|
- خطّة سلام - ترامب لغزّة : محو الحقوق الفلسطينيّة ، والغرق إلى العنق في الإبادة الجماعيّة التي تقترفها إسرائيل ، و تعميق هيمنة الولايات المتّحدة و نهبها
شادي الشماوي
الحوار المتمدن-العدد: 8488 - 2025 / 10 / 7 - 20:51
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
جريدة " الثورة " عدد 926 ، 06 أكتوبر 2025 www.revcom.us
في 29 سبتمبر 2025 ، بينما كانت إسرائيل تمطر مدينة غزّة بقنابل صنعت في الولايات المتّحدة ، تقدّم ترامب ب " خطّته الشاملة لإنهاء النزاع في غزّة " (1) ذات ال20 نقطة و كان الوزير الأوّل الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واقفا إلى جانبه . و في اللحظات التالية و طوال الأيّام التالية ، كرّر ترامب التهديد بأنّ " كلّ جهنّم ، كما لم يشهد أحد ذلك قبلا ، ستنفجر ضد حماس " إن لم تقبل بسرعة بمخطّطه . و يأتي هذا بعد سنتين من الجحيم المسلّط على رؤوس أكثر من مليونين من الشعب الفلسطيني في غزّة : مذابح جماعيّة و إبادة جماعيّة و تجويع قسريّ و أطفال يحوّلون إلى أشلاء و بنية تحتيّة بأكملها دُمّرت و سكّان بأسرهم يهجّرون من مكان إلى آخر . في السنتين الأخيرتين ، وقع قتل 66.288 فلسطيني و فلسطينيّة على يد إسرائيل بمن فيهم 20 ألف طفل ،إلى جانب جرح 169.165 آخرين . لكن هذه الأرقام إلى درجة كبيرة دون حساب الجثامين التي لا تزال تحت الأنقاض المنتشرة في غزّة . تواصل الهجمات الإسرائيليّة عبر غزّة قاتلة عشرات الفلسطينيّين و الفلسطينيّات : في 3 أكتوبر 2025 ، أعلنت حماس موافقتها على طلب ترامب بأن يطلق سراح كافة الأسرى الإسرائيليّين بسرعة و جميعهم معا (2). حينها قال ترامب لإسرائيل بانّه " يجب أن توقف فورا قصف غزّة بالقنابل كي نتمكّن من إخراج الأسرى بأمان و بسرعة " . و زعمت إسرائيل أنّها ستمتثل لذلك ثمّ قتلت ما لا يقلّ عن 70 فلسطينيّا و فلسطينيّة في يوم واحد و جرحت 227 آخرين . بالقنابل قصفت إسرائيل أسرة بأكملها شمال غزّة بمن فيها سبعة أطفال أعمارهم تتراوح بين بين شهرين و ثماني سنوات ، و قصفت مخيّم مهاجرين في المواصي ( واحد من المناطق المسمّاة " مناطق إنسانيّة ") و قتلت أكثر من 15 شخصا كانوا يبحثون عن المساعدات و قصفت مخيّم لاجئين وسط غزّة . بيأس الشعب الفلسطيني في حاجة إلى خطّة سلام و مستقبل أفضل ... لكن خطّة ترامب ليست ما يحتاج إليه ! لقد عانى الآن الشعب الفلسطيني عقودا من الاحتلال الإسرائيلي المدعوم من الولايات المتّحدة . و الآن بعد سنتين من الإبادة الجماعيّة السافرة : بلا توقّف قتل و تدمير و تهجير . لقد وقع تمزيق أسر بأكملها و نزعت من ديارها و قتل أفرادها و جُوّعوا تجويعا جماعيّا . أحياء كبيرة برمّتها جرى تجريفها و صارت قاحلة كالصحراء . في السنتين الماضيتين ، جرى قتل طفل في كلّ ساعة في غزّة ! و من هنا أجل ، الناس في غزّة و الشعب الفلسطيني عامة يحتاجون بيأس إلى خطّة سلام حقيقيّة – خطّة تضع نهاية لهذه الفظائع العنيفة التي ترتكبها الولايات المتّحدة – إسرائيل و تعبّد الطريق للتحرير و لمستقبل وضّاء يحتاجونه و يستحقّونه حقّا ! لكنّ خطّة ترامب ليست الخطّة المرجوّة ! وعود ترامب ... و الواقع : تعد خطّة ترامب بوضع نهاية للهجوم الإسرائيلي ، و بقدر كبير من المساعدات الإنسانيّة و بإعادة بناء البنية التحتيّة في غزّة و بحياة أفضل للفلسطينيّين في غزّة ، و تضمن أنّ إسرائيل لن تحتلّ أو تلحق بها غزّة و بأنّه لن يُجبر أيّ فلسطيني على مغادرة أراضي غزّة . لكن ما تساوي هذه الوعود ، عمليّا ؟ " إن وافق الجانبان على هذا الاقتراح ، ستنتهى الحرب فورا " . هكذا يبدأ اقتراح ترامب . لكن الواقع هو أنّ الجيش الإسرائيلي المجرم يحتلّ الآن أكثر من 75 بالمائة من مساحة غزّة . و لن يفعل سوى التراجع التدريجي مع إقامة " قوّات استقرار دوليّة " و موافقة الولايات المتّحدة و إسرائيل ثمّ سيعاد نشر الجيش الإسرائيلي لتاريخ غير محدّد في " منطقة عازلة " حول غزّة . و يترك هذا ثغرات كبرى للبقاء كقوّة احتلال ، و لتقليص الأرض التي تعود إلى الفلسطينيّين في غزّة و استخدام أيّ ذريعة سببا لاستئناف الإبادة الجماعيّة . دانيال ليفي ، محلّل بريطاني – إسرائيلي و مفاوض سلام سابق تحدّث كثيرا ضد الإبادة الجماعيّة للولايات المتّحدة – إسرائيل في غزّة قال : " لا وجود لخطّة بمعنى شيء ملموس بما فيه الكفاية و مفصّل يمكن أن يطبٌّق على أرض الواقع – لا وجود لتفاصيل دقيقة بجدول زمني و خرائط . و هذا أمر متعمّد . فهو يسمح لإسرائيل بتوبيخ الجانب الآخر عندما لا يتمّ بلوغ إتّفاق أو عندما يقرّر نتنياهو التراجع عن تطبيق أيّ اتفاق و الاستمرار في هجومه الإبادي الجماعي ". بعيدا عن ضمان " سلام " ، يمكن أن تُستأنف المذابح الإسرائيليّة في أيّ وقت تقرّره الولايات المتّحدة أو إسرائيل . خطّة ترامب تقول " الغارات الجوّية و القصف المدفعي سيتوقّفان "- لن ينتهيا بشكل دائم . لمّا أعلن خطّته ، حذّر ترامب : " ستتمتّع إسرائيل بدعمي الكامل لإنهاء مهمّة تحطيم تهديد حماس " إن لم يخضعوا لمطالبه . تذكّروا أنّ إسرائيل كسرت من جانب واحد إيقاف إطلاق النار في 19 جانفي و صعّدت من إبادتها الجماعيّة ، حتّى إن كانت حماس ملتزمة به . و الآن تطالب خطّة ترامب من الفلسطينيّين أن ينزعوا سلاحهم – ليس نزع سلاح إسرائيل و ليس نظام ترامب الذى زوّد إسرائيل بأكثر من 12 بليون دولار كأسلحة قتل و تدمير ! " لجنة سلام " يتراّسها مجرما حرب هما دونالد ترامب و تونى بلار : من سيحكم غزّة وفق خطّة ترامب ؟ ليس الشعب الفلسطيني ! " سيقع حكم غزّة في ظلّ حكومة انتقالية مؤقّتة للجنة تكنوقراط فلسطينيّة غير سياسيّة " ، تحدّد الخطّة ، " تحت إشراف و رعاية جسم جولي جديد انتقالي ، " لجنة سلام " سيكون على رأسها و يترأسها الرئيس دونالد ترامب ، مع أعضاء آخرين و رؤساء ستعلن أسماؤهم لاحقا بمن فيهم الوزير الأوّل الأسبق تونى بلار ". دونالد ترامب و توني بلار مسؤولين عن " لجنة سلام " في غزّة سيكون أمرا مضحكا لو لم يكن إجراميّا جدّا . ترامب فاشيّ دعّم إلى أقصى درجة ممكنة الإبادة الجماعيّة التي تقترفها إسرائيل مصّاصة الدماء ، و قصف بصفة غير قانونيّة لإيران و هدّد بلدانا حول العالم . إنّه مجنون إمبريالي مفترس . خطّته لا تذكر خطّة فلسطينيّة لإعادة تعمير غزّة . إنّما تذكر " خطّة ترامب للتطوير الاقتصادي " . و قد أوضحت بعدُ عصابة ترامب نيتّها في استغلال غزّة و استثمارها ( و أيضا مزيد توغّل الولايات المتّحدة بصفة أكثر مباشرة في الشرق الأوسط ) (3 - 4 ). و مثلما كتب موقع إنترنت revcom.us عن واحدة من خططه السابقة لغزّة : " يعد غزّة – أين جرّفت إسرائيل مدنا بأكملها و حطّمت 90 بالمائة من المساكن – بأنّه بوسعها أن " تتحوّل إلى مركز على ضفاف البحر الأبيض المتوسّط للتصنيع و التجارة و المعطيات و السياحة مستفيدة من موقعها الإستراتيجي و بلوغها الأسواق ...