أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم المطير - التجريدية رؤية تتجدد باستمرار















المزيد.....

التجريدية رؤية تتجدد باستمرار


جاسم المطير

الحوار المتمدن-العدد: 1834 - 2007 / 2 / 22 - 07:33
المحور: الادب والفن
    


من السهل الحديث عن التجريدية في الفن التشكيلي، لكن من الصعب التعرف إلى عناصرها وإشكالها الأكثر وضوحا، رغم ان الكثير من الباحثين والنقاد تناولوا بطرق مختلفة محاولة تسهيل فهم الفن التجريدي من خلال تعزيز الغنى الثقافي عنه، عبر الكثير من ممارسات النقد والبحث والدراسة لتمييزه طيلة القرن العشرين.
وليس من المستغرب ان هذا الرأي شخصي بكل الحالات، بسبب الفقر الفني التشكيلي، خصوصا السائد في بلادنا العربية، والذي عزلنا عن جميع البنى الروحية والمعرفية لهذا الفن وتوظيفاته المرتفعة في الفنون الجمالية المختلفة والمشتركة بهذه الصفات او تلك.
التجريدية، كفن، انتشرت في مختلف الاقطار العالمية بما فيها بلدان العالم العربي، في موجة عارمة غطت القرن العشرين بكامله، ومنها ما هو متواصل حتى الآن، اجده ناهضا في رسومات بعض الفنانين العراقيين في المنفى، خصوصا في هذه الآونة، وقد زعم التاريخ الفني الحديث ان فاسيلي كاندينسكي كان من بين اول من انتج لوحة بالألوان المائية يمكن ان تحمل اسم التجريدية عام 1910 (ولد في 4 ديسمبر 1866 في موسكو، وتوفي عام 1944 بعد دراسته القانون والاقتصاد في موسكو، قرر ان يصبح مصورا، رحل الى مدينة ميونخ في المانيا عام ،1896 وهناك درس الفن واصبح استاذا له) .
بعض الموسوعات العالمية ومنها موسوعات فنية بمنهاج ماركسي تعرف الفن التجريدي على انه : تيار شكلي في الفن الحديث لا يصور الأشياء الواقعية كما هي. ويصف منظّرو التجريد من أمثال ميشيل سوفور العمل الفني بالتجريد إذا كان لا يحتوي على أي شيء يذكر، أو لا يعكس بأية طريقة الواقع كما نلاحظه. ويعد الفن التجريدي الذروة المنطقية للتكعيبية والمستقبلية وغيرهما من التيارات الشكلية الأخرى. وتعد الصور التي رسمها عام 1910 الفنان الروسي ف. كاندنسي (1866-1944) من أقدم الصور التجريدية. وهناك رسام تجريدي روسي آخر هو ك. ماليفيتش (1878-1935) أطلق على فنه مصطلح "النزعة المتسامية". وسرعان ما ظهر الفن التجريدي في فرنسا (روبير ديلوني) وفي هولندا (جماعة شتيل 1917، ب. مونديان، ت. فان دوزبرج.. وغيرهم) وقد ازدهر الفن التجريدي منذ الحرب العالمية الثانية في عدد كبير من البلدان الرأسمالية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية (جاكسون بولوك، ومارك روتكو، وغيرهما). ويقوم الآساس المعرفي لهذا الفن على الذاتية والمثالية حيث ينفصل الفن عن الحياة، وحيث تتعارض الجوانب العقلية والانفعالية (الحدسية) لعملية الابدع تماما، كما تتعارض أشكال الفن مع محتواها الايديولوجي. ويرفض الفن التجريدي أن يعبر داخله عن صور الناس النمطية والأحداث الواقعية وبيئة الانسان، ومن ثم يستحيل التعبير عن معنى الحياة وغرضها في العمل الفني. ويحل الفن التجريدي التعبير عن جانب من "الواقع الروحاني" الصوفي و"الطاقة الحدسية" واهتزازات ما تحت الشعور لدى الانسان محل جمال ودراما الواقع الفطريين في كل فن صادق. ومما يميز الفن التجريدي هدمه للصور الفنية هدما كاملا، بالإفراط في تشويه الأشكال الواقعية وبتحويل الصورة إلى فوضى البقع الخالية من المعنى، والخطوط والنقط والأسطح والأشكال ذات الأبعاد الثلاثة.
