|
في حديث مع التحريفيين الجدد بالنهج الديمقراطي
امال الحسين
كاتب وباحث.
(Lahoucine Amal)
الحوار المتمدن-العدد: 1818 - 2007 / 2 / 6 - 12:53
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
في حديث مع التحريفيين الجدد بالنهج الديمقراطي يقول علي فقير في مقدمة لعرضه في جريدة النهج الديمقراطي في 13 أبريل 2000 و الذي أعاد نشره عبر الأنترنيت :
" بعد انهيار تجربة رأسمالية الدولة البيروقراطية بأوروبا الشرقية، و تراجع نضالات الشعوب من أجل مجتمع إنساني أفضل؛ و بعد الردة التي عرفتها الكثير من المنظمات الثورية أمام هجوم الفكر البرجوازي اللبرالي ، و أمام زحف ما يسمى بالعولمة، حاول العديد من " المفكرين و المناضلين" صياغة خطاب جديد لتبرير الردة. إن الهدف الأساسي من " هذه الاجتهادات النظرية"، هو إيهام الرأي العام بحتمية خلود النظام الرأسمالي، و انعدام وجود الطبقات الاجتماعية، و بالتالي لم يبقى هناك أي جدوى في الحديث عن الصراع الطبقي و لا عن مجتمع شيوعي ينعدم فيه استغلال الإنسان للإنسان. و الخلاصة من هذه الطروحات، هي محاولة إقناع الجماهير بأن المطروح هو النضال من أجل تلطيف شروط الاستغلال، و القبول بطبيعة النظام السائد سياسيا و اقتصاديا و ثقافيا، و محاولة تحديثه للتكيف مع متطلبات النظام الرأسمالي في واقعه الحالي."
لما قرأت هذه المقولة لكاتبها علي فقير إستوقفني أول ما استوقفني بدايتها التي تقول :" بعد انهيار تجربة رأسمالية الدولة البيروقراطية بأوربا الشرقية " ، مما جعلني أفكر جيدا قبل أن أشرع في الكتابة فتفحصت كلماتها أولا حتى لا أكون قد أخطأت في قراءتها ، و لما تأكدت من صحة ما قرأت لم أتمالك نفسي و قلت لا بد من فتح نقاش جاد في هذا الباب ، حتى أكون على بينة من هذا الأمر الغريب علي و الذي أظن أنني اكتشفته ، و زاد شوقي للكتابة حينما وجدت أن هذا المقولة كانت منشورا في جريدة "النهج الديمقراطي" في 13 أبريل 2000 ، و قلت لا بأس إذا كانت مثل هذه الأقوال يسمح لها بالنشر دون رد يذكر لا بد أن أرد عليها ، فزاد اشتياقي للكتابة لتبيان مدى حملها لعدة مغالطات لا بد من نقدها . أولا أريد أن أسأل كاتب هذه المقولة متى قامت رأسمالية الدولة البيروقراطية بأوربا الشرقية حتى تنهار هذه الدولة و لم يسجل التاريخ متى انهارت و لا حتى متى قامت ، فإذا كان صاحبنا يقصد ب "الدولة البيرقراطية" الإتحاد السوفياتي و دول أوربا الشرقية فإن مفهوم "الدولة" لا يصح أن يطلقه الكاتب على مجموعة من الدول ، و هذه الدول نعرف جميعا كيف نشأت و إلى أي حد شكلت منظومة فكرية و ايديولوجية و سياسية و ثقافية و كيف تعايشت شعوبها و هي في تعدد القوميات و اللغات و التقافات ، التي تفاعلت و تجانست و لو لحقبة قصيرة من تاريخ البشرية ، و كيف لا و صاحبنا يريد استصغار كل تلك القوميات و الديانات و الثقافات المتفاعلة عمرانيا و حضاريا و يقول عنها "تجربة رأسمالية الدولة بأوربا الشرقية " ، كأنه يريد إيهام من لم يقرأ التاريخ أن أوربا الشرقية لم تقم فيه إلا دولة رأسمالية بيروقراطية يا لها من مغالطات . و يختزل صاحبنا ذلك التاريخ العظيم الذي شهدته الإنسانية في ذلك الربوع من كوكبنا إلى " رأسمالية دولة " ، و الأغرب من ذلك كيف تجرأ صاحبنا