أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله سلمان - وهم التفاؤل السياسي يصنع آمل زائف














المزيد.....

وهم التفاؤل السياسي يصنع آمل زائف


عبدالله سلمان
كاتب وباحث

(Abdallah Salman)


الحوار المتمدن-العدد: 8395 - 2025 / 7 / 6 - 02:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في تاريخ الأمم والشعوب غالبًا ما تكون لحظات الانتقال السياسي مصحوبة بجرعات عالية من التفاؤل لكن حين يتحوّل التفاؤل من طاقة مشروعة إلى أداة لإنتاج الوهم يصبح عبئًا ثقيلًا لا على وعي الناس فحسب بل على طبيعة الفعل السياسي ذاته فالتفاؤل السياسي المفرط ليس مجرد خطأ في التقدير بل في كثير من الأحيان استراتيجية مقصودة لإعادة إنتاج الجمود السياسي وتعبير عن فشل ذاتي في الحركة السياسيةعبر خطاب التغيير.
من منظور فلسفي علينا التمييز بين الأمل بوصفه حالة وجودية تستند إلى وعي بالمأساة وإرادة للمقاومة وبين التفاؤل السياسي المصنوع الذي هو في جوهره هروب من مواجهة الواقع عبر تصدير رواية مريحة تتجاهل التعقيدات البنيوية في الحال السياسي .
بعض الفاعلين السياسيين داخل معارضات مأزومة لا يقع في التفاؤل المفرط بوصفه سذاجة سياسية بل يتبناه كأداة تسويقية ووسيلة للسيطرة على الوعي الشعبي عبر جرعات مبرمجة من الأمل المصنوع ضمن هذا السياق تلجأ بعض الشخصيات السياسية إلى محاكاة ما حدث في سياقات إقليمية أخرى كما في الثورات أو انهيارات أنظمة الجوار وتقدم ذلك على أنه سيناريو قابل للتكرار في العراق دون وعي بالاختلافات العميقة في البنية الاجتماعية وطبيعة السلطة وتوازنات الداخل.
إن أخطر ما في التفاؤل السياسي المفرط المصنوع هو أثره التراكمي على المزاج العام فعندما يُخدَع الشعب أكثر من مرة تتحوّل خيبة الأمل إلى ما يشبه اللاجدوى الجماعية وبدلًا من أن يتحول الألم إلى طاقة تغيير يُعاد تدويره في شكل انسحاب لامبالاة أو حتى ردة فعل مضادة تجاه كل ما هو معارض.
في هذا المناخ الملبد بأوهام الخلاص لم يَعُد مستغربًا أن نشهد عددًا يتجاوز أصابع اليد من السياسيين والناشطين وهم يتقمصون بوعي أو بدونه صورة البطل الملهم أو القائد الاستثنائي محاولين إسقاط رمزية ما من تجارب إقليمية على واقع لا يحتمل الإسقاط لان الظروف مختلفة تماما بحيث يُعاد إنتاج الحلم ذاته لكن بوجوه متعددة كلها تدّعي أنها الأمل المنتظر.
والنتيجة؟ مشهد سياسي مكرر مفرغ من الأصالة يراوح في مكانه بين تمثيل الأدوار واستدعاء الصور دون أن يلامس جوهر الأزمة التي يعيشها الشعب فعليًا.
وفي مقابل سيادة هذا الخطاب في الترويج غالبًا ما تعاني المعارضة من ضعف تنظيمي وافتقار لرؤية استراتيجية فالخطابات تملأ الفضاء لكن الفعل غائب والشارع يُسحب من تحت أقدامها تدريجيًا.
إن تجاوز وهم التفاؤل السياسي لا ينبغي أن يُفهم على أنه سقوط في مستنقع التشاؤم أو الاستسلام للركود بل هو عودة إلى السياسة الواقعية ومغادرة منبر الوعود الجوفاء التي تُقال ولا تُنفذ وتُسمع ولا تُحاسب نحو التحرر من التضليل والانخراط في مشروع وطني متزن يقف على أرض الواقع لا على أبراج الأوهام.
إن السياسة الواقعية التي ننشدها ليست خالية من الإمل بل هي قادرة على أن تُلهم لأنها تعترف بالألم دون أن تبيعه وتقدم الحلول دون أن تبتذلها.
آن الشعوب لا تُقاد إلا بصدق ولا تنهض إلا حين تُخاطَب على أنها كائنات عاقلة لا جمهور يُستدرَج بشعارات المؤتمرات أو صور الزعامات.
وبين كل هذا التوهّم يظهر بعض السياسيين ممن يظنون أن بإمكانهم حصد ثمار نضال الشعب دون أن يزرعوا شيئًا يكتفون بالانتظار على قارعة اللحظة دون فعل حقيقي معتقدين أن التغيير إذا وقع فسينقلهم تلقائيًا إلى موقع القيادة متناسين أن الشرعية لا تُمنح بالتمني بل تُنتزع بالفعل والمسؤولية.
ونحن نعيش لحظة مخاض إقليمي ووطني معقّدة تتسارع فيها المتغيّرات وتتقاطع فيها الإرادات المحلية والدولية فإن واجبنا لم يعد مجرد الترقب أو التأويل بل الفهم العميق لما يدور وتشخيص المسارات الحقيقية بعيدًا عن الضباب المصنوع بخطابات الوهم.
إن هذه المرحلة لا تحتمل التسطيح ولا تجيز الارتهان للأوهام الجاهزة. المطلوب ليس فقط أن نحلم بل أن نعمل بوعي وننتقل من التمنّي إلى التخطيط ومن الانفعال إلى الفعل. التحول يتم بادراك أن اللحظة التاريخية لا تصنعها المصادفة بل الوعي والبذل والانخراط الحقيقي في الواقع بكل تعقيداته في زمن المتغيرات الكبرى فإن أخطر ما نواجهه ليس السلطة وحدها بل الغفلة عن شروط التغيير والركون إلى بطولات مصطنعة لا تصمد أمام أول اختبار حقيقي.



