|
2- التضليل بشعار جدولة الانسحاب
سعاد خيري
الحوار المتمدن-العدد: 1833 - 2007 / 2 / 21 - 13:21
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
دأبت الادارة الامريكية وشريكتها في الاجرام حكومة بلير على الرفض القاطع لكل جدولة لانسحاب قواتهما من العراق، منذ بدء الاحتلال. تحت شعار "لاانسحاب لقواتنا قبل تحقيق هدفنا "الرئيس بعد تحريره من صدام وتحرير العالم من مخاطره!! " بناء العراق الديموقراطي "!!ليكن مثالا لشعوب المنطقة. ومع تكشف حقيقة اهدافهما وافتضاح زيف دعواتهما بما يعانيه الشعب العراقي من مصادرة لجميع حقوقه بما فيها حقه في الحياة وارجاع مستواه المعيشي والحضاري والفكري قرنا الى الوراء، تصاعدت مطالبة الشعب الامريكي وجميع القوى الديموقراطية في العالم بانسحاب قواتهما من العراق. عندئذ طرحت القوى التي تشاطر الادارة الامريكية اهدافها الحقيقية من احتلال العراق، وتنافسها على السلطة، في امريكا وبريطانيا شعار جدولة الانسحاب لتضليل الجماهير وكسب اصواتها. ومع ادراك الادارة الامريكية والحكومة البريطانية لحقيقة الشعار استمرت على مقاومته بدعوى: ان اية جدولة لانسحابها يمد الارهاب العالمي بالقوة والثقة، ليس في العراق فقط بل وفي جميع انحاء العالم ، في حين سمحت للادوات السياسية والايديولوجية لتضليل الشعب العراقي بهذا الشعار، بعد ان كشف شعبنا شعارهم التضليلي الاول" انجاز العملية السياسية لضمان انسحاب قوات الاحتلال سلميا" الذي تمكنت من خلاله قوات الاحتلالادامة وتوطيد احتلالها ثلاث سنوات، بعد ان هدمت كل اسس الدولة العراقية وحلت قواته المسلحة. وسخرت لترويجه جميع القوى السياسية التابعة العلمانية منها والمتسترة بالدين هذالا شعار. مستفيدة من الحملة الاعلامية الجبارة عالميا وداخليا لتغطية جريمة الاحتلال، وارجاع البشرية الى عصر الكولونيالية بشعارات القرن الامريكي الجديد، قرن الديموقراطية وحقوق الانسان، وبناء العراق الديموقراطي الذي سيكون نموذجا لبلدان الشرق الاوسط!! ودامت هذه العملية السياسية ثلاث سنوات ونيف، شهد العالم خلالها، على شاشات التلفزيون والصحف، انواع من الارهاب الدموي راح ضحيته مئات الالاف من الشعب العراقي بمختلف الوسائل والادوات الارهابية والطائفية والسياسية والايديولوجية واخراج تمثيليات مكشوفة، لانتخابات برلمانية واستفتاءات شعبية، لتخرج بهذا المولود المشوه باسم دولة القانون بكل اجهزتها: بدءا من رئاسة الجمهورية وحكومة وبرلمان، تضم افرادا ومجموعات متمرسة بخدمة اعداء الشعب او مستجدة طمعا في تبوء كراسي كانت تحلم بها، رغم علمها بكل دنس هذه الكراسي.. ودستور موغل بالرجعية، مشوه وملئ بالتناقضات، و قوات عسكرية وامنية تابعة . وامن لادواتهاامكانية الهاء الشعب العراقي عن العدو الرئيس، واشغاله بالانتظار السلبي لانسحاب قوات الاحتلال واسترجاع سيادته سلميا، فضلا عن اعطائها المجال لبناء قواعد عسكرية واجتماعية وبث عشرات الالاف من المستشارين والخبراء في جميع المؤسسات الحكومية والمعاهد التربوية والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني. واعداد وتدريب المزيد من ادواتها . كما مكنها من نهب ثرواته ولاسيما النفطية دون أي رقيب او حسيب. وتشجيع ادواتها السياسية والايديولوجية