أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - دلور ميقري - دايلُ القاريء إلى القتلة / 1















المزيد.....

دايلُ القاريء إلى القتلة / 1


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 1819 - 2007 / 2 / 7 - 11:37
المحور: كتابات ساخرة
    


إنه الوصيّ ، يتكلم :

أفقتُ صباحاً ، مبكّراً ، على صخب أغنية " علّوش " ، والتي تبث على مدار الساعة في محطة الإذاعة الوحيدة عندنا ، فضلاً عن القناة التلفزيونية ، اليتيمة . إنها أغنيتي المفضلة ، وأنا معجب بصاحبها . إنه فنان عـ .... عبقري طبعاً ، بالفعل ! قلتُ لهم مرة ً ، فلنجعله نقيباً للفنانين . ولكنهم نصحوني بالتريث ، لأنّ النقيب الحالي ، المؤبّد ، ما زال حياً . أكره سيرة الموت ، مع أنها تلاحقني دوماً ؛ كراهية مطربنا للفقر ، الذي يلعنه في أغنيته تلك . رائحة الجثث ، تزكم أنفي . أكانوا حقاً ، ضحايايَ أنا ؟ أثناء محاكمته في ما يُسمى بقضايا المجازر الجماعية ، قال صاحبنا : " لم أقتل أحداً ، أبداً ، بيدي " .. يعني يريد القول ، أنّ غيري هوَ من جزرَ بأوامر مسؤوله المباشر ، وهذا الأخير مأمور للذي فوقه .. وهكذا دواليك إلى أن تضيع الطاسة ! ومع حجة الرجل تلك ، العصماء ، فقد شنقه عملاء الإحتلال الأمريكي . فلمَ عليّ الإعتراف ، إذاً ، بجريمة ( أو جرائم ! ) لم تلوّث بها يدي ؟ وفي كل الأحوال ، ألم يكن أولئك القتلى ، أيضاً ، عملاء .. وخصوصاً أولهم ، ذلك العدوّ اللدود حياً وميتاً !؟ إنه يأتيني كل ليلة ، في الكابوس : " لمَ غدرتَ بمُحْسن ٍ ، لمْ يطالبكَ قط بدَيْن ؟ " . أكانَ عليّ ، متشفياً ، أن أتابع عبر التلفاز منظر سحب جثته ، المتفحمة : يا إلهي ، ولا حتى في أفلام الرعب ، الأمريكية . أمريكية ! .. يا لها من كلمة مزعجة ، لا بدّ لي من تناولها يومياً ـ كدواء مرّ . ورّطوا صدّاماً بإحتلال الكويت ، ثم خوزقوه . وكرروا معنا اللعبة نفسها ، أولئك المتغطرسون : ما داموا يتنصتون عبر الأقمار الصناعية على كل مكالمة هاتفية لنا ، فلمَ هذا المكر ؟ .. لو أنّ نيتهم صافية ، لكان بوسعهم إنذارنا قبل تنفيذ عملية التفجير ، على الأقل . كنا ربما أجلنا العملية ، أو حتى ألغيناها . فنحنُ قبل كل شيء ، أشقاء اللبنانيين : شعبٌ واحد في بلدَيْن !

" هاتِ المَنجيل والمَنكوش / ولحقني بالزوادي " .. أتابعُ الإستمتاع بأغنيتي تلك ، المفضلة . لديّ وقتٌ متسع ، أقتله بسماع الموسيقى والطرب . القتل : تباً لها من كلمة مرعبة ، تؤرق ليلي ونهاري ! فمنذ إغتيال الحريري ، ما عادَ مسؤولٌ معتبر ، غربيّ أو عربيّ ، ، يودّ رؤيتنا . وقتي والحالة تلك ، محصورٌ بمراجعة التقارير الأمنية . تضخمت أجهزتنا الأمنية وكبر ملاكها وصار فائضاً عن اللزوم . ولكننا مضطرون لإستقبال المزيد من المنتسبين لفروع المخابرات المختلفة ، السياسية والعسكرية والجوية والبرية والبحرية ، والفضائية : إذ لا يجوز بقاء شخص واحد من جماعتنا بلا عمل ، ذكراً كان أم انثى . هجرَ معظم الشباب قراهم وإستقروا في العاصمة والمدن الرئيسية . تركوا حقولهم وكرومهم في الجبل والساحل من أجل وظيفة هنا أو هناك ـ كعنصر أمني أو حارس شخصي أو سائق خاص . وبناتنا ، ما شاء الله ، غزوْنَ التلفزيون والإذاعة والسينما ، حتى تمّ تصدير الكثير منهن إلى دول الخليج لعمل المسلسلات والأفلام والطقاطيق و .. الخ ! لذلك علينا معرفة المعنى العميق لتلك الأغنية ، العلوشية ، الموجود خلف مفرداتها البسيطة . لننسَ إذاً المنجل والمنكوش والزوادي ، ولتذكرَ الأخطار المحدقة : يلعن أبو الفقر !

