|
رفع الأعلام الأجنبية بين السيادة الوطنية والرمزية الدينية: جدل العلم الإيراني في العراق نموذجا
رياض سعد
الحوار المتمدن-العدد: 8443 - 2025 / 8 / 23 - 09:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تُعدّ مسألة رفع أعلام الدول الأجنبية داخل أراضي دولة ما من القضايا الحساسة التي تتداخل فيها الأبعاد القانونية والدبلوماسية والسياسية والاجتماعية... ؛ فالعلم ليس مجرد قطعة قماش ملوّنة، بل هو رمز سيادي، يحمل دلالات الانتماء والولاء، ويعكس الهوية الوطنية والسياسية للدولة التي يمثّلها... ؛ ومن هنا، يصبح رفعه على أرض دولة أخرى قضية إشكالية، لاسيما عندما يتم خارج الأطر الدبلوماسية أو المناسبات الرسمية المتفق عليها بين الدولتين ... ؛ فهذه العملية ( رفع الاعلام الوطنية في البلدان الخارجية ) تخضع لعدة اعتبارات قانونية ودولية وأخلاقية، وفي هذه المقالة سنناقش ظاهرة رفع الأعلام الأجنبية على الأراضي العراقية، وخاصة في المناسبات الدينية والسياسية والرياضية وغيرها ، والتي تمثل إشكالية معقدة تتداخل فيها العوامل السياسية، والاجتماعية، والقانونية، والهوياتية كما اسلفنا ... ؛ اذ تبرز هذه الإشكالية بشكل حاد في الموقف من العلم الإيراني بالتحديد ؛ والذي يثير ردود فعل مختلفة، بل ومتضادة، بين أطياف المجتمع العراقي... ؛ نعم تختلف هذه الظاهرة في تجلياتها بين رفع الأعلام في المناسبات الدينية (كزيارة الأربعين والزيارات الأخرى) والمناسبات الرسمية والدبلوماسية، حيث تحكمها أطر قانونية مختلفة... ؛ وفيما يلي أهم المبادئ التي تحكم ذلك وفقًا للأعراف الدولية والقوانين العامة: ### وفقاً للأعراف الدولية واتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية (1961): *يحق للبعثات الدبلوماسية رفع أعلام دولها داخل مقراتها الرسمية فقط. *يُسمح برفع أعلام الدول الأخرى في المناسبات الرياضية والثقافية الدولية، ضمن احترام سيادة الدولة المضيفة... ؛ اذ تسمح الأعراف الدولية برفع أعلام الدول في الفعاليات الدولية مثل المؤتمرات والأحداث الرياضية والثقافية كعلامة على الاحترام المتبادل، وهو ما يتماشى مع الممارسات العالمية. *رفع الأعلام الأجنبية في أماكن عامة دون إذن قد يُفسَّر على أنه تصرف غير لائق أو استفزازي، بل وقد يُعتبر خرقاً لسيادة الدولة المضيفة... ؛ فالقانون الدولي: يسمح برفع أعلام الدول الأجنبية فقط في البعثات الدبلوماسية والمناسبات الرسمية الدولية والمتفق عليها بين الجانبين . *لكل دولة الحق في سن قوانين محلية تنظّم أو تمنع رفع أعلام غيرها على أراضيها بما يحفظ سيادتها ووحدتها الوطنية... الخ ؛ لذلك بعض الدول تمنع رفع أعلام دول معينة لأسباب سياسية أو أمنية (مثل حالات النزاع أو عدم الاعتراف الدبلوماسي). لذا يعتبر المعيار والقول الفصل في هذه المسألة: هو الرجوع إلى القوانين المحلية والبروتوكولات الرسمية قبل القيام برفع علم دولة خارجية او منع ذلك في هذه المناسبة او تلك . ##موقف القوانين العراقية القانون العراقي: لا يوجد نص واضح يمنع أو يجيز رفع أعلام أجنبية في المناسبات الدينية... ؛ لكن الدستور العراقي يشدد على "الحفاظ على السيادة الوطنية" (المادة 1) و"حظر أي نشاط يضر بالوحدة