أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - إبراهيم نوح - الخلاف الصرفي بين ابن الأنباري والعكبري في الأفعال،دراسة وصفية تحليلية















المزيد.....



الخلاف الصرفي بين ابن الأنباري والعكبري في الأفعال،دراسة وصفية تحليلية


إبراهيم نوح

الحوار المتمدن-العدد: 8391 - 2025 / 7 / 2 - 17:28
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ملخص البحث:
يتناول هذا المقال دراسة وصفية تحليلية للخلاف بين ابن الأنباري والعكبري في مسائل تتعلق بالفعل، من حيث تصريفه ووزنه وبنيته الصرفية. وكان الكشف عن مكانة العالمين من ناحية الصرف العربي سبباً للقيام بهذه الدراسة. وركزت الدراسة على عرض أبرز المواضع التي اختلف فيها هذان العالمان. فوزعتُ مادة البحث على ثلاثة مباحثٍ أساسيةٍ حيثُ تناول المبحث الأول تصريف الفعل المضارع. وجاء المبحث الثاني مُشيراً إلى أصل الفعل في زنة الكلمات. ودرستُ في المبحث الأخير مسائلَ صرفية متفرقة لم تندرج تحت عنوان مشترك. وقد توصل البحث في خاتمته إلى نتائج أهمها: أن الخلافات بين العالمين ليست مجرد تعارض في الرأي، بل تمثل اختلافًا في المناهج والرؤية الصوتي والصرفية في المسائل المدروسة. وتُبرز ثراء مدرستي الكوفية والبصرية. كما تؤكد هذه الخلافات على أن التنوع في النظر إلى الظواهر اللغوية يعدّ مصدر إثراء للدرس الصرفي العربي.
الكلمات الافتتاحية: الخلاف - الصرف – الأفعال – ابن الأنباري – العكبري.
Résumé :
Cet article traite d une étude de-script-ive et analytique du désaccord entre Ibn Al-Anbari et Al-Akbari sur les questions relatives au verbe, en termes de conjugaison, de dérivée et de structure morphologique. La révélation de la position des deux savants en matière de morphologie arabe est la raison d être de cette étude. Cette étude présente les principaux points de désaccord entre ces deux savants. J ai subdivisé cette recherche en trois thèmes principaux, le premier thème traitant de la morphologie du verbe au présent. La deuxième section traite de l origine du verbe des mots. Dans la dernière section, j ai examiné des questions morphologiques distinctes. Cette recherche a abouti à quelques conclusions suivantes : la différence d approche et de vision phonologique et morphologique dans les questions étudiées Ce travail met en évidence les études morphologiques dans les œuvres de Ibn Al-Anbari et Al-Akbari Ces désaccords entre ces linguistes soulignent un apport considérable sur les questions de phonétiques ou morphologiques de la langue arabe.
Mots-clés : Désaccord - morphologie - verbes - Ibn Al-Anbari - Al-Akbari.
مقدمة:
تُعدّ الأفعال من أبرز أبواب الصرف التي تمثّل محورًا رئيسًا في بناء الجملة العربية ودلالتها، وتنبني عليها مباحث إعرابية ودلالية كثيرة، مما جعلها محلَّ اهتمام النحاة واللغويين على مرّ العصور. ومن بين هؤلاء العلماء البارزين في ميدان النحو والصرف، يبرز كل من ابن الأنباري والعكبري اللذان خلّفا تراثًا علميًّا زاخرًا يعكس عمق التفكير اللغوي العربي وتنوّع اتجاهاته.
وقد تميّزت كتب هذين العالمين بكثرة المسائل الخلافية التي تعكس تباينًا في المنهج والرؤية، لا سيما في باب الأفعال، الذي شهد اجتهادات متنوعة في التصريف، والأوزان، والتحليل الصوتي والمورفولوجي. ويظهر هذا الخلاف في مسائل دقيقة؛ كقلب الحروف، أو حذف بعضها، أو إثبات زيادتها، أو تغيير بنيتها، وكل ذلك يشير إلى عمق التحليل اللغوي الذي ميّز تراثنا النحوي والصرفي.
تقوم هذه الدراسة على جمع المسائل التي اختلف فيها ابن الأنباري والعكبري في باب الأفعال، وتحليلها وصفياً، مع الاستناد إلى الشواهد اللغوية التي أوردها العالمان من القرآن الكريم، وبعض الشعر العربي، مع توضيح أوجه الاتفاق والخلاف، وتبيين المنهجية التي انطلق منها كل واحد منهما. وقد تنوّعت هذه المنهجيات بين اعتماد القياس والتقعيد عند ابن الأنباري، والاهتمام بالبنية الصوتية والتحليل السمعي عند العكبري، مما أوجد مادة علمية غنية تُسهم في إبراز ثراء الفكر اللغوي العربي.
أسباب اختيار الموضوع:
جاء اختيار موضوع "الخلاف الصرفي بين ابن الأنباري والعكبري في الأفعال" استجابةً لحاجة البحث العلمي إلى دراسات تحليلية تُسلّط الضوء على منهج النحاة في مسائل التصريف، لا سيما تلك التي تتعلق بالأفعال، لما لها من أهمية مركزية في البنية اللغوية العربية. وقد كان من أبرز الدوافع لاختيار هذا الموضوع ما يلي:
 أهمية باب الأفعال في النظام الصرفي والنحوي، وكونه يشكّل قاعدة أساسية لفهم البنية التركيبية والدلالية للجمل العربية؛
 غزارة المادة العلمية في كتب ابن الأنباري والعكبري المتعلقة بالأفعال، وما تتضمنه من تنوع في الطرح واختلاف في المناهج والنتائج؛
 قلة الدراسات المتخصصة التي تجمع بين هذين العالمين في ميدان الأفعال بوجه خاص، رغم حضورهما القوي في المصادر النحوية والصرفية.
 إبراز أثر المنهج في صناعة الخلاف اللغوي، ومدى تداخل القياس والسماع، والاستدلال بالشواهد القرآنية، وجملة من الأبيات الشعرية في تشكيل الرأي الصرفي.
وقد بدت أن مشكلة هذه الدراسة جلية وتقوم على الخلاف الذي جرى بين العالمين في مؤلفاتهما القيمة. وانطلاقا من هذا المقام، نلاحظ أن المقارنة بين ابن الأنباري والعكبري تفتح أفقًا لفهم أعمق للمدارس النحوية، وتُعين على التحقق من أصول الخلاف الصرفي عند القدماء، وتُبرز منهج كل عالم في معالجة الظواهر اللغوية.
