أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حسن مدبولى - التطبيع القسرى !!














المزيد.....

التطبيع القسرى !!


حسن مدبولى

الحوار المتمدن-العدد: 8488 - 2025 / 10 / 7 - 10:07
المحور: القضية الفلسطينية
    


قبل السابع من أكتوبر 2023، كانت المنطقة تسير بخطى حثيثة نحو ما سُمّي بـ«سلام جديد»، تتصدره اتفاقيات إبراهيم التي فتحت أبواب التطبيع العلني بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، وذلك تنفيذا لتوجيهات دونالد ترامب فى دورته الأولى،
بينما تُركت القضية الفلسطينية على الرصيف، باردة يتيمة، لا يذكرها أحد إلا في خطب المناسبات العقيمة،بل وفى خضم ذلك التطبيع أعلن ترامب أن القدس أرض صهيونية،
كان المشهد يوحي بأن إسرائيل لم تعد عدوًا بل شريكًا تجاريًا واستثماريًا واعدًا، وأن واشنطن وجدت أخيرًا الصيغة السحرية لدمجها في النسيج الإقليمي دون أن تدفع ثمنًا سياسيًا حقيقيًا.

وقّعت الإمارات والبحرين والمغرب والسودان اتفاقات متسارعة، حملت معها لغة اقتصادية براقة: استثمارات، سياحة، تكنولوجيا، ووعود بمستقبل زاهر. أما المكاسب السياسية، فكانت متفاوتة: المغرب نال اعترافًا أمريكيًا بسيادته على الصحراء الغربية، والسودان أزيح اسمه من قائمة الإرهاب، بينما حصدت إسرائيل وحدها الجوائز الكبرى، إذ خرجت من عزلتها الإقليمية وفتحت لنفسها أسواقًا جديدة في عمق العالم العربي.

غير أن الحدث الأهم، والذي كانت واشنطن تراهن عليه بشغف، كان في الرياض. فالمحادثات بين السعودية وإسرائيل بلغت في صيف 2023 مراحل متقدمة، حملت وعودًا بفتح الأجواء، وتعاونًا أمنيًا ضد إيران، واتفاقًا دفاعيًا أمريكيًا يضمن للمملكة مظلة حماية في مقابل تطبيع تدريجي مع تل أبيب. حتى ما تبقّى من «القضية الفلسطينية» في النصوص كان أشبه بديكور بروتوكولي يُراد به حفظ ماء الوجه لا أكثر. بل وتم اعتقال منتسبى حماس بالمملكة، حتى بدا أن الإعلان الرسمي عن التطبيع بات قريبًا، وأن المنطقة تستعد لمشهد جديد تُرفع فيه الأعلام متجاورة، وتُخفض فيه المعايير إلى أدنى درجات الواقعية السياسية،

ثم جاء السابع من أكتوبر.
لم يكن «طوفان الأقصى» مجرد هجوم مسلح، بل عاصفة قلبت الحسابات رأسًا على عقب. فقد تجمّدت المفاوضات بين الرياض وتل أبيب فورًا، وارتبكت الإدارات الغربية التي كانت تُعدّ بيانات الاحتفال بالاختراق التاريخي. تحوّل «السلام الدافئ» إلى عبء ثقيل على الحكومات المطبِّعة، وخرج الرأي العام العربي من سباته الطويل. عاد الفلسطينيون، فجأة، إلى صدارة المشهد بعد أن كادوا يتحولون إلى «الهنود الحمر» في خريطة الشرق الأوسط الجديد.

المفارقة أن الدول التي سيقت إلى التطبيع لم تُنهِ علاقاتها مع إسرائيل، لكنها فقدت الحماسة التي كانت تصحبها. الإمارات والمغرب وُضعتا تحت ضغط شعبي وإعلامي كبير، وتراجع زخم الاستثمارات والمشروعات المشتركة. أما السودان فابتلعته حربه الداخلية، ولم يعد التطبيع ضمن أولوياته. وفي المقابل، ازدادت المعارضة الشعبية للصهاينة في إندونيسيا وماليزيا وتركيا ومصر والأردن ، وتوقفت أي محاولات جديدة لضمّ دول إسلامية أخرى إلى المسار ذاته.