الوطنية" (المادة 7)... ؛ بناءً على ذلك، يمكن للمشرع العراقي إصدار قانون أو تعليمات تنظم هذه المسألة بدقة. وهنالك عدة تشريعات عراقية تتعلق بمسألة الاعلام ورفعها والعلم الوطني ؛ ومنها : • قانون علم العراق رقم (33) لسنة 1986: ينص هذا القانون بشكل واضح على أن العلم العراقي هو العلم الرسمي الوحيد للدولة، ويحدد مواصفته وشكله واستخداماته... ؛ و تؤكد المادة (3) من القانون على أن العلم العراقي "لا ينكس ولا يخفض في أي مناسبة، ولا يعلو عليه عند رفعه في أي مكان في العراق أي علم آخر يرفع معه في المكان نفسه، ويكون دائماً في مكان الشرف عند رفعه في العراق مع علم دولة أو أعلام دول أخرى"... ؛ و نظام علم العراق رقم (6) لسنة 1986: اذ يقدم هذا النظام التفاصيل التنفيذية لرفع العلم... ؛ و تنص المادة (9) منه على أنه "لا يُرفع علم دولة أجنبية إلا في المناسبات الرسمية (مثل زيارة رئيس دولة أو وفد دبلوماسي) وعلى المباني الرسمية فقط، مع الالتزام بالبروتوكول بحيث يكون العلم العراقي في موضع الشرف"... ؛ اما الوضع الدستوري والقانوني الحالي : يشير نقاش في الصحف العراقية إلى أن المادة (12) أولاً من دستور جمهورية العراق تنص على أن "ينظم بقانونٍ، علم العراق وشعاره ونشيده الوطني بما يرمز إلى مكونات الشعب العراقي"، لكن التأخر في تشريع قانون دائم للعلم يخلق إرباكاً في التطبيق... ؛ وهنالك مبدأ المعاملة بالمثل: تشير المادة (4) من نظام علم العراق إلى ضرورة مراعاة "مبدأ المعاملة بالمثل" في حالات رفع الأعلام الأجنبية في العراق... . نعم في العراق - حاليا - ؛ لا يوجد حتى الآن تشريع واضح يحظر رفع الأعلام الأجنبية في المناسبات الدينية أو الفعاليات السياسية والثقافية والشعبية ، مما يترك الأمر عرضة للاجتهادات الفردية والقرارات المزاجية، سواء من المواطنين أو من بعض عناصر الأجهزة الأمنية. ##الظاهرة في السياق العراقي من الواضح أنّنا نشاهد أعلام الدول الأوروبية مرفوعة في هذا البلد الأوروبي أو ذاك، وأحيانًا في الأماكن العامة كتعبير عن وحدة الاتحاد الأوروبي... ؛ كما نرى أعلام بعض الدول مرفوعة في مكاتب وشركات السياحة والسفر، وفي الفنادق والمطاعم والوجهات السياحية، فضلًا عن رفعها في مناسبات دينية؛ فالحجاج العراقيون قد يرفعون علم العراق في السعودية، كما يرفع الزوّار الإيرانيون علمهم الوطني أثناء زياراتهم الدينية في العراق، وغيرها من الأمثلة... . وحيث إنّ الزيارات الدينية تكتظ بملايين الزائرين، وغالبية الأجانب منهم لا يعرفون طرق المدن المقدسة أو أماكن الفنادق والمراقد والاضرحة الدينية ، فإنّهم يلجؤون إلى السير جماعات وهم يرفعون علم بلادهم للدلالة على هويتهم المشتركة وضمان عدم تفرّقهم وسط الزحام، وأحيانًا للتعبير عن مشاركة بلدانهم في هذه المناسبة المقدسة او تلك . غير أنّنا لاحظنا، وفي أكثر من مناسبة، أنّ بعض العراقيين يتحسسون ـ بل ويُبدون استياءً شديدًا ـ عند رؤية العلم الإيراني مرفوعًا، بخلاف موقفهم من بقية الأعلام العربية أو الأجنبية... ؛ بل إنّ قلة قليلة، لا تتجاوز أصابع اليد، أقدمت أحيانًا على تمزيق العلم أو مصادرته من زائر إيراني او زائرة ايرانية ، رغم أنّ هذه الحوادث تبقى نادرة وشاذة ؛ وبعضها مدفوع بأجندات مشبوهة وليست مجرد تصرفات اعتيادية او ردات فعل طبيعية ... ؛ وهنا يطرح السؤال: لماذا يُغضّ الطرف عن أعلام دول أخرى في مسيرة الأربعين أو غيرها من المناسبات، بينما يُثار الجدل والرفض عند رؤية العلم الإيراني فقط؟ في الأصل، يرفع الزوّار أعلام بلدانهم في مثل هذه المناسبات الدينية أو الرياضية لتعزيز شعور الانتماء الوطني وللتعبير عن حضورهم ومشاركتهم، لا بقصد الإساءة إلى البلد المضيف أو الانتقاص من سيادته. من هنا، يفترض أن يراعي المشرّع العراقي خصوصيات المجتمع ومصالح الوطن... ؛ فإن رأى أنّ رفع الأعلام الأجنبية قد يسيء إلى الهوية الوطنية، أو يثير الحساسية والجدل، أو يفتح الباب أمام الولاءات العابرة للحدود والمتقاطعة مع الولاء للوطن، فله أن يصدر قرارًا يمنع ذلك مطلقًا... ؛ أمّا إذا قرر السماح، فليكن ذلك بصورة عامة لا انتقائية، بحيث يُعامل جميع الزوار على حد سواء، ولا يُمنع علم دولة بينما يُسمح لغيره. وإن كانت الحكومة العراقية لم تُصدر قرارًا رسميًا يمنع رفع أعلام الدول في المناسبات الدينية ـ كما هو الحال في البطولات الرياضية حيث ترفع أعلام الدول المشاركة ـ فلماذا يبادر بعض الأفراد، المحسوبين على الأجهزة الأمنية، إلى منع رفع العلم الإيراني دون غيره؟! إمّا أن تُصدر الحكومة قرارًا شاملًا وصريحًا يمنع رفع أعلام جميع الدول في الزيارات الدينية، ويُبلَّغ بذلك رسميًا عبر المنافذ الحدودية والمطارات وتعميمه على وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، بل وحتى عبر الاجتماعات الثنائية التي تُعقد مع الدول المعنية قبيل الزيارة، وإمّا أن يُترك الأمر مفتوحًا بلا ازدواجية. أمّا التصرفات الفردية غير المستندة إلى قرار رسمي، فهي تسيء أولًا إلى سمعة العراق كبلد مضيف، وثانيًا إلى قدسية الزيارة، وثالثًا تمثل إهانة لضيوف الامام الحسين بن علي ـ عليهما السلام... ؛ ويبقى السؤال المطروح: لو أنّ زائرة خليجية رفعت العلم السعودي في كربلاء، هل كان الشرطي سيجرؤ على سحبه منها كما فعل مع الزائرة الإيرانية , واللافت للنظر ان الشرطي الذي قام بالفعل من محافظة صلاح الدين مما يؤكد ان الامر يتعلق بالنوازع الطائفية ولا علاقة له بالوطنية ؟! # لماذا العلم الإيراني بالذات؟ هذا التناقض يطرح تساؤلات عميقة: لماذا يغضّ البعض الطرف عن أعلام عربية أو آسيوية أو اجنبية أخرى، بينما يرفض العلم الإيراني بشدة؟ يمكن تلخيص الأسباب في الآتي: *الإرث التاريخي والسياسي: العراق شهد خلال القرون و العقود الأخيرة صراعاً مركّباً مع إيران، بدءاً من الاحتلال والعهد العثماني وصولا الى الحرب العراقية–الإيرانية (1980–1988)، مروراً بالتدخلات الإيرانية في الشأن السياسي العراقي بعد 2003... ؛ لذا يرى كثيرون أن رفع العلم الإيراني ليس مجرد رمز ديني، بل تجسيد لـ"الهيمنة السياسية"؛ فالأمر محصور بين الدوافع الطائفية والسياسية ؛ فالكثير من العراقيين يشعرون بأن بلادهم صارت ساحة نفوذ لإيران أكثر مما هي دولة مستقلة. *التحسس من الولاءات العابرة للحدود: يخشى بعض العراقيين أن يؤدي رفع العلم الإيراني إلى ترسيخ صورة الولاء للخارج، على حساب الهوية الوطنية العراقية... . *المعاملة بالمثل: هناك من يرى أن الإيرانيين لا يسمحون برفع العلم العراقي في إيران بالزخم ذاته، رغم وجود زوار عراقيين لمشهد الإمام الرضا أو قم المقدسة... ؛ وإن كان البعض يردّ بأن الإيرانيين لم يعترضوا على رفع صور وشعارات عراقية داخل أراضيهم. *البعد النفسي–الاجتماعي: جزء من الرفض يعود إلى ما يمكن تسميته بـ"التحسس الهوياتي" أو عقدة الدونية، حيث يحاول البعض المبالغة في إظهار الوطنية من خلال رفض الرموز الإيرانية دون غيرها... ؛ بينما يتملق البعض الاخر للأنظمة الطائفية والدول العربية والجماعات العنصرية من خلال المبالغة في اظهار العداوة لإيران والايرانيين . * الانقسام المجتمعي: يعكس الموقف من العلم الإيراني الانقسامات المجتمعية العميقة في العراق... ؛ بينما يراه الشيعة تعبيراً عن الوحدة الدينية (الشيعية)، يراه آخرون تحدياً للهوية الوطنية والسيادة العراقية الا انهم يغضون الطرف عن بقية الاعلام مما يعكس التوجه الطائفي البغيض . *الشعور بالتبعية: يشير بعض المحللين إلى أن معارضة رفع العلم الإيراني قد تعكس في بعض الأحيان رفضاً لشعور مفترض بالتبعية ... ؛ اذ يُفرض على العراق من قبل جارته القوية اتباع السياسات الايرانية وبغض النظر عن المصالح العراقية والتحديات والاهداف والاستراتيجيات الوطنية ؛ وليس كرهاً للشعب الإيراني أو بغضا بزوار الأماكن المقدسة. نعم تثير مسألة رفع الأعلام الأجنبية، وبالأخص العلم الإيراني، في مسيرة الزيارة الأربعينية جدلاً واسعاً داخل العراق... ؛ فالكثير من العراقيين يرون أن هذه الظاهرة تمثل مساساً بالهوية الوطنية، إذ يعتبرون أن رفع أعلام دول أخرى على أرض العراق يُفضي تدريجياً إلى تذويب الشخصية الوطنية لصالح الانتماءات العابرة للحدود، فضلاً عن كونه مؤشراً على حجم الاختراقات السياسية والثقافية الخارجية... ؛ هذا التخوف لا ينفصل عن السياق التاريخي والحساسيات السياسية التي عاشها العراق في ظل النفوذ الإقليمي، لاسيما الإيراني، الذي يراه البعض متنامياً في المجالات الأمنية والدينية والسياسية. في المقابل، يرى آخرون أن رفع الأعلام في المناسبات الدينية لا يشكل خطراً على الهوية الوطنية، بل يعدّ أمراً طبيعياً ومألوفاً في كل الشعائر الدينية والمناسبات الثقافية الكبرى حول العالم... ؛ فالحملات الدينية من مختلف البلدان دأبت على رفع أعلامها، ليس بدافع الاستفزاز أو التحدي، بل كدلالة على الانتماء الجماعي أو كوسيلة للتعريف بالدولة التي ينتمي إليها الزائرون... ؛ وهذه الممارسة، بحسبهم، لا تتقاطع مع القوانين العراقية ولا مع ثقافة المجتمع المضيف، مادامت تتم ضمن أطر الاحترام وعدم المساس بالرموز الوطنية. أما فريق ثالث، فيؤكد أن عالمية زيارة الأربعين تستلزم الإقرار بالتنوع القومي والديني واللغوي للمشاركين فيها، وأن رفع الأعلام الوطنية يعكس هذه العالمية ويجسد وحدة الهدف رغم اختلاف الانتماءات... ؛ فالزيارة الأربعينية، في جوهرها، دعوة إنسانية قبل أن تكون طقساً محلياً، وهي تتجاوز حدود الجغرافيا والسياسة، لأن الإمام الحسين (عليه السلام) إمام لكل الأحرار بلا استثناء ... ؛ فوق الأوطان والأنساب والاقوام والبلدان... ؛ ومن هنا، فإن إبراز أعلام الدول المشاركة يُعدّ دليلاً على اتساع