|
لا شيء يضاهي جمال الصمت
منال الشيخ
الحوار المتمدن-العدد: 1821 - 2007 / 2 / 9 - 08:40
المحور:
مقابلات و حوارات
حوار أجراه ( أحمد طايل ) ..كاتب مصري هذه شاعرة تبحث عن ذاتها وخلال رحلة البحث تحاول الاشتباك مع الأجناس الأدبية .. تدخل في ديمومة الصراع بين النثر والشعر .. ترى أن الرواية فن سهل المراس مقارنة بالشعر وتسمو بالقصيدة والشاعر على الرواية والروائي غير عابئة بما يطلق عليه زمن الرواية .. تراها محقة أم هو التعلق بالذات الشعرية ومحاولة الإمساك بلحظة الألق الجميل .. هي شاعرة وحسب .. قد تختلف مع رؤيتها الفكرية لكنك لا يمكن أن تختلف عن كونها شاعرة تبحث عن ذاتها الشعرية في وقت انحسر فيه المد الشعري وباتت القصيدة العربية عاجزة عن التحاور مع مقتضيات العصر وتقوقع الشاعر داخل شرنقة ذاته .. اقتربت منها .. حاورتها ..وربما شاركتها رحلة البحث التي لا تؤمن بها لأنها من الذين يجدون على الدوام .......
أحمد طايل
** - من أنت إبداعيا وإنسانيا؟ إبداعيا أتمنى أن لا اكتمل ولا اعرف من أنا بالضبط .. أجدني انسانة تحاول أن تجرب كل شيء أي شيء له صلة بعالم الإبداع ، أحاول أن أقدم شيئا في هذا المجال ليس لسد فراغ ما وإنما لإحساسي برغبة عارمة بالعيش في هذا العالم الذي أستطيع التنفس فيه بشكل صحيح ، بقية الأجواء تقتلني ، لا أجد نفسي سوى بين الكلمات ورائحة الورق . أما إنسانيا .. منذ فترة أحاول جاهدة ان أكون على الأقل ام ناجحة رغم افتقادي لمقومات الأم الناجحة ولفترة غير قليلة كنت ضد دخولي هذا العالم الغريب ، إلا إني أنا فيه الآن واجد إنسانيتي فيه رغم إخفاقاتي الكثيرة وأتمنى ان أكون انسانة بالمعنى التي تفهمه والدتي فهي لحد الآن تعتبر حياتي غريبة لا صلة لها بالإنسانية ورغم عدم وجود حد فاصل بين الإبداع وإنسانية المبدع .. لا يعيش المبدع بمعزل عن إنسانيته .. ربما هي تفسر صومي عن العالم على انه نوع من الجحود .. وبالتالي يا أخي لا اعرف حقا من انا بالضبط في المجالين .. أحاول ولكن لا أريد الوصول إلى قناعة ما . **-عرفينا برحلتك الإبداعية متى بدأت والظروف التي ساعدتك على الاستمرار والانطلاق؟ لا اعتبرها رحلة لأني لم أبدا بعد ، ما زالت خطواتي صغيرة على عتبة الكلمة ولم اصل بعد إلى ذيل حلم ، ولم أقدم شيئا بعد لأتحدث عن رحلة .. الرحلة هي التي فيها تداعيات رحلة حقيقية ومن ضمنها الأسباب والنتائج والغايات والإنتاج والوصول أو اللا وصول وهذا كله مازال حديث الولادة عندي وربما لم يولد بعد . أحاول ان اخرج الوليد بصورة حسنة . كنت مثل أية فتاة حالمة ومنطوية بعض الشيء على عالمي الخاص احلم بعيدا واجد نفسي بين الكتب التي فتحت عيني عليها منذ صغري .. أبي جعلني أحب الكلمة كنت اعشق