وبالطبع هناك تعريفات اخرى لنقاد الفن التشكيلي في العالم الراسمالي تعتبر الفن التجريدي( التجريد) بصفة عامة هو كل فن لا تتمثل فيه أشكال من العالم المادي وبالتحديد فن عد من الحركات الفنية في القرن العشرين المستمدة من مقولة أن الشكل واللون لهما دوره وأن الصفات الجمالية أو الديناميكية منفصلة عن القيم التمثيلية وفي بعض ضروب الفن التجريدي كالتكعيبية مثلاً نجد أن الموضوع في اللوحة يمكن فكفكة رموزه بينما في بعض آخر منها تمثل المادة أو المنحوتة عالما متماسكاً من الأشكال التي تبدو هندسية أو عضوية والتي تشكل معاً موضوعاً فنيا لا علاقة له بالتجربة العيانية الملموسة.
ولأن كاندينسكي نفسه استجاب لتغيير فني سريع بعد عودته من ميونخ الى موسكو بعد ثورة أكتوبر فصار على الضد من لوحاته المعتمة السابقة بلوحات اكثر وضوحا واشراقا، فقد ظلت مشكلة فهم التجريدية عالقة حتى الآن وفي نطاق العالمية ايضا. فالملموس في هذه الايام بالذات وجود حالة من العودة الى مراجعة هذا الفن من خلال مراجعة اعمال كبيرة انجزها وتعايش معها طويلا منظر التجريدية الرئيسي كاندينسكي. المراجعة تمت بمستويين وبدولتين اوروبيتين بفترتين متلاحقتين:
المستوى الاول: تم في نهاية العام الماضي في متحف لندن آرت مودرن اكتوبر ،2006 ويبدو ان مهمة المعرض كانت بالدرجة الاولى لتصحيح التجاوز التاريخي الصريح، بإعادة حق اكتشاف التجريد الى الروسي فاسيلي كاندينسكي. كان ذلك السبق عام 1908 خلال اقامته في ميونخ، وقد تخصص المعرض اللندني بمعاينة التحول من التشخيصية الى التجريد من دون عودة، وذلك بعرض 55 لوحة نادرة انجزت ما بين 1908 و1922.
المستوى الثاني: حيث لجأ متحف الفن الحديث في سويسرا الى نوع من الاحساس بالمسؤولية الفنية لإعادة مراجعة هذا الفن من خلال تقييم جديد لمؤهلات كاندينسكي في معرض خاص في مدينة بال السويسرية اطلق عليه كاندينسكي امير الروح ، وقد بدأ هذا المعرض بالفعل مؤهلا للتعبير عن الوظائف الفنية والثقافية عن جوانب القوة في الفن التجريدي وازالة بعض الغموض الذي كان يحيط به وقد تعمد متحف الفن السويسري الحديث ان يقدم عروض لوحات كاندينسكي التي انجزها خلال بدايات القرن العشرين 1908 - 1921.
وفي ظني ان السبب الرئيسي لهذا الاختيار يعود او يتطابق مع البيئة العالمية التي سبقت الحرب العالمية الاولى والتي اعقبتها، ومن ضمنها بعض ما تطابق او عبر عن حالته الشخصية بعد افتراقه عن رفيقة عمره غابرييلا مونتر، فرسم عددا غير قليل من اللوحات المتشحة بألوان السوداوية والجهامة خلال الفترة المعتمة في حياته 1914 - 1919 وهي سنوات الحرب العالمية الاولى المدمرة وسنوات الفراق الصعبة عن رفيقته.
في العام الماضي، لم تتخلف باريس عن هذا المنطلق المتجه نحو احياء جذور التجريدية من خلال معرض كبير اقيم في العام الماضي ،2006 معرض كبير ضم اعمال الفنانين التجريديين الفرنسيين من امثال المؤسسين: جان بازين وبيسيير ومونيسيه، يؤكد معرض لندن اسطورة اكتشاف كاندينسكي للتجريد بالصدفة عندما نسي احدى لوحاته المائية مقلوبة وعاد ليتركها كما هي، وبحيث يربط البريطانيون هذا الاكتشاف (المعاكس للجاذبية الارضية) باكتشاف الفيزيائي الانكليزي نيوتن لقانون الجاذبية من ملاحظته لسقوط التفاحة، وان التكوينات الفلكية في لوحات كاندينسكي ترتبط بالاكتشافات النسبية في تحطيم الذرة (آينشتاين( .