هذه الشعيرة لتشمل أكثر من مئة دولة، بحيث لا يمكن التعرف على هوية كل زائر إلا من خلال علم بلاده... ؛ واكمل هذا البعض قائلا : غير أن المعيار الفاصل في تحديد المقبول والمرفوض في هذه الظاهرة لا ينبغي أن يكون خاضعاً للأهواء أو الميول السياسية أو القوانين الوضعية ، بل للشرع الحنيف ...!! الا ان البعض اعترض على هذا الطرح ؛ واشترط عدم تعارض هذه الظاهرة مع القوانين النافذة التي تنظم السلوك العام وتحفظ كرامة الدولة والهوية الوطنية ... ؛ فالتوازن بين احترام هوية العراق وسيادته، وبين الاعتراف بالطابع العالمي والقوانين الدولية لظاهرة رفع الاعلام ، هو السبيل الأمثل لتجاوز هذا الجدل. ### الحلول والمقترحات #على المستوى القانوني والمؤسسي * توحيد وتحديث التشريع : يجب على البرلمان العراقي والحكومة توحيد الرؤية وتشريع قانون واضح ومفصل للعلم العراقي ورفع الأعلام الأجنبية، بما يتناسب مع الدستور العراقي والظروف الراهنة، ويُلغي التناقض بين القوانين القديمة والواقع الحالي... ؛ فعلى البرلمان العراقي أن يسنّ قانوناً أو تعليمات حكومية تحدد متى وكيف يمكن رفع أعلام الدول الأجنبية على أرض العراق... ؛ إما المنع الشامل لجميع الأعلام الأجنبية في المناسبات الدينية والشبيهة بها ... ؛ أو السماح بها جميعاً دون استثناء ، ضمن ضوابط تحترم السيادة ؛ فنصف الحلول عبث... ؛ فمثلا لا يسمح ان تنتشر راية بلد محدد وبكثرة كاثرة ؛ بحيث تتفوق على الراية الوطنية والعلم العراقي ؛ فمن غير المعقول والمقبول ان تنقل وسائل الاعلام صور لآلاف الاعلام التركية في الزيارة مقارنة بعشرات الاعلام الوطنية فقط بحجة الزيارة او بذريعة الحريات . * التعليمات التنفيذية الواضحة: يجب على وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية إصدار تعليمات تنفيذية واضحة للقوات الأمنية تحدد بشكل قاطع متى، وأين، وكيف يمكن رفع الأعلام الأجنبية، وتُوزع هذه التعليمات على جميع المنافذ الحدودية ونقاط التفتيش والمطارات والمؤانى . * التدريب على البروتوكولات: تدريب أفراد الأمن على تطبيق هذه التعليمات بشكل مهني، واحترام الحرمات، ومنع التصرفات الفردية غير المسؤولة التي تسيء للضيوف وتشوه صورة العراق... ؛ نعم يجب أن يكون التعامل مع هذه الحالات مؤسسياً ومنضبطاً، لا فردياً أو اعتباطياً، منعاً للإساءة لسمعة العراق أو لضيوفه. #على المستوى الدبلوماسي والسياسي * المعاملة بالمثل: إلزام الدول الأخرى بالسماح برفع العلم العراقي في أراضيها، إذا كانت تود أن يُرفع علمها في العراق... ؛ فمن حقنا أن نرفع علم العراق في مشهد الإمام الرضا كما يرفع الإيراني علمه في كربلاء... ؛ فالسيادة لا تُستجدى بل تُنتزع بالندية والتعامل بالمثل . * التأكيد على السيادة: التأكيد بشكل قاطع على أن القرار العراقي هو الذي ينطبق على أراضي العراق، وأن أي ترتيبات او فعاليات او تصرفات يجب أن تحترم هذه السيادة. #على المستوى الاجتماعي والثقافي * *التثقيف والتوعية: إطلاق حملات إعلامية ودينية توضح أن رفع العلم الوطني للزائر هو وسيلة تنظيمية لا تعني بالضرورة انتقاصاً من سيادة العراق. *إبراز الهوية الوطنية العراقية: بدلاً من الدخول في جدل حول أعلام الآخرين، ينبغي تعزيز