أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - -دولة الوجهين ونصف عمامة-














المزيد.....

-دولة الوجهين ونصف عمامة-


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8420 - 2025 / 7 / 31 - 11:31
المحور: قضايا ثقافية
    


في بلادٍ تُدار فيها المواقف بوجهين، والمبادئ بنصف لسان، يخرج عليك صاحب المعالي – وكلهم معالٍ في سفح المعنى – ليخطب فيك عن الدين، بينما لا يعرف من الدين سوى أسماء من راحوا شهداء وهم يُطاردون قوافل الجوع، لا موائد الترف التي ينام على أطرافها هو وأبناؤه.
هو ذاته الذي يُحدثك عن الفضيلة فيما بناته يتزلجن فوق جليد نيويورك بلا حجاب، ويرسل لك عبر "خطبة الجمعة" صورةً عن صبر الحسين، بينما هاتفه يهتزّ برنين صفقة جديدة لشراء جزيرة في البحر الكاريبي. وعندما يذكّرك بـ"التقشف"، يكون قد فرغ للتو من جلسة مسّاج في فندق خمس نجوم مدفوع من أموال الفقراء الذين يحتضرون ببطء في طابور الخبز المدعوم.
في بلادنا التي تعبت من تعريف الوطن، صار الخطاب السياسي أشبه ببرنامج ترفيهي يُعرض في ساعة متأخرة من الليل. ذلك السياسي المتدين حدّ التذلل، تجده بعد ساعة في ملهى ليلي يرقص بحركات تشبه نفض الغبار عن جثث الحقيقة. هو هو، الذي يشتم أمريكا صباحًا في خطبةٍ غاضبة، ثم يُلحق أبناءه بها مساءً للدراسة والإقامة والاستثمار، ويُرسل زوجته لشراء منزلٍ في ولاية ميشيغان لأنه "أكثر أماناً من بغداد".
هو الذي يتحدث عن العفّة، وحسابه المصرفي في سويسرا يتنفس على أنفاس الأرامل. يتحدث عن السيادة، ويوقع مذكرات تفاهم تُحوّل الوطن إلى فندق تديره شركات أجنبية وتملك مفتاحه مخابرات "الأصدقاء". يحدثك عن الفقر بـوجه دامع، ثم يسحب بطاقته السوداء ليدفع ثمن ساعة سويسرية تُساوي مرتّب مئة موظف حكومي لشهرين.هذا المسؤول الذي يتظاهر بالصلاة في الصف الأول، يصلي فقط إن حضر التصوير. يبكي في ذكرى عاشوراء ويصرخ "وا حسيناه"، ثم يمنع الماء عن مدن الجنوب لأن مشاريع التحلية "لا تناسب المرحلة". يتغنى باسم الشهداء، ويقطع أرزاق عوائلهم بحجة التقشف. يرفع لافتة "الإصلاح"، وهو لا يصلح حتى حديثه الذي فيه كل آيات النفاق والتمثيل الرديء.
أيها الشعب المدهوش!هؤلاء ليسوا مزدوجي الخطاب، بل محترفو صناعة السراب.
يجعلون من الأخلاق قناعاً، ومن الدين بطاقة تموين، ومن الوطن حقيبة سفر.
يتحدثون باسم الله، وهم يظنون أن الجنة تُشترى بالعملة الصعبة.يفتشون في جيبك عن فلس واحد ويُلقون عليك درس الزهد، بينما جيوبهم لا تعرف آخرها من أولها.يقولون لك "اصبر، فإن أهل البيت ماتوا جوعاً"، وهم يموتون من التخمة.
يحدثونك عن الجوع، وهم يحتجزون نهر دجلة والفرات ليرووا بها حدائق قصورهم.
بلادنا، يا سادة، صارت مهرجانًا للوجوه الممسوحة.مزيجًا من الخطب الخشبية والتصريحات الفارغة، والوعود التي لا تسمن ولا تغني من جوع.بلادٌ أُغلقت فيها أبواب الرحمة وفتحت فيها نوافذ الدولار.
بلادٌ ضاع فيها الدين على يد المتدينين، والوطن على يد الوطنيين، والسيادة على يد السياديين.
أما نحن، فنتلو صلاة الخوف كل صباح، ونرسم ابتسامة الصبر على مائدة لا تكفي لطفلين.
نُضحك أنفسنا بنكتة اسمها "الإصلاح"، ونغني للوطن وهو يُباع بالمزاد.هكذا صرنا نعيش في ظل دولة الوجهين ونصف العمامة…
واحدةٌ تُصلي، وأخرى تُصفق، وثالثةٌ تعدّ الدولارات!والشعبُ بينهما… يردد: "اللهم لا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا"
لكن الصوت لا يصل، فقد انشغلت السماء بتصفية الحسابات.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -قوّادو الكلمة وباعة الوهم: حين يصبح الإبداع طعنة في خاصرة ص ...
- -شهرة على مقاس العُري… ومثقفٌ خلف الستار-
- استري نفسكِ… قبل أن يفضحكِ هاتفكِ!
- فيروز تودّع نغمة قلبها.. حين بكى الصباح في حضن الوطن
- شمشونا... رماد ملكةٍ لم تولد، وسؤالٌ يمشي في شوارع بابل
- من باع الخور والنفط والأرض
- -المرشح الراقص والناخب الطيّب: من جوبي البرلمان إلى حفلة الد ...
- -الفن العراقي... بين ضوء الماضي وظل الحاضر-
- قفي أيتها الملكة.. فالساقطون لا يرون الهامات المرتفعة
- من أندلسِ تطوان إلى نبضِ بغداد: شهرزاد الركينة… نشيدُ الفنّ ...
- -أنا الحرف الذي لا يركع… هذا بعض ما كنته يا سائلين عن حامد ا ...
- -اخوتنا درع العراق… حين يكون العراقي ظلاً لأخيه-
- من دفتر فكتوريا... حيثُ تنوح الأرقام وتبكي الدولة.
- تَجَلّيات الحضارة الإغريقية بين وهج البدايات ومرآة التأثير ا ...
- ضحكة التريليون… وبكاء الخدعة الكبرى
- ملحمة جلجامش أقدم من تراتيل أنخيدوانا… ولكن لكل بداية معراجه ...
- إنخيدوانا وصوت الأدب الأول من معابد العراق
- عباس الويس.. لوكس التحدي في عتمة السرد
- حين احترقنا.. كان المسؤول يُهدي -لكزس- لعشيقته
- بُكاءُ الجَمرِ في نُزولِ المطرِ المُتَرب


المزيد.....




- مقطورات مغمورة ومركبات عالقة.. شاهد نتائج الفيضانات الخطيرة ...
- بايدن يُحذر: أمريكا تواجه -أياما مظلمة- في عهد ترامب
- مصر.. تداول فيديو لشخص يدعي أنه ضابط شرطة -مختف قسريا- والدا ...
- -هذا موت وليس مساعدة أو طعامًا-.. شاهد ردود فعل سكان غزة على ...
- -مصالح مشتركة-.. أيّ دور لعبته حرب غزة في تقارب السيسي وأردو ...
- البرلمان السلفادوري يمنح الرئيس بوكيلي قابلية الترشح إلى ما ...
- قوافل المساعدات تدخل السويداء وسط هدوء حذر
- خطة سحب سلاح المخيمات.. حسابات ما بعد -دبور-
- دمشق تشكل لجنة تحقيق في أحداث السويداء
- بعد وفاة شاب وإصابة 6 بحفلة محمد رمضان يزعم: كانت محاولة اغت ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - -دولة الوجهين ونصف عمامة-