أهداف البحث:
يسعى هذا البحث إلى تحقيق مجموعة من الأهداف العلمية والمعرفية التي تتمحور حول دراسة الخلاف الصرفي بين ابن الأنباري والعكبري في ميدان الأفعال، وتحليل أبعاده المنهجية واللغوية، ومن أبرز هذه الأهداف:
 رصد أبرز المسائل الخلافية بين ابن الأنباري والعكبري في باب الأفعال، وبيان أوجه التباين في الرأي والتحليل؛
 تحليل المنهج الصرفي الذي اعتمده كل منهما في معالجة القضايا التصريفية، واستكشاف خلفياته النظرية؛
 إبراز دور الشواهد اللغوية (من القرآن الكريم، والشعر العربي) في دعم الرأي الصرفي لدى كل منهما؛
 المقارنة بين المدرستين الكوفية والبغدادية كما يمثلها كل من ابن الأنباري والعكبري، لتوضيح الفروق المنهجية والمعرفية بينهما؛
 الإسهام في إثراء الدرس الصرفي المعاصر من خلال إعادة قراءة تراث النحاة، واستثماره في ضوء منهج وصفي تحليلي.


خطة البحث:
جاء هذا البحث موزعًا على تمهيد وثلاثة مباحث رئيسة، تسبقها مقدمة وتتلوها خاتمة ونتائج، وذلك على النحو الآتي:
التمهيد: يتناول ملامح المنهج الصرفي عند ابن الأنباري والعكبري، وأهم خصائصهما في الاستدلال والتحليل.
فالمبحث الأول يركز في تصريف الفعل المضارع، ويتناول مجموعة من المسائل التي وقع فيها الخلاف بين العالِمين.
والمبحث الثاني يكشف أصل الفعل في زنة الكلمات، ويعرض اختلافات في الأوزان والمعالجات الصرفية للأفعال والأسماء المشتقة عنها.
والمبحث الأخير يراجع مسائل صرفية متفرقة، تتضمن فيه قضايا نحوية وصوتية لها ارتباط مباشر ببنية الفعل. وجاء تلخيص المنهج: تحليل وصفي مقارن لمنهج العالِمين في ضوء الأمثلة والشواهد.
الخاتمة والنتائج: عرض لأبرز ما توصّل إليه البحث من نتائج علمية.
الدراسات السابقة
لم يُعثر - حسب علم الباحث - على دراسة علمية مستقلة تجمع بين ابن الأنباري والعكبري في ميدان الأفعال تحديدًا، غير أن هناك دراسات تناولت كل واحد منهما على حدة، منها:
دراسة تحليلية لمنهج ابن الأنباري في "الإنصاف"، تناولت منهجه في المسائل النحوية والصرفية.
أبحاث جزئية عن العكبري تناولت شروحه في "التبيين" وبعض آرائه الصرفية في تفسيره "اللباب".
بحوث مقارنة عامة بين مدرستي البصرة والكوفة أثارت قضايا في الأفعال، لكن دون ربطها صريحًا بهذين العالِمين.
ويُعد هذا البحث جديدًا من حيث جمعه بين الشخصيتين في باب الأفعال، وتحليله المنهجي المقارن لمسائل الخلاف الصرفي بينهما.

التمهيد:
ينتمي ابن الأنباري (ت: 577هـ) إلى المدرسة الكوفية التي تعلي من شأن القياس، وقد ظهر ذلك في طريقة تعامله مع الأفعال، حيث كان يميل إلى تثبيت القواعد من خلال النظر الكلي في الظواهر اللغوية، مع الالتزام بالمثال القياسي أكثر من التوسع في الشذوذ. وقد سلك سبيل الاستشهاد، معتمدًا على القرآن الكريم أساسًا، ثم الحديث الشريف، والشعر الجاهلي، وكان يضع الشواهد ضمن بنية تحليلية تبرز الرأي وتعززه، كما في "الإنصاف".
أما العكبري (ت: 616هـ) فقد تميّز بمنهج استقرائي أقرب إلى الواقعية اللغوية، إذ يتعامل مع الظاهرة كما وردت في الاستعمال، دون إخضاعها دومًا للتقعيد الصارم. ويظهر ذلك في مؤلفاته كـ"التبيين" و"اللباب"، حيث يكثر من عرض الأقوال، لكنه يعمد إلى الترجيح بناء على المعنى، أو ما يسميه "الملاءمة السياقية". ويستخدم هو الآخر الشواهد، لكنه يُكثر من التفصيلات الصوتية، خاصة في الظواهر التي تمس البنية الحرفية للفعل.
ويلاحظ أن كليهما قد وظّف الشواهد القرآنية والشعرية على نحو كثيف، مع تفاوت في الغرض والمنهج. وقد أظهر هذا التباين الغِنى الفكري والمرونة المنهجية التي وسمت تراث النحو العربي، خاصة في ميدان التصريف.
المبحث الأول: تصريف الفعل المضارع
يعدّ الفعل المضارع من أكثر الأفعال تقلبًا في البناء الصرفي، نظرًا لتغيره بحسب الزمان والإعراب والبنية، وقد كان محطّ خلاف بين ابن الأنباري والعكبري في عدد من المسائل التي تمسّ أصول تصريفه، وصيغه، وتحولاته الصوتية. وسنعرض فيما يلي أبرز هذه المسائل:
المسألة الأولى: إذا اجتمعت تاءان في أول المضارع، فأيهما تُحذف؟
يتناول النحويون هذه المسألة من خلال أمثلة من مثل: "تتقي"، "تتبع"، "تتركون"، حيث يجتمع في أوائلها تاءان: الأولى حرف المضارعة، والثانية من أصل الفعل.
يرى ابن الأنباري أن الحذف يكون للأولى (تاء المضارعة)، إذا وقع التخفيف في الكلام، وذلك على سبيل الضرورة أو المشاكلة الشعرية، مستشهدًا بقول الشاعر:
إذا ما ابنُ عمٍّ تَتْركُ القِرْى *** وتمنعُ جاريها الكرامَ التفضّلا (ابن الأنباري،2002: 519) (1)
حيث حذف التاء الأولى تخفيفًا.
ويذهب العكبري إلى أن الأصل أن التاء الثانية لا تُحذف، لأن تاء المضارعة حرف بنائي، فلا يُبدأ بالحذف منها، وإنما قد يُحذف صوتيًا لا صرفيًا، ويُعوّل في ذلك على الأداء السمعي أكثر من النظر النظري. على ما سبق الذكر، فالعكبري يقف عند قول الكوفيين بحذف حرف تاء المضارعة. وظهر تأييده لهم صراحة قوله: " فحذف تاء المضارعة دون الأصلية عند أصحابنا الكوفيين، وعند البصريين: المحذوف الأصلية" (العكبري،2007: 149) (2) واستشهد بقوله عند شرح بيت المتنبي:
ومن يبغ من المجد والعلا *** تساوَ المحايى عنده والمقاتل (المتنبي،2001: 357) (3)
فيظهر لنا أن ابن الأنباري يُقدّم البنية النحوية على التحقق الصوتي، بينما العكبري يُعلي من شأن الاستعمال السمعي على القياس.
