طيف غسان
الحوار المتمدن-العدد: 1823 - 2007 / 2 / 11 - 12:30
المحور:
الادب والفن
تندس في الفراش . في ظلمة الغرفة . تحت أغطية كثيرة صوفية . تنام على جنبها الأيسر .يحيطها الهواء البارد من جميع الجهات . له لسعة ثلجية . تمتد لتُكسب الجلد برودة . تلمس خديها المتثلجين. وطرف أنفها _ البارز خارج إطار الوجه , بمسافة تكفي للحفاظ على برودته_ . تسري الرعشة في خلاياها .تتزايد حول العمود الفقري . تنام على ظهرها . . تدفع الأغطية . ترتدي بنطلونا آخر . وايشارب تلفه بإحكام حول أذنيها . جوربين . تدخل فيهما أرجل البنطلون .
تلصق ظهرها بالوسادة التي تفصلها عن الحائط . بعد أن تكوم طرف الأغطية وراءها . تكوم الطرف الآخر أمامها . تثني الأغطية تحت قدميها . وتتكور كجنين . تلف الفراش من عند رأسها .بحيث يدور حول أذنيها , ويغطي مقدمة الرأس. تترك دائرة صغيرة لدخول الأكسجين . توازي فتحتي الأنف . لكنها تبعد , حتى لا تلسع ذرات الهواء الوجه .
يبدأ الدفء يسري ببطء . تدخل كفا في الكف الآخر . لتسري سخونة ما في العروق . يتسلل الدفء للأذنين . للخدين . يزحف لأسفل . تستشعر أية فتحة صغيرة يتسلل منها الهواء . تتأكد من سد جميع المنافذ . تبقي القدمين بعيدا عن سريان الدفء . وفراغ الظهر.
لم تكن تشعر بوطأة البرد في السابق . لا تذكر أنها كانت ترتدي كل هذه الملابس . أو تستخدم آلية التكور الجنيني . تحت الأغطية الكثيفة . تتذكر الأيام الفائتة . وقت أن كانت تستطيع أن تمدد جسدها بطول السرير . وقد تبعد فخذيها عن بعضهما . أو تنام على بطنها . لتهيء فرصة للعضلات أن تترتاح .
جسد آخر كفيل بتبديد البرد. حرارة ما تشع لمليء الفراغات في انحناءات الظهر . تدخل فيه . مثل دخول كفها بالكف الأخرى . وقتها لا حاجة للتفتيش الدوري عن أي ثقب , في تكورات الاغطية , ولا لرفع ساقيها , كل دقائق , لحشر المزيد من الغطاء تحتهما . هل ازدادت برودة الشتاء بازدياد الخلل البيئي ؟ ..
تخلع الجورب . تمر بكفها على القدم المتثلجة .. دقائق.. وتنتقل السخونة الى الجلد . تضع البقعة الساخنة على القدم الأخرى . تحك القدمين ببعضهما . قد يساعد الجورب على عزل القدمين . وبالتالي استمرار برودتهما . لا تجدي الحركة الكثيرة , قبل الذهاب للفراش , في تدفئة الأطراف . لن تستغرق في النوم قبل تدفئة القدمين ... وذلك يعني التفكير في أشياء كثيرة ..
ثلجية الهواء المحيط لا يقتصر تأثيرها على الشعيرات الصغيرة على الجلد, التي تنتصب مشكلة حبوبا بارزة , كانت تنعتها ( حبوب السقعة ) وهي صغيرة , إنما لها تأثير آخر , فهي تجعل الجلد نهم لملمس ساخن , تحديدا ليد دافئة , تزيل برودته. تشعل حرارة ما لا يتحدد منبعها . همسة في أذن تلهبها . نفس حار يشعر الخد بحيوية . مسة خفيفة على الشفاة . تتحول لإلتهام يجعلها ترفع الأغطية وتستقبله ..."مشعل النيران".... "بطل الأحلام الشتوية" .. لتتخيله.. شعره أسود .. صوته ناعم ..هدوووء .. يتخلله.....
&&&
لم تمانع في مقابلته , إلحاحه على الشات مغري . معرض الكتاب مكان جديد للمقابلات المغامرة . معها صديقة . قابلتها مصادفة في المعرض , استعانت بها لتسأل عنه , في المكان الذي يعمل به ..
- كان لسه هنا .