و الموارد ، و قوّة عمل شابة جميعها بدعم من التكنولوجيا الإسرائيليّة و استثمارات [ الدول في النفط في الخليج الفارسي ] " . و يرتئي استثمار و تمويل " مشاريع كبرى...يفترض أن توجد مناطق صناعيّة لتكنولوجيا عالية ( " ذكيّة ") و مراكز معلومات لشركات الولايات المتّحدة و إسرائيل ... و تعد الخطّة بعائدات ماديّة – فساد يكون لفظا أفضل – للمستثمرين : تقريبا مضاعفة أربعة مرّات استثماراتهم الأوّليّة و عائدات سنويّة تساوي 4.5 بليون دولار في عقد من الزمن. هذا البصيص من الحلم الإمبريالي سيقام تماما على أرض مرّغت بالدماء و مورس عليها إرهاب ضد الشعب الفلسطيني و وقع فيها تدمير الجامعات و المستشفيات و المساكن و تجريف المساكن و المزارع ، ستبنى ناطحات السحاب على العظام المتكسّرة للأطفال و الشعراء ." ( " مصّاصو الدماء الإمبرياليّين بخبث يخطّطون لإقامة ولائم على حساب غزّة و الاستفادة من الإبادة الجماعيّة . تهمة ثابتة على نظام مصّاص للدماء و مفترس " ، 8 سبتمبر 2025 ، revcom.us ). و توني بلار مجرم حرب إمبريالي آخر . كان وزيرا أوّلا لبريطانيا من 1997 إلى 2007 و كان متواطئا كبيرا مع جورج بوش في الغزو اللاقانوني للعراق سنة 2003 . و كان هذا الغزو قد قام على كذبة كبرى مفادها أنّ العراق يملك أسلحة دمار شامل ، ما أفضى إلى وفاة ما يقارب المليون عراقي و عراقيّة . و بلار صهيوني متعصّب عمل عن كثب مع إسرائيل. أستأنس ترامب بخطّة بلار الخاصة لغزّة ، و قدّم لجنة قيادة " تتشكّل من أصحاب المليارات و رجال أعمال كبار في قمّتها، بينما يجرى التدقيق في الإداريّين الفلسطينيّين " المحايدين " الذين سيوضعون في القاع " . و من خياراته الملياردار مارك روان الذى يسيّر شركة وصفتها قناة الاسى أن أن بأنّها " وحش كاسر بعدالته الخاصّة ؛ صناعة مشهورة بدمويّتها ، و معايير الربح مهما كانت التكاليف " . و قد ساعد روان في قيادة الهجوم لقمع الآراء و النشاطات الموالية لفلسطين ، عادة باسم " قتال معاداة الساميّة ". و تزعم خطّة ترامب أنّ " غزّة ستُطوّر من جديد لصالح الناس في غزّة ..." هذا كذب . هذه خطّة للإخضاع التام لغزّة للمصالح الاقتصادية لرأسماليّة – إمبرياليّة الولايات المتّحدة ، بالاستفادة من الإبادة الجماعيّة و تعزيز قبضة الولايات المتّحدة على الشرق الأوسط ! " ستنتزع الراديكاليّة من غزّة و ستكون منطقة خالية من الإرهاب لا تمثّل تهديدا لجيرانها " و لا تشمل خطّة ترامب الاعتراف بالحقوق الفلسطينيّة – في حقّ تقرير المصير ، و في حكم أنفسهم بأنفسهم ، أو بإنسانيّتهم الأساسيّة(5). إنّه يعلن أنّ لا حماس ولا السلطة الفلسطينيّة ولا أيّ فصيل سياسيّ آخر" سيكون له أيّ دور في حكم غزّة ". السلطة الفلسطينيّة هي الحكومة الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة ، و كانت تدير شؤون غزّة قبل انتخاب حماس إلى السلطة هناك . و قد بيّنت السلطة الفلسطينيّة أنّها حكومة عميلة تساعد في إخضاع الشعب الفلسطيني . لكن حتّى مقاومتها الدنيا اعتبرت فوق ما تتحمّله إسرائيل و تقول خطّة ترامب أنّه لا يمكن أن يكون لها دور في حكم الفلسطينيّين إلاّ متى تكون " قد أتمّت إنجاز برنامجها الإصلاحيّ " . و توسّع نتنياهو بهذا المضمار قائلا إنّ السلطة الفلسطينيّة " لا يمكن أن يكون لها أيّ دور مهما كان في غزّة دون أن تعرف تغييرا راديكاليّا و حقيقيّا . و هذا يعنى وضع نهاية لدفع أجور الذبح و تغيير الكتب المدرسيّة السامة التي تعلّم كره اليهود للأطفال الفلسطينيّين و إيقاف التحريض في وسائل الإعلام و إيقاف المتابعات القانونيّة ضد إسرائيل في محكمة الجنايات الدوليّة و محكمة العدل الدوليّة ، و الاعتراف بالدولة اليهوديّة و عديد و عديد الإصلاحات الأخرى . " بكلمات أخرى : لا يمكن للفلسطينيّين أن يقولوا الحقيقة عن تاريخ سرقة إسرائيل لأرضهم و لا يمكنهم تجميع الأموال لدعم المساجين السياسيّين الفلسطينيّين ( و من ضمنهم الآلاف الموقوفين في السجون الإسرائيليّة دون سيرورة قانونيّة لازمة ) ، و لا يمكنهم البحث عن المطالبة بالتعويضات القانونيّة من الأمم المتّحدة أو المحاكم الدوليّة عن جرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانيّة التي اقترفتها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني ! يجب أن تكون غزّة " منزوعة السلاح " كلّيا بلا حقّ في الدفاع عن النفس . و حقّ الفلسطينيّين في تقرير المصير و إقامة دولة " تجرى الإشارة إليهما لكن فقط بإمكانيّات ضبابيّة في مستقبل بعيد . و عقب إطلاق خطّة ترامب ، عارض نتنياهو ذلك معارضة تامة . سُئل إن كان موافق على دولة فلسطينيّة فأجاب : " لا مطلقا . الأمر ليس مكتوبا في الاتفاق لكن هناك شيء قلناه . إنّنا سنعارض بقوّة إقامة دولة فلسطينيّة . و كذلك قال الرئيس ترامب ذلك . و قال إنّه يفهم ذلك . " ( و هذه نقاط من خطّة ترامب لم توافق عليها حماس و قد تفضى إلى منع وجود اتّفاق ) . " لن يُجبر أحد على مغادرة غزّة ، و الذين ينوون مغادرتها سيكونون أحرارا في القيام بذلك وأحرارا في العودة إليها ". و يتناقض هذا مع نداءات إسرائيل و مساعيها لإجبار كافة الفلسطينيّين على مغادرة غزّة . و هذه النقطة و غيرها (6 ) تعكس كذلك الخوف ، من جهة حلفاء الولايات المتّحدة الرجعيّين في المنطقة ، من أن يكون استيلاء إسرائيل بشكل سافر على غزّة و ترحيلها ل 2.2 مليون فلسطيني و فلسطينيّة قد يفجّر بركانا سياسيّا من الاحتجاجات الجماهيريّة في المنطقة و حول العالم بما يهدّد حكمهم . ( و قد يعكس أيضا واقع أنّه حسب التقارير ، ما من بلد وافق على استقبال المهاجرين الفلسطينيّين . ) الواقع هو كذلك أنّ الإبادة الجماعيّة التي تقترفها إسرائيل بدعم من الولايات المتّحدة قد مضت بعدُ بعيدا و بعيدا جدّا . فمعظم البنية التحتيّة بغزّة و الثقافة و التجمّعات و المؤسّسات قد وقع تدميرها بعدُ و مدنها الكبرى صارت أثرا بعد عين . لم تعد هناك جامعة قائمة في غزّة و الأرض المعدّة للفلاحة وقع تسميمها بالقصف المستمرّ بالقنابل ، و مئات العاملين في القطاع الصحّي و الصحفيّين قُتلوا بصفة منهجيّة . و الصواريخ التي لم تنفجر منتشر على كامل قطاع غزّة . و هناك آلاف الذين قُطعت أطرافهم و لحق الضرر بالناس جرّاء التجويع القسريّ ...