المسألة الثانية: حكم الواو الواقعة بين ياء وكسرة
مثال ذلك: "يُويسِر"، أو "يُويصِل"، وهي صور قليلة في الاستعمال.
فيرى ابن الأنباري أن الواو تثقل بين الياء والكسرة، ولذا تُقلب غالبًا ياءً، فيقال: "يُيسِر" بدلاً من "يُويسِر"، قياسًا على تخفيف الثقل الصوتي. (ابن الأنباري،2002: 624) (4)
بينما العكبري يتعامل مع الظاهرة بمنظور سمعي، ويقر ما ورد عن العرب إن وُجد له وجه في الكلام، ولو خالف القياس، مستشهداً بأمثلة من الشعر القديم، منها قول حسان بن ثابت:
يُويسِرُ في عُلاهُ إذا رآهُ *** ويُظهرُ حلمَهُ من غير كبرِ (العكبري،2001: 357) (5)
فيتجلى الفرق المنهجي بين العالِمين بوضوح: ابن الأنباري يميل إلى البناء القياسي، والعكبري يُراعي النقل السمعي.
المسألة الثالثة: وزن الفعل الخماسي المكرر ثانيه وثالثه
مثل: "تتبع"، و"تردد"، و"تسسل".
يرجح ابن الأنباري أن التكرار يُحتسب في الوزن، ويُعطى الوزن المناسب كـ"تفععل"، فلا تُهمل الحروف المتكررة ما دامت أصلية. (ابن الأنباري،2002: 630) (6)
ويلاحظ ابن الأنباري أن هذه الأفعال الرباعية تُوزن على فعلل، وهي من الأوزان القياسية في العربية. ويؤكد أن التكرار في الحروف يوازي التكرار في الحدث أو المعنى، كما في قوله تعالى:
﴿فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ﴾ (طه: 120) (7)
يشرح ابن الأنباري أن الفعل "وسوس" يحمل في بنيته تكرارًا صوتيًا يتناسب مع دلالته النفسية والحدثية في الآية (ابن الأنباري،2002: 85) (8) نحو قول الشاعر:
وسوستُ في صبوةٍ حتى إذا شُغِفَتْ *** نفسي، رجعتُ إلى رشدٍ بلا كَلَلِ
والشاهد شعري في ذلك توضيحي يُظهر دلالة التكرار في وسوسة النفس.
وفي حين أن العكبري لا يُفرّق كثيرًا في الوزن بين المكرر وغير المكرر إذا لم يؤثر على دلالة أو حركة صرفية، فيعتمد على البنية الصوتية المدركة أكثر من رسم الوزن التجريدي. (العكبري،2001: 92) (9)
التحليل: يظهر هنا ميل ابن الأنباري إلى الوضوح القياسي، في حين يركّز العكبري على التحليل اللغوي العملي للّفظ.
فيتفق العكبري مع ابن الأنباري في الوزن، لكنه يضيف بُعدًا صوتيًا ودلاليًا، موضحًا أن التكرار في الأفعال مثل دمدم، زلزل، وسوس يحمل أثرًا إيقاعيًا مقصودًا يُحاكي المعنى، ويُعزّز الإحساس بالفعل.
ويستشهد العكبري بقوله تعالى: ﴿فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ﴾ (الشمس: 14) (10)
ويُحلل أن البنية الصوتية الرباعية تحمل صدى صوتيًّا للعنف والتكرار في الهلاك (العكبري،2001: 131) (11).
المسألة الرابعة: قلب الياء همزة في اسم الفاعل (مثل: جاءٍ)
هذه المسألة تتعلق بالتصريف الصوتي لاسم الفاعل من الفعل "جاء" و"باء".
يقرر ابن الأنباري أن اسم الفاعل من "جاء" هو "جاءٍ" لا "جائٍ"، لأن الألف أصلها ياء، فإذا أُعيدت في التصريف تُرد كما هي، ولا تُقلب همزة. (ابن الأنباري،2002: 646) (12)
ويضيف أبو البركات قائلا: "ولم يأت في كلامهم الجمع بين همزتين في كلمة واحدة إلا في قول الشاعر:
فإنك لا تدري متى الموت جائئ *** ولكن أقصى مدة الموت عاجلُ
ولهذا قال الخليل بن أحمد: جائيةٌ مقلوبةٌ " (ابن الأنباري،2002: 646) (13)
أما العكبري يرى أن القياس أن تُقلب الياء همزة كما في غيره من الأجوف، فيُقال "جائٍ"، وهو الأكثر تداولاً في السماع، على غرار "قال" – "قائل"، و"باع" – "بائع" (العكبري،2001: 312) (14).
لاحظ الباحث هنا أن ابن الأنباري يعكس منهجًا تراثيًا محافظًا يميل إلى الأصول، أما العكبري فاعتماده على السماع يُرجّح الصورة الشائعة على القياس الخالص.
المبحث الثاني: أصل الفعل في زِنَة الكلمات
يُعدّ وزن الكلمات، ولا سيّما الأسماء ذات الأصل الفعلي أو المرتبطة بالفعل من قريب أو بعيد، من المسائل التي أثارت جدلًا واسعًا بين النحاة والصرفيين، لما فيها من تداخل بين المعنى والبنية. وفي هذا السياق، اختلف ابن الأنباري والعكبري في عدة ألفاظ حول أصلها الصرفي ووزنها، مما يكشف تباينًا منهجيًا بين النزعة القياسية لدى الأول، والنزعة الاستقرائية السماعية لدى الثاني.