#عبدالله_سلمان (هاشتاغ)       Abdallah_Salman#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يحتقر الأبناء مجد الآباء، تيهٌ في دوامة الضياع
- السيادة المفقودة في العراق: اتفاقية خور عبد الله التميمي أنم ...
- تفاقية خور عبد الله التميمي المزعومة في ضوء اتفاقية فيينا وا ...
- العقيدة التفاوضية الإيرانية بين فقه الخميني والمصلحة السياسي ...
- أزمة الكادر السياسي في العراق مقاربة نقدية في ضوء فكر ديمترو ...
- طفولية المعارضة العراقية
- بريطانيا. راعية النظام الطائفي في العراق ومخططها لتدجين المع ...
- بريطانيا.. راعية النظام الطائفي في العراق وأساليبها في تدجين ...
- الزمن الجميل: بين السردية التاريخية والتعايش المجتمعي
- قرأة في القانون والفقه الدستوري
- تعريف كتاب الديمقراطية في العراق بين النظرية والتطبيق
- الانتخابات الامريكية ووسائل ادارة النفوذ في العالم
- من احتلال بغداد الى دمــار غزة
- السطو الاعظم
- المقترح الامريكي لانهاء العدوان على غزة لماذا الان ؟
- تعريف كتاب العلمانية منهج فكري ام عقيدة دينية (رؤية تحليلية ...
- تحت وطأة التحديات فشل استراتيجية الردع في الشرق الأوسط
- تجاوزات الاعلام الغربي ، استخفاف واستغفال مواطنيهم
- اشكالية الانسان في الاعلان العالمي لحقوق الانسان
- للانتصار وثبة وفرح


المزيد.....




- مع استمرار غموض موقف السعودية.. قائمة حضور قمة بريكس بغياب ز ...
- خال من البشر.. مصور يسكتشف الجمال السريالي لمصنع سيارات كهرب ...
- من هو الدالاي لاما وكيف يعمل مبدأ التناسخ في البوذية التبتية ...
- خلال ساعات الليل.. موجة هجمات متبادلة بالمسيّرات بين روسيا و ...
- جسد صغير مثقل بالحرب.. طفل مصاب بتلف دماغي في غزة يُصارع للب ...
- ألمانيا - دعاوى جديدة ضد تعليق البت في طلبات اللجوء عند الحد ...
- الفكر الريعي
- قادة مجموعة بريكس في ريو دي جانيرو لمواجهة سياسة دونالد ترام ...
- فيديو: أول ظهور علني للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي منذ ا ...
- هجوم مستوطنين مسلحين على بلدة بيتا جنوبي نابلس


المزيد.....

- نقد الحركات الهوياتية / رحمان النوضة
- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله سلمان - وهم التفاؤل السياسي يصنع آمل زائف