حضور العلم العراقي نفسه في كل المناسبات الدينية والوطنية، ليبقى هو الجامع والراية التي تظلّل الجميع... ؛ فالسيادة الوطنية لا تُحمى بتمزيق أعلام الآخرين من دون مسوغ قانوني ، بل برفع علم العراق عالياً في كل مكان، حتى يغطي على كل راية أجنبية. * فصل الديني عن السياسي: السعي لفصل المشاعر الدينية العميقة المرتبطة بزيارات الأربعين وغيرها ؛ عن الاستغلال السياسي من قبل الزوار وغيرهم ... ؛ وخلق بيئة من الاحترام المتبادل. ### الخاتمة: نحو فهم معقد وموازنة دقيقة في كل دول العالم، العلم رمز سيادة لا يُمسّ... ؛ لكنه في العراق صار "لعبة عواطف"، مرة يُرفع للتنظيم في مسيرة دينية، ومرة يُمزَّق بيد شرطي جاهل، ومرة يُستغل لتصفية حسابات سياسية وطائفية ...؛ فهنا شرطي يتصرّف بمزاجه فيمزّق علم زائرة إيرانية ؛ وهناك إعلامي يملأ الشاشات صراخاً ضد "اختراق السيادة", ومواطن يتباهى بوطنيته وهو يركض لانتزاع علم أجنبي ؛ أي سيادة هذه التي لا يحميها القانون بل مزاج الأفراد؟! وأي دولة هذه التي تترك صورتها الدولية رهينة تصرّفات فردية تسيء أكثر مما تحمي ؟! إن الجدل حول العلم الإيراني في العراق يعكس أزمة أعمق تتعلق بالهوية والسيادة والولاء، أكثر مما يتعلق بقطعة قماش ملوّنة... ؛ فإذا كان رفع الأعلام الأجنبية في المناسبات الدينية جزءاً من تعبير الزوار عن انتمائهم الوطني، فلماذا كل هذه الضجة ؛ وهل استرداد السيادة والحفاظ عليها يتم عبر تمزيق العلم الايراني ؟ هل نعيد السيادة بصفعة على زائرة أو بمصادرة قطعة قماش؟ أم أن هذا الفعل يكشف عقدة نفسية وازدواجية هوية ؟! كيف يصفق العراقي حين يرى علمه في مكة، ثم يستشيط غضباً حين يرى علم إيران في كربلاء؟ كيف يُسمح للزوار اللبنانيين والباكستانيين والأفغان برفع أعلامهم دون اعتراض، بينما يُجرَّم العلم الإيراني وحده؟ هذه ليست سيادة، بل انتقائية مريضة تكشف أننا نكره إيران أكثر مما نحب العراق... ؛ فإن كنا نخشى أن يُذيبنا علم خارجي في زيارة دينية، فهذا يعني أن هويتنا الوطنية هشة إلى درجة تصل الى حد المهزلة والانسلاخ ... ؛ فالسيادة الوطنية لا تُحمى بالشعارات ولا بالانفعالات، بل بدولة قوية تعرف ما تريد وتفرضه على الجميع... ؛ دولة لا تترك كرامتها رهينة لعلم أجنبي، ولا لشرطي متهوّر، ولا لإعلام منافق ومأجور ... الخ . ظاهرة رفع العلم الإيراني في العراق ليست قضية بسيطة يمكن حسمها بموقف أحادي او تصرفات فردية ... ؛ إنها عبارة عن مرآة تعكس تعقيدات العلاقة بين البلدين على المستويات السياسية والاجتماعية والنفسية... ؛ الموازنة المطلوبة هي بين السيادة الوطنية والضوابط القانونية من جهة، وروح الأخوة الدينية والضيافة العراقية الأصيلة من جهة أخرى. الحل ليس في القمع العشوائي أو الفوضى المقنعة تحت شعار الحرية، بل في وضوح القانون، وعدالة التطبيق، واحترام السيادة، والحوار البناء، والنضج المجتمعي الذي يميز بين الضيف المحترم والتدخل غير المرغوب فيه... ؛ فقط من خلال هذا النهج المتوازن يمكن للعراق أن يحافظ على كرامته وسيادته ومن هنا، يبقى الحل الأمثل هو التشريع والتنظيم والإنصاف، بعيداً عن الازدواجية والمزاجية، حفاظاً على هيبة العراق واحتراماً لزواره في آن واحد.