المسألة الأولى: وزن (آدم)
يرى ابن الأنباري أن "آدم" اسم أعجمي لا وزن له، فلا يُقاس عليه، لأنه لم يوضع في الأصل ضمن بنية الأوزان العربية. (الأنباري:1980: 74) (15)
وعن ابن الأنباري أن " آدم: لا ينصرف للعجمة والتعريف. وقيل: هي مشتقة من الأُدمَة، ولا ينصرف لوزن الفعل والتعريف، وأصله: (أأْدم) بهمزتين، إلا أنه قُبلت الهمزة الساكنة ألفاً لسكونها، وانفتاح ما قبلها نحو: آخر وآدر؛ وأصله: (أأْخر، وأأْدر). فقلبوا الهمزة الثانية الساكنة ألفاً لسكونها، وانفتاح ما قبلها. (الأنباري،1987: 74) (16)
وأمّا أبو البقاء العكبريّ فقد ذهب مذهب البصريين لأنّه لو كان على وزن " فَاعَل " لانصرف مثل طابَقٍ وعالَمٍ " والألف فيه مبدلة من همزة هي فاء الفعل، لأنّه مشتق من أديم الأرض أو من الأدمة، ولا يجوز أن يكون وزنه فاعلاً، إذ لو كان كذلك لانصرف مثل عالم وخاتم، والتّعريف وحده لا يمنع وليس بأعجميّ" (العكبري، عبد الله: 48) (17)
وفي المقابل، يُرجّح العكبري أن له وزناً صرفيًا يُمكن ضبطه على "فَاعَل" أو "فَعْلَل"، إن خُصّ بالتعريب، ليكون قابلاً للقياس في حال الاحتياج. ويعلل ذلك بأن كثيرًا من الأعلام الأعجمية تُوزن حين دخولها في التصريف العربي. (العكبري، عبد الله: 48) (18)
ويتضح القول حيث إن ابن الأنباري يميل إلى التوقّف عند الحدود الأصلية للكلمة، فيما يُفسح العكبري مجالًا أوسع للتعريب والتأويل البنيوي.
المسألة الثانية: وزن (آل)
يعتبر أبو البركات "آل" اسمًا مستقلًا لا علاقة له بالفعل، ووزنه عنده "فَال"، مع اعتبار الألف للإشباع، وليست من بنية الكلمة. (ابن الأنباري،2002: 142) (19)
لكن أبا البقاء يقول بأن "آل" أصلها من "أوْل"، فوزنها عنده "فَعْل"، بعد الإعلال وقلب الواو ألفًا، مشيرًا إلى أصل الاشتقاق من "أوْل" بمعنى الرجوع والانتماء.
وذهب العكبريّ مذهب القائلين: أصل (آل): (أهل) قُلبت الهاء همزة لقربها منها في المخرج، ثمّ قُلبت الهمزة ألفاً لاجتماع همزتين في الطرف أولاهما مفتوحة والثانيّة ساكنة. (العكبري، عبد الله: 61) (20)
ومثل: آدم، وآمن. وتصغيره: أهيْلٌ؛ لأن التصغير يردّ إلى الأصل (العكبري، عبد الله: 61) (21)، وقال بعضهم: أويْلٌ، فأبدل الألف واواً، ولم يردّه إلى الأصل، كما لم يردّوا (عيداً) في التصغير إلى أصله. وقيل: أصل (آل): أوْلٌ، من (آل يؤولُ، لأن الإنسان يؤول إلى أهله. (العكبري، عبد الله: 61) (22)
يجدر بالذكر أنه يبرز هنا نزوع ابن الأنباري إلى المعنى الظاهري، بينما العكبري يُمعن في الاشتقاق والمقارنة التاريخية للكلمة. ويخالف العكبري ذلك قليلًا، فيرى أن "آل" كلمة مستقلة وليست من "أهل"، بل هي علم على الجماعة القريبة من الشخص، والوزن عنده "فَعْل" أيضًا، لكن دون اعتبار حذف أو تعويض. وقد يُعِدّها من الأسماء المرتجلة.
المسألة الثالثة: وزن (خنزير)
ذهب ابن الأنباري أن "خنزير" على وزن "فُنعيل"، بزيادة النون زائدة، ويؤيده في ذلك نظائر من الكلمات العربية. (ابن الأنباري،2002: 198) (23)
ويرى أن "خنزير" من الكلمات التي تُلحق بالأوزان العربية إذا أمكن ذلك، ويضعها على وزن "فِعْليل" (كـ"سِكّين" و"زنّبير")؛ لأنّ وزن "فِعْليل" يقبل الزيادة والتكرار الذي في الكلمة. ولا يعدّها شاذة أو ممنوعة من الصرف بسبب الوزن فقط، بل أيضًا للعلمية والعجمة. (ابن الأنباري،2002: 198) (24)
وقال تعالى: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ ... أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ﴾ [الأنعام: 145]
بيد أن العكبري يعترض على هذا الوزن، ويختار "فِعْليل"، مستندًا إلى أن النون أصل في كثير من الأسماء الحيوانية، ولا داعي لاعتبارها زائدة.
ويتوقع العكبريُّ إلى أنّ كلمة " خنزير " على وزن " فِعْليل " من الأصل الرُّباعي المجرّد " خَنزر " والنّون فيه أَصليّة فهو بها بمنزلة قنديل وصنديد وغربيب (العكبري، عبد الله: 64) (25) ومذهبه هذا إنّما هو مذهب سيبويه والجمهور (سيبويه،1982: 268) (26) ، في حين ذهب ثعلب ( ت 291هـ) وابن دريد ( 331هـ) إلى أنّ " خنزير " مشتق من الخزر وهو صغر العين ، والنون والياء عندهما زائدتان مستدلّين على ذلك بقول بعضهم تخازَر الرّجل إذا ضيق جفنه ليحدّد النّظر. (ابن دريد، محمد: 498) (27)
و(الخنزير): مأخوذ من الخَزَر، وهو صغر العين، والياء والنون زائدتين. والخنزيرة: ضربٌ من الفؤوس غليظ. وخنزير المنجنيق: شيء من آلته. (ابن دريد، محمد: 498) (28)
ورجّح ابن عصفور (ت 669هـ) مذهب سيبويه والجمهور رادّاً على ثعلب إذْ يقول: " وأمّا خنزير فنونه أصليّة " (ابن عصفور،1987: 270) (29) قال الشاعر:
لا تفخرن ّفإن الله أنزل لكم *** يا خزر تغلب دار الذلّ والهون
والدليل فيه أن النون زائدة هنا هو أن (خزْراً) ليس بجمع خنزير، بل هو جمع (أخزَر) لأن كل خنزير عنهم أخزرٌ، خلافاً لأحمد بن يحي الذي يجعل (خًزْراً) جمع خنزير. (ابن عصفور،1987: 270) (30)
فالمسألة تتعلق بتحليل جذور الكلمات، ويظهر تمسّك ابن الأنباري بالوزن التقليدي، فيما يتبنى العكبري موقفًا استقرائيًا بحسب السياق الدلالي.
