أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم يونس الزريعي - المثقف.. النقد دور وليس خيارا














المزيد.....

المثقف.. النقد دور وليس خيارا


سليم يونس الزريعي

الحوار المتمدن-العدد: 8394 - 2025 / 7 / 5 - 02:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أن تكون مثقفا، هو أن تمتلك الشجاعة الفكرية أن تكون مختلفا، وأن تتحمل عبء وتبعات هذا الخيار، كونك مثقفا صاحب رسالة مجتمعية تبشر بها، انطلاقا من موقع النزاهة الفكرية والسياسية والأخلاقية، ومهما كانت قيمتها، ولأنها كذلك، فإن تلك المواقف الذي يأخذها المثقف، لا تأخذ بعين الاعتبار عند أخذها والتعبير عنها، إرضاء أي مكون سياسي أو أيديولوجي أو مجتمعي، لأن دور المثقف، هو ألا يمارس تبرير سياسات أو تصرفات أي كيان معنوي، سواء كان سلطة، أو حزبا، أو جماعة، يرى أنها مجافية، أو أن يكون شاهد زور، من موقعه كصاحب وجهة نظر، لأنه في الأساس ناقد، وليس حارق بخور، كونه يعتبر نفسه أحد ضمائر شعبه، وليس بوقا بأي حال من الأحوال، لأي سلطة صغيرة كانت؛ أم كبيرة، حتى لو اتفق معها هنا أو هناك.
ومن ثم ليس دور المثقف "هو أن يبحث عن إرضاء الآخرين؛ وإنما هو أن يكون نزيها"، لأن دور المثقف، فيما نعتقد، هو في مدى الصدق والنزاهة في طرح الأفكار والمعلومات، حتى لو لم تكن هذه الأفكار والأطروحات ترضي الجميع، لان إرضاء الجميع هو كذب ونفاق، كون المثقف يحمل رسالة، وارتباطا بدوره كضمير، وفي الوقت نفسه محرض لجماهير شعبه، كي تعي تلك الجماهير واقعها، في مواجهة غياب الحقيقة، أو بؤس السياسات والمواقف، وربما التضليل المتعمد، حتى تغادر مربع دور القطيع المفعول به، إلى دور الشعب الحي الفاعل، من خلال وعي ذاتها، ووعي ما حولها، وجدل شرط اللحظة في بعديه الذاتي والموضوعي، وعلاقاته الخارجية، وهو وعي إيجابي يجب أن ينتجه عقل مفكر، يدرك أهمية ودور السؤال في المعرفة.
والسؤال هنا هو: هل يمكن فعل ذلك دون وجود كتيبة من المثقفين؟ أنا أشك في ذلك، ولذلك يحضر السؤال الأساس من هو المثقف، وما هو دوره؟ المثقف هنا هو "الشخص الذي يمارس التفكير النقدي والبحث والتأمل حول طبيعة الواقع، وخاصة طبيعة المجتمع والحلول المقترحة لمشاكله المعيارية". فيما يقول المفكر إدوارد سعيد "أعتقد أن الحقيقة الأساسية هنا هي أن المثقف فرد يتمتع بموهبة خاصة تمكنه من حمل رسالة ما، أو رأي ما، وتجسيد ذلك والإفصاح عنه إلى مجتمع ما، وتمثيل ذلك باسم هذا المجتمع".، فيما يقول آخرون إن الشخص لا يكون مثقفا حتى "يمتلك القدرة على نقد وإنتاج الأفكار". وبحسب تعبير المفكر الفرنسي جيرار ليكلرك "المثقفون هم هؤلاء الذين ينتجون آثاراً، الذين يبدعون، الذين يجددون في المجال: الثقافي، الجمالي، الإيديولوجي، الخ..".
في حين أن المثقف العضوي لدى المفكر أنطونيو غرامشي" هو الشخص "المنتمي إلى مجتمعه والمتفاعل مع قضاياه، الذي يقوم بدور تنويري في المجتمع، ويكون صاحب مشروع ورؤية في الإصلاح والتطوير". ومن ثم فإن المثقف انطلاقا من وعيه بدوره كضمير لشعبه، الذي هو تجلي لمسؤوليته الاجتماعية، وانحيازه لوطنه، وأنه من موقع النزاهة الفكرية والسياسية والأخلاقية، يمارس النقد البناء بهدف المساهمة في إحداث تغيير إيجابي في المجتمع، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي.
وفي تقديري فإن الشجاعة والحال هذه، هي أحد الصفات الملازمة للمثقف، عندما يطرح أفكاره وموافقه، حتى لو كانت مخالفة للآراء السائدة، أو تواجه معارضة، سيما إذا كانت هناك قوى تعتبر أنها هي ومواقفها متعالية وفوق النقد، ولأن المثقف هو ضمير وطنه وقاطرته الفكرية، فهو ليس محايدا، لكنه في الوقت نفسه حر، تجاه أي ترهيب، أو إكراه مادي أو معنوي، كونه ليس تابعا.
وهذا لا يعني أن المثقف يقف موقف المعارض لكل شيء، وإنما قد يكون لديه موقفًا ورؤية خاصة به تجاهها. فقد يكون هذا الموقف مؤيدًا أو معارضًا أو مزيجًا من الاثنين، ولكنه ليس موقفًا خاليًا من التفكير والمشاركة.
وأخيرا يمكن القول إن المثقف، في مفهومه العام، هو فرد يتميز بمعرفته العميقة وتفكيره النقدي، ويستخدم هذه المعرفة في تحليل وتقييم الظواهر المختلفة في المجتمع، سواء كانت ثقافية، اجتماعية، سياسية، أو فكرية بنزاهة فكرية وسياسية وأخلاقية. ولذلك فإن النقد، بالنسبة للمثقف كسلاح فكري ثقافي، هو في كونه أداة للتنوير والتغيير، وليس لمجرد إبداء الملاحظات السلبية.
لكنه بالنسبة لبعض من قد يكونون محلا للنقد، هو تجاوز، وربما هو في بعض الأحيان أسوأ من ذلك، بأن يصنف هذا المثقف كعدو، كونه تجرأ على نقد هذه الذات التي يعتبرها أصحابها متعالية في ذاتها، وفي مواقفها وأفعالها, ويمارس علية الإرهاب الفكري وما هو أكثر من ذلك، وهو تحدي فكري يواجه المثقف الذي يجب أن يواصل رسالته مهما كانت المصاعب والمخاطر.. اذا ما اعتبرنا أن المثقف لديه كلمة حق كونه ضمير شعبه، يجب أن تقال, وفي كل الظروف، لأن النقد لدى المثقف، هو دور أصيل وليس خيارا..

