أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم البيك - بين حنين و جنون














المزيد.....

بين حنين و جنون


سليم البيك

الحوار المتمدن-العدد: 1830 - 2007 / 2 / 18 - 09:40
المحور: الادب والفن
    


نثر محمود درويش على صفحات (في حضرة الغياب): " و الحنين قَصَاص المنفى من المنفيّ, و خجل المنفيّ من الإعجاب بموسيقى منفى و حدائق... فأن تحن يعني أن لا تغتبط بشيء, هنا, إلا على استحياء. لو كنت هناك- تقول- لو كنت هناك لكانت ضحكتي أعلى و كلامي أوضح."

***

أنا مذنب إذاً.
ولدت مذنباً بلجوئي, ألجأ إلى حنيني ليقتص منفاي من فرحي.
أحرص على ألا تمر بين أيامي لذة بلا ألم يغرسه منفاي في ثنايا حنيني, ليخلق سماء أخرى من النوستالجيا تعاند الأنثروبولوجيا.
شبِقٌ هذا القصاص, كنهد امرأة يترنح من خدر اللجوء المعتق.
شهوانيٌ كأرض ما انغرس الزيتون في عمق رحمها لستين عاماً.
عصيٌ ككأس نبيذ لا بدّ منه.
قصاص المنفى رحمة الحنين بالمنفيّ, و رأفة المنفيّ بالمنفى.
حنيني قصاصي الذي أحياه, موسيقاي التي أُسمِع منفاي.
صوت ريم بنا الذي يتطرف بخجلي من الإعجاب بشيء أو مجاملته.
حدائقي الخالية إلا من الصور و النغمات و بلاد ما عرفتها إلا أسماء و خيالات في كتب و جرائد.
الجليل الذي ناء بجلاله عن غيره, كاسم مُتخيل بات, كهامش مجرّد في ما يتبقى من حياة لاجئ.
وطن يُلمس و يُذاق و يُشم في متخيل لا أكثر و لا أقل حتى, كحكاية جد كانت حقيقية حين لم أكن و ما كانت يوم ولدتُ.
كشيء موغل في الميتافيزيقيا بعيداً عن أي فيزياء.
كإنسان تسمع صوته, يتكلم و يصرخ و يتنفس, و حين يهمس تحسه.
تلتفت فلا أحد, تقترب فيبتعد, تبتعد فيقترب, تهربُ منك إليه, ترجع, تفزع, تجهش لا أحد, لم يولد بعد, لا أحد.
لا أحد.
لا أحد.
لم يعد بعد و ليس له كفواً أحد.
أن تكون لاجئاً أي أن تحن, أن تحن أي أن يتخلل الاستحياء قهقهاتك, يشنق ضحكاتك على دفعات, هكذا.. إربا إربا.
فلا تفرح في سكونٍ غيبيٍ و لا تجن بفرحك على الآخرين. تضحك, فتنبعث كل مدن و قرى الجليل في شريط سينمائي لفيلم روائي طويل.
لو كنتُ هناك لضحكتُ كغيري, لا كلاجئ.
لعشقتُ عروسة عكا كغيري, لا كلاجئ.
هي الأخرى تتردد بين الوجود و اللاوجود. تحافظ, مرغمة, على حيادية الوجود عند اللجوء.
كانت سمعتني بشكل أوضح و تراقصت مع ضحكاتي بشكل أصخب و مسحت عن خدودي كل متخيّل.
قصاص المنفى أشقى و أبقى من حنين رسمته هالة جنون و صمتُ الليل بالنجوم و النهار بالغيوم.
أمشي بين هذا و ذاك أبحث ثانية.
علّه وُلد.
رأيته في ضحكتها و صوتها المغني, في تفاصيل خصلات شعرها و حول الشامة على رقبتها.
بين شالاتها التي سلبت من عطر جسدها ما استطاعت. بين أعضاء ذلك الجسد البارد, او الدافئ, لم أعرف بعد, فإلى أن يعد.
بين قراها و مدنها, عكاها و حيفاها و الطريق الممطر بينهما.
حنين أعصى من أن يُطاع و أحلى من أن يُذاق, بين البينين أنتظر أن يتعب اللجوء, أو يمل ربما.

كاتب فلسطيني مقيم في أبو ظبي
www.horria.org



#سليم_البيك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيمينسونجي ... feminiswanji
- امرأة الرسالة.. لوحة تروى بالأمكنة
- من قال لم يقرعوا الجدران..؟
- تداخلات يوم واحد
- مضرّج بالأمكنة
- لقطة.. حرية
- هنا.. هناك
- عن الجليل و أيلول
- بيسارك.. على يسارك
- عالبيعة يا خيار
- قصة عاشق اسمه أبو علي مصطفى
- حبّ فلسطيني... في أربع ساعات
- موسيقى الكاتيوشا
- مع حبي.. ترشيحا
- في الجليل.. حياة
- أحمر أبيض
- وطن من اثنين
- غباء بكل الأحوال
- لا مكان للمساومة
- لرؤوس أصابع طاغية


المزيد.....




- رجع أيام زمان.. استقبل قناة روتانا سينما 2024 وعيش فن زمان ا ...
- الرواية الصهيونية وتداعيات كذب الإحتلال باغتيال-محمد الضيف- ...
- الجزائر.. تحرك سريع بعد ضجة كبرى على واقعة نشر عمل روائي -إب ...
- كيف تناول الشعراء أحداث الهجرة النبوية في قصائدهم؟
- افتتاح التدريب العملي لطلاب الجامعات الروسية الدارسين باللغة ...
- “فنان” في ألمانيا عمره عامين فقط.. يبيع لوحاته بأكثر من 7500 ...
- -جرأة وفجور- .. فنانة مصرية تهدد بمقاضاة صفحة موثقة على -إكس ...
- RT العربية توقع مذكرة تعاون في مجال التفاعل الإعلامي مع جمهو ...
- عاجل | معاريف عن وزير الثقافة الإسرائيلي: نأمل التوصل إلى صف ...
- نزلها سريعًا!!.. واتساب يُطلق ميزة الترجمة الحية في الدردشة ...


المزيد.....

- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم البيك - بين حنين و جنون