محمد صبيح
الحوار المتمدن-العدد: 1822 - 2007 / 2 / 10 - 08:38
المحور:
الادب والفن
مع الأعتذار لمحمود درويش في أرض لم يعد عليها ما يستحق الحياة !
... وبعد أن فرغ القائد البارز من حلب التحليل في وعاء اللحظة السياسة على مائدة الساحة الفلسطينية , وبعد بتراطرافنا بسواطير الظرف الذاتي واثخننا بسكاكين الموضوعي .. ثم دولبنا مع المنعطف التاريخي والظرف الدقيق الأنيق .. وقف احد المخمورين ب" كونياك موجز الأنباء " من الصف الأخير وسئل وهو يداعب قلفة المايكرفون : ولكن الى اين يمضي الأن شعبنا يا رفيق !
ران صمت القبور على القاعة .. وقعت أبرة الأنتباه سمعنا جميعاً رنتها , فجأة ... وصاحت عجوزٌ " من جماعتنا " وجهها شاهدة قبر جماعي وكانت للتووصلت بعد أن علمت ان القائد البارز يزور المخيم ليلتها : الى الجحيم .. ثم دلقت سطلها ببراعة نساء المخيم في وجوهنا .. وخرجت !
الى الجحيم ِ
خفافا الى الجحيم
سراعاً الى الجحيم أفرادا ً وزرافات هلموا للجحيم " ويا شعبي يا عود الند ِ .."
تعالوا الى عود الكبريت لنشعلها .. نار الفصائل جاهزة لحفل الشواء الجماعي وزيت القبائل والحمائل والعشائر وصل ومن كل العواصم غربا وشنقا ً ..
قتلى طيعون سنملأوها حطبا " جهنم الموعودة " و النار ذات الوقود , وكلنا اليوم عليها قعود " .. قل سئمنا رياحين الجنان وآن اكتظاظنا على معبر الدرك الأسفل من جحيمنا ..
الى الجحيم الى الجحيم .. لا شهداء ولا شعراء ولا بطيخ !!
.... كنت ُ صغيرا يومها حين جرتني امرأتان كنعانيتان الى قبر ٍ يتدثر بأكاليل الزهور " والحب ذو العصف والريحان " وجلسن للمغيب ينُحنَ على النائمين تحت الرخام هطلن غزير الدمع ثم اخذن بعزف مقاطع رعوية من تراث المجازر والأساطير وبتناغم نايات ٍ أوسطية كنت انا وشاهد القبر ننصت خاشعين ....
" لمين هالباروده اللي شلشها ذراع
هاذي للسبع وطايحا ... تنباع
ويا مكتََّلين يا مسنّدين بحجاره
مدري مرظ .. ولاّ حظرتوا الغاره
يا مكتّلين يا مسنّدين بمخده
مدري ذبح ولا حظرتو الهده
صرلي زمن ما شفت ابو الكوفيه
نصبت عليه بنت العرب شمسيه ! "
..... وصعدت .. صعدت ُ مع النائحات حتى هبطنا انا والليل والضلوع مع القمر الكئيب ..ولا زالت منقوشة على شاهدة الذاكرة الخائنة تلك الكلمات المضمخة بالحزن واللوعة والفخر والفجيعة وهي تعبق بالصبر والبطولة .. ولا زلت اسمع النواح حتى الليلة الماضية واذكر جيدا شاهدة القبر ولوحها المحفوظ وذلك العلم الأسطوري الذي سيصعد بنا جميعا الى الجلجلة" لاحقا " يزين حروفها " الفاتحة لشهداء الثورة الفلسطينية محمد , احمد , محمود , خليل ......... "
وكان أن " امنت ُ باالشعب المُضيع ِ والمكبل "
...............................
..........................................
كان عنوان الصحيفة غارقا ً بالأمس في لحم الكارثة كنصل ٍ قديم ٍ في صدر فتاة من " دير ياسين " او لعله بقعة دم ٍ علقت على ثوب ذاك العجوز في " شاتيلا " وهو على صورته الخالده ......... " شهيدان في رام الله خمسة قتلى في شمال غزة !!!!!!!"
وصرخت بي أزقة المخيم وهي تضيق كفوهة قناص ٍ يتربص صيده .. يا محمد هل تسمعني .. يا محمد يوم ٌ بيوم .. يوم نُساء ويوم .. نُساء .. يا محمد قتلانا في النار وقتلاكم في .. النار ايضاً .. يااااااا محمد وهتفت مجاميع اللاجئين وفقاقيع النازحين ... أعلوا هبل ... اعلوا هبل !
شهيدان في رام الله خمس في غزة .. والقادم أقذر .. وتحمد الله كثيرا لازال لدينا شهداء على الأقل .. وتتابع بحدقات مشنوقٍ بحبل ال خبر العاجل " هذا ولاتزال الأشتباكات بين الأخوة الفلسطينين مستمرة .. وحتى ساعة أعداد هذا النبأ " تهوي سبعون ذراعا .. تقفل التلفاز والذكريات وصناديق الوهم وتطبق على النار فمك تتمتم ُ مذهولا ً عن " النبأ الذي هم فيه يختلفون " !
