أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - أسئلة الدولة والمواطنة في سوريا الجديدة














المزيد.....

أسئلة الدولة والمواطنة في سوريا الجديدة


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 8498 - 2025 / 10 / 17 - 16:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أسئلة الدولة والمواطنة في سوريا الجديدة /*/
في دولةٍ تماهت معها سلطة المرحلة الانتقالية والأمانة العامة للشؤون السياسية "قائدة الدولة والمجتمع" والزعيم "الرئيس القائد"، وحوّلتها السلطة من فضاء عام لكل مواطنيها إلى فضاء خاص لأهل الولاء، من المؤكد أن تكون أسئلة الدولة والمواطنة من أهم إشكالياتها المعاصرة. وبعد أن استفحل التعاطي الأمني مع المواطنين السوريين، خاصة في الساحل والسويداء، فإن هذه الأسئلة تبدو أكثر أهمية.
إن آليات السيطرة، التي تكونت منذ 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، شكّلت الغطاء للركود العام، كما أعاقت إمكانية التعامل العقلاني مع الموارد البشرية السورية، وعطّلت انطلاق مبادرات المجتمع السوري الذي يتميّز بالحيوية، بحيث لم يعد من الممكن الحديث عن دولة ومجتمع بالمعنى الحديث.
ففي سوريا هذه، حيث سلطة الدولة لا تستند إلى شرعية دستورية ناتجة عن مؤتمر حوار وطني تأسيسي، وغير خاضعة لأية مؤسسات رقابية حقيقية، بل بوجود حاكمٍ فردٍ يقرّب أهل الولاء من "إخوة المنهج" وينفّر أهل الكفاءة من شباب ونساء ثورة 2011. وفي هذا السياق، من الضروري أن نذكّر أن الدولة مفهوم لا معنى له إلا إذا اقترن بمفهوم المواطنة، أي أن تكون إطاراً سياسياً ومؤسسياً لإدارة شؤون الناس جميعاً على أساس مبدأ المساواة بين المواطنين ومن خلال تشاركية سياسية.
من غير الممكن تصوّر سوريا لكل مواطنيها بمعزل عن عودة الروح إلى المجتمع المدني وضمان مؤسساته المستقلة عن سلطة الدولة.
إن سوريا أحوج ما تكون إلى الدولة الديمقراطية القادرة والعادلة والفاعلة، دولة الحق والقانون والمؤسسات الدستورية والتنمية الشاملة المستدامة، بعد أن أضحت دولة متأخرة بفعل 54 عاماً من سلطة آل الأسد وخيارها الأمني في مواجهة المطالب الإصلاحية لثورة 2011، فقد تسلّطت فيها جماعات طفيلية على مصالح البلاد والعباد، وحزب ومنظمات شعبية وأحزاب مشاركة مترهلة تبحث قياداتها عن مصالحها الذاتية، وإدارة اقتصادية غير حكيمة في إدارة الموارد بشكلٍ عقلاني لإنتاج عناصر تطوير وتعظيم لها، وسجلّ حافل بانتهاكات حقوق الإنسان.
أما في سوريا الجديدة، فإن غياب الديمقراطية عن الحياة السياسية والاجتماعية سيكون العثرة الكبرى أمام بناء الدولة الحديثة، والثغرة الأساسية في عدم تقدم البنى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية. ولعل مسألة الديمقراطية هي من أهم الدروس التي يمكن أن نستخلصها، فقد أدى إضعاف دور المواطن وتقليص المشاركة الحقيقية في العملية الإنمائية إلى ضعف الإنجازات التنموية الحقيقية، إذ إن التقدم الشامل لا يمكن تحقيقه واستمراره في ظل غياب التشاركية السياسية، والاستناد إلى قاعدة ديمقراطية أوسع وتمتّع فعّال بالحريات الخاصة والعامة، وبالتأكيد ليس بحملات تبرع شكلية للبهورة.
لذلك، فمن غير الممكن تصوّر سوريا لكل مواطنيها بمعزل عن عودة الروح إلى المجتمع المدني وضمان مؤسساته المستقلة عن سلطة الدولة، كي يسترد المجتمع حراكه السياسي والثقافي بما يخدم إعادة بناء الدولة السورية الحديثة. إن الدولة التي لا تستمد مشروعيتها من مجتمعها المدني، وليد مفاهيم السياسة المدنية والعقد الاجتماعي، تكون هشّة وضعيفة مهما ادّعت القوة.
إن صياغة معادلة جديدة في الحياة الداخلية تأخذ بعين الاعتبار تعاظم التحديات، في ظل علاقة قائمة على القناعة والثقة والتفاعل الحر.
إن التاريخ السوري المعاصر قد رتّب على قوى الثقافة والعمل مسؤولية وطنية كبرى، تتناسب مع الدور الهام الذي تلعبه في الحياة الفكرية والمادية للشعب السوري. ولذلك، فإن إعادة بناء الدولة الحديثة العادلة سوف تقع على عاتق هذه القوى بالدرجة الأولى، خاصة شباب ونساء ثورة الحرية والكرامة، فهي التي ستكون القاعدة الاجتماعية الأهم للتغيير في سوريا الجديدة. ولا شك أن تحوّل هذه القوى إلى كتلة مؤثرة مرهون بقدرتها على جذب أوسع القطاعات الاجتماعية التي تطمح إلى التغيير، كما أنه مرهون بقدرتها على تجديد الثقافة السياسية السورية من خلال اعتبار ساحة الفعل السياسي مفتوحة على الدوام أمام قوى ومجموعات سياسية ذات توجهات فكرية ومشارب متباينة، وضرورة التزام الخطاب العقلاني والواقعي في العمل السياسي، واعتماد ثقافة الحوار بديلاً عن ثقافة التخوين ومصادرة الاجتهادات المختلفة للبحث عن أقوم المسالك للوصول بسوريا إلى دولة لكل مواطنيها.
إن صياغة معادلة جديدة في الحياة الداخلية تأخذ بعين الاعتبار تعاظم التحديات، في ظل علاقة قائمة على القناعة والثقة والتفاعل الحر، علاقة مقنّنة في إطار عقد اجتماعي جديد يوفر الشفافية والمؤسسية والقانون، هي وحدها الكفيلة بوضع سوريا على أولى درجات الانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية، وإلا فإننا أمام حالة إعادة إنتاج الماضي بكل مآسيه.
في كل الأحوال، وطالما أن كرامة وحرية الإنسان هما اللتان تشكلان أساس تطور أي مجتمع، فإن الحوكمة الرشيدة، التي تمكّن من وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب، تشكل أحد أهم الشروط لتحقيق الانتقال بأقل الخسائر، واستئصال شأفة العنف من العلاقات الاجتماعية والسياسية.
إن الدولة الوطنية، بما هي دولة حق وقانون، حقوق المواطنين فيها هي واجبات الدولة، وبما هي دولة الكل الاجتماعي، هي دولة كل مواطنيها بلا استثناء ولا تمييز، يشارك فيها الأفراد والفئات الاجتماعية مشاركة فعلية من خلال المؤسسات. وفي المحصلة، يبدو أن لا حل دائماً في سوريا خارج إطار دولة الحق والقانون التي تحمي كرامة المواطنين بمواطنة كاملة.

