عليان عليان
الحوار المتمدن-العدد: 8440 - 2025 / 8 / 20 - 18:11
المحور:
القضية الفلسطينية
بقلم : عليان عليان
الصفقة المصرية - القطرية التي تم الإعلان عنها في الثامن عشر من شهر أغسطس ( آب ) الجاري ، بموافقة ضمنية أمريكية، ووافق عليها المفاوض الفلسطيني القائد خليل الحية – رئيس حركة حماس في قطاع غزة- بعد ، باتت تحظى بموافقة قادة فصائل المقاومة في قطاع غزة ، الذين جرى التشاور معهم بهذا الشأن أتناء وجودهم في القاهرة.
ما يجب الإشارة إليه ، أن المقاومة اشترطت ابتداءً للعودة للمفاوضات، إيصال المساعدات إلى قطاع غزة من قبل المؤسسات المؤممية، وليس من قبل المؤسسة الصهيو أمريكية المسماة " مؤسسة غزة " التي استثمرها العدو كمكان لقتل أكبر عدد من أبناء القطاع، الذين يحضرون للحصول على كيس من الطحين وكميات ضئيلة من الرز وغيره، فالقطاع يشهد حرب تجويع لا مثيل لها منذ (2) مارس ( آذار الماضي) بالإضافة إلى حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي .
قراءة أولية في الصفقة
وعودة المقاومة للمفاوضات جاءت ، في ضوء تضمين الصفقة (المقترح) بند إيصال المساعدات الغذائية والطبية وغيرها من قبل مؤسسات الأمم المتحدة وعلى رأسها ( الأونروا) في حين أن العدو الصهيوني لم يعلن حتى اللحظة ، عن موافقته على الصفقة المقترحة ، وفي ذات الوقت يكثف من عمليته العسكرية في مدينة غزة ، عبر القصف التدميري لحي الزيتون – أكبر أحياء مدينة غزة- من خلال الأحزمة النارية واستخدام " الريبوتات" لتدمير بنايات الحي ، كخطوة أولية للانتقال إلى بقية أحياء المدينة، لدفع حوالي مليون فلسطيني في المدينة لمغادة المدينة باتجاه محطة التهجير " مدينة رفح".
أدنى قراءة لهذا الاتفاق تشير إلى ما يلي :
1- أن المقترح المصري – القطري ،يكادة يكاد يتطابق" مع خطة سابقة طرحها المبعوث الأميركي "ستيف ويتكوف" التي وافق عليها المفاوض الفلسطيني ، ووافقت عليها حكومة العدو الصهيوني ، قبل انسحاب الوفدين الإسرائيلي والأمريكي بدون مبررات مقنعة، في محاولة بائسة ومكشوفة للضغط على المفاوض الفلسطيني لتقديم تنازلات على حساب ثوابت المقاومة الرئيسة .
2- أن المفاوض الفلسطيني بموافقته على المقترح المصري – رغم بعض الملاحظات- يكون ألقى الكرة في مرمى الكيان الصهيوني الذي لم يحسم بعد موافقته على المقترح.
3- أن المقترح لم ينص على تسليم نصف الأسرى من الأحياء والأموات في الأسبوع الأول دفعة ، واحدة كما ورد في الصفقة السابقة من الهدنة الممتدة على مدى (60) يوماً فقد نص على الإفراج عن (8) أسرى إسرائيليين أحياء ،مع بداية الهدنة التي ستستمر 60 يوما يجري فيها التفاوض على وقف شامل للحرب ، والإفراج عن أسيرين آخرين في اليوم الـ50 من الهدنة، وبالمثل سيفرج عن جثث القتلى الإسرائيليين تدريجيا، ما لا يتيح للعدو الصهيوني الانسحاب من الصفقة، بمجرد حصوله على نصف الأسرى الصهاينة دفعةً واحدة.