ورأيتكم تحرقون دولة تجري من تحتها الأنهار يا ابن امي
قابيل يا ابن الشهوة والسلطة والوهم المتزلف بالآيات والنشيد الوثتي تلثّم قبل خطوك َ جيدا ً كي لاتراك شقيقة اختك او شقيق اخيك
بالخيش تلثم كي لاتبصر وحل الدمع وسحل الراعف حين يشق عيون ابيك
وتأكد من طعن رصاصك فالمجزرة على بعد المهزلة واقرب من مؤتمرين صحافيين تقدم وخطيئتك ستغفرها الآيات الشيطانية هي بضع رصاصاتٍ مؤمنةٍ في صدر اخيك الظالم الذي يوسع في الأرض فسادا وتسويات .. ستأتيك وفود وجنود لن ترها .. وعشر فضائيات ٍ في اتم الجاهزية كي تنقل الثورة والأنسان وشعب الأرض على الهواء مباشرة .. الى الهواء مباشرة ثمة شعب عاش ومات من اجل الهواء ..يخطو مزنرا ً بعلامات الساعة نحو الهواء .. ليجد الهواء بانتظار الهواء !
قااابيل تقرب لله بقربان الدم ْ .. دم اخيك سيقبله الرب سعيدا هذي المرة .. هذي غزة تغرق في بحر الدم ِ أخيرا يبتسم سعيدا رب الجنود لخطوك فتقدم مبارك الخطوات على وقع فحيح صلاة الرب .. هللللويا ... هللللويا .. هلللللللووويييا
قاااايين ُ بعتاده وعديده يتقدم جحفلاَ لايشق له بأذن الرب غبار " وحتى اشعار أخر " وحتى تفيئ الى امر الله " ....
هو الحق يحشد أجناده ُ ويعتد ُ للموقف الفاصلٍِ
فصفوا الكتائب آساده ودكوا بها دولة الباطل
................
............................
صرح هابيل أخيرا ً والشرر المتطاير ُضاء النفق العتيد أطلت مأذن القدس واشرقت بنور الجبار كنائسها : لأن بسطت يداك لتقتلني ...
لأحرقن الأخضر والأصفر .. !!!
" ويا حيّا الله يا حيّا الله..
رجال والله رجال والله
هظا هم هظا هم ِ .... ِ الفلسطينييييييييييييه!!!!!!!!!!!!!!! ّّّّّّّّّّ
....................................
........................................................
من أين يجيئ الجنون هذا المساء يا بلدي ..
وانت ضجيعة المجانيين , وفجيعة المييتين .. جنون ٌ جنون .. هل ثمة جنون ٌ جماعي ٌ شخص مثله الأطباء والمحللون والمحرّمون قبل هذا الشعب .. ثمة انفلونزا فلسطينيه تجتاح هذا الرأس المثقوب برصاصات الأخوة المتقابلين المتقاتلين امام كل متاريس الهستيريا التي تشاد في الحواري والشوارع المصحات !
ورمٌ خبيث يتواصل في الدم والعروق .. ولعلهم وضعوا شيئا في الماء والهواء .. بارانويا وعمى الوان ٍ شديد يغلف العيون والقلوب والذاكره ...!! وما بين ليلة وضحاها صحوت على شعب الجبارين وجدتهم " خونة , مفرطون , مستسلمون , عملاء , فاسدون , فاسقون , ظلامييون وكفرة !!!
وجدتهم كفاراً يضربون أعناق بعضهم بعضا َ يا رسول الله....
وجدتهم يفترسون بعضهم بعضا في غابة البنادق يا ابا عمار....
وجدتهم والدم الفلسطيني اعظم الحلال وسلم الجنة يا شيخ أحمد الياسين
وسمعتهم يتفاخرون ممنطقين ببنادق الفرس والروم " ليخرجن الأعز منها الأذل " .. يوقظون الفتنة وهي تغط في نومها العميق ِ .. يهزونها طويلا لتصحو وقد هيئوا لها حماما دافئا ً من دم اطفال جباليا ورفح لتستيقظ نشيطة ومرتاحة الضمير " والضمير من الجملة غائب " زينوها بحرير " المصالح العليا للشعب " وكحلوها بمرود الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " ....... الله اكبر
ثم ساروا جميعا صفيّن الى" صِفينَ
خلف جملها "...... اقيموا بني امي صدور مطيكم .. أقيموا بني أمي مطيكم ! "
تلك الليلة وعلى ضؤ شتاء متأخر .. وانباء فلتان ٍ مبكر .. كنت اخطو متعثراَ منهوكا بالرعب والخوف " والخَزيّ الذي لاينتهي ... في ليلة لاتنتهي " ووجدتني أجثو على أستبرق القبر القديم آياه .. وانوح مع النائحات .. قرأت لي ما تيسر من الفاتحة عليهم .. ومن الخاتمة علينا .. وغبطت النائمين في الرطب هنالك ..
ذهبوا مثقلين بسلال العزة والفخر
منتشين بالدم لون الدم... والريح ريح المسك
متدثرين بعلم الثورة حتى النصر
... وقيل افتح يا رضوان بابك الموعودِ فهؤلاء بعض من انبياء وصديقيين وشهداء
هؤلاء ما تبقى من فلسطينين نالوها رافعي الرأس ِ مقبلين غير مدبرين ...فاشهد أني قد غفرت لهم ما تقدم من ذنبهم وما تأخر .. واشهد أني اعددت ويلا ً لأمةٍ نقضت غزلها من بعد قوتهم أنكاثا ... !
" الفاتحة على روح شهداء الثورة الفلسطينيّة محمد , أحمد , محمود , خليل ................ " .
محمد صبيح
الأردن- الزرقاء
رئيس نادي أسرة القلم الثقافي
[email protected]
#محمد_صبيح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