أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قصي غريب - العلاقة بين الدين والدولة














المزيد.....

العلاقة بين الدين والدولة


قصي غريب

الحوار المتمدن-العدد: 8527 - 2025 / 11 / 15 - 17:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعض السوريين من الذين يدعون أنهم مثقفون أو أكاديميون يدفعهم ضعف إمكاناتهم العلمية والمعرفية إلى المغالاة المتسمة بالسطحية والافتقار إلى المنهجية. وفي هذا الشأن فقد كتب أحد المغالين الذي يقدم نفسه إلى الذين لا يملكون خلفية ثقافية ومعرفية وازنة مفكراً أنه شارك في حوار تلفزيوني حول مسألة العلاقة بين الدين والدولة في سورية. فأكد أنه قدم في الحوار بوصفه علمانياً، في حين قدم شريكه ووصف إسلامياً. وفي الحوار ظهر أنهما متفقان على الكثير من الأمور الأساسية، وخاصة أن الدولة يجب أن تكون دولة مواطنة قائمة على العدالة والمساواة. ولكن الاختلاف البارز بينهما كان في إصرار الشريك الإسلامي على أن ينص الدستور السوري على أن دين رئيس الدولة هو الإسلام، بذريعة أن المجتمع السوري ذو أغلبية مسلمة. فاعترض الكاتب حرصاً منه على احترام حرية اختيار رئيس الدولة حتى لو كان غير مسلم أو غير مؤمن.
ولنا هذا الرد الاتي :
أولاً – إن الشعب السوري ليس حقلاً تجريبياً لمراهقي العلم والمعرفة، فضلاً عن أن الشعب السوري بأكثريته العربية المسلمة، حاضره ومستقبله، لا يمكن أن يكون وسيلة رخيصة للتسلق في بناء علاقات انتهازية شخصية ربحية مع دوائر إعلامية وثقافية معينة، أو بناء وترسيخ علاقات مع جماعات معينة تنظر إلى نفسها كأقلية مظلومة، على حساب الواقع السكاني والديني والتاريخي والثقافي والحضاري. فمن يريد بناء علاقات انتهازية، فيجب أن تكون على حسابه الشخصي الخاص وليس على حساب أكثرية الشعب السوري.
ثانياً - إن الجمهورية العربية السورية ذات هوية وثقافة عربية إسلامية بحكم الوقائع السكانية والدينية والتاريخية والثقافية والحضارية السائدة فيها. فالأغلبية المطلقة من السكان هم من العرب الذين يؤمنون بالإسلام عقيدة وثقافة وهوية وتاريخاً وحضارة. وبما أن الدولة لا بد أن تنسب إلى مكان وتمارس في واقع سياسي واجتماعي وثقافي محدد، فإن الدولة العربية السورية ذات هوية وثقافة عربية إسلامية، إذ لا توجد دولة في العالم من دون ثقافة رئيسة سائدة تستمد عمقها وملامحها من ثقافة وعقيدة الأغلبية. فعلى سبيل المثال في الولايات المتحدة الأمريكية، الثقافة السائدة هي ثقافة الأنجلوسكسون البروتستانت، وفي الصين الشيوعية الثقافة السائدة هي الثقافة الكونفوشيوسية، أما في الهند فالثقافة السائدة هي الثقافة الهندوسية.
ثالثاً - إن الدستور في أغلب دول العالم يلائم ظروف وتاريخ الدولة، فهو يتأثر بأحوالها وحاجاتها وبيئتها، ويكون انعكاساً عقدياً وثقافياً وحضارياً واجتماعياً واقتصادياً لوجدان الأكثرية السائدة فيها، دون ظلم للأقليات أو مساس بحقوقهم وحرياتهم. فالسلوك الديمقراطي يؤكد أن الدستور يكتب باختيار الأكثرية، ولكن من حق الأقليات أن تطالب بألا تظلم أو يميز ضدها. ولذلك، غالباً ما يتضمن الدستور إشارات واضحة إلى الهوية الثقافية والدينية للأغلبية السائدة في المجتمع. فالدول الإسكندنافية التي تعد من أفضل دول العالم في مجال احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية لا تبعد الدين عن الدولة والمجتمع، بل تضمنه في دساتيرها دون انتهاك أو مساس بحقوق وحريات مواطنيها الآخرين.
رابعاً - لا يمكن المزايدة الرخيصة في الحقوق والحريات على شعوب الدول الإسكندنافية، فدساتيرها تضمن مكانة دين الأغلبية فيها:
في الدنمارك تنص المادة 4 من الدستور على أن الكنيسة الإنجيلية اللوثرية هي الكنيسة الرسمية للدولة، وتشترط المادة 6 أن يكون الملك عضواً في الكنيسة الإنجيلية اللوثرية.
وفي النرويج تنص المادة 2 من الدستور على مكانة القيم المسيحية، وتنص المادة 4 على أن الملك يجب أن يعتنق دوماً الديانة الإنجيلية اللوثرية، كما تنص المادة 16 على أن الكنيسة النرويجية هي كنيسة إنجيلية لوثرية معتمدة من قبل الدولة.
وفي السويد تنص الفقرة 4 من قانون الخلافة على أن الملك يجب أن يعتنق دائماً الإيمان الإنجيلي النقي.
وقد يعترض البعض بأن الملوك في الدول الإسكندنافية لهم دور سياسي رمزي وأدبي إلى حد كبير، وأنهم ليسوا من يحكمون، وهذا صحيح، ولكنهم في الواقع رسمياً رؤساء الدولة ورؤساء السلطة التنفيذية، وهم الذين يكلفون رئيس الحزب الفائز بالانتخابات بتشكيل الوزارة.
خامساً - إن تبني الدولة لدين رسمي لا يتعارض بالضرورة مع التزامها بالحياد في ممارساتها السلطوية والإدارية، ولا يمنعها من الوقوف على مسافة واحدة من جميع مواطنيها على اختلاف انتماءاتهم ومعتقداتهم. فالعلمانية في مفهومها المؤسسي لا تعني إقصاء الدين من المجال العام أو من حياة المجتمع، بل تقتصر على فصل الشأن الديني عن آليات ممارسة السلطة وإدارة الشأن العام، بما يضمن المساواة أمام القانون وصون الحقوق دون تمييز. وفي هذا الشأن يستشهد بتجربة الدول الإسكندنافية، حيث إن النص في دساتيرها على أن المسيحية اللوثرية هي الدين الرسمي للدولة لم يمنع حياد سلطاتها ومؤسساتها الإدارية في التعامل مع جميع مواطنيها بالعدل والمساواة. وانطلاقاً من كون الدين الإسلامي هو دين الأغلبية الساحقة في الجمهورية العربية السورية، ومكوناً أساسياً لثقافتها وهويتها، فإن إقرار الدستور بأن الإسلام هو دين الدولة لا يعد متعارضاً مع العلمانية التي يدعو إليها بعض السوريين. ويعزز هذا الطرح بالاستناد إلى أن تحديد دين رسمي للدولة لا يمنع حياد سلطاتها ومؤسساتها الإدارية، بل يلزمها بضمان المساواة التامة في التعامل مع جميع مواطنيها بغض النظر عن انتماءاتهم ومعتقداتهم.



