تم تحييده تمامًا مع الامتناع عن التصويت، ما يكرّس انتصار الإرادة الأمريكية دون كوابح.

كيف كان مجلس الأمن هذا المساء في خدمة الأهداف الإسرائيلية؟

ينص القرار على نزع سلاح المقاومة واستبعاد حماس من أي دور سياسي. ولا حديث عن الانتخابات، إلا بعد "انسحاب إسرائيلي" !
لماذا؟
بداية من المهم الإشارة إلى أن عبارة "بعد انسحاب إسرائيلي" غير مضبوط بزمن معيّن. وهو "انسحاب" وليس "الانسحاب".
ثم، بما أن الأمريكان وإسرائيل ودول التطبيع تخشى نتائج أي انتخابات حرة، فإن فرض إدارة انتقالية أمريكية يهدف أيضًا إلى ضمان قيادة فلسطينية "متلائمة" مع منطق الدور الأمني المقبول إسرائليا

الركيزة الثالثة والأخيرة: ماهي المعضلات التي ستترتب عن تطبيق هذا القرار على الارض؟

القرار يُعطي إسرائيل حق الاستفراد بغزة تحت غطاء أمريكي مباشر. ويطّل دور الأمم المتحدة بالكامل في ملف غزة، بما في ذلك الأونروا التي تعمّد النص تغييبها. وفرض التطبيع على الدول العربية كشرط ضمني للتعامل مع الإدارة الانتقالية. وأعاد صياغة القضية الفلسطينية ضمن مشروع أمريكي-إسرائيلي يعلو على قرارات الشرعية الدولية السابقة. ويسوّغ نزع السلاح بالقوة عبر قوات "حفظ الاستقرار" التي هي قوات المارينز.

القرار الذي مرّ اليوم تحت عدد 2803 هو أخطر ما صدر عن مجلس الأمن بشأن فلسطين منذ تأسيس الأمم المتحدة.
وهذا يفرض على الفلسطينيين والعرب وأحرار العالم أن يواصلوا الكفاح من أجل ترجمة الحق الفلسطيني في إقامة دولة على ارضه، لأن فصول تصفية القضية تتسارع تحت قبة مجلس الأمن، وبمباركة رئيس لا يعترف بشعب فلسطيني، ولا يرى في العرب إلا "أكياس مال"، ولا يمكن الوثوق به، إلى جانب معسكر عربي مأزوم ومغلوب ومستعد للمقايضة على حساب الشعب الفلسطيني.



#عزالدين_بوغانمي (هاشتاغ)       Boughanmi_Ezdine#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منطق السلطة بين تطبيق القانون وحماية أمن الدول
- هل المشكل في الفساد أم في مكافحة الفساد؟ قراءة نقدية في الخط ...
- المشهد الرّمزي حول زيارة أحمد الشرع لواشنطن
- فوز زهران ممداني: بداية التحول البنيوي في المشهد الأمريكي
- مشروع قرار أمريكي لمجلس الأمن بصدد -إنشاء قوة استقرار دولية ...
- خصوصية الانتقال الديمقراطي في تونس وعوامل فشل التجربة
- لماذا لم يدافع الشعب التونسي عن -الديمقراطية-؟
- المقاومة والحواف الأخلاقية لضبط العنف الضروري
- الجدل المغلوط حولاتّفاقية التعاون الدفاعي بين توس والجزائر.
- الحرب على إيران والبيئة الاستراتيجية لإسرائيل الكبرى
- في الذكرى الثانية للطّوفان، دفاعًا عن المقاومة
- مقترح ترامب، مناورة جديدة، ومواجهة جديدة بين المقاومة وأعدائ ...
- كيف سقط النظام السوري؟
- حول مسألة -المساجد في المعاهد التونسية-
- حنظلة تونس في شوارع الليل ، حتى لا ننسى !
- تمييز السياقات هو الحدّ الفاصل بين القراءة الموضوعية وسردية ...
- -المؤامرة الغربية لإسقاط نظام قيس سعيّد- بين الوقائع والدّعا ...
- بخصوص مشروع قانون -استعادة الديمقراطية في تونس-.
- مرّة أخرى دفاعا عن التاريخ الاتحاد العام التونسي للشغل وحزب ...
- الاتحاد العام التونسي للشغل والحزب الحاكم: فروق جوهرية لا يج ...


المزيد.....




- لحظات مضحكة.. شاهد رجلًا يقفز على سقف السيارة هربًا من ماعز ...
- بساعتين فقط يوميًا.. رئيسة وزراء اليابان الجديدة لا تنام تقر ...
- حوافزُ مالية وتسهيلاتٌ في التأشيرات.. ترامب يكافئ دولًا أفري ...
- خمسة أعوام على فرض حظر السفر وتجميد الأموال بحق ثلاثة من مدي ...
- 25 قتيلاً على الأقل بينهم أطفال في إحدى أعنف الضربات الروسية ...
- فيديو - بعد عامين وبالرغم من بتر أطرافهم.. فلسطينيون يعودون ...
- ألمانيا: -فظائع مخيم اليرموك- أمام محكمة كوبلنتس
- خبراء: الأغذية فائقة المعالجة تشكل خطرا على الصحة العامة في ...
- الجيش الإسرائيلي يطالب بإخلاء مبان جنوبي لبنان قبل قصفها
- ظاهرة الكراسي المتحركة بالمطارات جدل يبدأ من الهند


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - القرار 2803 أخطر ما صدر عن مجلس الأمن بشأن فلسطين منذ تأسيس الأمم المتحدة