من إسقاط روسيا العظيمة و تاريخها المجيد الذي لم تشهده أية دولة في عالمنا إلى اليوم ، كيف يمكن له إسقاط دولة البلاشفة العظام الذين دخلوا التاريخ من بابه الواسع ، و قلت لا بد أن صاحبنا لم يقرأ التاريخ جيدا حتى يتجاهل سقوط القيصر أمام جحافل الجماهير من العمال و الفلاحين الفقراء بزعامة المناضل الثوري العظيم "لينين" ، ذلك الرجل العظيم الذي أضاف للفكر الماركسي مفهوم " الرأسمال المالي" و " الرأسمالية الإمبريالية " و وضع "أسس الحزب الثوري" و بنى دولة عظيمة ، و قلت في نفسي هذا الرجل ليس بماركسي و لا بمفكر و لا حتى بدارس للتاريخ حتى يقرأ الأشياء بأمانة و يعطي الأحداث حقها ، و قلت ربما هذا الرجل لم يعرف "ستالين" ذك الرجل العظيم الذي صمد أمام هجوم النازية و الفاشية على الدولة الإشتراكية التي بناها "لينين" ، قلت ربما كان يسمع عن سلبياته التي من المؤكد أنها مبالغ فيها لأنه بالطبع كان يقاوم الرأسمالية الإمبريالية و يسعى لبناء الدولة الإشتراكية بل و المنظومة الإشتراكية التي سميت بالإتحاد السوفييتي و دول شرق أوربا فيما بعد. قلت قد نختلف في تقييم هذه التجربة الإشتراكية العظيمة و لكن لن أسمح له بكتابة مغالطات لأنه يجب أن يعلم أنه لا يكتب لنفسه ، و إذا كان راغبا في ذلك فليعتكف و ينزوي و يصغي لآذانه أما أن نقرأ مثل هذا الكلام و نسكت عنه فهذا مستحيل إنطلاقا من يومنا هذا ، و أريد أن أسأل صاحبنا عن "كومنة باريس" ماذا سيقول عنها ؟ و إذا لم أخطيء فإنه سيقول : "مر بعض المشاغبين هناك في باريس سنة 1871 " و كفى ، و لا يعلم صاحبنا أن كل لحظة من تاريخ البشرية لها قيمتها التاريخية و هكذا علمتنا الماركسية اللينينية النظرية السديدة لمواجهة الرأسمالية الإمبريالية ، أما عن التجربة الإشتراكية في الإتحاد السوفييتي و شرق أوربا فلا يمكن اختزالها في كلمتين ، قد نختلف مع "ستالين" في معالجته لبعض الأمور السياسية و حتى الأيديولوجية و لو أنه لم يختلف كثير مع الرفيق "لينين" و هو الذي سمى نظريته بالماركسية اللينينية كما سمى الرفيق "إنجلس" الفكر الذي ساهم في وضعه مع ماركس ب"الماركسية" ، فكيف يتنكر صاحبنا لكل هذا الزخم النضالي و الفكري و يختزل حصيلته في : "إنهيار تجربة رأسمالية الدولة البيرقراطية بشرق أوربا". إن المنظومة الإشتراكية بالإتحاد السوفييتي و شرق أوربا ليست بالسهولة بمكان و لا يمكن للسقوط أن يتم إلا و ترك آثاره الواضحة ، و لو على شكل أطلال لها دلالاتها التاريخية و الحضارية و الثقافية ناهيك إذا تحدثنا عن دول و شعوب المنظومة الإشتراكية ، فإذا سقطت هذه المنظومة ضمنيا كما هو في ذهن الرأسماليين فإنها تركت رصيدا حضاريا و ثقافيا لن يزول إلى الأبد ، و إنني هنا لن أبالغ إذا قلت أنه لن يزول ، و تعمدت تكراره من أجل التأكيد أنه لن يزول ما دام التاريخ قائما ، و إلا فما معنى قيام التجربة "الكوبية" إلى يومنا هذا رغم أننا سنختلف في تقييمها و ما معنى الزواج العذري بينها و بين الثورة "البوليفارية" بفينزولا و دول أمريكا اللاتينية ، وغير بعيد عن الإتحاد السوفياتي قديما ما معنى قيام أكبر حزب شيوعي في العالم بالصين ، إن سقوط التجربة لا يمكن تحديدها بالزمن و المكان و إلا فتجربة " إلى الأمام" قد سقطت كذلك