و أكثر من ذلك بكثير . أغلب الناس في غزّة أُجبروا على العيش في خيم قذرة مكدّسين في حوالي 13 بالمائة من أراضي غزّة. و في هذا الوضع، قد يشعر الكثيرون الاضطرار إلى المغادرة من مكان إلى آخر . و لاحظوا : كلمة " سكن " و " ملجأ " لا تظهر حتّى في خطّة ترامب ، رغم واقع أنّ إسرائيل قد ألحقت الضرر أو دمّرت حوالي 90 بالمائة من المباني . الولايات المتّحدة و إسرائيل – وحدة عموما و بعض الإختلافات الواضحة : لا نعلم كافة ما دار في كواليس المفاوضات ليقبل نتنياهو بخطّة ترامب . و قد حاجج بعض المعلّقين بأنّ ترامب " أجبر بالقوّة " نتنياهو على القبول بهذا . و هناك اختلافات حقيقيّ’ بين ترامب و نتنياهو حول كيفيّة معالجة الوضع في غزّة . فترامب يرغب في اتفاق السلام هذا ليس لمكانته الخاصة ك " صانع سلام " فحسب و إنّما أيضا كوسيلة لمزيد تقريب مختلف الدول العربيّة في المنطقة من فلك الولايات المتّحدة ، وهو شيء لا يمكن الحصول على خلفيّة إبادة جماعيّة سافرة في غزّة . و يرغب نتنياهو و الفاشيّون في إسرائيل في تهجير تام لكافة السكّان الفلسطينيّين من غزّة . و القبول بخطّة ترامب سيمنعهم الآن من القيام بذلك ( حتّى مع وجود ثغرات كبرى في الاتفاق يمكن أن تحاول إسرائيل استغلالها ) . و حتّى و إن كان الأمر كذلك ، تظلّ إسرائيل حيويّة للولايات المتّحدة في المنطقة و عالميّا – كمخفر سياسي و عسكريّ لنظام الولايات المتّحدة الرأسمالي – الإمبريالي في المنطقة الإستراتيجيّة الهامة للشرق الأوسط . و قد قال ترامب نفسه ، " إسرائيل لن تذهب إلى أيّ مكان . ستتعايش مع الشعوب و البلدان الأخرى في المنطقة ، من سوريا إلى لبنان إلى العربيّة السعوديّة . وعد شرق أوسط جديد يبدو بوضوح في متناول أيدينا " . ما هو طريق تحرير الشعب الفلسطيني ؟ يصرخ تاريخ ال78 سنة الماضية من الفظائع و الاضطهاد و الاحتلال الإسرائيليّين ، و الآن تصرخ السنتين من الإبادة الجماعيّة الشاملة ، بالحاجة إلى تحرير تام للشعب الفلسطينيّ. كيف يمكن لذلك أن يحدث ؟ القائد الثوريّ و مؤلّف الشيوعيّة الجديدة ، بوب أفاكيان ، شرح الأمر في رسالته على وسائل التواصل الاجتماعي ، الثورة عدد 48 قائلا : " بالنسبة إلى جميع المصمّمين على الوقوف و التصرّف بانسجام ضد الظلم و الاضطهاد ، لا بدّ من القطيعة التامة مع أيّ أوهام بأنّه بوسعكم القيام بذلك بينما تواصلون مساندة إسرائيل ، بما أنّ " حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها " – و بالفعل حقّها في الوجود كدولة صهيونيّة – قد عنِي على الدوام ، و سيعنى على الدوام ، اضطهادا و فظائعا رهيبين للشعب الفلسطيني ، و اللذين يبلغون الآن أبعاد الإبادة الجماعيّة المريعة . و مثلما شدّدت على ذلك في تلك الرسائل : " الإجابة ليست نهائيّا " قتل كافة اليهود في إسرائيل " أو " رميهم في البحر " . الإجابة هي الإطاحة بدولة إسرائيل و على أنقاضها إنشاء دولة ثوريّة لا تشجّع حكومتها و لا