لقد نجح طوفان الأقصى في ما فشلت فيه بيانات الجامعة العربية وخطب القمم، وأعاد فلسطين إلى الوعي.كما لم يعد بالإمكان الحديث عن تحالفات جديدة أو شرق أوسط مزدهر دون المرور أولًا من بوابة غزة. فمشاهد الدمار والدم والدموع هزّت ضمائر شعوبٍ حاولت حكوماتها إقناعها بأن التطبيع هو طريق الخلاص.
صحيح أن الحرب أنهكت غزة، وجعلت من شوارعها أطلالًا تشبه هيروشيما، لكن روحها بقيت حيّة، بل أقوى من أي وقت مضى. فالعالم الذي تجاهلها سنوات عاد ينظر إليها بدهشة وتأنيب ضمير. صارت صور أطفالها تختصر مأساة القرن، وصمودها أعاد تعريف الكرامة في زمن الانحناء. حتى أولئك الذين راهنوا على نسيانها أدركوا أن ما جرى ليس عابرًا، وأن المنطقة بعد أكتوبر لن تكون كما كانت قبله.

ربما تعود محاولات التطبيع لاحقًا، وقد تُغيَّر مسمياتها أو تُخفَّف لهجتها، لكنّ الحقيقة التي فرضها الطوفان باتت واضحة: لا يمكن لأي اتفاق أو تحالف أن يصمد فوق ركام العدالة. لقد استُهلكت لغة “الواقعية السياسية” حتى البذاءة، وجاءت غزة فى السابع من اكتوبر لتذكّر الجميع بأن هناك حدودًا لا يمكن تجاوزها بلا ثمن.



#حسن_مدبولى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجنرال النحيف !!
- الدوجماتية !!
- الواقع والكرامة والإذعان !
- التطهير القادم !؟
- المغرب على حافة الهاوية
- أستنساخ النزع !!
- إحتلال العقل المصرى!؟
- جدلية غزة والزمالك ،،
- ذكرى المشير طنطاوى
- من الأولى بالعداء !؟
- الفلسفة والبوابين !!
- حلفاء اسرائيل بالمنطقة!؟
- الحساسيات المصرية !!
- محور الهزيمة الماسخ ،،
- الحرب على ايران مرة أخرى!
- الإعتراف بدولة فلسطين !؟
- ماقبل الطوفان ،،
- فى ذكرى تفجيرات البيجر،،
- الناصريون فى مصر،،
- إعتذار إبراهيم عيسى للمسيحيين العرب!!


المزيد.....




- بولندا..فنادق تعرض مكافآت للأزواج الذين يُرزقون بطفل بعد الإ ...
- غزة.. الجيش الإسرائيلي يعترض أسطولا آخر من سفن المساعدات وفق ...
- مأساة في جورجيا بأميركا.. كلبان يفترسان طفلا داخل مركز رعاية ...
- نتنياهو متمسك بأهداف الحرب بغزة..وترامب يتحدث عن فرصة للسلام ...
- بين الحرب والاتفاق.. ما الذي يعرقل مفاوضات -حماس- وإسرائيل؟ ...
- بـ-أسطول الظل-.. زيلينسكي يتهم روسيا بزعزعة استقرار أوروبا
- من أجل مفاوضات غزة.. مبعوثا ترامب يصلان شرم الشيخ
- بدولة عربية.. ترامب يشبّه زعماء الديمقراطيين بانتقاد حاد مثي ...
- نزوح غزة -غير مسبوق ولم يره العالم منذ عقود-
- كم بلغ عدد القتلى الفلسطينيين منذ بدء الهجوم الإسرائيلي على ...


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حسن مدبولى - التطبيع القسرى !!