أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - ثقافة الإضراب














المزيد.....


ثقافة الإضراب


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1820 - 2007 / 2 / 8 - 11:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الإضراب عن العمل ليس "اختراعا" جديداً فى مصر، بل أن له تراثاً ممتداً يقول بعض المؤرخين أن بداياته تعود إلى زمن بناء أهرامات الجيزة، ويؤكدون ان العمال الذين شاركوا فى تشييد هذه الصروح الشامخة، التى أصبحت إحدى عجائب الدنيا السبع، قد أضربوا عن العمل بدل المرة مرات.
لذلك عندما يقوم البعض اليوم، بالإضراب عن العمل ونحن فى بدايات القرن الحادى العشرين، فان ذلك ليس بدعة.
أضف إلى ذلك أننا مادمنا قد أخذنا بنظام اقتصاد السوق فلا مناص من ان نطبق جميع آلياته دون انتقائية. فمن غير المعقول أن نطبق الآليات المتعلقة بحرية رأس المال وحمايته ونتجاهل آليات حماية حقوق العمال بمختلف الأساليب، ومنها أسلوب الإضراب الذى تكفله التشريعات العالمية والوطنية على حد سواء، بما فى ذلك أحكام القضاء المصرى وأشهرها الحكم فى قضية إضراب عمال السكك الحديدية فى الثمانينات.
وتزداد الحاجة إلى ذلك فى ظل برامج الخصخصة التى تنقل ملكية وسائل الإنتاج من أيدى الدولة إلى أيدى القطاع الخاص المحلى والأجنبى.
ومن هذه الزاوية تعتبر سلسلة الإضرابات التى تشهدها عدة مصانع حالياً مسوغة ولا تدعو إلى الاستغراب، حيث يستخدم العمال هذا السلاح للدفاع عن مصالحهم وحقوقهم شأنهم فى ذلك شأن أقرانهم فى شتى بلدان العالم التى تنتهج سياسة الاقتصاد الحر.
ومع ذلك فان هذه الإضرابات تحمل عدداً من الرسائل الضمنية التى تستحق الانتباه.
من أهمها انها تكشف عن "فجوة ثقة" واسعة بين العمال من جهة والإدارة من جهة ثانية. وعلى سبيل المثال فان المفاوضات بين عمال شركة غزل شبين وبين الشركة القابضة قد تعثرت أكثر من مرة، بل وتوقفت بعد أن كانت قاب قوسين أو أدنى من التوصل إلى حل وسط، وكان السبب هو "انعدام الثقة". وقد جاء فى تقرير إخبارى منشور باحدى الصحف القومية أمس الأول – على سبيل المثال – أنه "رغم محاولات حسين مجاور رئيس اتحاد عمال مصر والمهندس محسن الجيلانى رئيس الشركة القابضة مع ممثلى العمال المضربين والتوصل إلى اتفاق موثق يفيد بعودة العمال إلى العمل وتحرير شيك بمبلغ 5 ملايين و800 ألف جنيه قيمة مستحقات أرباح 7 شهور التى طالب بها العمال مع صرف 45 يوماً كمنحة فورية وليست سلفة كما أشاع بعض أعضاء النقابة الفرعية بالشركة .. على أن يتم بدء صرف الأرباح بعد تسليم الشركة للمستثمر الهندى وبدء العمل ، إلا أن العمال رفضوا ذلك واعتبروه مماطلة فى ظل حالة انعدام الثقة والخوف من تنصل الشركة القابضة من مسئوليتها بعد إنهاء إجراءات خصخصة الشركة".
هذه الثقة المفقودة لابد أن لها أسبابها، وإذا كانت الإدارة تريد أن تخرج من هذه الإضرابات بدروس مستفادة فان عليها ان تبحث عن هذه الأسباب، وعن السياسات التى انتهجتها فى الماضى فى التعامل مع العمال، وجعلتهم يعدون أصابعهم بعد كل مصافحة ليد هذه الإدارة وإبرام أى اتفاق معها.
الرسالة الثانية هى أن النقابات العمالية تعانى من مشكلة هى الأخرى فى علاقتها بالعمال الذين انتخبوا قياداتها. بدليل أن كل الإضرابات تضمنت سحب آلاف العمال ثقتهم من اللجان النقابية واعتبروها متواطئة مع الإدارة ضدهم.