/*/ - نُشرت في موق " تلفزيون سوريا " – 17 أكتوبر 2025.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مراحل نشوء وتطور الحزب الشيوعي السوري /1 - 4/
- في ضرورة التشاركية السياسية لضمان الوطنية السورية الجامعة
- إدواود سعيد /1932 - 2003/: المثقف الكوني والهوية المركبة
- قراءة نقدية في خارطة طريق حل الأزمة في السويداء
- حول جدل الثقافة والعولمة /2 - 2/
- كيفية تعاطي الخبرة الإنسانية مع العلمانية
- تداعيات هجمات نيويورك على العالم العربي
- حول جدل الثقافة والعولمة /1 - 2/ /*/
- نقد تخوّفات بعض التيارات الإسلامية من حيادية الدولة
- أهمية حيادية الدولة للاجتماع السياسي السوري /*/
- في العلاقة بين المجتمعين المدني والسياسي
- سوريا ميدان تنافس تركي إسرائيلي /*/
- تطلعات السوريين إلى التشاركية السياسية
- جردة حساب لسوريا الجديدة
- تحديات التحوّل الديمقراطي وكيفيات نجاحه في سورية /4 - 4/
- تحديات التحوّل الديمقراطي وكيفيات نجاحه في سورية /*/ /3 - 4/
- الإرهاب يهدد السلم الأهلي في سوريا الجديدة
- هل سوريا أمام استحقاق جمعية تأسيسية؟
- تحديات التحوّل الديمقراطي وكيفيات نجاحه في سورية /2 - 4/
- افتقاد الدولة الأنموذج في العالم العربي


المزيد.....




- راقصة الباليه التي تثير الجدل حول غزة
- هل تحقق المقاتلة التركية -قآن- حلم الراقدين إلى جوار صلاح ال ...
- باكستان وأفغانستان تتفقان على وقف فوري لإطلاق النار
- مكالمة ترامب وبوتين.. طلب روسي محدد لإنهاء الحرب في أوكرانيا ...
- الخميسات.. المحطة الأولى من جولة مبادرة “2030.. نربحو كاملين ...
- تحذير أمريكي من -انتهاك وشيك- من قبل حماس لوقف إطلاق النار ف ...
- وصول أول مهاجرين زراعيين من موريتانيا إلى إسبانيا
- هيلسنكي أول مدينة تُسجل عاما خاليا من حوادث السير
- إجراءات ومعدات مطلوبة لاستخراج الجثث في مناطق غزة
- عاجل | الخارجية القطرية: باكستان وأفغانستان تتفقان خلال جولة ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - أسئلة الدولة والمواطنة في سوريا الجديدة