أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد علي محيي الدين - في ذكرى انتفاضة معسكر الرشيد حسن سريع... أيقونة نضالية لا تتكرر














المزيد.....

في ذكرى انتفاضة معسكر الرشيد حسن سريع... أيقونة نضالية لا تتكرر


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8393 - 2025 / 7 / 4 - 18:47
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


في 3 تموز من عام 1963، دوّت في أروقة معسكر الرشيد ببغداد محاولة تمرّد مسلح غير مسبوقة في تاريخ العراق الحديث، قادها العريف الشيوعي حسن سريع، لتسجّل واحدة من أندر لحظات البطولة والفداء التي خرجت من صلب الجيش ومن قلب الطبقة الكادحة.
لم تكن هذه الانتفاضة انقلابًا بالمعنى العسكري المتعارف عليه، بل كانت فعلًا ثوريًا نابعًا من إرادة شعب مسحوق، نُفِّذ من قبل ضابط صف لا يملك سوى حلم الخلاص من بطش النظام البعثي الذي استولى على السلطة بانقلاب دموي في 8 شباط. ولأن أغلب الانقلابات في التاريخ العراقي كانت من تدبير جنرالات الطموح والمصالح، فإن ما أقدم عليه حسن سريع كان استثناءً صارخًا، ونموذجًا فذًا لمحاولة تغيير من القاعدة نحو القمة.
في فجر الثالث من تموز، سيطر الثوار على البوابة الرئيسية لمعسكر الرشيد، واعتقلوا عددًا من رموز السلطة، بينهم منذر الونداوي وطالب شبيب وحازم جواد. وسادت لحظة من الأمل، مع نجاحهم الأولي في بسط سيطرتهم على المعسكر والقاعدة الجوية، بانتظار إطلاق بيان الثورة من إذاعة بغداد وإطلاق سراح الضباط الشيوعيين المعتقلين في سجن رقم واحد.
لكن حسابات الأرض كانت أقسى من نبل الهدف. واجه الثوار مقاومة عنيفة من آمر السجن حازم الأحمر الكربلائي، ولم ينجحوا في اقتحامه. أما الطعنة الكبرى فجاءت من راضي شلتاغ، ضابط الصف الذي طُلب منه دعم الثوار بتحريك دبابات الإذاعة، فخانهم وأبلغ الرئيس عبد السلام عارف بالخطة، ثم عاد ليقود رتل دبابات ضد رفاقه، مطلقًا النار عليهم من سلاح الدوشكا، ليكون أول من قمع الانتفاضة التي كان يفترض به أن ينصرها.
فشلت الانتفاضة، واعتُقل قادتها وأُعدم بعضهم ميدانيًا، لكن آثارها لم تندثر. فقد أضعفت نظام البعث، وساهمت في تقويضه، حتى جاء السقوط في 18 تشرين الثاني من العام ذاته، بانقلاب عسكري قاده العميد صديق مصطفى من كردستان.
ورغم محاولة السلطة اتهام الحزب الشيوعي بالتخطيط للانتفاضة، فإن الوقائع تشي بغير ذلك. فالتحرك جرى خارج علم القيادة الحزبية، وبمبادرة من محمد حبيب الذي ارتبط سرًا بمجموعة الخط العسكري، من بينهم حسن سريع، وحرّكهم دون تنسيق مع المسؤول الحزبي إبراهيم محمد علي. وقد اعتُقل إبراهيم لاحقًا نتيجة وشاية حبيب، واستُشهد تحت التعذيب في محكمة الشعب دون أن يشي بأحد.
شكلت انتفاضة معسكر الرشيد لحظة وعي سياسي مبكر داخل الجيش، ومثالًا على أن الإرادة الجماهيرية قد تنفجر من القاع، خارج منظومات القرار والنفوذ. لقد خُذل الثوار، لا فقط بالخيانة، بل بالتواطؤ والصمت والتقاعس.
وسواء نجحت حركتهم أم فشلت، فإن ما قدموه من بطولة وتضحية سيبقى حيًا في الذاكرة الوطنية. فـحسن سريع لم يكن مجرد ضابط صف تمرّد، بل كان رمزًا لحلم طبقي وشعبي عميق بالعدالة والانعتاق. واستشهاده، ومعه رفاقه، يؤرخ لزمن عراقي كان فيه الحلم ممكنًا، حتى وإن وُئد.
في ذكرى تلك اللحظة، نقف لنحيي من قاوم، ونستذكر من غُدر به، ونكتب للتاريخ: أن الشجاعة لا تُقاس بالرتب، بل بالضمير.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ركن الدين يونس عاشق الكلمات المتوهجة
- محمد سالم البيرماني شاعر الغربة والبرهان
- الدكتور محمد عبد اللطيف مطلب فيلسوف الفيزياء ورائد الحرف الع ...
- فائق الخليلي قاصٌّ منفىً وسردٌ من ضوء الجرح
- علي جواد الطاهر صوت النقد النابض بين التراث والحداثة
- ستّار خضير… قامة نضالية شامخة
- عبد المجيد الماشطة الحِلّيُّ الذي نَفَذَ إلى لُغَة الإنسان
- الشيخ يوسف كركوش سادن الذاكرة الحِلِّيّة وأحد أعلام التأريخ ...
- الشيخ عبد الكريم الماشطة مصباح علمٍ وتنوير في ظلمات الركود
- قارئ الطين: طه باقر حين نطقت الأرض باللغة السومرية
- ريام الربيعي حين يكتب الجمال أنوثته شعراً
- صبري الحيدري الناقد الذي رأى في الإهداء مرآة للنص
- الدكتور سامي سعيد الأحمد راوي ذاكرة الحضارات
- الدكتور صباح نوري المرزوك عاشق الحلة ومؤرّخ وجدانها
- حسين علوان عينٌ على بابل وقدمٌ في لغة العالم
- أحمد الناجي مؤرخ الذاكرة ومثقف الحلة المتجدد
- جعفر هجول شاعر مترحل بين الغربة والعشق
- الناقد الذي عبر الظل أمين قاسم خليل
- أحمد سوسة ضميرُ العلمِ ومسافرُ الزمان في خرائط الأرض وذاكرة ...
- خالد الحلّي شاعر المنفى وصوت الطفولة البعيد


المزيد.....




- هل يبدأ حزب العمال الكردستاني بتسليم سلاحه؟
- كلمة الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية محمد نبيل بنعبد ال ...
- -حماس-: الفصائل الفلسطينية رحبت برد الحركة على مقترح وقف إطل ...
- حزب التقدم والاشتراكية يعزز التواصل والتنسيق مع المنتخبات وا ...
- أيام صعبة تنتظر حزب الشعب الجمهوري في تركيا
- الحزب الشيوعي ينتقد التعتيم الحكومي بشأن هجمات المسيّرات وال ...
- رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، يكشف ...
- تقرير: قريب لأحد الوزراء مرتبط باليمين المتطرف
- -حماس-: نناقش مع الفصائل الفلسطينية مقترح وقف إطلاق النار
- الفلبين.. هل ستكون المعركة الأخيرة للمتمردين الشيوعيين؟


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد علي محيي الدين - في ذكرى انتفاضة معسكر الرشيد حسن سريع... أيقونة نضالية لا تتكرر