على طرح مختلف الاعداء الرئيسيين لتبرئة الاحتلال ، وتشويه كل اشكال مقاومته بعد الفشل في شلها وتضليلها وعزلها عن الجماهير . فتارة تتهمها بالارهاب ، وتارة تحميلها كل جرائم قوات الاحتلال وادواته الارهابية واخرى بانها السبب في استمرار الاحتلال، وتحميلها مسؤولية قتله وادواته مئات الالاف لقاء قتل بضعة الاف من الجنود الامريكان . وبهدف التغطية على دورها الفعال في عجز قوات الاحتلال عن تركيع شعبنا وفي تربية اجياله بالكرامة الوطنية والانسانية بل واسدال الستار على دورها الرئيس في اثارة الراي العام العالمي ودعمه لنضال شعبنا وتصاعد تحركاته العالمية والاقليمية والوطنية في المطالبة بسحب القوات الامريكية من العراق. رفعت شعار "جدولة الانسحاب" في البداية منظمات سياسية رجعية ومليشيات طائفية بايحاء مباشر او غير مباشر من قوات الاحتلال لايهام الجماهير بوطنيتها وكعربون لكسب ثقة المقاومة وتسهيل ضربها او تشويهها . ولاسيما بعد ربط جدولة الانسحاب بجدولة بناء القوات العسكرية والامنية العراقية التي توفر الامن والاستقرار للعراقيين. وكما اتضح للشعب العراقي استحالة اقامة دولة القانون والتمهيد لبناء عراق ديموقراطي، من خلال العملية السياسية في ظل الاحتلال، يستحيل بناء قوات عسكرية وامنية مخلصة للوطن والشعب في ظل الاحتلال. فبعد اربع سنوات من البرامج التدريبية ومليارات الدولارات المخصصة لبناء هذه القوات تبرهن قوات الاحتلال من خلال خطط امنية مرسومة بعناية، عجز القوات العراقية عن تحقيق الامن. وبين فترة واخرى تعلن قوات الاحتلال عن اكتشاف تغلغل للمليشيات في صفوفها واختراقها وعن جرائم فساد واغتصاب تقوم بها فعلاهذه القوات بتوجيه من مدربيها ومستشاريها العسكريين، لاضعاف ثقة الشعب بالقوات العراقية اولا ومطالبتهم ببقاء قوات الاحتلال وتفضيل حماية جنودها لهم. وقد اثبتت الاحصائيات الرسمية عن ضعف في وتيرة ازدياد القوات المسلحة نتيجة القتل المتعمد للكثير من الجنود والشرطة ولاسيما للعناصر المشكوك في ولائها للاحتلال،وتسريح الالاف منهم . فقد اعلن وزير الداخلية اخيرا عن تسريح ثمانية الاف من قوات الامن لثبوت فسادها وعدم جدارتها. كما جرى ويجري دائما قتل العناصر المتطوعة حديثا والتي تحتاج الى فترة من التدريب والافساد، ولاسيما في مراكز التطوع، التي شهدت تفجيرات اودت بحياة المئات منهم. ورغم كل وسائل قوات الاحتلال الايديولوجية والاغراءات بالاموال والمناصب ورغم كل وسائل المراقبة وهول العقاب، تدرك قوات الاحتلال من خلال خبرتها في استعباد الشعوب، لايمكن لاي قوات مسلحة ان تخلو من عناصر وطنية مخلصة، بما في ذلك جيشها. فكم من جنودها فروا من الحرب في العراق وكم انتحروا وكم من ضباطها وجنودها فضلوا خسارة مواقعهم بل وتعرضهم لاحكام باهضة، عن الانخراط في حربها في العراق. وفضحوا جرائمها وادانوها. وهي لذلك لا تثق بالقوات المسلحة العراقية ولا تسمح لاي منهم بل ولاي عراقي الاقتراب من قواعدها العسكرية المهمة. وإذ تناور في تسليم الامن في بعض المحافظات للقوات العراقية شكليا تعود لانتشار قواتها فيها بمختلف الوسائل ولا سيما من خلال الحملات الامنية التي تفرض مواكبة الجنود الامريكان للقوات العراقية في كل مفصل من مفاصل المدن المهمة