4- أن الاتفاق لم يتضمن تجريد حركة حماس وبقية فصائال المقاومة من سلاحها وهو الشرط الذي طالما تشدق به نتياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
5- وتعهد الوسطاء في المقترح بالعمل على عدم العودة للحرب، في حال لم يتم التوافق على وقف الحرب خلال هدنة الشهرين المقترحة، لكن هذا البند ليس منصوصا عليه في الاتفاق ، ما يعني أنه لا يتضمن ضمانات لوقف الحرب في حال فشل المفاوضات بشأنها.
6- في سياق المرونة التكتيكية، قبل المفاوض الفلسطيني، بأن تنسحب قوات الاحتلال إلى مسافة ألف متر من الحدود مع القطاع وإلى مسافة 1200 متر من المناطق المأهولة بالسكان ، حتى تدخل المساعدات بالشكل اللازم لشمال القطاع وجنوبه ،لإنقاذ السكان من التجويع الذي يتعرضون له.
7- في قضية تبادل الأسرى ، قبل المفاوض الفلسطيني بنص المقترح الجديد ،حرصاً على وقف حربي التجويع والإبادة ، التي راح ضحيتها ارتقاء وإصابة ما يزيد عن 220 ألف فلسطيني ، فالمقترح نص على تبادل 10 أسرى إسرائيليين أحياء و18 جثة مقابل 1700 أسير فلسطني منهم 45 من ذوي المؤبدات و15 من ذوي الأحكام العالية ، وهو في قبوله بمعادلة التبادل المطروحه تراجع عن الأرقام السابقة ،التي كانت لمصلحة أعداد الأسرى الفلسطينين الذين كان سيتم الإفراج عنهم خاصةً من ذوي الأحكام المؤبدة والعالية ، فقد نص فقط على تحرير (45) أسيرا فقط من ذوي الأحكام المؤبدة و (15) فقط من ذوي الأحكام العالية و ( 1500) أسير معظمهم من الذين جرى اعتقالهم من قطاع غزة الذين جرى اعتقالهم منذ أكتوبر 2023 .
خلاصةً: يمكن الجزم أن التنازلات التكتيكية التي يقدمها المفاوض الفسطيني من خلال الصفقة المقترحة ، في مسألة الانسحابات الصهيونية الجزئية وغيرها ، لم تكن على حساب الثوابت الاستراتيجية الرئيسة المتمثلة في وقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة ، وانسحاب قوات الاحتلال من عموم القطاع ، وإدخال المساعدات المطلوبة لقطاع غزة.
كما أن قبول المفاوض الفلسطيني بهذه الهدنة وتفاصيلها، يمكن المقاومة مجدداً من إعادة ترتيب صفوفها ، وضم مقاتلين جدد وتدريبهم ، وتصنيع الأسلحة ، للاستمرار في حرب الاستنزاف ، للتعويض عن خذلان وخيانة العديد من أطراف النظام العربي الرسمي.
مماطلة الجانب الصهيوني
الجانب الإسرائيلي لم يرد على المقترح لا بالرفض ولا بالقبول ، في حين يصرح نتنياهو بأنه يريد تحرير كافة الأسرى في إطار ثوابت الموقف الإسرائيلي ممثلةً بتجريد حركة حماس وبقية فصائل المقاومة من سلاحها ، والسيطرة العسكرية الكاملة على قطاع غزة ،وإقامة إدارة مدنية عميلة في القطاع ، دون أي دور لحماس والسلطة الفلسطيني، زاعماً أنه دخل في المرحلة النهائية للقضاء على حركة حماس من خلال المرحلة الثانية من عملية عربات جدعون ، متجاهلاً حقيقة أن المقاومة هزمته في كل المراحل وعبر كل الخطط ، وأنه يواجه الهزائم الهائلة في المرحلة الراهنة.
ويتصرف نتنياهو حتى اللحظة وكأن المقترح غير موجود ، وتنصب تصريحاته وتصريحات رئيس أركانه ووزير حربه على المرحلة الثانية من خطة عربات جدعون، التي تقضي باحتلال مدينة غزة وتدميرها وتهجير أبناءها إلى محطة رفح ، ثم الانتقال إلى المخيمات الوسطى وتدميرها وترحيل أبنائها إلى رفح ، من أجل تهجير عموم أبناء القطاع عبر البحر أو إلى سيناء.