المسألة الرابعة: وزن (دمٌ)
يشير ابن الأنباري إلى أن لفظ "دم" على وزن "فَعَل"، وهي كلمة ثلاثية صحيحة، تدخل في باب الأسماء غير المشتقة. (ابن الأنباري،2002: 198) (31)
والأكثرون على أنه من ذوا ت الواو، إلا أنهم استثقلوا الحركة على حرف العلة فيهما؛ لأن الحركات تستثقل على حرف العلة، فحذفوه طلبًا للتخفيف وفرارًا من الاستثقال، فبقيت يدٌ ودمٌ، فكذلك في محل الخلاف: الترخيم إنما وضع للتخفيف بالحذف، والحذف قد جاز في مثله للتخفيف، فوجب أن يكون جائزًا. (ابن الأنباري، 2002: 322) (32)
أما العكبري، هو يؤيد الوزن "فَعَل"، لكنه يُشير إلى أن بعض النحاة يزعمون أن "دم" من "وَدَمَ"، فيحتمل أن تكون الألف محذوفة، وهو رأي يُضعّفه. (العكبري، عبد الله: 47) (33)
وذهب العكبريّ مذهب المبرّد مرجحاً الياء لاماً في كلمة " دم لأنّهم قالوا: دمَيَان: " وقد حذفت الياء من " دم " وأصله دَمَيٌ، لقولهم في التثنية دَميَانِ" (العكبري، عبد الله: 48) (34)
وفي هذه اللحظة، لا يظهر خلاف كبير هنا، لكن العكبري يميل إلى طرح آراء متعددة والترجيح بينها، في حين يكتفي ابن الأنباري بإثبات الوزن القياسي.
المسألة الخامسة: وزن (طاغوت)
يُرجّح ابن الأنباري أن الكلمة على وزن "فاعُول"، من الطغيان، مع اعتبار الواو زائدة للمبالغة.
وذهب بعض العلماء إلى أنّ (طاغوت) أصله " طاغُوْو أو طاغُوي " على وزن (فاعول) فأُبدلت لام الكلمة " الياء " أو " الواو " تاءً فصارت " طاغوت" (ابن الأنباري،1980: 169) (35)
وأما أبو البقاء العكبريُّ فقول: " الطّاغوت يذكّر ويؤنّث، ويُستعمل بلفظٍ واحد في الجمع والتّوحيد والتّذكير والتأنيث… وأصلهُ: طغيوت لأنّه من طغيتَ تطغى، ويجوز أنْ يكون من الواو لأنّه يقال فيه يطغو أيضاً، والياء أكثر، وعليه جاء الطّغيان، ثُمّ قُدّمت اللاّم، فجُعلت قبل العين فصار طيغوتاً أو طَوَغوتاً، فلمّا تحرَّك الحرف وانفتح ما قبله قُلب ألفاً، فوزنه الآن " فلعوت " وهو مصدر في الأصل مثل الملكوت والرّهبوت " (العكبري، عبد الله: 205) (36)
العكبري يخالفه، ويرى أن الوزن هو "فَعْلُوت"، وهو وزن غير قياسي لكنه مقبول عند ورود شواهد قرآنية، مثل قوله تعالى: ﴿والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت﴾ (البقرة: 257) (37)
يُلاحظ أن ابن الأنباري يُلزم الكلمة بالوزن القياسي، أما العكبري فيُراعي السياق القرآني، ويُجيز أوزانًا نادرة عند ثبوتها نصًا.
المبحث الثالث: مسائل صرفية متفرقة
المسألة الأولى: كلمة "حاشى" – هل هي حرف أم فعل؟
حاشى" تأتي في السياق الاستثنائي مثل: "جاء القوم حاشى زيدٍ". واختلف النحويون في اعتبارها فعلًا أو حرفًا.
ويعتبر أبو البركات ابن الأنباري "حاشى" فعلاً، لأنها تدل على معنى الإبعاد أو الاستثناء، وتصرف كالفعل في السياق، فيقول: "حاشيتُ زيدًا" أي أبعدته، ولهذا تُجرّ الاسم بعدها بوجود "من"، كما في قوله تعالى: ﴿حاش لله﴾ (يوسف: 23) (38) على قراءة من شدد اللام.
ومن ناحية أخرى، يُصنفها أبو البقاء على أنها حرف استثناء محض، وقد خُفف استعمالها حتى فقدت خصائص الفعلية في الاستعمال المتأخر، ويدعم ذلك باستعمالها المجرد مع الأسماء، من غير دخول علامة من علامات الأفعال.
ويستدرك أبو البقاء بعض الأخطاء التي وقع عليها الكوفيون، ويقول: " أمَّا التَّصرفُ فغيرُ دَليلٍ على الفِعليّة، فإن الحرفَ تصرَّف منه فعل كقولك: سأَلته حاجة فلَولا: أي قال: لو كان كذا، ويُقال: بسمل، إذا قال: بسم الله، وهَلَّلَ إذا قال: لا إلَه إلاَّ الله، وهو كثير. قولهم: يُوصلُ بحرفِ الجَرّ، ليس كذلك، والدَّليلُ عليه حاشي زيدٍ، وحاشايَ، ولو كان حرفُ الجَرّ فَصلاً لما جازَ حذَفُهُ فعُلِمَ أنَّ اللاّمَ زائدةٌ وزيادةُ الحروفِ كثيرٌ، منها قولُه تعالى: {عَسى أَن يَكُوْنَ رَدِفَ لَكُمْ} أي رَدِفَكُم، وأَلْقَى بِيَدِه." (العكبري،1986: 413) (39)
وللنحاة أراء حول (حاشى) في الاستثناء، " قيلَ: تكونُ استثناءً في مواضعَ، وغيرَ استثناءٍ في مواضعَ؛ ألا تراكَ تقولُ مبتدأ حاشي زيداً أَنْ يَسْرِقَ، ولَيس هنا ما يُستثنى منه، بل هو بمعنى قولِكَ: زيدٌ بعيدٌ من السَّرْقِ، ثم لو لَزِمَت الاستثناءَ لم يدُلَّ ذلك على كونِهِ فعلاً، ألا تَرى أن (إلا) يلزمها الاستثناء، وهي حَرفٌ بلا خلافٍ" (العكبري،1986: 415) (40)
إذن يُوقع أن موقف ابن الأنباري يعكس تمسكه بالتحليل الاشتقاقي، بينما يميل العكبري إلى التصنيف التركيبي حسب موقع الكلمة في الجملة.