قراءته للقصة وطريقة سرده للحكايات وبحكم كونه معلما للغة العربية فهو من جعلنا نحب اللغة العربية ، رغم أنها ليست لغتنا الأم التي نتحدث بها في البيت ، ومع ذلك عشقت اللغة ووجدت نفسي في سحر حروفها ورسمها ونغمة لفظها . بالطبع الأهل لهم الدور الأكبر في تنمية مواهب المبدع والحمد لله والدتي امرأة متفهمة من هذه الناحية وكانت تسافر معي الى بغداد لحضور المهرجانات والملتقيات لأني وقتها كنت صغيرة وأعيش في مجتمع مغلق ولهذا كانت ترافقني حتى لا احرم من الحضور وبعد مدة انطلقت لوحدي لأنهم وجدوا اني وصلت مرحلة يجب ان اعتمد على نفسي وبتُ قادرة على تحمل المسئولية . وبالنسبة لانطلاقي الأول فقد جاء من تكريمي المستمر في المهرجانات الإبداعية التي كانت تقيمها جامعة الموصل في محافظة نينوى وتعرفت على بعض الأدباء من خلال هذه المهرجانات وكانوا يرشحوني لحضور الملتقيات والمهرجانات في بغداد وهكذا .. **-لماذا تكتبين ولمن تكتبين؟ سؤال صعب رغم وجود الإجابة له ولكني لا أريد التسرع لأني لحد هذه اللحظة غير مقتنعة بالجواب الذي عندي ولكن سأقول شيئا بدئيا .. لماذا اكتب ؟ ربما اكتب لأني غير عادية ولا أتقبل الحياة العادية مثل باقي النساء ولاني لا أجيد غير الكتابة فانا اكتب على الأقل لاحس بعالمي الذي اخترته . عندما توجهت للعيش مثل أية امرأة عادية لم استطع الكتابة جملة واحدة طوال عشر سنوات وفشلت في إدارة حياتي العادية فإذا هناك خلل ما موجود ، وبعد اتخاذ القرار بصرامة والعودة الى عالمي وجدتني اكتب كما التائهة في صحراء ولم تتذوق الماء منذ دهور ولكنها لم تمت وفجاة وجدت بئرا ماؤه زلال.. بدأت اكتب واكتب واسترد كل عالمي الذي لم أعشه الا في مخيلتي طوال السنين السابقة ولم اسأل نفسي مطلقا لمن اكتب .. ربما لا احد يقرا لي ولا يغريني ان تكون لي قاعدة واسعة من القراء فانا لا ابحث عن جمهور يهلل لكل ما اكتب وربما لن يراجع ارثي احد بعد موتي ما يهمني ان أواصل الحياة من خلال الكتابة . **- هل تكتبين عن الآخر ام للآخر؟ عندما اكتب عن الآخر فانا اكتب له أيضا ، بصيغة او أخرى سيأتي يوم ما ويتلقف ما أريد قوله فيه والآخر هو أنا أحيانا . **-ما العمل الذى قدمك بقوة الى عالم الثقافة الرحب؟ ليس هناك عمل معين قدمني بقوة في ساحة الأدب ،منذ بداياتي انطلقت كاسم وليس كعمل حضرت بغداد كاسم ولم أقدم أي عمل ونصوصي كانت تثير الجدل بسبب جرأتها آنذاك رغم الكمامات الأمنية التي كانت موجودة وغالبا ما كانوا يغيرون من بعض النصوص حتى لا أتعرض لمساءلات ،ربما شخصيتي هي التي قدمتني أكثر من أعمالي ، وبصراحة كان يشار إلي أني منال الشيخ وحسب وليس صاحبة العمل الفلاني .. ولا اعرف ان كان هذا شيئا جيدا في البداية ام لا .