كتب كاندينسكي في عام :1918 بعد الثورة بدأت ارسم بشكل مختلف تماما عن ذي قبل، شعور لا يوصف بالسكينة يغمرني الآن، السلام يسري في اوصالي ويوجه روحي نحو الهدف، طويلة كانت سنوات الفجيعة، لم يكن لي ملاذ فيها سوى الغرق في الالوان القاتمة ودرجاتها الكئيبة، الآن تتفتح الالوان والاشكال في لوحاتي، وتنبثق عوالم فجائية مشرقة .
ركز اثنان من اهم فناني التجريدية على دراسة هذا الفن بمزيد من التجارب والابحاث والنماذج هما الروسي كاندينسكي والالماني مارك، وكانت خلاصة تلك التجارب والدراسات نتيجة واحدة هي النأي بفلسفة الجمال عن القواعد الكلاسيكية والاكاديمية والتركيز على الرغبات الباطنية للفنان، وكتابه عن الروحي في الفن (1911) يؤسس حرية الابداع استنادا على الضرورة الداخلية .
وقد شرح كاندينسكي تلك الضرورة الداخلية قائلا: لا نهتم بالدعوة الى شكل معين او نظام محدد، وهدفنا ان نيسر، من خلال استعراض الاشكال المتنوعة، التعبير عن الرغبات الباطنية التي يستشعرها كل فنان بالطريقة التي ترضيه، سواء كانت هذه الطريقة تعبيرية او تكعيبية او محاولات تجريدية.
في تلك الحقبة اقام الفنانان معرضين لا تفصل بينهما سوى اسابيع قليلة، شارك فيهما فنانون من روسيا، المانيا، فرنسا، وكذلك النمسا، من امثال: ماكه، شونبرغ، مارك، كاندينسكي، براك، بلوك، مولر، بيكاسو، كوبين وغيرهم. وفي نهاية المطاف، في عام ،1922 انضم كاندينسكي الى مدرسة باوهاوس Bauhaus بعد توقف جماعة الفارس الازرق في اثر اعلان الحرب العالمية الاولى في عام ،1914 ثم انتهى به المطاف في باريس في عام ،1933 فارا من المد النازي.
واذا كانت اعمال كاندينسكي قد اتسمت بالتجريد الذي اصبح الصيغة المثلى للتعبير عن علاقة الفنان بالمحيط الذي يعيش فيه، فهل يعني ذلك ان السلفية الفنية التي انبثقت في الانساق الفكرية في القرن التاسع عشر والعشرين حول الشكل والمضمون في الفنون التشكيلية ستأخذ افتراضاتها الواسعة ايضا في القرن الحادي والعشرين بعد المعارض التجريدية الكبرى في باريس ولندن وبال؟
نعم اجد طيفا من الممكنات القادرة على الايجابية المتدرجة نحو هذا المنحى، ولا شك انها رؤية تجريدية تتجدد.



#جاسم_المطير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المناضلون الحقيقيون ليست لهم أفلام سينمائية ولا تماثيل وإنما ...
- ثقافة
- مسامير جاسم المطير 1270
- كثيرون يبدءون من الفراغ ثم يظلون كذلك / مقتدى نموذجاً ..!مسا ...
- بيان صادر عن الهيئة التأسيسية لمؤتمر المثقفين العراقيين [في ...
- مسامير جاسم المطير 1268
- تحية إلى السيد القمني ..!
- مسامير جاسم المطير 1267
- مسامير جاسم المطير 1264
- القطط انفع للشعب من حكومة نوري المالكي ..!مسامير 1266
- ألوان فيصل لعيبي واهبة للحياة حتى في لوحات الموت
- - المهدي المنتظر - هو الموت الرحيم للعملية السياسية ..؟ مسام ...
- السن الحرجة لحكومة نوري المالكي ..! مسامير 1263
- مسامير جاسم المطير 1262
- الشيوعيون اللبنانيون يصلّون مع حزب الله ..!! مسامير 1261
- أكبر غلطة في الحياة هي حفظ الملفات ..!!مسامير 1260
- عبد علوان كما عرفته
- مسامير جاسم المطير 1259
- التحول الديمقراطي في البرلمان العراقي ..!!مسامير 1258
- الأكاذيب غريزة كل الضعفاء ..!!مسامير 1257


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم المطير - التجريدية رؤية تتجدد باستمرار