المسألة الثانية: اللام الأولى في "لعلّ" – أصلية أم زائدة؟
كلمة "لعلّ" من أخوات إنّ، واختلف النحويون في أصل لامها، هل هي أصلية من بنية الكلمة أم زائدة ملحقة؟
فذهب ابن الأنباري إلى أن "لعلّ" مركبة من "لَـ" التعليلية و"علّ" التي تفيد الرجاء أو التوقع، وأن اللام داخلة لأغراض معنوية، لا صيغية. (ابن الأنباري، 2002: 184) (41)
ويبين ابن الأنباري حقيقة حذف البصريين بعض الحروف في أشعارهم نحو: " رعَنّ، وعَنّ، وغَنّ، ولغَلّ وغَلّ)، (ابن الأنباري، 2002: 184) (42) ولما كثرتْ هذه الكلمة في استعمالهم حذفوا اللام لكثرة الاستعمال وكان حذف اللام أولى من العين – و إن كان أبعد من الطرف – لأنه لو حذف العين لأدى ذلك إلى اجتماع ثلاث لاماتٍ، فيؤدي ذلك إلى الاستثقال لأجل اجتماع الأمثال أو لأن اللام تكون في موضع ما من حروف الزيادة وليس العين كذلك والذي يدل على اعتبار ذلك أنهم جوّزوا في تكسير (فرزدق) وتصغيره : (فرازق) و(فُريْزِقْ ) بحذف الدال ولم يجوزوا في تكسير( جحمرش) وتصغيره: (جحامش) و(جحيمش) – بحذف الراء – لأن الدال تشبه حروف الزيادة لمجاورتها التاء ومجيئها بدلا منها في مزدان ومزدجر بخلاف الراء فإنها ليست كذلك وإذا اعتبروا ذلك فيما يقرب من حروف الزيادة وليس منها فلأن يعتبروه فيما هو من حروف الزيادة في الجملة كان ذلك من طريق الأولى. فلذلك كان حذف اللام الأولى أولى."
(ابن الأنباري، 2002: 184) (43)
ويسعى العكبري معارضا، ويرى أن "لعلّ" كلمة واحدة غير مركبة، واللام ليست زائدة، بل هي جزء من الكلمة الأصلية، ولا دليل على انفصالها تاريخيًّا أو نحويًّا. ويميل العكبري إلى تعدد اللغات عند حكم الزيادة أو الحذف للام الأولى من (لعلّ)، وهو معاكس موقف ابن الأنباري في الاستدلال بهذه القضية. (العكبري،1986: 415) (44)
وعلى ما سبق، يظهر في التحليل أن ابن الأنباري اعتماد على التجزئة التحليلية، بينما يتبنّى العكبري نظرة إجمالية تراعي الكلمة كوحدة دلالية مستقلة.
وفي (لعل) الجارة أربع لغات: لعل، وعل، بفتح اللام فيهما. ولعل، وعل، بكسر اللام فيهما. قال ابن مالك: والجر بلعل ثابتة الأول أو محذوفته، مفتوحة الآخر أو مكسورته، لغة عقيلية. والله سبحانه أعلم." (المرادي،1992: 121) (45)

المسألة الثالثة: حذف "سين" الاستقبال من "سوف"
السين في رأي أبي البركات ليست محذوفة من "سوف"، بل الكلمتان منفصلتان: "س" حرف استقبال و"سوف" أداة استقبال أقوى دلالة، ولا أصل إحداهما في الأخرى.
ويميل أبو البقاء إلى أن "سوف" أُخذت من "سَ + وفى"، أي أن السين داخلة في بنيتها، ولا دليل على أنها مأخوذة من "سـ" بالتخفيف، بل لكل منهما بنيته المستقلة. (ابن الأنباري، 2002: 138) (46)
فإن العكبري يتمسك بأن (السين) مختص بالأفعال. ونراه يقول: " وإنما اختص (السين) بالأفعال جواب (لن يفعل)، وكذلك (سوف) إلا أن (سوف) تدل على بعد المستقبل من الحال، و(السين) أقرب إلى ذلك منها، ولما كانت (لن) لا معنى لها إلا في المستقبل كان جوابها كذلك." (العكبري،1986: 49) (47)
وخلاصة القول أن ابن الأنباري يبرز في كلامه اتجاه إلى التفكيك الاشتقاقي، بينما العكبري يُحافظ على بنية الكلمة كوحدة مستقلة تُحكم بالاستعمال.
المسألة الرابعة: صيغة فعل التعجب من الفعل "ليس"
يقف ابن الأنباري أن "ليس" لا يُشتق منه فعل تعجب لأنه جامد، غير قابل للتصرف، فلا يُقال "ما أليسه"، بل يُستعاض عن ذلك بصيغ أخرى. (ابن الأنباري، 2002: 138) (48)
وفي هذا السياق، يوافقه العكبري من حيث عدم الاشتقاق، لكنّه يُضيف أن المعنى يُؤدّى بأساليب بلاغية دون الحاجة لتعجب صريح، ويعلل ذلك بأن "ليس" لا يُفهم منه معنى كمي أو وصف يمكن اشتقاقه. (العكبري،2001: 115) (49) ويُقر العكبري إلى ما سعى إليه ابن الأنباري، فيعد "ليس" فعلاً جامدًا لا يُشتق منه تعجب ولا مبالغة، لعدم تضمنه معنى الحدث، ولأنه يدل على نفي محض لا تأثر فيه.
وتُحَلل هذه المسألة على اتفاق الطرفين في النتيجة، واختلاف في المسوغات، حيث يُفصّل العكبري في الجانب التداولي، في حين يُركّز ابن الأنباري على الصيغة الصرفية.
المسألة الخامسة: هل يُشتق من الحروف أفعال؟
الحروف أدوات لا تحمل معنى الحدث ولا الزمان، فهل يجوز اشتقاق أفعال منها؟
ينكر ابن الأنباري ذلك تمامًا، ويرى أن الحروف جامدة لا يُشتق منها شيء، إذ لا دلالة ذاتية لها يمكن أن يُبنى عليها فعل. (ابن الأنباري، 2002: 138) (50)
ينفي أبو البركات ذلك كما سبق الذكر، ويؤكد أن الحرف لا يُشتق منه فعل، لأنه لا يحمل الحدث ولا الزمن، وهما شرطان أساسيان في الفعل. فـ"من" و"إلى" و"في" أدوات لا يمكن تحويلها إلى أفعال.
أما العكبري، فيرى أن بعض الحروف التي أصلها أفعال كـ"هلّ" (من "هلَّ") و"بلى" (من "بلوتُ") قد تكون مستمدة من أصول فعلية، لكنه يُقيّد ذلك بالاستعمال التاريخي لا الاشتقاق الصرفي. (العكبري،1986: 96) (51) ويذهب أبعد من ذلك، فيرى أن الاشتقاق محصور في الأسماء والأفعال، وأن الحروف لا تُشتق ولا يُشتق منها، وإنما تُستعمل كما هي. (العكبري،986: 98) (52)
ويُنتج من هذه المسألة أن ابن الأنباري يُعلي من صفاء التصنيف النحوي، بينما ينفتح العربي على التاريخ اللغوي للكلمات وتحوّلاتها الدلالية.