**-الشعر كما كانوا يقولون (ديوان العرب)..هل لازالت هذه المقولة قائمة من وجهه نظرك الشخصية؟ وما هو التعريف الصحيح للقصيدة المعاصرة ...هل هى القصيدة التى مازالت تحتفظ بالشكل الخليلى ام قصيدة النثر ام لك رؤية خاصة بهذا الإطار؟ .. لا أستطيع الجزم ان كان الشعر مازال ديوان العرب لان المشهد اختلف الآن تماما ربما للاسوا ، وربما للأحسن ، المهم لا أجد مسوغا لهذه المقولة لا أعول عليها كثيرا ، ولمَ نسمي القصيدة العمودية بالشكل الخليلي ، الخليل بن احمد الفراهيدي قدم دراسة تحليلية ونقدية ،على هيئة مسالة رياضية ، لتناسق روح النغم في القصيدة العمودية ولم يضع الشكل كبنية أساس ليتبعها الشعراء بعد ذلك .. هو كشف لنا السر واخبرنا بطريقة غير مباشرة : أنا كشفت سر بناء القصيدة العمودية والآن قدموا شيئا مختلفا ، لأنه بات من غير الممكن التعامل مع القصيدة على انها قاعدة رياضية لا نحيد عنها ولهذا شكل القصيدة عندي يأتي بالمرتبة الثانية ما يهمني هي الصورة الشعرية العالية والاشتغال على أكثر من منطقة خلق مع تأكيدي لهدم البناء لكل الأجناس وان كنا ما زلنا نتبع ما استوردناه ولم يكن يوما من نتاجنا .. فالقصيدة الآن لا شكل ثابت لها انا اقرأ نصوصا مختلفة وبأشكال مختلفة واجد الشعر في كل زاوية واقرأ الكثير مما يكتب على هيئة قصيدة نثر وابحث عن الشعر فيه ولا أجده فالشكل لا يحدد درجة الشعرية .
**-هل ترين ان العصر الحالى هو عصر الرواية ام انك ترينه عصر النص المفتوح الذى يقبل كل الأجناس الإبداعية؟ بكل مرارة أقول ان المبدع حائر بين ما مطروح في السوق وما يسوق له وبين ما يحلم ان يقدم من إبداع مختلف ولهذا فان الاشتغال في مسالة الجنس الأدبي المغاير بدا يتراجع رغم وجود تجارب فذة في هذا المجال لكنها لا تصمد كثيرا لعدم قدرة الآخر استيعاب قراءته بالشكل الذي ينبغي له .. القارئ العربي تعود التلقي السلس والمفهوم ولا يكابد عناء البحث والتفكير في جملة ما او صورة إبداعية ما ، وأظن السبب يرجع لما هو مطروح في سوق الأدب من كتابات استسهلت الكتابة الى درجة إدراج تفاصيل يومية نتحدث بها بشكل عمومي وتقديمه بطريقة الحكاية والسرد بعيدا عن الشعر فكيف تتوقع للتجارب الإبداعية الباحثة عن جنس جديد ان تنجح وسط هذا الظلم ألقرائي . **-هل لديك تفسير لهرولة الكثير من الشعراء لكتابة الرواية وخروجهم والابتعاد عن عباءة الشعر؟ في راي الرواية التقليدية هي من أسهل الأجناس الأدبية كتابة وطالما الشاعر يمتلك أدواته اللغوية والصور المتراكمة في ذهنه الحالم فهو على استعداد لكتابة رواية والعكس غير صحيح فان الروائي لا يستطيع كتابة نص شعري بسهولة وربما لن يستطيع كتابته مطلقا ويحتمل توجه الشعراء الى الرواية انهم يجدون المساحة المتاحة للإبداع في الرواية لا يجدونها في الشعر او لما يصادفونه من شهرة والمردود المادي من وراء نشر روايات تقليدية . وربما هناك أسباب أخرى تخص الشاعر لا اعرفها . **-أى الأجناس الأدبية اقرب إليك؟ ولماذا؟ اشتغل على كل الأجناس واجد ان الكاتب يجب ان يتحرش بكل جنس كتابي لتوسيع افقه ومداركه فكتابة الرواية تمنحك زاوية خاصة وكتابة الشعر كذلك وحتى المسرح هذا الفن الراقي وهكذا ، أجد نفسي في أي جنس يمنحني مساحة حقيقية للإبداع ، لحظة ولادة نص جديد دون التكهن مسبقا هل سأكتب شعرا ام رواية ام نصا مفتوحا . **-ماذا لديك عن أزمة النقد العربى؟ نقادنا لا يقلون فطرة عن قرائنا وليست هناك أزمة لأنه أصلا لا يوجد نقد عربي ، كل ما مطروح حتى الآن هو مستورد لم نأت بشيء جديد .. وهل نحلم ؟؟ **-ماهى العثرات التي يواجهها النقد العربى؟ كما قلت لك المسالة باتت مثل وضع مسالة رياضية يضعون أمامهم صيغة مكتوبة مسبقا وقد وضعت لها قوانينها الخاصة بواضعها ، ليس من اجل إتباعه وانما لتحريض الآخرين بخلق شيء جديد ولكن نحن كسالى تعودنا على التلقي لا الخلق . **-ماهي شهادتك على الواقع الثقافي العربي اليوم ؟والشخصية الثقافية العربية في ظل المستجدات الضخمة الحالية والمستقبلية؟ الواقع الثقافي ليس بحاجة الى شهادتي لأعلن على انه واقع مرير هذا واضح جدا وربما سيقول البعض اني متشائمة أكثر من اللازم ولكن والله هذا ما يحدث ولكن وبصراحة اخص الثقافة المصرية ببعض التميز لأني أحس ان هناك حريات نفتقدها في بقية الدول هي ممنوحة للمثقف المصري بشكل او آخر رغم إحساسه الدائم بأنه يتعرض للقمع ولكن بالنسبة لبقية البلدان فحاله أفضل بكثير .. وما تكون شهادتي للمثقف العربي في ظل المستجدات الحالية غير ان أقول أتمنى ان يكون هناك دور فعال للمثقف العربي في بناء مجتمعه . **-ماهى قدرة الكتابة على توصيل رسالة الكاتب؟ فرصة إيصال الرسالة ضعيفة تبعا للتغيرات الحالية ونحن نفتقر لمسالة إنشاء قاعدة قرائية صحيحة ، بدون إنشاء هذه القاعدة لن نستطيع إيصال الرسالة التي نحلم بها . **-ما رأيك بالمؤتمرات الأدبية وهل بالفعل تثرى الحركة الثقافية ؟ يفترض أنها تثري الحركة الثقافية ولكن مجمل المؤتمرات الحالية تفتقر لركائز جدية في إنجاح خطة مسيرة الثقافة وأظن إن البعض اتخذها مسالة مادية لم فيها نفع مادي يصيب القائمين على هذه المؤتمرات علاوة على توجيه الدعوات فهي مقتصرة على نفس الأسماء وتعتمد العلاقات الشخصية في اختيار المدعوين وان كانت هناك أسماء أخرى ستضاف فإنهم يضيفون أسماء مدفوعة من نفس الجهات المدعوة كل عام متناسين الجانب الإبداعي للفرد المدعو وتخيل هل نستطيع أن نأمل في حركتنا الثقافية خيرا ؟ **-ماهى وجهه نظرك بتوظيف التراث بالعمل الإبداعي؟ توظيف التراث ليس بالأمر الجديد واشتغل عليه أكثر من أديب مبدع مع اختلاف الطرح ولا باس ان يقدم كل مرة في قالب مختلف على ان لا تتكرر أدوات تناول التجربة . **-ماهو رأيك بصراحة بتقسيم الكتابة إلى ذكورية ونسائية؟ أليس هذا جد نوعا من الإجحاف للمرأة؟ هذه معضلة أزلية ولن تنتهي عند نقطة معينة ولن تتوقف مهما تنورت العقول والسبب بسيط جدا : طالما الاختلاف موجود فيجب ان يكون هناك تصنيف . وحسب إطلاعي فان المراة الكاتبة هي التي تعطي هذه الذريعة للآخر بسهولة نظرا لتوجهها الكتابي والذي غالبا ما يخلو من توجه إبداعي خالص بعيدا عن تشبثها بالجانب المظلم لأنوثتها .. عليها ان تتخطى الخطوط الخاصة بالمراة والخروج الى عالم خلق أوسع وليس بالضرورة ان تكتب إبداعها على لسان ذكر لتتنكر لهذا التصنيف هي تستطيع ان تقدم أدبا راقيا وهي أنثى دون ان يفكر الآخر عندما يقرا لها ان يصنفها في خانة الأدب النسوي .