أعرف أن كثيرين ، ( خصوصاً ممن يُسمّون حالهم معارضة ) سيتخرّصون بأنّ ما سبقَ من كلامي ، لهوَ دليلٌ على أن نظامنا طائفيّ . الحقيقة غير ذلك . فتلك القرى التي خلفناها وراءنا ، ليست فارغة تماماً ، كما قد يتهيأ لذهن البعض . فكل ضابط من جماعتنا ، أو حتى صف ضابط ، عسكرياً كان أم أمنياً ، لديه في ضيعته فيللا أو مزرعة . ومن سيخدم فيها غيرَ عناصره المجندين ؟ وبما أن غالبية هؤلاء الأخيرين من العاصمة والمدن الكبيرة ، فذلك يعني أنّ الوضعَ على ما يرام وطنياً ؛ أيْ أن تبادلاً للأماكن قد حصل ليس إلا : وبعد كل شيء ، أليسَ الجميع أولاد الحزب الواحد والأمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة !؟ لا أعتقد أنه ثمة مثال أكثرَ سطوعاً ووضوحاً ، على الوحدة الوطنية ، كما هوَ الحالُ لدينا في سورية . تجربتنا هذه ، كما تعرفون ، نحاولُ مخلصين نقلها إلى لبنان ، بهدف تشكيل حكومة وحدة وطنية . وبسبب موقفنا القوميّ ، تحديداً ، كانت تلك المحاولات المحمومة ، المشبوهة ، التي تهدف إلى إبعادنا عن شؤون ذلك البلد الجار وشعبه الشقيق . هذا يقودنا ، مجدداً ، إلى قضية الحريري . فمع كل ما في جعبتنا من حجج ، مقنعة ، يريدون سحبنا إلى المحكمة الدولية . شكلنا بدورنا محكمة بديلة ، عربية سورية ، للتحقيق في إغتيال الرجل ، مع قضاة ودفاع .. وشهود فوق ذلك ـ كالمقنع الكردي ( ماذا كان يُدعى ؟ ) .. ثمّ توصلنا إلى المجرمين وطلبناهم عن طريق الأنتربول ، لأنهم موجودون في الحكومة اللبنانية الحالية ، المتشكلة بعيد إنسحابنا : تعرفونهم ، هذا الوزير وذاكَ النائب !

إقترحنا على الغربيين أخيراً ـ على فرض أننا مذنبون ـ أن نضحّي كرمى لعين صداقتهم بأربعة مسؤولين من عندنا ، أمنيين ، ونخلص ! لم ينصتوا ، أيضاً ، لإقتراحنا . لماذا لا تقول أنّ هذه القضية ، الحريرية ، قد أضرت بالعملية الديمقراطية .. في سورية : والآن جميع المعارضين وضعتهم في المعتقل بلا محاكمة ملاكمة .. خيّرتُ الغرب ـ وخصوصاً أمريكة ، بين حريّة هؤلاء المعارضين وحريّتي الشخصية ! من ناحية اخرى ، فثمة أوراق كثيرة لديّ ، أستعملها بنجاح : الجولان وفلسطين والعراق ، ولبنان طبعاً . لا بدّ أن أنجو . بقيَ أبي على مدى ثلاثين عاماً يجزر في الخلق سوريين ولبنانيين وفلسطينيين و .. ومات معززاً مكرماً ، لا دجيل ولا أنفال ولا تدمر ولا حماة . فلمَ عليّ إذاً دفع ثمن خدمة بسيطة ، لا تعدو عن كونها تقريبَ أمرءٍ من ربه ، كما قال الرفيق .. أعني ، سماحة المفتي ؟! ولكنّ ضميري مرتاحٌ ، ما دامت يدي لم تلوث ، أبداً ، بالدم . ثمّ أنّ هذه القضية ، من ناحية اخرى ، قد كشفتْ زيف الديمقراطية الغربية وبيّنتْ بالدليل القاطع أنّ لديهم أيضاً خيار وفقوس ! كيف ، سأقولها لكم . عندهم شيء إسمه أسرار دولة ، ولا يجوز قبل مرور ثلاثين سنة فتحَ أرشيف الموت .. أعني ، أرشيف الأمن ! ؛ كما في مثال إغتيال الرئيس كيندي ، الممكن مقارنته مع إغتيال الرئيس الحريري . عال ! أنا أيضاً على إستعداد كامل للتعاون مع المحكمة الدولية ، بشرط مرور مهلة الثلاثين عاماً تلك : إنها أسرار دولة ، ولاااا!



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دليلُ القاريء إلى القتلة / 1
- الكوكبُ والشّهاب : أمّ كلثوم في حكايَة كرديّة
- النغمُ والمشهَد : زمنُ السينما الرومانسيّة
- تاريخٌ تركيّ ، بلا عِبْرة
- شيطانُ بازوليني 2 / 2
- الطاغية والطفولة
- أفلامُ عطلةِ الأعياد ، المفضّلة
- السلطة والمعارضة : الإسلام السياسي واللعبة الديمقراطية / 2
- شيطانُ بازوليني 1 / 2
- نفوق الوحش ونفاق الإنسان
- نوتوريوس : هيتشكوك وتأسيس الأدب السينمائي
- حكاية باموك : إسمٌ بينَ الوردةِ والأحمَر / 3
- حكاية باموك : إسمٌ بينَ الوردةِ والأحمَر / 2
- السلطة والمعارضة : الإسلام السياسي واللعبة الديمقراطية
- النبي ؛ هل كانَ جبرانُ نبأً كاذباً ؟
- الهولوكوست اليهودي والهلوَسة الإسلاموية
- سياحات : دمشق بأقلام الرحّالة 2 / 2
- نادية : نهاية زمن الرومانسية
- العتبات الممنوعة
- العصابة البعثية والتفجير الطائفي


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - دلور ميقري - دايلُ القاريء إلى القتلة / 1