تلخيص منهج ابن الأنباري والعكبري في دراسة الأفعال والصيغ الصرفية
من خلال تحليل مسائل الخلاف بين ابن الأنباري والعكبري في الأفعال والتصريف، يتضح أن لكل منهما منهجًا مميزًا يتأسس على مرجعيات علمية وأدوات تحليل مختلفة. وقد برزت هذه المنهجيات من خلال استعمال الشواهد القرآنية، وبعض الأبيات الشعرية.
أولًا: منهج ابن الأنباري
يتسم منهج ابن الأنباري بما يلي:
 الاعتماد على القياس الصرفي والنحوي: يُرجّح ابن الأنباري دائمًا ما يوافق قواعد الصرف والقياس، ولو خالف السماع، ما لم يكن في ذلك نصٌّ قوي يرد القياس؛
 البحث في الأصول الاشتقاقية: يهتم بإرجاع الكلمة إلى أصلها اللغوي الأول، وغالبًا ما يُحلل الألفاظ بالرجوع إلى الجذر الثلاثي، ووزن الكلمة القياسي، ويتوسع في تحليل الزوائد والأصول؛
 توظيف الشواهد القرآنية والشعرية: يعتمد عليها بوصفها أدلة تأصيلية، لا ذوقية، فيقول مثلًا عن "تتقي" إن حذف التاء ورد في الشعر فقط، فلا يُقاس عليه في النثر؛
 ميل إلى التصنيف المنهجي الصارم: يقسم الكلمة إلى مكوناتها بكل دقة، كقوله إن "لعلّ" مركبة من لام و"علّ"، وهي رؤية تحليلية تركيبية تقابل الإجمال؛
 تجنّب التأويل الصوتي ما أمكن: إذا تعارض التحليل الصوتي مع البنية الصرفية، يرجّح البنية، كما في رفضه لقلب الياء همزة في "جاءٍ".
ثانيًا: منهج العكبري
يمتاز منهج العكبري بما يلي:
 الاعتماد على السماع واللغة الحيّة: يُقدّم العكبري ما ثبت عن العرب سماعًا على ما قرره القياس، وغالبًا ما يحتج بالقرآن الكريم والشعر الجاهلي لدعم مذهبه؛
 الانفتاح على الظواهر الصوتية والتطورات الدلالية: لا يتردد في قبول ما نُقل من صيغ وألفاظ تحوّلت عبر الزمن، حتى إن خالفت البنية القياسية؛
 اعتماد تعدد الأوجه وتقديم البدائل: لا يقطع غالبًا برأي واحد، بل يعرض وجوهًا لغوية متعددة، ثم يرجّح بناءً على القرائن السياقية أو الشواهد النصية؛
 استعمال الشعر والمثل الشعبي: يُكثر من الاستشهاد بالشعر العربي والأمثال الدارجة لتأييد رأيه، مثل قوله في حذف التاء من "تتقي"، مُستدلًا ببيتٍ شعري:
إذا ما ابنُ عمٍّ تَتْركُ القِرْى ***
 التحليل بحسب الاستعمال المعاصر له في زمنه: يظهر في بعض آرائه تقديره لما شاع في زمانه من تعبيرات، دون الوقوف الصارم عند قواعد الخليل وسيبويه.
خلاصة المقارنة بين المنهجين:
وجه المقارنة ابن الأنباري العكبري
المرجع الأساس القياس والنصوص القواعدية السماع والشواهد الحيّة
النظرة إلى الوزن ثابت ومحدد بأوزان الخليل مرن وقابل للتأويل الصوتي
التعامل مع الأعجمي لا وزن له يمكن وزنه للتعريب
النظرة إلى الحروف جامدة لا اشتقاق لها يُحتمل اشتقاق بعضها
الاستشهاد بالأمثلة القرآن والأشعار الفصيحة فقط يشمل الأمثلة بالاستعمال الدارج
موقع الكلمة من السياق مستقل تحليلي متصل بالسياق الاستعمالي والدلالي



خاتمة البحث:
بعد هذه الجولة التحليلية في مسائل الخلاف بين ابن الأنباري والعكبري في باب الأفعال والصيغ الصرفية، اتضح لنا أن لكل من هذين العالمين منهج واضح وأسلوب علمي مميز يعكس تكوينه المعرفي ومرجعيته النحوية والصرفية. وقد كشفت هذه الدراسة عن عمق الخلاف بينهما، لا بوصفه خلافًا لفظيًا أو جزئيًا، بل من حيث تأسيسه على مداخل منهجية مختلفة. فتعامل ابن الأنباري مع المادة اللغوية من منظورٍ قياسي تحليلي، يعتمد قواعد الصرف وضوابط النحو كمرجعية حاكمة، لا يتجاوزها إلا بدليل نصي قاطع. ولذا كان يميل إلى تثبيت البنية الصرفية على ضوء الأوزان القياسية، ولا ينجرف وراء ظواهر صوتية أو استعمالات شاذة، إلا إذا سندها شِعر أو قرآن أو إجماع لغوي. ومن ناحية أخرى، كان العكبري أكثر مرونة في تحليله للمادة اللغوية، ويميل إلى الجمع بين السماع والقياس، مع إتاحة مجال أوسع للنظر في الاستعمال الحي للكلمات، والانفتاح على الظواهر الصوتية والاشتقاقية. حتى لو خالفت ما استقر عند النحاة السابقين، ما دامت تؤيده الشواهد أو تبرره السياقات.
نتائج البحث
في ضوء ما تقدم، يمكن تلخيص أهم نتائج البحث فيما يلي:
1. تعدد الرؤى في الوزن الصرفي: اختلف العالمان في أوزان بعض الكلمات ذات الأصل الأعجمي أو الغريب، حيث يرفض ابن الأنباري وزن الأعجمي، بينما يقبله العكبري في سياق التعريب.
2. التعامل مع حذف الحروف وزيادتها: رأى ابن الأنباري أن حذف بعض الحروف كالتاء أو السين يجب أن يكون مقصورًا على الشاذ، أما العكبري فأجاز القياس على بعض الشواهد الشعرية.
3. النظر في أصل الكلمات: اتجه ابن الأنباري إلى تفسير الكلمة من خلال جذورها، بينما نظر العكبري إليها ضمن استعمالها اللغوي وتاريخها.
4. الاستشهاد الواسع: اعتمد كلاهما على الشواهد، إلا أن العكبري توسع في استحضار المثل والسياق العام، بينما اقتصر ابن الأنباري غالبًا على القرآن والشعر.
5. تكامل الخلاف: على الرغم من الخلافات، فإن الآراء المتعددة بين العالمين تمثل ثراء في التراث اللغوي، لا تضادًا يُضعف القاعدة، بل يُغنيها ويُظهر مرونة اللغة العربية.
