أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد حسب الرسول الطيب - 6. مناهضة خطاب الكراهية: من الوعي إلى السلطة














المزيد.....

6. مناهضة خطاب الكراهية: من الوعي إلى السلطة


عماد حسب الرسول الطيب
(Imad H. El Tayeb)


الحوار المتمدن-العدد: 8394 - 2025 / 7 / 5 - 10:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليست مواجهة خطاب الكراهية فعلًا ثقافيًا أو تربويًا محدود الأثر، بل ضرورة سياسية واستراتيجية من صميم الصراع الطبقي. فالكراهية في السياق السوداني ليست صدًى لموروث اجتماعي أو مجرد تعبير عن غضب جماهيري، بل أداة مصمّمة بعناية داخل مؤسسات الدولة الطبقية، لإعادة إنتاج التبعية والتشظي. ومناهضتها لا تتم بردّات فعل، بل عبر مشروع ثوري مادي، يعيد ترتيب أدوات المقاومة.

ما يُفتقد غالبًا في الخطابات المناهضة للكراهية هو استيعابها ضمن تحليل بنيوي. فخطاب الكراهية لا يعمل فقط على التفريق بين مكونات المجتمع، بل يُعطل قدرة الجماهير على بناء تحالفاتها الطبقية. لذلك، يجب أن تبدأ المناهضة من قلب استراتيجية نقيضة، تُنتج تحالفًا بديلًا لا يقوم على "رد الاعتبار" الأخلاقي، بل على بناء سلطة موازية. وكما كتب لينين في "ما العمل؟": "العدو لا يُهزم بالشعارات، بل ببناء أجهزة ثورية تنزع شرعيته من الجذور."

في هذا الإطار، نحتاج إلى النظر في التاريخ لاستخلاص ما يفيدنا، لا ما يُكرر مأساتنا. لقد واجهت شعوب عديدة حملات كراهية ممنهجة انتهت إلى إبادة أو فاشية، لكن تجارب مثل جنوب أفريقيا ما بعد الأبارتيد، وأمريكا اللاتينية في فترات نهوضها الثوري، أظهرت أن مناهضة الكراهية تبدأ حين يُنتزع الخطاب من يد الدولة، ويُعاد تشكيله من القاعدة. في تجربة الزاباتيين بالمكسيك، تم إنتاج مفهوم بديل للهوية يقوم على المشترك الطبقي والثقافي، لا على اللغة أو العرق، مما جعل خطاب الكراهية يفقد فعاليته أمام خطاب التنظيم والمقاومة.

في السودان، لا يزال خطاب الكراهية يحتكر الساحة لأنه لا يوجد بديل رمزي وتنظيمي جذري. ومن هنا يجب الانطلاق:

أولًا، بإعادة بناء الخطاب الثوري من جذوره، لا كرد فعل على ما تطرحه الدولة، بل كتصور مستقل لماهية الإنسان، الجماعة، والمجتمع. نحتاج إلى لغتنا الثورية الخاصة، كما نحتاج إلى تأريخ جديد يُعلّم الأجيال القادمة من هم الأعداء الحقيقيون.

ثانيًا، عبر فك الارتباط بين المؤسسات المجتمعية والسلطة، خصوصًا المدارس، المساجد، منظمات المجتمع المدني، والتي تُستخدم كقنوات لنشر الكراهية. يجب خلق شبكات مقاومة ثقافية، تنتج تعليمًا شعبيًا، وفنًا بديلًا، ومنابرَ تُخرج الناس من عزلة العدو المصطنع إلى فضاء الفعل الجماعي.

ثالثًا، عبر تحويل الإعلام إلى ساحة اشتباك، لا إلى ساحة تبرير أو وعظ. وهذا يتطلب خلق منصات ثورية لا تُخاطب السلطة بل الجماهير، تستبدل التقارير المنمقة بحكايات من الميدان، وتُعرّي التحالفات الطبقية التي تصنع الكراهية.

رابعًا، بوضع خطاب الكراهية ضمن قضايا العدالة الثورية. فالتحريض ليس رأيًا، بل جريمة، وهو امتداد لعنف مادي يجب مساءلته. في رواندا، جرى تقديم إعلاميين للمحاكمة الدولية، وفي البوسنة أُدرج خطاب الكراهية كأحد أدلة التطهير العرقي. وفي السودان، يجب الضغط لمحاكمة كل من حرض وموّل ونشر، لا في محاكم صورية، بل في ساحات نضال جماهيري واعٍ.