ولاسيما بغداد والبصرة . ورغم حداثة الطلائع الثورية وقلة اهتمامها بكسب القوات المسلحة او الانضمام اليها كمهمة تاريخية وضرورة موضوعية لمواجهة اخطر عدو منظم ومسلح، باسلوب منظم ومسلح، فلا تخلو حتى هذه القوات المسلحة التي تنتقيها وتدربها وتغربلها قوات الاحتلال ، لاتخلوا من عناصر وطنية مخلصة ، تتعاون مع المقاومة رغم كل المخاطر وهول التضحيات. وهكذا تحت شعار جدولة الاحتلال وربطه بجدولة اعداد القوات المسلحة والامن العراقية يمكن لقوات الاحتلال البقاء في العراق لاي وقت تشاء، وتصعد كل جرائمها بحقه واستخدامه منطلقا ومثلا لاخضاع شعوب العالم . ولكن هيهات!! فشعبنا يدرك جيدا من تجاربه الخاصة وتجارب شعوب العالم بان قوات الاحتلال على مدار العالم ومجرى التاريخ لم ولن تنسحب من أي بلد تحتله بل كلها طردت من مستعمراتها وتوابعها، مجللة بالخزي والعار كما جرى للقوات البريطانية في العراق، في ثورة 14/تموز/1958 ، وكما جرى للقوات الامريكية في الفيتنام. ولابد لشعبنا من الاستعداد والعمل على تلبية متطلبات هذا الهدف الوطني والعالمي الجبار، لانه هو المقرر والقادر الوحيد على تحقيق ذلك ، وكل العوامل الاخرى ، مهما كانت فعالة ، هي عوامل مساعدة.
#سعاد_خيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خل ستسحب امريكا قواتها من العراق ومتى ؟ -1
-
الاحتفال بيوم المرأة العالمي في العراق
-
الى اين يسير العراق
-
هل القرن الواحد والعشرين ، قرن امريكي بدون منازع
-
الف تحية لاتحاد نقابات عمال النفط في تصديهم للهدف الرئيس من
...
-
نعم لكل ازمة اسباب عديدة والمهم تحديد السبب الرئيس اوالحلقة
...
-
احصائيات عالمية ودولية تفضح مسؤولية قوات الاحتلال عن جميع جر
...
-
3-الاهمية العالمية لمقاومة الشعب العراقي للاحتلال تتطلب منه
...
-
2 - مقاومة الشعب العراقي للاحتلال عامل هام في تطوير العولمة
...
-
- احتلال العراق والعولمة . 1 -احتلال العراق اسلوب امبريالي ت
...
-
، رسالة مفتوحة الى جميع المنظمات النسوية العراقية في لندن وف
...
-
رسالة مفتوحة الى الاتحاد النسائي الديموقراطي العالمي بمناسبة
...
-
يا طلبة العالم وشبيبته
-
ايتها البشرية الشعب العراقي يخوض معركة تحررك الكبرى يتعرض لل
...
-
استراتيجية بوش تعمق ازمات الامبريالية الامريكية قطب العولمة
...
-
تسليم الادارة الامريكية ملهاة صدام الى ادواتها
-
تحية لفصائل الجيش العراقي المقاومة للاحتلال في عيدها
-
نهاية ملهاة صدام خطوة نحو نهاية اعداء البشرية
-
اتركوا العراق لشعبه
-
رسالة شكر للاستاذ احمد الناصري
المزيد.....
-
بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن
...
-
مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية
...
-
انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
-
أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ
...
-
الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو
...
-
-يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
-
عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم
...
-
فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ
...
-
لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|