قوانينها أيّ دين و لا تميّز أناسا عن أناس آخرين ، و إنّما توجد مساواة بين اليهود و الفلسطينيّين . و نهائيّا ، الإجابة ليست كذلك " حلّ الدولتين " الذى تروّج له إدارة بايدن . فمثل " حلّ الدولتين " هذا يساوى حقّا لا شيء أكثر من دولة قويّة هي إسرائيل تواصل احتلال الأرض المغتصبة من الشعب الفلسطيني فيما ما يسمّى ب" الدولة الفلسطينيّة" التي يركّزها هذا " الحلّ " ستكون نُكتة مريرة – دولة دُمية – مجرّد رُقعة متكوّنة من مناطق صغيرة منفصلة عن بعضها البعض و محاصرة و تُهيمن عليها إسرائيل ، و سيظللّ الشعب الفلسطينيّ عُرضة للاضطهاد و الحرمان الفظيعين . الإجابة هي أنّ النضال ضد دولة إسرائيل ينبغي أن يُخاض على أساس ثوريّ بهدف وضع نهاية لكلّ العلاقات الاضطهادية و كلّ اللامساواة المبنيّة على العرق و القوميّة و الجنس و الجندر ، و كلّ العلاقات التي يستغلّ بواسطتها قسما من المجتمع قسما آخر . و الحاجة الملحّة هي نشوء قوّة ثوريّة تقود النضال على هذا الأساس . " و مهما يبدو عسيرا بلوغ هذا الحلّ ، لا يمكن استبعاده بالتصريح بأنّه " غير واقعيّ " . ما مدى " واقعيّة " التفكير في أنّ التناقضات العميقة المعنيّة يمكن أن تحلّ حلاّ إيجابيّا بأيّ طريقة أخرى ؟ و الآن بالذات ، ما مدى " واقعيّة " التفكير بأنّ شخص يمكن أن يتّخذ موقفا مبدئيّا ، صلبا و صريحا ضد الظلم و الفظائع بينما يواصل دعم دولة إسرائيل ، أو " حقّها في الوجود " ك دولة صهيونيّة ؟ - وهي الطريقة الوحيدة التي يمكن بها لدولة إسرائيل أن توجد ! " كافة الناس الذين يحملون وعيا يجب أن يقاتلوا للمطالبة بإنهاء الإبادة الجماعيّة التي تقترفها الولايات المتّحدة / إسرائيل في حقّ الشعب الفلسطيني و لوضع حدّ لحصار غزّة . و بينما نقوم بذلك ، نشحذ نظراتنا للقتال من أجل مستقبل يستحقّه الشعب الفلسطيني الذى ظلّ على قيد الحياة رغم الجحيم على الأرض ، و الأطفال الذين واصلوا الرقص و اللعب في أتون هذا الكابوس . ارفعوا الحصار عن غزّة الآن ! أوقفوا الإبادة الجماعيّة التي تقترفها الولايات المتّحدة – إسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني ! هوامش المقال : 1- تمسك حماس حوالي 20 أسيرا على قيد الحياة في غزّة و جثامين حوالي 30 آخرين . إن أطلقت حماس سراحهم ، تدعو خطّة ترامب إسرائيل إلى تحرير 250 سجين فلسطيني و 1700 من سكّأن غزّة المعتقلين أثناء الحرب . 2- أنظروا ، Imperialist Vampires Float Plan to Feast on Gaza and Profit from Genocide—Damning Indictment of a Predatory, Blood-Soaked System, revcom.us, September 8, 2025. 3- تسرّب تقرير نشرته جريدة " هآرتز " يوم الإثنين فيه تتمّ الإشارة إلى أنّ اللجنة ستتشكّل من أصحاب مليارات و رجال أعمال كبار في القمّة ، بينما ما يزعم بصفة كبيرة أنّهم إداريّون فلسطينيّون " محايدون " سيكونون في القاع . 4- Here Is the Full Text of the Gaza Plan Released by the White House, New York Times, September 29, 2025. 5- بما في ذلك تعهّد بعد ضمّ أو إحتلال غزّة ، إشارات ضبابيّة للدولة الفلسطينيّة ، و وضع الأمم المتّحدة – و ليس إسرائيل – في موقع المسؤوليّة عن توزيع الإغاثة الإنسانيّة .
