|
هو
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 1832 - 2007 / 2 / 20 - 13:25
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
بسم الله الرحمن الرحيم
( هو )
لا نزال في حاجة إلي الاقتراب أكثر من كلمات الله تعالي في القرآن نفهمها ونتدبرها، وهذه محاولة لفهم كلمة ( هو ) فى القرآن الكريم (1 ) ( هو) من ألفاظ القرآن الكريم، وتأتي نادرا في الحديث عن البشر مثل قوله تعالي (مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي) ( 18 : 17) وقوله تعالي يحكي اتهام المشركين لرسولهم: (إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا) (إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ) (23/38، 25"). الأغلب أن تأتي كلمة (هو) في الحديث عن رب العزة: ( قل هو الله أحد) ، (اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ) ( 2 / 255 )( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) ( 59 / 22 ـ )(وَهُوَ الَّذِيَ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ).( 6 / 98 ) والمشكلة أن كلمة " (هو) تعني الغائب في استعمال البشر، فحين تقول عن فلان (هو ) فالمعنى أنه غائب ، ولقد قسّم النحويون الأسماء الى معرفة ونكرة ، وجعلوا الضمائر أول درجات المعرفة ، وقسموا الضمائر الىرجات ثلاث : ضمير المتكلم مثل ( أنا ) و (نحن ) وهو الأعلى فى درجة التعريف فى الضمائر ، ثم ضمير المخاطب السامع مثل ( أنت ) (أنتم ) ، وهو فى الدرجة الوسطى فى أقسام المعرفة، وفى النهاية ضمير الغيبة مثل هو و هى و هن.. وهى الدرجة الثالثة من المعرفة . فهل استعمال كلمة (هو ) ينطبق على الله تعالي ؟ بالطبع لا.. فالله تعالي هو الحي القيوم القائم على كل شىء الحاضر الشاهد على كل شىء(اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ) ( 2 / 255 ) والله تعالى هو الذى يعلم الغيب و الشهادة أى الشهيد ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ) (59 / 22 ) وهو الذي لا يغيب: (فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ فلنقصن عليهم بعلم وماكنا غائبين) (:7/7") (وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ ) ( 23/17.) ( 2 ) وهناك مشكلة أخرى فى موضوع الضمائر. فمنها ضمير الملكية في الاستعمال اللغوي، فمثلا أنت تقول (كتابي )، و(الياء) في الكلمة تفيد الملكية، ملكيتك للكتاب، فهل ينطبق ذلك عندما تقول: ( سبحان ربي العظيم ؟).. بالطبع لا.. لأنك حينئذ تقر وتعترف بأنك ملك لله تعالي، أي يكون المعني بالعكس تماما. وموسي حين قال لقومه: (فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي) (20/86 ) فإن الياء في كلمة "( موعدي )" تفيد الملكية ، ولكنك حين تقول : (لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا ) (18 /38)" فإن الياء في كلمة " ربي " تفيد انك أنت ملك لله تعالي.. !! (3 ) إن كلمة ( هو)" وأخواتها من الضمائر تفجر لنا قضية مهمة هي أن التعامل مع الله تعالي بهذه الضمائر وغيرها يتناقض عنه في التعامل فيما بين البشر.. وحين تأتي كلمة ( هو) في القرآن فإنما يكون ذلك في تأكيد قيومية الله تعالي وتمام تحكمه وعظيم سيطرته ونفاذ علمه إلي كل شيء، أي تأتي كلمة (هو) عن الله تعالى لتثبت عكس مدلولها عند البشر .وتأمل قوله تعالي: (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) ( 57/1: 4 ). وفي هذه الآيات الكريمة التي تكررت فيها كلمة ( هو ) نجدها تؤكد اختلافه تعالي عن البشر فهو الأول والآخر والظاهر والباطن، ونجدها تأتي لتأكيد تمام علمه تعالي بكل شيء في السماوات والأرض ، بل انها تأتي في مكان لفظ الجلالة ففي الآية " وهو بكل شيء عليم " وفي الآية التالية و " الله بما تعملون بصير ".. ويكفي أن الله تعالي يقول ( وهو معكم أينما كنتم ) فإذا كان تعالي معنا أينما نكون فكيف يكون غائبا. وإذن فإن كلمة (هو ) بالنسبة لله تعالي تعني الحضور والشهادة وليس الغياب.. حاش لله تعالي.. وهذه من مظاهر التناقض بين لغة القرآن الكريم و قواعد اللغة العربية التى اخترعها النحويون.
#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرحمن
-
القصص القرآني والروايات التاريخية
-
النسخ التراثى والطعن فى القرآن
-
علوم القرآن التى تطعن فى القرآن
-
الخلاف حول الحجر الأسود
-
هذه اللغة العربية .. العجوز المتصابية
-
إذا لم تستحى فاصنع ما تشاء
-
التدوين
-
زعيم عربى مجهول
-
الى الجحيم ياأباسفيان !!
-
قتلوا السيد الوزير .. مرتين !!
-
الحركة الشعوبية و الأحاديث السنية
-
الجد والهزل
-
معركة الربا
-
هذا السلطان الكردى الأعجوبة
-
سيدنا فرعون
-
جيلنا .. جيل النكلة والمليم !!
-
البكاء غدا على أطلال وطن !!
-
يسألونك عن النقاب
-
النذر وأشياء أخرى
المزيد.....
-
ياسمين عبدالعزيز بمسلسل -وتقابل حبيب- في رمضان
-
ياسين أقطاي: تركيا والنظام السوري الجديد أكثر دراية بمحاربة
...
-
السويد- الإفراج عن مشتبه بهم فى حادث مقتل حارق القرآن
-
عمّان.. لا لتهجير الفلسطينيين
-
ترمب: بلادنا ليست منخرطة في أحداث سوريا
-
لماذا يصر ترمب على تهجير الفلسطينيين من غزة لمصر والأردن؟
-
كشف جرائم جنود أوكران بحق مدنيين بكورسك
-
مئات اليمنيين يصلون على رئيس الجناح العسكري لحركة -حماس- بعد
...
-
البيت الأبيض: واشنطن ستفرض رسوما جمركية إضافية على كندا والم
...
-
مصر.. أسد يفترس حارسه بحديقة الحيوان
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|