|
(1) ثلاثة وعشرون عاما في الممارسة النبوية- المعجزات
مصطفى حقي
الحوار المتمدن-العدد: 1830 - 2007 / 2 / 18 - 08:51
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
( لمحة موجزة عن الكاتب علي الدشتي وأعماله في مطلع مقالنا – معجزة القرآن) الحوار المتمد تاريخ 10/12/2006 لقد نشأ كثير من الإيرانيين على الأساطير حتى غدوا مهيّئين لأن يصدّقوا أنّ بمقدور أي إمام زاده ( يعني أنه سليل علي وفاطمه . وترى أضرحة هؤلاء في كثير من القرى والبلدات في إيران ) مهما كان نسبه محلّ شكّ ، أن يجترح المعجزات في كل لحظة . ولو أنهم ثرأوا القرآن ، لأدهشهم ألا يجدوا فيه أثراً لأية معجزة على الإطلاق . ولعلموا أيضاً من خلال عشرين موضِعٍ في القرآن وأكثر أنّ محمداً حين كان المُنْكِرون يسألونه معجزةً ، كام إمّا يقف صامتاً أو يقول أنه لن يقوم بذلك لأنّه بشر مثل أي أحد آخر ، لا عمل له سوى أن ينقل ، وأن يكون " مبشراً ونذيراً " . وأشدُّ تلك المواضع صراحةً هي الآيات 90- 94 من سورة الإسراء: ( وقالوا لن نؤمن لك حتى تَفْجُرَ لنا من الأرض ينبوعاً*أو تكونَ لك جنّةٌ من نخيل وعنب فتفجّر الأنهار خلالها تفجيرا*أو تُسْقِطَ السماء كما زعَمْتَ كِسفاً أو تأتيَ بالله والملائكة قبيلاً*أو يكون لكَ بيتٌ من زُخْرُفٍ أو ترقى في السماء ، ولن نؤمن لِرُقيّكَ حتى تُنَزِّل علينا كتاباً نقرؤه قل سبحان ربي هل كنتُ إلا بشراً رسولاً) . أما الآيتان اللتان تليان ذلك (95و96) ، فتعبران عن دهشة إزاء مطالب المُنْكِرين : ( وما مَنَعَ الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبَعَثَ الله بشراً رسولاً* قُلْ لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لَنَزّلنا عليهم من السماء ملاكاً رسولاً). وهاتان الايتان معقولتان تماماً ومنطقيتان. فمن القوم بَرَز رجلٌ أمكنه أن يرى ويفكر على نحوٍ أشدّ حصافة وراح يبيّن لهم سخف معتقداتهم الخرافية وحماقتها ويقنعهم بالعدول عن عاداتهم الفظّة المسيئة . صِحّةُ نصيحته ووضوحها ليسا موضع شكّ. وسبب تنامي معارضتهم واضحٌ أيضاً. فمعظم البشر يتعلقون تعلقاً شديداً بعاداتٍ في الفكر والسلوك، مهما تكن غبيّة ، كانت قد غُرِسَت فيهم منذ الطفولة ، وإذا ما كانت هذه الظاهرة ذاتها واضحة كل الوضوح في القرن العشرين الذي يُفْتَرض أنه قرنٌ عقلاني ومستنير ، فإن من المفهوم أن يرفض أولئك القوم في ذلك العصر البعيد اتّباع رجلٍ مصمّمٍ على بذر الاضطراب في طرائق أسلافهم والإطاحة بها . فإذا ما ادّعى أنه ينطق نيابة عن الله وبإسمه ، كان من الطبيعي تماماً أن يسألوه برهاناً ، خاصة إذا ما كان هو نفسه قد اعترف بمعجزات متعدّدة لأنبياء سابقين ، مكرين بذلك ما كان قد قيل على لسان أتباع ديانات مختلفة عن أنبيائهم . وثمّة قول فارسي مأثور مفاده أن مّدْحَ قدرة الآخر إشارة إلى عجز الذات. وقد رأى القرشيون أنه إذا ما كان دور محمد قد جاء ، فإنّ عليه هو أيضاً أن يأتي بمعجزةٍ واضحةٍ . وما كانوا ليرغبوا في إطاعة ندّ لهم . ولهذا كانوا يتساءلون كما في الآيتين 7و8 من سورة الفرقان : ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في السواق لولا اُنْزِلَ إليه مَلَكٌ فيكون معه نذيرا* أو يُلقى إليه كنزٌ أو تكون له جنّة يأكل منها وقال الظالمونإنْ تتّبعون إلا رجلا مسحوراً . لم يستجب النبي محمد لهذه المطالبات والانتقادات العيّابة . بقي صامتاً في وجه كلّ الصخب المثار حول المعجزات . وما هي إلا برهة حتى كانت ثمّة إشارة إلى أحد الانتقادات التي وُجّهت إليه حين أكّد له الله في الآية 20 من سورة الفرقان ذاتها : وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنّهم ليأكلون الطعام ويمشون في السواق . وتعاود هذه الموضوعة الظهور في الآيتين 6و7 من سورة الحجر : يا أيها الذي نُزّل عليه الذِّكر إنّك لمجنون* لو ما تأتينا بالملائكة إنْ كنتَ من الصادقين. وكذلك في الآيتين 3و5 من سورة الأنبياء : وأسَرُّوا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشرٌ مثلكم أفتأتون السحر وأنتن تبصرون .... بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعرٌ فليأتينا بآيةٍ كما أرْسِلَ الأولون . ويأتي الردّ وافياً على هؤلاء في الآيتين 7و8من سورة الأنبياء ، حيث يقول الله لمحمد : وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم . وكلمة رجال تشير إلى البشر