**- هل الشخصية النسائية بالأعمال الإبداعية للكتاب والكتابات عبر عنها بصدق ومن هم ابرع من عبر عنها كذلك بالفعل؟ بسؤالك هذا ما زلت تؤكد على تصنيف المراة دون الرجل ، لم اقرأ يوما عملا وكان همي فيه ان ابحث هل تناول هذا الكاتب الشخصية النسائية بصدق ام لا ولم أفكر يوما ان اطرح صورة المراة على انها امرأة . اقرأ عنها على انها عنصر من عناصر التناول الأدبي حالها حال الشخوص والموضوعات الموجودة في العمل الأدبي . ولهذا السبب لا أستطيع إعطائك أسماء بذاتها عبر عن المراة ببراعة . **- يدعون ان الصحافة هي مقبرة الأدب..ما ردك على ذلك؟ هي كذلك عندما تصاغ مقالاتها وأخبارها على أساس المجاملة والسطحية في تناول الإبداع ظنا منهم انهم سيثرون الأدب العربي والحاصل هو العكس تماما . أكثر ما يفسد الأدب هي المقالات المدفوعة بلا مسوغ وصياغة الأخبار بشكل لا يتحمله فحوى الخبر . وخاصة الآن هناك بعض الصحف وأعلنها غير نادمة تتبع في سياستها لرصد المشهد الأدبي نظام ( مركن الضبع ) ومركن الضبع هنا أتحدث عنه ، وهو مقتبس من تسمية ثمانينية أطلقت على جماعة لا تقبل التغيير والمغادرة من مكانها لصالح الفن ، وعندما أتصفح الصفحات الثقافية اليوم أجد هذه المقولة تنطبق على القائمين عليها :بعملهم مثل الضباع ينامون ويعيشون ويتناولون الطعام ويمارسون الجنس ويتغوطون في نفس المكان ولا يأكلون سوى ما يتبقى من وجبة الذئاب !!! وكل هذا يأتي بسبب الرغبة في احتكار جهة أدبية على أخرى وعدم إعطاء المتنفس للآخر أن ينطلق. **-هناك شغف ووله بكتابة القصة القصيرة لدى الكتاب والكاتبات العرب...هل هذا على اعتبار إنها الأسلوب الامثل للتعبير عن الذات العربية بصفة عامة؟
لا اعرف ان كنا نستطيع ان نسميه شغفا من خلال إطلاعي لا ألمس هذا الشغف ، أرى التوجه لكتابة قصيدة النثر أوسع من غيرها وحتى النصوص المفتوحة قلما تجد تجربة او تجربتين بي الحين والآخر والقصة القصيرة الآن تأتي على شكل مدونات يومية نكاد نلمس هذا حتى من خلال التفاصيل اذ بعد قليل من محادثتك لي تستطيع ان تكتب قصة قصيرة وتنشرها في الصحف في اليوم الثاني تحت مسمى القصة القصيرة .. والسبب كما قلت استسهال الكتابة. **-ما الذى يدفعك أحيانا لمراجعة أوراقك الإبداعية؟ ومتى تضطرين لذلك؟ يجب أن أراجع كثيرا وبعد انتهائي من عمل اتركه لفترة ثم أعود لأتفحصه من جديد وكل مرة تظهر أشياء أما ألغيها او أضيفها لان نظرتي ستختلف بعد مدة وقبل ان يكتمل ،عندما اصل الى قناعة ان العمل وصل مرحلة النشر دون ان يكتمل انشره وأكمل في عمل آخر ليس ما بدأته هنا بل لأبدا من حيث توقفت .. وكثيرا ما أعود إلى نصوصي حتى لا أنسى ما قدمته لتجنب تكرار نفسي وان كان يحدث أحيانا لان العقل الباطن للمبدع فيه خزين كبير يظهر منه ما يرغب به اللاوعي ودون قصد نرى إننا نكرر أنفسنا ولكن درجة التكرار تختلف من مبدع لآخر.