#شادي_الشماوي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بيان هام لبوب أفاكيان – الثورة عدد 141 : يداهمنا الوقت بصفة
...
-
مع عقد المجلس العام للأمم المتّحدة لجلسة في نيويورك ، تصعّد
...
-
بوب أفاكيان – الثورة عدد 135 : الآن يُعلن مجانين الماغا صراح
...
-
بيان تضامن من حركة - لنحرق القفص / لنطلق سراح العصافير - في
...
-
إنطلاق الغزو البرّيّ الوحشيّ الإسرائيلي لمدينة غزّة
-
بوب أفاكيان – الثورة عدد 133 : أجل فاشيّة نظام ترامب / الماغ
...
-
بوب أفاكيان – الثورة عدد 134 : - اللعب وفق القوانين - و الخس
...
-
الحقيقة هي الحقيقة ، الفاشيّة هي الفاشيّة [ بصدد إغتيال شارل
...
-
الإبادة الجماعيّة التي تقترفها إسرائيل في غزّة : حِمَم من ال
...
-
إلى الشيوعيّين الثوريّين ، و الذين يتطلّعون إلى عالم أفضل(1)
...
-
إلى الشيوعيّين الثوريّين ، و الذين يتطلّعون إلى عالم أفضل(2)
...
-
بوب أفاكيان – الثورة 132 : مسألة المبدأ برمّتها ...
-
دروس للإنسانيّة يقدّمها المساجين السياسيّين الإيرانيّين مقاب
...
-
بدعم من الولايات المتّحدة ، تهدّد إسرائيل بفتح - أبواب جهنّم
...
-
بوب أفاكيان – الثورة عدد 130 : العنصريّة الصارخة و الفاشيّة
...
-
بوب أفاكيان – الثورة عدد 131 : الجريمة قضيّة حقيقيّة . لكن ا
...
-
إسرائيل تصعّد من هجومها الإبادي الجماعي على مدينة غزّة بينما
...
-
بيان من أمّهات حديقة لاله ، إيران : - لننهض متّحدين لإلغاء ح
...
-
حركة إسرائيليّة لاقانونيّة أخرى للإستيلاء على الضفّة الغربيّ
...
-
رسميّا غزّة تواجه مجاعة ! و ما هو ردّ فعل الولايات المتّحدة
...
المزيد.....
-
دولة الاحتلال: أعراض العلة السوفييتية الراجعة
-
العدد 623 من جريدة النهج الديمقراطي
-
بيان المكتب الجهوي لحزب النهج الديمقراطي العمالي بجهة الجنوب
...
-
بيان صحفي صادر عن القوى الثلاث – الجبهة الشعبية وحماس والجها
...
-
حماس والفصائل الفلسطينية: مساع لعقد اجتماع وطني بدعم مصري لت
...
-
اجتماع حاسم لليسار مع ماكرون وترقب لاختيار رئيس جديد للوزراء
...
-
حرمان ابو الديار من الترشح للانتخابات.. النظام ينكل بالمعارض
...
-
فرنسا: قادة أحزاب استقبلهم ماكرون يؤكدون أن رئيس الوزراء الم
...
-
تركيا ترفع حظر الطيران على مطار في إقليم كردستان العراق بعد
...
-
إتصال هاتفي بين الجبهة الديمقراطية وحزب النهج الديمقراطي الع
...
المزيد.....
-
كراسات شيوعية(النمو السلبي: مبدأ يزعم أنه يحرك المجتمع إلى ا
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كراسات شيوعية (من مايوت إلى كاليدونيا الجديدة، الإمبريالية ا
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كراسات شيوعية (المغرب العربي: الشعوب هى من تواجه الإمبريالية
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علم الاعصاب الكمي: الماركسية (المبتذلة) والحرية!
/ طلال الربيعي
-
مقال (الاستجواب الدائم لكورنيليوس كاستورياديس) بقلم: خوان ما
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي
...
/ مسعد عربيد
-
أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا
...
/ بندر نوري
-
كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة
/ شادي الشماوي
-
الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة:
...
/ رزكار عقراوي
المزيد.....
|