#قصي_غريب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مراحل التحولات السياسية في الجمهورية العربية السورية 1946 - ...
- الدولة المدنية بين المبدأ والتوظيف الطائفي: قراءة في الحالة ...
- فرق جوهري بين حق الشعوب في تقرير المصير وحقوق الأقليات
- الثورة المضادة في سورية
- شرعية السلطة الثورية المؤقتة في تمثيل الدولة
- تداعيات الإفراط في المرونة السياسية مع حركات التمرد
- عقل وسلوك استعماري
- البحث عن المكانة والشهرة
- التضليل !
- الايديولوجيا ركن من أركان الدولة
- سوريا ليست دولة أقليات وفسيفساء أو موزاييك!
- الهَذَّاء
- هوية الأغلبية في الدستور لا تعني انتهاك حقوق الأقليات
- شعوبية تتغلف باليسار !
- الدساتير لا تكتب بالرغبات
- الحسكة ودير الزور والرقة أهمية اقتصادية وقيمة بشرية !
- صاحب الهوى
- مشروع اعلان دستوري
- ثقافة انعزالية جديدة متجددة
- الفسابكة الجدد


المزيد.....




- ترامب يقول إنه اتخذ قرارًا بشأن العمليات العسكرية في فنزويلا ...
- غناء رغم الألم.. شاهد فرحة خريجي المدارس في غزة وسط الأنقاض ...
- شتاينماير يشيد بدور -العمال الضيوف- من إيطاليا في نهضة ألمان ...
- بعد رفض المحكمة استئنافه...رئيس البرازيل السابق بولسونارو يق ...
- فايننشال تايمز: تيم كوك سيغادر آبل وهذا هو المرشح لخلافته
- خريطة النزوح تتوسع مع تواصل المعارك واتساع جبهاتها بالسودان ...
- فيديو متداول -للحظات الأولى لانفجار منطقة المزة في دمشق-.. ه ...
- من هم الأشخاص الذين ذُكرت أسماؤهم أيضاً في ملفات إبستين؟
- كيف تهدد هجمات روسية السلامة النووية في أوكرانيا وأوروبا؟
- البرازيل: آلاف الأشخاص يجوبون شوارع بيليم في مسيرة حاشدة للد ...


المزيد.....

- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قصي غريب - العلاقة بين الدين والدولة