**-هل لك أيدلوجيا معينة عند الكتابة؟ أبتسم لهذا السؤال اللطيف وكأنك تطلب مني أن اكشف السر مثل الخليل . ساترك الجواب مفتوحا أمام المتلقي. **-هل هناك علاقة بين الأدب والسياسة؟...وكيف تكون العلاقة بينهم مثالية من وجهه نظرك؟ بالطبع ، الأدب مرتبط بشكل قوي بروابط الحياة الاجتماعية والسياسية والدينية وهم المبدع هو التوصل الى مباديء مثالية في السياسة وأنت ترى في التاريخ اكثر الذين كانوا يعانون في تثبيت أسس السياسة هم الأدباء وبعضهم دفع الكثير من حياته وعمره من اجل كلمة في السياسة . والعلاقة المثالية لن تحدث مطلقا طالما السياسة تتزعمها رؤوس خاوية بعيدة عن هم الإنسان ما يهمهم هو البقاء على الكرسي ليس الا .. ويجب ان تلمس هذا انهم يتخذون الأدب ذيلا ومتكأ لتحقيق أغراضهم وليس أساسا لتوجه صحيح نحو بناء علاقة مثالية بين الأدب والسياسة . **- ما مدى ارتباط الأجناس الأدبية بعضها بالبعض؟ كيف أجيبك على هذا السؤال وأنا من دعاة رفض الأجناس الأدبية بمفهومها التقليدي وسنتحدث عما المسه من إطلاعي، هذا الارتباط ربما يظهر واضحا بين جنسين وهو الراوية والمسرح ولا أقول القصة القصيرة لان مقوماتها مختلفة بينما أستطيع تحويل أية رواية إلى مسرحية وبنجاح وبنفس الدرجة من الإبداع .. أما علاقة بقية الأجناس فهذا يتوقف على براعة الكاتب نفسه وكيف يوظف هذه العلاقة بطريقة إبداعية غير مسبوقة كان نقرا نصا في شكله رواية وفي نفسه الشعر وكذلك بقية الأجناس . **-ما مدى الحلم عندك إنسانيا وإبداعيا؟ وان كنا قد ذكرنا أنفا انه لا حد فاصل بينهما ولكن نقول على الأقل حلمي إنسانيا لا يتعدى حلم أي إنسان يعيش في بلد يعاني الأمرين أتمنى لبلدي الخير كله وان تتوقف هذه المأساة وحلمي ان أرى وطني مثل باقي الأوطان أتجول في شوارعه بلا قيود وأتلمس ترابه بلا غرباء يحولون كل ما هو جميل الى خراب . وإبداعيا لا اطمح بأكثر من استمراري في الحلم الذي أراه يهبني الحياة حين اكتب شيئا . **- ماهى نظرتك الناقدة لأبناء جيلك من الكتاب؟ قضية التجييل قضية رفضتها علنا وان كانت لدي نظرة ناقدة فستكون على المشهد الأدبي ككل ولا أجزء المنجز الأدبي الى أجيال هذا الطرح لا يخدم الأدب بقدر ما يقيده في زاوية ضيقة ..ولحد هذه اللحظة لست مؤهلة لأكوّن نظرة ناقدة على المشهد الأدبي . **-الرقابة والمصادرة والقمع والإرهاب الفكري هل هم أساس التراجع الثقافي بالوطن العربي؟ اسباب كثيرة من ضمنها التي ذكرتها وأضف الى ذلك معاناة الفرد العربي ومكابدته لإيجاد سبل الحياة الكريمة كل هذا يساهم في تراجع المسيرة الثقافية . **- ماهو المشروع الأدبي الذي تسعين لتحقيقه؟ فرق بين ما أسعى لتحقيقه وبين ما احلم به .. وأنا ما زلت احلم وليس هناك شيء ملموس أسعى لتحقيقه .