هوامش..
ويكيبيديا، شبكة المعلومات الدولية.
الذكاء الاصطناعي. شبكة المعلومات الدولية.



#سليم_يونس_الزريعي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يكون العدوان على إيران حافزا.. عِوض أن يكون رادعا؟
- بين دراما النووي الإيراني.. وترسانة الكيان الصهيوني النووية. ...
- نتنياهو.. لا أعرف متى ستنتهي العملية العسكرية في إيران؟
- فلسطين هي القبلة.. وإن طالت الهجرة
- بماذا رد ترامب على مبادرة حماس؟!
- الكيان الصهيوني.. وهندسة سوريا ديموغرافيا وجغرافيا
- سوريا.. أحداث جرمانا وصحنايا بين الذريعة والحقيقة
- عندما يجري تجريم النقد..!
- -بيكفي حرب-.. حراك كسر حاجز الخوف 2/2
- -بيكفي حرب-.. حراك كسر حاجز الخوف 1/2
- حتى لا تصبح غزة.. بيئة طاردة
- بعد تهديدها بمصير الحوثيين.. هل ضاقت مساحة مناورة حماس؟
- تغيرت أساليب التهجير.. والهدف واحد.. الاقتلاع
- حتى لا يبقى بيان قمة القاهرة حبرا على ورق
- بين الضفة وغزة. ودعم موقف حماس
- أبو مرزوق.. يجرد طوفان حماس من قدسيته
- كي الوعي.. وذاكرة اللقطة الأخيرة
- كما وصفته عائلته..-أحمق-..-مهرج-..-بلطجي-..-نرجسي-
- نوايا ترامب تجاه غزة.. جريمة موصوفة
- إرادة الفلسطينيين والأمة العربية.. وتحدي هذيان ترامب


المزيد.....




- معاريف عن اللواء احتياط إسحاق بريك: حماس عادت إلى حجمها قبل ...
- ما الذي يمنعك من مسامحة حبيبك السابق؟
- حزن وقلق بسبب إصابة نجم بايرن والمنتخب الألماني موسيلا
- التبت: الدالاي لاما يحتفل بعيد ميلاده التسعين وسط أسبوع من ا ...
- شاهد..مباراة كرة قدم بين روبوتات في الصين
- شرطة النووي.. تاريخ إسرائيل في تدمير المفاعلات النووية العرب ...
- متظاهرون في باريس يطالبون بفرض عقوبات حازمة على إسرائيل
- خشية تهدئة محتملة.. إسرائيل تسرّع التهجير والتدمير بشمال غزة ...
- نعيم قاسم: لن نستسلم ولن نترك السلاح
- تقرير: حماس حاولت اختراق قاعدة سرية بإسرائيل عبر شركة تنظيف ...


المزيد.....

- نقد الحركات الهوياتية / رحمان النوضة
- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم يونس الزريعي - المثقف.. النقد دور وليس خيارا