لا إلى الملائكة . ثمّ يُقال لمحمّد أن ينصح القوم : فاسألوا أهل الذكر إنْ كنتم لا تعلمون . ومرّة أخرى يُقال له بصدد من سبقوه من الأنبياء : وما جعلناهم جسداً لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين . يبلغ مجموع المواضيع التي تفنّد القول إنّ على محمّد ، إذا ما كان نبياً ، أن يأتي بمعجزة وألا يكون بشراً أكثر من خمسة وعشرين موضعاً في السور المكية . وقد تمثّل ردّ محمّد إما بالصمت أو بالتأكيد على بشريته. فإذا ما كان قد تلقى وحي الله ، إلا أنه بشرٌ فانٍ شأن أي بشر آخر . ونجد في الآية 20 من سورة يونس بياناً ناصعاً لهذه الحقيقة : " ويقولون لولا اُنزِل عليه آيةٌ من ربّه فقل إنّما الغيب لله فانتظر إني معكم من المنتظرين ". فمحمد ، مثل بقية القوم ، لا علم له بغايات الربّ المبهمة . أمّا في الآية 7 من سورة الرعد فَيُرَدّ على السؤال عن نبوّة محمّد بالقول إنّ مهمته الوحيدة نقل أوامر ربّه ، دون أن يُرَدّ على وجه الدقـّة على السؤال عن غياب المعجزات : ويقول الذين كفروا لو لا اُنْزِل عليه آية من ربه ( فيقول الرب لمحمد ) إنما أنت مُنْذِر ولكلّ قوم هادٍ. غير أن الآية تنطوي على أنّ اجتراح المعجزات ليس من مهام النبي . ويكرر مقطع آخر في الردّ على جدال المشركين أنّ النبي نذير وأنّ المعجزات لله وحده ، إلا أن هذا المقطع يمضي لكي يصوّر نزول القرآن على أنه ضَربٌ من المعجزة . ففي الآية 50 من سورة العنكبوت ، يقال لمحمد أن يجيب عن السؤال " لولا اُنْزِل عليه آيات ( أي معجزات ) من ربه , بالقول " إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين " ؛ غير أن الله يسأل في الآية 51 : أولم يكفهم أنّا أنزلنا عليه الكتاب يُتلى عليهم إنّ في ذلك لرحمةً وذكرى لقوم يؤمنون . وفي الآية 24 من سورة المُلك يسأل المشركون : متى هذا الوعد ( القيامة ) إنْ كنتم صادقين . فيُقال للنبيّ ، في 42- 44من سورة النازعات ، وبصدد يوم القيامة أيضاً ، نجد أنّ إنكار معرفة النبي بالغيب أشدُّ صراحةً ووضوحاً : يسألونك عن الساعة أيّان مرساها* فِيمَ أنتَ مِنْ ذِكراها* إلى ربك منتهاها . ( من كتاب : 23 عاما دراسة في الممارسة النبوية المحمدية ) ( الكاتـــب : علي الدشتي وترجمة ثائر ديب وإصدار رابطة العقلانيين العرب )
#مصطفى_حقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
(2)ثلاثة وعشرون عاماً في الرسالة المحمدية - الخلفية
-
(1) ثلاثة وعشرون عاماً في الممارسة النبوية - الخلفية
-
الولايات المتحدة العراقية ...؟
-
ثلاثة وعشرون عاماً في الممارسة النبوية- ما بعد بعثته ..؟
-
تزايد السكان العشوائي والجهل أهم أسباب جائحة العنوسة..؟
-
ثلاثة وعشرون عاماً في الممارسة النبوية - بعثته
-
(2) ثلاثة وعشرون عاماً في الممارسة النبوية - مسألة النبوّة
-
إذا اجتهدتم لا تشوهوا صورة الخالق ...؟
-
(1) ثلاثة وعشرون عاماً في الممارسة النبوية - مسألة النبوّة..
-
(2) ثلاثة وعشرون عاماً في الممارسة النبوية .طفولته
-
(1) ثلاثة وعشرون عاماً في الممارسة النبوية ... طفولته
-
لجوء الجار العراقي إلى سورية ونجدته واجب إنساني قبل القومي ؟
-
(3) ثلاثة وعشرون عاماً في الممارسة النبوية... ولادته
-
(2) ثلاثة وعشرون عاماً في الممارسة النبوية - ولادته
-
(1) ثلاثة وعشون عاماً في الممارسة النبوية - ولادته
-
الفاضلةgrce lady.....
-
العودة إلى الحنبلية وآراء بن تيمية في اتهام الشاب عبد الكريم
...
-
طريق الموت يحصد هذه المرة 26 قتيلاً و5جرحى...؟!
-
(4) ثلاثة وعشرون عاماً في الممارسة النبوية . الخلاصة
-
(3) ثلاثة وعشرون عاماًفي الممارسة النبوية. الخلاصة
المزيد.....
-
لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن
...
-
مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد
...
-
لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟
...
-
إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا
...
-
مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان
...
-
لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال
...
-
ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
-
كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟
...
-
الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
-
مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|