**-من من الكتاب الذين تأثرت بهم عربيا وعالميا وأسباب ذلك التأثر؟ اتاثر بالكلمة دون صاحب الكلمة وربما تأثرت بقصاصات لم أقرا أسماء أصحابها أكثر بكثير من أعمال عالمية وعربية معروفة والآن اقرأ لهؤلاء للإطلاع على مسيرة الأدب وتاريخه وليس بسبب التأثر . لا استجدي الأسماء الرنانة لأقول اني تأثرت بفلان او فلان .. فيّ يؤثر العمل الصادق والمصاغ بمجهود فردي رائع بلا مراعاة الاسم اذا كان كبيرا ام مجهولا .
**- لمن تدينين بالفضل أدبيا؟ لا أنكر في بداياتي استعنت بالأكثر خبرة لأني كنت اجهل الكثير عن الجو الأدبي وربما مساعدتهم المعلوماتية والمعرفية هي التي ساعدتني كثيرا في فهم مسالك الخوض في عالم الأدب . صديقي الرائع بشار عبد الله كان له الفضل الكبير في توسيع مداركي والأخذ بيدي في بداياتي وراعاني مراعاة أب ومعلم رغم عدم وجود مسافة عمرية كبيرة ولكن اعتبره فعلا موسوعة شاملة لم تأخذ حظها الوافر من الأدب ، مع الأسف . - هل تستطيع الثقافات العربية تحقيق الحلم الذى صار الحديث به ضربا من ضروب الخيال والوهم آلا وهو( الوحدة العربية)..وماهى آليات ذلك من وجهه نظرك الذاتية ...وما هو دور المثقف والمبدع العربي بذلك؟ لا اعرف الصيغة التي ممكن ان نراهن بها على ان الثقافات العربية من شانها ان تحقق الحلم الذي تتحدث عنه وحضرتك حكمت عليه مسبقا انه بات ضربا من ضروب الخيال .. أظن ان الثقافة العربية هي ثقافة سلاح وقوة او هكذا بدأنا نلمس حتى تجربة الوحدة العربية في التاريخ نفذت تحت قوة السلاح فأي أمل ترجو من إنجاح تجربة تنمو تحت ظلال القوة . برأي ، وان لم يكن مهما ،ان نبتعد عن هذا الزاوية الضيقة في التفكير ولنمنح الإنسان أفق أوسع، بدلا من خنقه بنطاق القومية والجنسية لنتعامل مع الفرد حسب إنسانيته وعمله الذي يقدمه في خدمة مجتمعه . لان الحديث في هذا الأمر ينطبق عليه المثل المصري ( نفخ في قربة مقطوعة ) . العرب تعودوا على الانسلاخ من الآخر ويعيشون في حالة من الاستقلالية التامة بإدارة أمورهم ولا أظن ان هناك رغبة قيادية في إعادة تجربة الوحدة العربية( ان كانت ناجحة وقتها ) . لذا فليس ثمة آلية من شانها ان تنجح العملية . أما بالنسبة لدور المثقف كما ذكرت من قبل في إحدى حواراتي فان المثقف العربي لا يجيد سوى الثرثرة ، إذا صح التعبير ، وعذرا على هذا الحكم ، وأنا منهم، لأنه لا يوجد العقل المفكر والمنفذ لما يطرحه المثقف كما قلت الكلمة الآن للقوة .