كما يحلو للبعض قوله ، إن التجربة الإشتراكية أصبحت إرثا تاريخيا للإنسانية جمعاء ليست مرتبطة بالزمن و المكان إرتباطا ميكانيكيا مطلقا ، و إلا فكيف تم وضع الفكر الماركسي في "ألمانيا" و "فرنسا" و"وسويسرا" من طرف ماركس و إنجلس و لينين و قامت الثورة في روسيا ، و لماذا لم نقل أن ماركس و إنجلس قد فشلا لأن الثورة الأشتراكية لم تقم في أوربا الغربية و شاعت في روسيا و لإتحاد السوفياتي و دول شرق أوربا و الصين والفيتنام و كوبا و فينزولا ... إن تقييم التجربة الإشتراكية ليست بالهينة و حتى التجربة الروسية و حتى نكون منطقيين لأنها هي المنطلق الأول ، و هي اليوم التي ما زالت تقاوم من أجل البقاء و أظن أنها ما زالت صامدة لأنها هي التي تلقت الضربات الموجعة للرأسمالية الإمبريالية ، التي أنجبت في أوربا بعد فشل الرأسمالية الإحتكارية كما تنبأ ماركس بذلك أنجبت أنظمة فاشية من أجل الحفاظ على كيانها ، هذه الأنظمة التي دمرت الإرث التاريخي للرأسمالية في الحربين الإمبرياليتين الأولى و الثانية و استهدفت بذلك التجربة الإشتراكية بروسيا في مراحل تأسيسها مع "ستالين"، و بالتالي ظهور رأسمالية إمبريالية قوية بأمريكا الشمالية و منظومة اشتراكية قوية بالإتحاد السوفياتي و شرق أوربا ، و هكذا لم تكتمل التجربة التي وضعها الرفيق "لينين" نظرا لهذه الأحداث التاريخية المأساوية التي ساهمت في ظهور المنظومة الشرقية الإشتراكية ، التي لعبت دورا هاما في إشاعة الفكر الإشتراكي و الثورات الإشتراكية في الصين و الفيتنام و كوبا و أمريكا اللاتينية ، و بالتالي نتائجها على المصالح الإجتماعية و الإقتصادية للطبقة العاملة بالدول الرأسمالية نفسها. كل هذا لا يمكن اختزاله في : " انهيار تجربة رأسمالية الدولة البيرقراطية بأوربا الشرقية " كما يحلوا لصاحبنا إطلاقه على هذه التجربة الإنسانية التاريخية العظيمة التي أسس لها الرفيق "لينين" ، فماذا سيسمي صاحبنا تجربة الأمير عبد الكريم الخطابي ؟ أظن أنه سيقول عنها أنه في يوم من الأيام مر هناك في الريف بدوي حاول التمرد على الإسبان و فرنسا ، و هذا التحليل التبسيطي المتعمد و هنا صلب الموضوع هو اختزال ما يمكن اختزاله من الأحداث التاريخية و التجارب الإنسانية بشكل فج لدى قيادات النهج الديمقراطي ، وأسوق هنا محاولة لكاتبها الأول في تشخيص الرأسمالية اليوم حيث قال في إحدى تحليلاته للإستعمار أن الإستعمار الذي تشاهده اليوم هو استعمار من طرف دول متعددة ، و أعطى مثلا بالعراق التي تستعمرها أمريكا و بريطانيا ، و صاحبنا نسي أن المغرب في بداية القرن 20 أستعمر من طرف عدة دول إسبانيا في الشمال و فرنسا في باقي أنحائه ، و أن طنجة مستعمرة مباحة لجميع الدول ، لا أدري كيف نزل هذا النوع من التحليل عند أصحابنا و لا يمكن تسميته إلا بالتحريفية التي يجب محاربتها. أما عن مقولة على فقير :" تراجع نضالات الشعوب من أجل مجتمع إنساني أفضل " فهي مقولة غريب عن قاموس التحليل الماركسي اللينيني ، و إلا فإن صاحبنا أصيب بالعمى و لم يشاهد نضالات الشعوب بأفريقيا الجنوبية و فلسطين و العراق و النيبل و أمريكا اللاتينية ... و يتحدث عن "الردة" و "المنظمات الثورية" و لم يفصح لنا عن هذه المنظمات الثورية و لكن حديثه يدور حول المغرب ، و "المرتدين" من المناضلين لم يفصح عنهم حتى نكون على بينة من أمرهم ، و إذا كان يقصد بالمنظمات الثورية "منظمة إلى الأمام" فليفصح لنا عن ذلك و يفصح لنا عن هؤلاء المناضلين و طبيعتهم ، حتى لا يلقى نفسه من هؤلاء الذين يتحدث عنهم أو يكونوا بجانبه و ينسى أنه من ضمنهم ، ذلك ما نراه اليوم بالعين المجردة في قيادات النهج الديمقراطي ، و قد تنبأ له على فقير منذ تاريخ كتابة مقولته هذه ، أو أنه كان على علم من أمره و لا يريد الإفصاح عن ذلك حتى لا تصيبه زلاتهم كما أصابت العديد من مناضلي النهج الديمقراطي ، لا أريد الخوض في كل مضامين هذه المقول لأنها تحمل مفاهيم غريبة و متضاربة و متناقضة لا يمكن أن تصدر عن وعي ماركسي لينيني يريد الحديث عن الطبقة العاملة ، و هو في حزب تخلى عن مفهوم الثورة و الحزب الثوري . تارودانت في : 04 فبراير 2007 امال الحسين
#امال_الحسين (هاشتاغ)
Lahoucine_Amal#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرسالة النقدية للمناضل الماركسي اللينيني عزيز المنبهي إلى ق
...
-
من أوراق منظمة إلى الأمام : الوضع الراهن والمهام العاجلة للح
...
-
حركة النهج الديمقراطي إلى أين ؟
-
من ثرات منظمة إلى الأمام : دور الشهيد القائد عبد اللطيف زوال
...
-
من او راق منظمة إلى الأمام : لنبن الحزب الثوري تحت نيران الع
...
-
من او راق منظمة إلى الأمام : سقطت الأقنعة فلنفتح الطريق الثو
...
-
الحكم العنصري ليوم الخميس الأسود من أجل اختلاس المال العام ا
...
-
الحكم العنصري ليوم الخميس الأسود من أجل اختلاس المال العام ا
...
-
الحكم العنصري ليوم الخميس الأسود من أجل اختلاس المال العام ا
...
-
الحكم العنصري ليوم الخميس الأسود من أجل اختلاس المال العام
...
-
الحكم العنصري ليوم الخميس الأسود من أجل اختلاس المال العام
...
-
الحكم العنصري ليوم الخميس الأسود من أجل اختلاس المال العام
...
-
الحكم العنصري ليوم الخميس الأسود من أجل اختلاس المال العام
...
-
المحاكمات الصورة من طبيعة النظام الحاكم بالمغرب
-
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء الحادي عشر
-
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء العاشر
-
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء التاسع
-
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء الثامن
-
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء السابع
-
الصراع الطبقي بسوس بين الماضي و الحاضر الجزء السادس
المزيد.....
-
مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
-
السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون-
...
-
مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله
...
-
اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب
...
-
محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
-
مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
-
من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
-
خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال
...
-
هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
-
قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|