|
المدينة التي أسكنها بعيدة
فراس سليمان محمد
الحوار المتمدن-العدد: 1817 - 2007 / 2 / 5 - 07:17
المحور:
الادب والفن
(هذه ليست مملكتي أيها الشعر ساعدني على الخروج منها ) يانيس ريتسوس
اليكم مع تمنياتي لكم بالبحر
خواتم تسرح بعيداً عن جحيم الأصابع
1 في آسيا يبتسم الناس للجدران ويتقاتلون يضجرون من الأرز والندم بأيديهم يطيّرون الخبز البلدي كي تتلقفه أفواه الصغار في آسيا .. أنهار صفراء غابات تنظّف شَعرها من الطيور صحارى تشمّر عن ساقيها وتنزل للبحر في آسيا .. عروش ملوّنة وسفّاحون جنود أقوياء كالتماثيل مقابر أكبر من المدن جوع متعب من التجوال أطفال لايفرّقون بين الرصاص والسكاكر أمهات على هيئات دموع في آسيا .... أنا أحلم بقارّة جديدة
2 أيها الرجل السامق سأرمي حجراً في حزنك السحيق فهل ترمي لي تنهيدة كي أغطّي سهولي الفسيحة
3 دخل الحانة شرب كلّ الخمر قتل الرجال ضاجع النساء أخرج الأطفال من جيوبه وضعهم على الطاولات بدلاً من الكؤوس وأطلق عليهم الغناء
4 هذا الذي يحدثكم عن أحوال الشارع ميتافيزيقي جدّاً هذا الذي أضرب عن الطعام لأن السياط تأكل من لحم رفاقه ميتافيزيقي جداً بإمكانكم أن تصدّقوا !
5 هه .. أنت الذي تسند الطربوش برأسك لا يهمّني .. إن سخرت مني *** أعرني تفاحة سآكلها وأعيدها إليك ! *** لاتحاول تقليد المطر ستصبح بركة وحل آسنة
6 رسم خطاً وقفز فوقه رسم حفرة لم يستطع أن يقع فيها
7 الشجرة تحّدق بالفأس الفأس تحدّق بالحطّاب الحطّاب يحدّق بساعده حتى الآن لم تتحرك الشجرة
8 الطاحونة .. تتحدث عن الماضي النساء ينتفن شعورهن الرجال يدقّون على رؤوسهم الأطفال .. يكاد يغشى عليهم من الضحك
9 أليس غريباً أن يكون هؤلاء الأوباش لديهم كل هذه الحدائق ونحن محشورون في أكواخنا نشمّ الكلمات
10 هل في البحر موجة واحدة قارب واحد حورية واحدة لاأعرف بالضبط ماأعرفه ان البحر ملوث يالنفط وبصاق الصيادين
11 لملم ثيابك أيها البحر واذهب معي أوتعال عارياً لن تتشرد في صدري حفرة هائلة
12 أخاف أن تصيب البحر قشعريرة مفاجئة فيضطر أن يتغطى بالسفن
13 حول طاولة واحدة نجلس انا والبحر هو يناولني أمواجه أنا أطويها وأضعها في خزانتي حتى يتعرى تماماً وتسّاقط عنه الحوريات
14 عندما أتيت كانت الأرض تدور والشمس بعيدة عندما أتيت لم تفرح الأشجار ولم تهدم الأبنية خيالاتها عندما أتيت سرت ولم أصل بصقت في شراييني خنت أبي وأمي بعت ساعديّ للهواء علّقت مشنقتي على حافة الارض وركضت عندما وصلت .. ابتعدت وظلت الأرض تدور والشمس بعيدة
15 لاأستطيع أن أموت الآن مشاغلي كثيرة ثم .. إن الغربة تعد لي القهوة والمجازر تشعل لي السجائر والكتب الصادرة حديثاً الغربة تقفل الباب عليّ وتمضي لاأستطيع أن أموت الآن لابد أن وطناً ما ينتظرني
16 القصائد تنام مع الصواعق في الغابة المدينة التي أسكنها بعيدة علي اذن أن أبكي مثلما علي أن آكل علي أن اقاتل جيشاً من الذباب مثلما علي أن أغسل وجهي صباحاً علي أن أنام مثلما علي أن أرى عشرين كابوساً المدينة التي في عربة الماضي التي في العربة المسرعة علي أن أقفز منها أن أتدحرج نحو ينابيع لم يلوثها أحد
17 أنا الأرنب الشجاع سأسمّي الأشياء بأسمائها واختبئ في العراء وكي أنسى موتي سأضعه في قلبي المثقوب أنا الغصن الخارج عن طاعة الاشجار أنا الأخضر سأقصّ أصابغي وأُبقي على أظافري أنا الفقاعة التي ستلغي المدائن !