**- كيف يمكن لنا أن نجعل من القراءة جزءا بيولوجيا وأساسيا من نشاطات المواطن العربى فى ظل إحصائيات دولية تقول ان معدل القراءة لدى هذا المواطن لا يتجاوز الست دقائق بالعام؟ وربما اقل ، في هذه الظروف الراهنة وضِعَ المواطن العربي في دوامة البحث عن مسببات الحياة أولا من مأكل ومشرب ومسكن وهذا ما ينقص عموم الشعب العربي ، باستثناء بلدان صغيرة تعتاش على واردها من النفط وربما لفترة ، وظروف البلدان المنكوبة التي تصارع نيران الحروب المتوالية عليها، فان هذا الهم الذي يحمله المواطن جعله بعيدا عن الحياة الثقافية وابسط جملة تسمعها منهم هو ( هل الثقافة توفر رغيف الخبز ) ، ورغم مرارة الواقع إلا أن جانب من هذا الأمر صحيح ويجب ان نحمل مسئولية إهمال القراءة وتثقيف المواطن السلطات الحاكمة أولا لأنها المعنية بتوفير مسببات الحياة الكريمة للفرد ومن بعد تأسيسه لثقافة متقدمة .. ولكن هل نستطيع أن نحلم بهذا اليوم ، لا أظن ذلك .
**- رسالة ترغبين توجيهها الى كل من ...المسئولين عن الثقافة العربية...والى الكتاب العرب...والى القارئ العربي...والى الإعلام العربي ...والى منال الشيخ...ماذا تقولين بها؟
إلى المسئولين عن الثقافة العربية : آن لكم أن تترجلوا عن ظهر السفينة . إلى الكاتب العربي : كن ما تريده لا ما يريده الآخرون وبلا مهادنات على حساب نفسك . إلى الإعلام العربي : اخرجوا من مركن الضبع واسمحوا للجدران باحتواء نوافذ مطلة على عين الحقيقة . إلى منال الشيخ : ربما لو صمتي قليلا لكان وضعك أفضل .
**- ما هو استشرافك المستقبلي للثقافة العربية؟ سأعمل بالرسالة الأخيرة لمنال الشيخ .. وأصمت قليلا .
#منال_الشيخ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المراة المبدعة .. والانسلاخ عن عباءة الرجل
-
قبل ان يموت البحر
-
no bravery
-
همي انتم ... تبا للكلمة
-
لن اعشقك ثانية ..يا حرية
-
كولومبس ثانية
-
انا من قتل الملك
-
بريد احمر
-
هذا الاب الكبير لا يستحي
-
بعيدا عن الجسد ، عماد فؤاد في عجاجة شعره
-
انحراف التوابيت
-
استمكانات غيمة عوراء
-
انتهاك غيث الفردوس
-
ثلاثية الاختلاس
-
حتما نحن لا نشبه احد .. ولا يشبهنا احد
-
انخساف ذاكرة رملية
-
النشأة الثانية
-
فرار من حرير
-
سواقي الرسن
-
قراءة شعرية في من يسكب الهواء في رئة القمر
المزيد.....
-
الأكثر ازدحاما..ماذا يعرقل حركة الطيران خلال عطلة عيد الشكر
...
-
لن تصدق ما حدث للسائق.. شاهد شجرة عملاقة تسقط على سيارة وتسح
...
-
مسؤول إسرائيلي يكشف عن آخر تطورات محادثات وقف إطلاق النار مع
...
-
-حامل- منذ 15 شهراً، ما هي تفاصيل عمليات احتيال -معجزة- للحم
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تصفية مسؤولين في -حماس- شاركا في هجوم
...
-
هل سمحت مصر لشركة مراهنات كبرى بالعمل في البلاد؟
-
فيضانات تضرب جزيرة سومطرة الإندونيسية ورجال الإنقاذ ينتشلون
...
-
ليتوانيا تبحث في فرضية -العمل الإرهابي- بعد تحطم طائرة الشحن
...
-
محللة استخبارات عسكرية أمريكية: نحن على سلم التصعيد نحو حرب
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|