هذا وضع لا يمكن ان يستمر ولابد لاتحاد العمال أن يستخلص منه الدروس المستفادة هو الآخر قبل أن يتسع الخرق على الراقع.
الرسالة الضمنية الثالثة أن انتقال الإضراب من مصنع نسيج فى المنوفية إلى مصانع نسيج فى محافظة البحيرة يبين أن صناعة النسيج – التى هى واحدة من أعرق الصناعات المصرية – تعانى من ازمة شاملة. وأن الخسائر التى لحقت بالكثير من المصانع لها أسباب كثيرة لا يتحمل العمال مسئوليتها، بل إن معظمها نتيجة مباشرة لسياسات خاطئة تبنتها الإدارة، فضلاً عن الفساد الذى يلتهم الأخضر واليابس.
ولأن الإضراب لن يستمر إلى الأبد ولابد أن ينتهى بصورة أو أخرى من الصور التفاوضية والوصول إلى حلول وسط فان الإدارة لا يجب أن تعتبر مواصلة العمل نهاية المطاف، بل يجب أن تبدأ مناقشة جدية – يشارك فيها ممثلون عن العمال وعن جهات أخرى فى المجتمع – لأوضاع هذه الصناعة وكيفية مواجهة مشاكلها وتحدياتها بصورة جدية حتى لا تتكرر الأزمات لنفس الأسباب التى لم يتم القضاء عليها.
والرسالة الضمنية الرابعة هى أن الإضراب عن العمل له تكلفته، وله تأثيراته السلبية على الأوضاع المالية لهذه الشركات التى هى أصلا أوضاع سيئة ومتدهورة. ولعل الإدارة تعيد حساباتها وتتحلى بنظرة أوسع، ولو أنها فعلت ذلك لربما اكتشفت أن خسائر الإضراب أكبر بكثير من التسليم بحقوق العمال التى يطالبون بها.
ولعل الإدارة تتعلم وتفهم أن التفاوض مع العمال والوصول معهم إلى حلول وسط ليس ضعفاً أو تخاذلاً، فهذا التفاوض الجماعى هو الحل الديموقراطى لتسوية هذه التناقضات المتشابكة الجذور، وهو ما يحدث فى كل الدول الديموقراطية المتقدمة.
باختصار .. تلبية المطالب المشروعة للعمال ليس عيباً كما يتصور بعض البيروقراطيين.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعذيب.. يا حفيظ 1-2
- جلال الغزالى
- ذيول جريمة بنى مزار
- التعذيب.. يا حفيظ 3
- راحت السكرة وجاءت الفكرة
- لبنان .. فى مفترق الطرق
- -الحمار- يهزم -البروفيسور- .. في جامعة المنصورة!
- التعذيب .. يا حفيظ 2
- الرابحون والخاسرون فى اضراب لبنان
- رجاء النقاش .. مكتشف المواهب
- رؤية بديلة للتعامل مع الجماعة »المحظورة«
- اعتذار عمارة وعذر الأوقاف
- 6 + 2 + 1 لا تساوي تسعة!
- حوار الطرشان
- خطة بوش الجديدة : كثير من اللغو المفخخ
- استراتيجية بوش المسمومة
- الملابسات حول التعديل الدستوري بين »التهويل« و »التهوين
- إنفتاح دستورى وانغلاق حزبى
- خليل كلفت
- بداية .. ونهاية


المزيد.....




- شاهد كيف تخطى آيساب روكي مقاعد المحكمة لعناق ريانا لحظة الحك ...
- ألقى بنفسه بين ذراعيها في المحكمة.. ريانا تعبر عن سعادتها بت ...
- حزب البديل من أجل ألمانيا مهدد بغرامات ضخمة بسبب تبرعات غير ...
- زعيمة حزب المحافظين البريطاني ترد على وصف ترامب لزيلينسكي بـ ...
- من نجم على السوشيال ميديا إلى متهم بتصنيع المخدرات.. قرار قض ...
- إفريقيا قارة المستقبل
- خامنئي: نعتبر قطر دولة صديقة وشقيقة لنا رغم بعض -القضايا الم ...
- روسيا تحذر من مخاطر تفكك ليبيا وتؤكد ضرورة دعم جهود توحيد ال ...
- ترامب يقول إن زيلينسكي -ديكتاتور من دون انتخابات- وينتقد شرع ...
- لماذا ترفض إسرائيل الانسحاب الكامل من جنوب لبنان وما الأهمية ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - ثقافة الإضراب