... مرة أخرى وهي تضحك ...
- زمانه جاي .
تضحك هي وصديقتها , وتقرران السؤال عنه مرة ثالثة . تحاول تذكر ملامح الصورة ,التي رأتها له على النت . هل سيعرفها وحده ؟ . إنه هو . أكبر قليلا لكنها نفس الملامح . لا ينتبه . تتركه وتجلس على الرصيف . بمواجه المقهى الثقافي . تدخن بتوتر ملحوظ . ينتبه . فقط عند مرورها أمامه . يجيء . يبتسم ..
- ايذيك يا .....
- عرفتني بسرعة؟
- اه
تنسحب الصديقة . يعرض عليها الجلوس في المقهى . ترفض . يحضر كوبين من الشاي . يحتسيانه على مقعد بجوار المقهي . يتبادلان الحكايا . يستفزها هدوءه الشديد . ونهمه لحكاياها . يتركها تتكلم وفقط . نادرا ما يحدث ذلك . يجلسان في مكان آخر . مقعد خشبي في الظلام . تأتي الإضاءة من بعيد – تعرف أنه تعمد اختياره فيما بعد – أمامهم أشجار . وفضاء معتم .صوته ناعم . نبراته منتظمة . مريحة . تستسلم للاسترسال . تمشي حكاياها على طريق حريري . تنسل . يتسرب إحساس ما بالراحة . تيارات الهواء الثلجي تجعلها تشبك ذراعيها . يقتربان . لا ينظران لبعضهما البعض . فقط ينظران للأمام . أصبح يتحدث الآن . حديثا لا علاقة له بماض . ينسجان معا حديثا . يكونانه كلعبة(بازل) . صوتها يهديء . تنتظم نبراته . يخرج من مكان ما . دفين . تدخن سجائر ( سوبر ) . يتشاركا السجائر بشهية . تتلامس الأيدي . تلتقيان .يتشبثان ببعضهما ............
&&&
دقات قلب مسرعة . سلالام كثيرة للصعود . وجهه مبتسم . تجلس على أريكة قريبة . تتجنب النظر لعينيه . تتبدد كل الخطط الموضوعة لعمل مسافة ما . يجلس بجوارها مرحبا . تندس في حضنه . تغمض عينيها . تترك كل الأفكار لترتاح على صدره . يهدهد وجهها بيد ناعمة كصوته . تدخل في خدر حُلمي . ترتخي ملامحها – المشدودة دائما –
- اعملك مساج؟
يدخل يديه تحت الملابس – المتراكمة – يقشعر جلدها ...في الظلام تستسلم ليديه . لتجوب الجلد في رحلة للإرواء . تستمتع بالسكون في.....فيه . خدر يجعلها لا تقوى على شيء. لترتشف كل فعل . لا تتكلم .فقط تستقبل الى أقصى ما تستطيع .تلمسه بحنان كلغة للتواصل .تمرر يدها على ظهره كرد علىحديثه . يتعجب من صمتها . يُقبل يدها وهو مُنْدَس فيها . يَدْخُلها من عينيها . ناعمة هي مثله .فقط عندما يندس..... يسكنها . يكسبها هدوءا لم تألفه.
- انتي بقيتي حلوة قووييي
- ..........
- ملامحك جميلة .
ينام في نهديها كالطفل . تحمر خديها كما لم تحمر من قبل .يكتفيان ببطانية واحدة.تعطيه ظهرها .ينطوي عليها . ينطويان.جسدا واحدا .ينامان في سكينة.
&&&
كوب لبن دافيء . يذيب فيه قطع من التمر . يجلسها في دفء شمس الصباح . يهيء لها جلسة لتتخلل الشمس عظامها .في الشرفة البيضاء . يعطيها الكوب . ويهدهد ظهرها كأب . تلصق جنبها فيه . وتستمتع بسخونة الشمس . تتخلى عن صخبها . معه. يستحثها على الحكي . يستمتع بطريقتها في السرد . يخرج شيكولاته من جيبه . تبتسم في فرح .يكافئها بشيكولاته عندما يكون راضيا .تفتحها .تقطع قطعة صغيرة تضعها في فمها . يطعمها قطعة أخرى من الشيكولاته الاخرى .يضعها في فمها .يلمس خدها بحنان وهي تمضغها...........
#طيف_غسان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