#رياض_سعد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حين يربح الضبع وتُهزم الغزالة
-
الزيارة الدينية التي تُقصي أهلها: حين يصبح العراقي غريباً في
...
-
البروكرستية العراقية: حين تُقصّ الأرواح لتناسب سرير السلطة
-
الهيمنة الناعمة: كيف تبني إيران نفوذها في وسط وجنوب العراق د
...
-
السياحة بين العراق وإيران: تبادل غير متكافئ أم استغلال اقتصا
...
-
أشباح الإمبراطورية : المخابرات البريطانية في العراق من الظل
...
-
قطع أرزاق العراقيين: بين عبث البلديات وعجز الدولة عن ايجاد ب
...
-
وادي حوران محتل كالجولان من قبل الامريكان (6)
-
وادي حوران محتل كالجولان من قبل الامريكان (5) وادي حوران في
...
-
السياحة الدينية في العراق: بين الفرص المهدورة والموارد المنه
...
-
ثمن اغتصاب السلطة وثمن الخضوع لها: قراءة تاريخية في إرث الدو
...
-
الأمة العراقية : من متاهة الانتماءات المضللة إلى فضاء المواط
...
-
الدوافع السياسية والأمنية وراء إصرار الولايات المتحدة وحلفائ
...
-
الدوني العائد من خرائب الشام : التهديد السوري والخذلان العرا
...
-
السلطات الحكومية والشخصيات السياسية العراقية بين الاقنعة وال
...
-
الساكن في الغرفة السابعة و الاخيرة
-
من يطارد الفقراء؟ دولة بلا بدائل و-شفل- بلا رحمة
-
عقدة اللااتفاق العراقي: بين شتات الهوية العراقية وبوصلة الوط
...
-
عقدة الدونية في الوعي الجمعي الشيعي العراقي: تحليل نفسي- اجت
...
-
الإزاحة بدل الإعانة: قراءة نقدية في سياسة الهدم الحكومية دون
...
المزيد.....
-
-ستعيشان حبًا عظيمًا-..بريطاني وأمريكية يجمعهما القدر على طا
...
-
روسيا تعلن السيطرة على قريتين في دونيتسك.. وزخم الوساطة يترا
...
-
نهاية الحرائق المدمرة في إسبانيا -أصبحت وشيكة-
-
معاريف: نتنياهو مُصر على المضي في العملية العسكرية
-
تأجيل الانتخابات البرلمانية في 3 محافظات سورية
-
وزير الخارجية النرويجي: الوضع بغزة كارثة من صنع الإنسان
-
ناج من الهولوكوست: وسائل الإعلام الغربية شريكة في إبادة غزة
...
-
-تأثير أحمر الشفاه-.. لماذا لا نتخلى عن الرفاهية رغم ضيق الح
...
-
شريكة جيفري إبستين عن ترامب: لم أر أي شيء غير لائق منه.. وكا
...
-
كارثة جوية كادت تقع.. كاميرا توثّق انكسار جناح طائرة دلتا
المزيد.....
-
الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
/ د. خالد زغريت
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|