ما يجب الإشارة إليه هنا أن العدو يدرك جيداً أن مخططه في القطاع أمامه مصاعب كبرى تحول دون تحقيقه جراء عدة عوامل أبرزها :
1- الخسائر البشرية الكبيرة المتوقعة في صفوف قوات الاحتلال جراء تنفيذ المرحلة الثانية من خطة عربات جدعون ،والتي سبق أن تحدث عنها رئيس الأركان إيال زامير ، وإشارته إلى الإحباط الكبير في صفوف قوات الاحتلال والنظامية.
2- أن المقاومة باتت في مرحلة ما بعد العدوان الجديد في 18 مارس – آذار الماضي أكثر صلابة وقوة من المراحل السابقة ، وباتت توقع في قوات الاحتلال خسائر كبيرة على الصعيد البشري وصعيد المعدات ، وأن كل ما يذكره قادة العدو عن انتصارات في الميدان لا يعدو كونه كذب أشر، تكشفه وسائل اعلام العدو وقادة عسكريون سابقون ، الذين باتوا يتحدثون علنا عن صعوبة هزيمة حماس وفصائل المقاومة.
3- الحراك في الشارع الإسرائيلي المطالب بوقف الحرب والإفراج عن الأسرى الصهاينة ، فاق كل التوقعات، عندما لبى ما يزيد عن مليون صهيوني دعوة هيئة عائلات الأسرى الصهاينة الدعوة للتظاهر في 350 منطقة ، والإضراب في مختلف أرجاء فلسطين المحتلة عام 1948الذي شاركت فيه شركات ومؤسسات القطاع الخاص والجامعات والمدارس والعديد من النقابات .
4- تصاعد الضغط الدولي الغربي على الكيان الصهيوني ، ممثلاً بالاعتراف بالدولة الفلسطينية ، والتهديد بتعليق الاتفاقات التجارية والتقنية والعلمية مع الكيان الصهيوني مع ضرورة الإشارة هنا أن هذا الموقف الغربي لا يعني التخلي عن ( إسرائيل) في السياق الاستراتيجي.
في ضوء ما تقدم ، يمكن توقع مشاركة حكومة العدوفي المفاوضات ، لإنجاز صفقة جزئية ، تنقذ من خلالها نصف الأسرى الصهاينة ، وتتحرر نسبياً من العزلة الدولية وفي ذات الوقت تصر في المفاوضات خلال الهدنة، على شروطها الخمسة وعلى رأسها : القضاء على حركة حماس وتجريددها وتجريد قطاع غزة من السلاح والسيطرة الأمنية على قطاع غزة، وتنصيب إدارة مدنية عميلة خاضعة لسيطرة الاحتلال ، ورفض إخضاع قطاع غزة لسيطرة حركة حماس أو لسيطرة السلطة الفلسطينية.
إذ أن توجه نتنياهو لإفشال المفاوضات خلال فترة الهدنة ، يبدد مخاوف حليفيه سيموريتش وبن غفير من أن تقود الصفقة إلى إنهاء حالة الحرب.
دينامية الصراع وجدليته
وأخيراً لا بد من الإشارة إلى مسألة محدة ، وهي أن ديناميات الصراع وجدليته بين المقاومة وقوات الاحتلال ،في ضوء حرب الاستنزاف التي تخوضها المقاومة وتأثيراتها الهائلة على صعيد الخسائر البشرية ، وعلى الصعيد الاقتصادي ، وعلى صعيد الانقسام الداخلي والعزلة الدولية ، قد تجبر العدو الصهيوني على وقف الحرب رغم مخطط نتنياهو للاستمرار في الحرب، حفاظاً على مصالحه الشخصية وعلى عدم انفراط حكومة الإئتلاف اليمينية المتطرفة ، خاصةً إذا تطور الحراك الداخلي في الداخلي إلى عصيان مدني شامل .
انتهى
#عليان_عليان (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