|
(1) ثلاثة وعشون عاماً في الممارسة النبوية - ولادته
مصطفى حقي
الحوار المتمدن-العدد: 1814 - 2007 / 2 / 2 - 11:38
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أبحث عن الطريق ، لكنّه ليس الطريق إلى الكعبة والهيكل. ففي الأولى أرى جماعة من عبدة الأوثان ، وفي الثاني زمرة ممّن يعبدون أنفسهم . مولانا جلال الدين الرومي ( لمحة عن الكاتب علي الدشتي وأعماله في مطلع مقالنا-معجزة القرآن) الحوار المتمدن تاريخ 10/12/2006 في العام 570 وضعت آمنة بنت وهب طفلاً في مكّة أسمته محمداً . مات أبوه عبد الله قبل أن يفتح عينيه على الدنيا ، وماتت أمه وهو لا يزال في الخامسة . وإنْ هي إلا فترة قصيرة حتى مات جدّه النافذ الكريم عبد المطلب بن هاشم ، ولم يكن له من سندٍ أو معيل سواه . ومن بين أعمامه الكثر الأثرياء ، كان هذا الصبي بعد جدّه في كفالة أشدّهم فقراً وأكثرهم شجاعة ، عمه أبو طالب . بيد أنّ سيرةً مذهلةً ، ولعلها فريدة في سجّل العصاميين الذين صنعوا التاريخ في العالم كله ، كانت تنتظر الصبيّ في قابل الأيام . آلاف من الكتب سُطّرت عن حياة هذا الرجل الاستثنائي ، وعن الحوادث التي وقعت في سنوات رسالته الثلاث وعشرين ، وعن كل ما قاله أو فعله . ومع أنّ ما توفر للبحّاثة والدارسين من المعلومات عن محمد يفوق ما توفر لهم عن أي من عظماء التاريخ الذين سبقوه ، فإننا لا نزال نفتقر إلى كتابٍ موضوعي يقبله العقل ويرسم صورة لمحمد لا تشوبها التصورات والافتراضات المسبقة، وضروب التعصب ، وإذا ما كان مثل هذا الكتاب قد كُتِب، فإنني لم أره . لقد استخف المسلمون وسواهم بالوقائع التاريخية ، وجهدوا على الدوام لكي يجعلوا من هذا الرجل كائناً خيالياً يفوق البشر ، أو ضرباً من الإله في إهاب إنسان ، متجاهلين في الغالب تلك الأدلة الغزيرة على بشريته . كما كانوا مهيئين لأن يلقوا جانباً بقانون العلّة والمعلول أو السبب والنتيجة ، ذلك القانون الذي يحكم الحياة الواقعية ، كيما يقدّموا شطحات خيالهم على أنها معجزات . حتى بلوغه الأربعين ، عام 610، لم يسجّل عن حياة محمد أي شيء ذي شأن . فالروايات عن تلك المرحلة ، والسِّير التي كُتِبَت عن النبي ، لا تتوقف عند أي شيء لافت أو خارج عن المألوف , غير أن الطبري المؤرخ والمفسر القرآني العظيم ، تمكن في نهاية القرن الثالث/التاسع من أن يُقحِمَ في تفسيره الآية 23 من سورة البقرة كلاماً عن ولادة النبي ، يكشف كم كان يميل الناس في تلك الأيام إلى خلق الأساطير المستحيلة وتكرارها ، وكيف يمكن حتى لمؤرخ ألا يتمسّك بالتاريخ . تقول الآية ( وإن كُنتم في رَيْب مما نزّلنا على عبدنا فأْتوا بسورةٍ من مثْلِه وادْعوا شُهدائَكم من دون الله إن كنتم صادقين ) لكنّ الطبري يزيد على تفسيره الآية أنّ شائعة سرت في مكة قبل بعثة النبي ، مفادها أن رسولاً من عند الله يدعى محمداً سوف يظهر وتدين له مشارق الأرض ومغاربها . وأنّ مكّة في ذلك الحين كان فيها أربعون امرأة حبلى ، فما إن وَضَعن حتى أسمَت كل واحدة منهنّ وليدها محمداً ، عساه يكون الرسول الموعود . حماقة هذا الكلام أوضح من أن تحتاج إلى تعليق . فليس لأحد في مكّة أن يكون قد سمع بمثل هذه الشائعة أو تنبأ بظهور نبي يدعى محمّداً . ذلك أنّ أبا طالب ، حامي محمد ووليّ أمره ، ما كان ليموت دون أن يعتنق الإسلام لو أنه سمع بذلك أو رآه . بل إن محمداّ نفسه ما كان يعلم قبل بعثته أنّه سيكون نبياً ، وهو ما تؤكده على نحو فصيح وصريح الآية 17 من سورة يونس : ( قُل لو شاء الله ما تلوتُه عليكم ولا أدراكم به فقد لَبِثْتُ فيكم عُمُراً من قبْلِه أفلا تعقلون )ثمّ أنه لم يكن في مكّة أي سجلّ مدني ليبيّن أن أربعين امرأة وحسب هن اللواتي وضعن في العام 570 وأنّ جميعهن بلا استثناء قد أسمين أبناءهن محمداً . فهل كان لمحمدٍ في طفولته أربعون قريناً لهم العمر ذاته والاسم ذاته ؟ أما المؤرخ الوافدي ، فيروي عن ولادة النبي قصة أخرى مفادها أنه ما إن خرج من رحم أمّه حتى قال : الله أكبر كبيراً ، وفي شهره الأول حبا ، وفي الشهر الثاني وقف ، وفي الرابع عدا ، وفي التاسع رمى السهام . ومن الجدير بالذكر أن ميرزا جاني الكاشاني ( توفي 1268/1852)، في كتابه نقطة الكاف ، ذلك الكتاب الذي حاول البهائيون أن يطووا خبره ، يحكي الأشياء ذاتها عن سيّد علي محمد الشيرازي ، مؤسس البابية , وتبعاً لهذا الكتاب ، فإن سيد علي ما إن وُلِدَ حتى نطق قائلاً : المُلكُ لله . . لو أن مثل هذه الأشياء الخارقة التي يرويها الوافدي كانت قد جرت ، لَعَلِمَ بها أهل مكّة جميعاً ، ولكان عبدة الأصنام هؤلاء انحنوا أمام محمد تاركين أصنامهم . وهذه القصة هي مثال على اصطناع المسلمين الأساطير وتلفيقهم التاريخ ، وبالمقابل ، فقد دفع التحيّز الديني بعض الكتّاب المسيحيين الغربيين إلى وصف محمّد بالكذّاب ، والدجّال والآفاق ، والساعي إلى السلطة ، والفاسق الشبق . وبذلك لم تكن أي من الجماعتين قادرة على دراسة الوقائع دراسة موضوعية . والسبب في ذلك هو أن الإيديولوجيات ، سواء كانت سياسية أم دينية أم طائفية ، تحول بين البشر وبين استخدام عقولهم والتفكير على نحوٍ سليم . وبذلك فإن التصورات المسبقة عن الخير والشرّ تلقي بحجابها على الموضوعات المدروسة . كما يعمل ما هو منغرسٌ عميقاً من مشاعر الحب أو الكراهية أو التحامل على تغليف الشخص المعنيّ بضباب من الخيال الواهم البعيد عن الواقع . لا جدال في أنّ النبي محمّداً شخصية بارزة . ومن بين الخصال التي ميزته عن سواه من البشر حدّة الذهن ، وعمق التفكير ، ونفاذ الصبر حيال الأوهام والخرافات التي كانت سائدة في عصره . غير أن الأهم من ذلك كلّه كان قوّة الإرادة والطاقة التي حملته على خوض معركة فردية مع الشرّ . فقد أطلق عبارته المتّقدة آمراً البشر بالمعروف وناهياً إياهم عن المنكر ، نافراً من الأذية والكذب وإيثار الذات ، منافحاً عن المحرومين والمحتاجين ، موبّخاً قومه على عبادتهم الأوثان من دون الإله الواحد العظيم ، وساخراً من هذه الأصنام التي لا تضر ولا تنفع . وكان من الطبيعي ألا يلتفت إلى كلام أولئك الذين حظوا من أهل مكّة بالهيبة وأمسكوا بمواقع القوّة . ذلك أنّ تقبل مثل هذا الكلام كان يقتضي منهم أن ينبذوا تلك العادات والعقائد التي ترسّخت على مدى القرون وافترضوا أنّها صحيحة صحّةً مطلقة لا جدال فيها، شأنها في ذلك شأن جميع الإيديولوجيات الموروثة . (من كتاب : 23 عاماً دراسة في الممارسة النبوية المحمدية ) (الكــــانب : علي الدشتي ترجمة ثائر ديب إصدار رابطة العقلانيين العرب )
#مصطفى_حقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفاضلةgrce lady.....
-
العودة إلى الحنبلية وآراء بن تيمية في اتهام الشاب عبد الكريم
...
-
طريق الموت يحصد هذه المرة 26 قتيلاً و5جرحى...؟!
-
(4) ثلاثة وعشرون عاماً في الممارسة النبوية . الخلاصة
-
(3) ثلاثة وعشرون عاماًفي الممارسة النبوية. الخلاصة
-
هل الإسلام موجود في العراق ...؟
-
(2) ثلاثة وعسرون عاماً في الممارسة النبوية . الخلاصة
-
(1) ثلاثة وعشرون عاماً في الممارسة النبوية. الخلاصة
-
(3) السعي خلف الغنائم .....؟
-
اغتيال الصحفي التركي الأرمني هرانت دينك جريمة إرهابية ..؟
-
(2) السعي خلف الغنائم ....؟
-
ياقضاة مصر .. عبد الكريم سليمان(كريم عامر) شابٌ حرٌ متحمسٌ أ
...
-
(1) السعي خلف الغنائم ...؟
-
جنٌّ مسلمون يغتصبون منزلاً ويحرقونه من بالوعة ....؟
-
(4).... مابعد النبوّة ...الخلافة
-
(3).. ما بعد النبوّة .. الخلافة.
-
(2 )...ما بعد النبوّة ... الخلافة ..
-
(1) ما بعد النبوّة...الخلافة ..؟
-
تحية للدكتورة وفاء سلطان على منبر الحوار المتمدن ...
-
نشأة الكون وتقسيم الزمن ....؟
المزيد.....
-
مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
-
التردد الجديد لقناة طيور الجنة على النايل سات.. لا تفوتوا أج
...
-
“سلى طفلك طول اليوم”.. تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصن
...
-
الحزب المسيحي الديمقراطي -مطالب- بـ-جدار حماية لحقوق الإنسان
...
-
الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس وسط العنف الطائفي في جنوب ا
...
-
الضربات الجوية الأمريكية في بونتلاند الصومالية قضت على -قادة
...
-
سوريا.. وفد من وزارة الدفاع يبحث مع الزعيم الروحي لطائفة الم
...
-
كيفية استقبال قناة طيور الجنة على النايل سات وعرب سات 2025
-
طريقة تثبيت تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2025 TOYOUR BAB
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال اقتحم المسجد الأقصى المبارك 21
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|