|
حروب القبائل العربية
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 1815 - 2007 / 2 / 3 - 11:25
المحور:
كتابات ساخرة
أتمنى على نشرات الأخبار في الفضائيات العربية، وكنوع من المواكبة لحروب الأشقاء والقبائل العربية، وعلى غرار نشرة الأحوال الجوية، أن تستحدث نشرة خاصة بالحروب الأهلية العربية- العربية الجارية على قدم وساق، تتضمّن الحالة القتالية اليومية لحروب الأشقاء الألداء، وحالة الشوارع العربية، وفي أي مكان هناك اشتباك بين هذه القبيلة وتلك، وفي أي زقاق هناك تصفيات بين هذين الفصيلين الشقيقين، وفي أي حارة يتحصن المتمردون، وأية أبنية ما زالت تسيطر عليها القوات الحكومية، وأي الشوارع مقفل، وأي الطرق مسدود، وأن هذه الدرب سالكة لتلك الفخيذة وممنوعة على هذه العشيرة، وأي فصيل قد يربح الحرب، ومن يدعم هذا الشقيق، ولحساب من تقاتل تلك القبيلة، ولمن تلك الناقة وهذي البعير، ومن أجل من وماذا تقاتل تلك العشيرة، ووضع هذه الملة، ومستقبل تلك الطائفة، وكيف تمول تلك الحرب، وتوقعات الوضع القتالي بالنسبة ليوم الغد، والأسبوع القادم، والشهر، والعقد والقرن المقبل، وأية ساحة مرشحة أكثر من غيرها لاندلاع المواجهات والاشتباكات والغزوات بين عبس وهوازن وقريش وثقيف وبني النضير وبني قريظة وآل قنيقاع، وأي جزء من الوطن سينفصل، وأي قطاع سيتمرد، وأية جماعة ستعلن الاستقلال.
وما هو مصير الصراع الدائر بين أفخاذ العرب المعاصرة في مضارب آل حماس، وآل عباس، وبين آل الأحمر وآل الحوثي، وبين آل البشير والترابي وبطون الدارفور، وما هي آخر التوقعات بالنسبة لبني بكر وتغلب وعامر ووائل وكليب وتميم، ومتى ستندلع حرب البسوس الجديدة بين الأخوة وأبناء العمومة والخؤولة، وتنتهي معاهدات التفاهم وحسن الجوار، والاحترام بين هؤلاء الأقوام. ولا حاجة لوسائل الإعلام تلك البتة، أن تعلن، بعد اليوم، عن عدد القتلى، والجرحى والمصابين والمفقودين، فيبدو أنه لم يعد هناك من أية أهمية لهم في هذا السيرك العربي النازف، ولا أحد يأبه، ويعبأ بموتهم على الإطلاق، وهم بمجملهم، عبارة عن كومبارس ورصيد مسجل في حساب اللاعبين الكبار يصرفون منه كيفما اتفق، ومتى يشاؤون، ومن غير حساب.
فما إن تنتهي، مثلاً، من الافتتاحية اليومية والمشاهد التي لا غنى عنها في الخبر الرئيسي عن غزوات بني الضاري وقبائل السلف الصالح وآل بدر وعشائر الصدر، حتى تنقلك الكاميرا إلى مضارب اليمن والصراع بين فخيذة آل الصالح، والصعاليك المتمردين من آل الحوثي، ليأتيك خبر عاجل من شوادر وبيوت الشعر الصومالية، مثلاً، عن قتلى وجرحى بين الأجنحة المتصارعة هناك، ولا يكاد المذيع المتجهم يكمل خبر النحس هذا حتى ينقلك إلى حوش غزة لتتابع مسلسل الموت المؤسف بين الأخوة الألداء، أشقاء السلاح بالأمس، الذين لم تبتعد الدبابات الإسرائيلية عن تخوم قطاعهم كثيراً، والله يستر، إن ابتعدت أكثر من ذلك، لأن مذابح الهوتو والتوتسي ستصبح أفلام كارتون أمام الكم الهائل من التحفز والاستعداء بين الطرفين، ويتأسف المتابع عندها لأيام الاحتلال الإسرائيلي الرومانسية الجميلة، ويطلب من الله تعالي، أن تتنازل إسرائيل وتعود إليهم لوقف هذا النزف الدموي الأخوي، ليس إلا. وبعد ذلك كله سيختتم جولته السياحية العربية التي ترفع الرأس، بخبر مقتضب عن الصحراء الغربية، ولا حاجة طبعاً أن تتم الإشارة إلى الوضع في لبنان والجزائر مثلاً، لأنها صارت كالمناطق الصحراوية، والقطبية، التي ليس فيها تبدلات مناخية جذرية وجوهرية، ولا يتغير فيها المناخ أبداً.
لم يعد هناك ثمة حاجة لوجود إسرائيل، أبداً، ولا لأي استعمار آخر، فالقبائل، والعشائر، والفصائل العربية المتناحرة كفيلة، والحمد لله، بأن يقضي أحدها على الآخر، وأن تخلـّص على بعضها البعض بمشيئة الله، ومن دون حاجة لمساعدة من أحد، أو الاستعانة بأية قوات صليبية أو مخططات استعمارية، أو تدخلات خارجية، أو عمليات مؤامرتية أجنبية كما كان الخطاب العربي يردد دائماً، ويعزو كل نكبات العرب، وهزائمهم، وخيباتهم إلى قوى خارجية تطمع بهم وبثرواتهم، وقد تبين لاحقاً، أنه لولا ذاك المستعمر الطيب الرؤوف العفيف لافترس العربان بعضهم البعض، وغابوا كلياً عن مسرح الحياة.
إنها حروب العرب الأهلية العبثية التي تؤذن ببدء عصر الانهيار القومي الشامل، وتدل على انتفاء أي جامع يجمع بين هؤلاء البشر، وتدل، في الآن ذاته، على أنه من المبكر، بل استحالة الحديث عن أية إمكانية لتعايش سلمي بين المكونات الاجتماعية والسياسية والعقائدية المتباينة، وأن العصبية القبلية، والجاهلية السياسية، والروح البدوية، ما زالت تحكم، وتتحكم بسلوك الجميع، الصغير منهم والكبير، وحتى "المقمط" بالسرير.
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إعدام المهدي المنتظر
-
لماذا لا ينصرهم الله؟
-
أين العرب؟
-
سِجْنُ الحِجَابْ
-
المواطن السوري أولاً
-
إسرائيل البريئة!!!
-
شهداء الطغيان
-
إخوان مصر: تباشير النهايات السعيدة
-
الحجّ الوزاري ودعاء دخول الوزارة
-
لماذا يهلل المسلمون لفوز إليسون؟
-
مآتم أم أعياد؟
-
شَنْقُ رَئيس ٍعَرَبِيٍّ !!!
-
خبر عاجل: وزارة الصحة السورية تعترض على محاكمة جنبلاط!!!
-
اللّهم شماتة: انهيار المحاكم الإسلامية
-
حكومة الظلّ الوهابية المصرية
-
هل أصبحت إسرائيل ضرورة قومية؟
-
الكاميرا الخفية
-
أهلاً بكم في تلفزيون الحوار المتمدن
-
انطلاقة لعصر إعلامي جديد
-
الإنترنت السوري ومهمة الدعوة إلى الله
المزيد.....
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|