خامسًا، عبر بناء خطاب بديل متجذّر في الإنتاج. خطاب يُعرّف الإنسان بانتمائه لعالم العمل والمجتمع، لا بالدم أو القبيلة أو الجندر. يجب أن نُعيد للناس وعيهم بأنهم ليسوا ضحايا اختلاف، بل ضحايا استغلال. هذا الخطاب لا يُصاغ نخبويًا، بل يُبنى على الأرض، في الحقل والمصنع والمدرسة والمستشفى. وكما كتب فانون: "الثورة تبدأ حين تتوقف الشعارات وتبدأ إعادة بناء الإنسان."

مناهضة خطاب الكراهية ليست جبهة منفصلة عن الصراع الطبقي، بل قلبه الرمزي. إنها ليست معركة كلمات، بل معركة على من يمتلك حق تشكيل الوعي الجمعي. إما أن نستمر في استهلاك الكراهية التي يصنعها خصومنا، أو أن نُنتج أدواتنا الفكرية والتنظيمية التي تعيد تعريف العدو، والوطن، والإنسان. فقط عندها، تتحرر الكلمة من قبضة السوط، ويتحول الوعي إلى سلطة لا يمكن قمعها.

"تحرير الوعي من قبضة الطبقة الحاكمة هو أول شرط لتحرير الإنسان من استغلالها."

النضال مستمر،،



#عماد_حسب_الرسول_الطيب (هاشتاغ)       Imad_H._El_Tayeb#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقف الطرفي في فضاء ما بعد الاستعمار
- اللاعنف كأداة إمبريالية: تفكيك وهم التغيير السلمي في الثورة ...
- 5. اقتصاد الكراهية: كيف تتحول الأيديولوجيا إلى سلعة في السوق ...
- صمت الفلوت وهستيريا العنف
- 4. بنية إنتاج الكراهية في السودان
- 3. خطاب الكراهية ضد النساء: الجندر كساحة للصراع الطبقي في ال ...
- 2. لجان المقاومة وتفكيك الكراهية: من الوعي الشعبي إلى الفعل ...
- تفكيك ٱلة الكراهية: المهمة الثورية للوعي الطبقي
- لا ثورة بلا قطيعة، ولا يسار بلا عدو طبقي
- القذيفة لا تُنهي الدرس
- 30 يونيو: لحظة الوعي الطبقي وحدود الثورة في السودان
- وعي طبقي في جسد طفلة
- عنف بلا حدود، مقاومة بلا تنازلات
- الفن في مواجهة اغتراب الرأسمالية: صرخة الجمال ضد قبح الاستغل ...
- التعاونيات في السودان: بذور الاشتراكية في مواجهة الرأسمالية ...
- الوعي الطبقي والجهل المُنَظَّم في الصراع السوداني: تحليل مار ...


المزيد.....




- سوريا .. حرائق الغابات تلتهم مساحة أكبر من دمشق وتشكل اختبار ...
- رسائل -تلغرام- وعروض مالية.. وثائق تكشف كيف جنّدت إيران جواس ...
- -إمارة الخليل- مقترح تقدم به شيوخ فلسطينيون للسلام مع إسرائي ...
- بين تغيّر المناخ والتوترات الجيوسياسية: كندا تدخل معركة -كاس ...
- فيديو دعائي جديد منسوب لـ-حسم-.. وتكهنات بمحاولة لإحياء نشاط ...
- بعد خلافه مع ترامب إيلون ماسك يعلن تأسيس حزب جدبد
- غزة: جولة مفاوضات جديدة غير مباشرة بين إسرائيل وحماس في الدو ...
- 4 أسئلة عن آخر تطورات مقترح الاتفاق بين حماس وإسرائيل
- اتهامات للصين بالسعي لتقويض مبيعات طائرة رافال الفرنسية
- محللان: المقاومة قدمت مرونة كبيرة ونتنياهو لن يوقف حرب غزة


المزيد.....

- نقد الحركات الهوياتية / رحمان النوضة
- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد حسب الرسول الطيب - 6. مناهضة خطاب الكراهية: من الوعي إلى السلطة