18 لماذا اخترعوا السلالم لقد هبط كل شيئ وأنا .. لماذا أتجوّل في العالم مثل جريمة عجوز؟
19 لا أملك شيئاً في هذا العالم وهذا يدعو للسرور أملك رغبات لاتحصى وهذا يدعو للحزن لكن المفيد ذكره إنني من سلالة ماء يرفض أي مجرى وأي منخفض
20 لاأعجن الكلمات أنما أتلقّفها من حجرة النار مباشرة لاأصرخ إنكم جياع وإنما أهذي مثل ريح خرفاء اننا جميعاً نحلم برغيف جميعاً .. نختبئ وراء الكواليس نعصر أمعاءنا ونبكي
21 التفاحة ليست لي وليست لك أيضاً من أجلها تعاركنا السكين واقفة مثل كذبة طفل صغير قضم التفاحة ومضى !
22 خرجت امرأة عارية من القنينة لم تخرج شهوتي ابتسم لي ثلاثة اطفال لم أفكر بالقصيدة بصق رجل في وجهي لم أفعل شيئاً سوى إني تذكّرت أن الحياة ليست بطعم واحد
23 المرأة التي غادرت بأحمر شفتيها وحفيف أصابهعا جعلتني انتبه أن الكأس ليست عميقة جداً وأن منفضة السجائر ليست دائرية تماماً
24 بم تفكرين يا أخطائي ونحن عاريان على سرير واحد
25 هل حدث أن سقطتَ على ظلك وهل حدث وتعطل الوطن في صدرك على أية حال أغلق الاسئلة وابتسم للكاميرا ثمة الآف لاينتظرون منك شيئاً
26 أن تغتالك أغنية فأن جنّة تنتظرك أن تطعنك امرأة بقبلة إذا ًسيزحف على جسدك ربيع أما أن كنت تشبهني فأنت مهدد بالانفجار
27 أعطتني المرأة قطعة طباشير كتبت لها : أنت رائعة أعطاني الرجل خنجراً حفرت على الحائط اسمه أعطاني الوقت بقايا قلبه نظفتها جيداً من سيكسر يدي كي أتعلّم بكاءً لاأعرفه وأهرب من هذه المدينة الموبوءة
28 قال الولد : كم عال هذا البناء قالت: السيدة المحجبة : كم جميل هذا الولد تدحرجت الأيام الولد كبر ولم يعد جميلا السيدة المحجبة ماتت مختنقة بالسواد والبناء لم يزل عالياً
29 لاتفرّط بذرة من حزنك مادام هذا الليل لم يلوث بالضوء لاتفرّط بذرة من حقدك مادامت المدينة تشاطرك الاتجاه لاتفرّط بذرة من حياتك مادمت قد قررت أن تحيا
30 يالله .. لماذا لانملك بيتاً أنا .. وهي نتشرّد في عمق الزعل والضحك بعيداً في دخان الكلام
31 قطفت زهرتين من الياسمين قدّمت لي واحدة وضعتُها في جيب قميصي بغتةً.. طار قميصي وأحسستُ أن أصابع صغيرة تداعب شعر صدري
32 في الساعة العاشرة ليلاً كنا جالسين على الرصيف هي تبكي وأنا أضع أصبعي على ثقب صغير في قلبي
33 ثمة شهوة للحب كفّ تشدّ على كفّ وشتائم يطلقها المارة علينا وثمة شارع مثل تابوت طويل
34 كلّما شيّدت دمي يهبط كلّما خنت يديها أتعثّر بأوجاع الرصيف
35 ها بلغتُ العشرين هي ستحتفل بعيد ميلادي الألف سنكون وحدنا خائفين فرحين في مكان ما سأربط فمها بحبل من القبلات ستجنّ وتسقط في رغوة خضراء وسألملم شفتيّ عن جسدها وأستعير نهديها بضع دقائق ها ملفّ عمري يحتاج لختم
كتبت هذه القصائد بين 1986 ـ 1988
ملحوظة: نشرت هذه المجموعة الصغيرة عام 1989 في مطبعة سيئة جداً ، ولأنها كانت مليئة بالأخطاء أشعر الآن وبعد كل هذه السنوات أنه عليّ أن أعيد فضحها ثانية بعد عمليات رتق لا أعرف إذا كانت مجدية أو لا كل ما أبتغيه هو إعادة تأبينها مرة أخرى ربما لأني كتبتها قبل أن أتجاوز العشرين ربما لأني أرغب في وضع زهراً بلاستيكيا على قبري هل يجب أن أعتذر ربما هل هذه طريقة جيدة بالاعتذار لا أعرف
#فراس_سليمان_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حياة مستعملة
-
اشتباكات طيور وأسماك
-
رجل القبو
-
حياة مقلوبة
-
بارانويا الله
-
رجل في قاع الليل
-
الضحك
-
أناشيط مجموعة شعرية لعلي حميشة
-
قصائد الجبل
-
مطر غزير
المزيد.....
-
“بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا
...
-
المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
-
رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل
...
-
-هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ
...
-
-جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
-
-هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
-
عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا
...
-
-أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب
...
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|