6. تنوع المنهجية: ظهر أن ابن الأنباري يعتمد منهجًا قياسيًا تحليليًا صارمًا، في حين يتبع العكبري منهجًا مرنًا استقرائيًا، يوازن بين القياس والسماع.
المصادر والمراجع:
1. ابن الأنباري، الانصاف في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين، تحقيق جودة مبروك، الطبعة الأولى، الجزء الأول، مكتبة الخانجي، بالقاهرة، 2002م، ص: 519
2. العكبري، مسائل خلافية في النحو، تحقيق عبد الفتاح سليم، الطبعة الثالثة، مكتبة الآداب، 1428هـ/ 2007م، ص: 149
3. المتنبي، شرح ديوان المتنبي، تحقيق عبد الرحمن البرقوقي، الجزء الثاني، دار الكتاب العربي، 1407ه/ 1986م، ص: 132
4. ابن الأنباري، الانصاف في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين، تحقيق جودة مبروك، الطبعة الأولى، الجزء الأول، مكتبة الخانجي، بالقاهرة، 2002م، ص: 624
5. العكبري، عبد الله بن الحسين. (2001). التبيين عن مذاهب النحويين البصريين والكوفيين. تحقيق: عبد الله العلي. بيروت: دار الكتب العلمية. ص: 357
6. ابن الأنباري، الانصاف في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين، تحقيق جودة مبروك، الطبعة الأولى، الجزء الأول، مكتبة الخانجي، بالقاهرة، 2002م، ص: 630
7. سورة طه، الآية: 120
8. ابن الأنباري، الانصاف في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين، تحقيق جودة مبروك، الطبعة الأولى، الجزء الأول، مكتبة الخانجي، بالقاهرة، 2002م، ص: 85
9. العكبري، اللباب في علل البناء والاعراب، تحقيق عبد الإله نهبان، الجزء الأول، دار الفكر المعاصر، 1422 هـ/ 2001م، ص: 92
10. سورة الشمس، الآية: 14
11. العكبري، عبد الله بن الحسين. (2001). التبيين عن مذاهب النحويين البصريين والكوفيين. تحقيق: عبد الله العلي. بيروت: دار الكتب العلمية. ص: 131
12. ابن الأنباري، الانصاف في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين، تحقيق جودة مبروك، الطبعة الأولى، الجزء الأول، مكتبة الخانجي، بالقاهرة، 2002م، ص: 646
13. ابن الأنباري، الانصاف في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين، تحقيق جودة مبروك، الطبعة الأولى، الجزء الأول، مكتبة الخانجي، بالقاهرة، 2002م، ص: 646
14. العكبري، عبد الله بن الحسين. (2001). التبيين عن مذاهب النحويين البصريين والكوفيين. تحقيق: عبد الله العلي. بيروت: دار الكتب العلمية. ص: 312
15. ابن الأنباري، أبو بكر محمد بن القاسم، الزاهر في معاني كلمات الناس، تحقيق حاتم صالح الضامن، الجزء الأول، الطبعة الثانية، دار الشؤون الثقافية العامة، 1987م، ص: 74
16. ابن الأنباري، أبو بكر محمد بن القاسم، الزاهر في معاني كلمات الناس، المرجع السابق، ص: 74
17. العكبري، التبيان في إعراب القرآن، تحقيق علي محمد البجاوي، القسم الأول، عيسى البابي الحلبي شركاه، بدون ت، ص: 48
18. العكبري، التبيان في إعراب القرآن، تحقيق علي محمد البجاوي، القسم الأول، المرجع السابق، ص: 48
19. ابن الأنباري، الانصاف في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين، تحقيق جودة مبروك، الطبعة الأولى، الجزء الأول، مكتبة الخانجي، بالقاهرة، 2002م، ص: 142
20. العكبري، التبيان في إعراب القرآن، تحقيق علي محمد البجاوي، القسم الأول، المرجع السابق، ص: 61
21. العكبري، التبيان في إعراب القرآن، المرجع نفسه، ص: 61
22. العكبري، المرجع نفسه، ص: 61
23. ابن الأنباري، الانصاف في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين، تحقيق جودة مبروك، الطبعة الأولى، الجزء الأول، مكتبة الخانجي، بالقاهرة، 2002م، ص: 198
24. ابن الأنباري، الانصاف في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين، المرجع السابق، ص: 198
25. العكبري، عبد الله بن الحسين. (2001). التبيين عن مذاهب النحويين البصريين والكوفيين. تحقيق: عبد الله العلي. بيروت: دار الكتب العلمية. ص: 64
26. سيبويه، عمرو بن عثمان بن قنبر، الكتاب، تحقيق عبد السلام محمد هارون، الجزء الرابع، مكتبة الخانجي بالقاهرة، الطبعة الثانية، 1402هـ-1982م، ص: 268
27. ابن دريد، أبو بكر محمد بن الحسن، الاشتقاق، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الجيل، الطبعة الأولى، 1411هـ-1991م، ص: 498
28. ابن عصفور الإشبيلي، الممتع في التصريف، تحقيق فخر الدين قباوه، الجزء الأول، دار المعرفة، بيروت، لبنان، 1408هـ-1987م، ص: 270
29. ابن عصفور الإشبيلي، الممتع في التصريف، المرجع السابق، ص: 270
30. ابن عصفور الإشبيلي، المرجع نفسه، ص: 270
31. ابن الأنباري، الانصاف في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين، المرجع السابق، ص: 198
32. ابن الأنباري، المرجع نفسه، ص: 198
33. العكبري، عبد الله بن الحسين. (2001). التبيين عن مذاهب النحويين البصريين والكوفيين، المرجع السابق، ص: 47
34. العكبري، عبد الله بن الحسين. (2001). التبيين عن مذاهب النحويين البصريين والكوفيين، المرجع السابق، ص: 48
35. ابن الأنباري، البيان في غريب إعراب القرآن، الجزء الأول، تحقيق طه عبد الحميد الهيئة المصرية العامة للكتب، 1400هـ-1980م، ص: 169
36. العكبري، عبد الله بن الحسين. (2001). التبيين عن مذاهب النحويين البصريين والكوفيين، المرجع السابق، ص: 205
37. سورة البقرة، الآية: 257
38. سورة يوسف، الآية: 23
39. العكبري، التبيين عن مذاهب النحويين البصريين والكوفيين، تقيق ودراسة عبد الرحمن بن سليمان العثيمين، الطبعة الأولى، دار الغرب الإسلامي، 1406ه-1986م، ص: 413
40. العكبري، التبيين عن مذاهب النحويين البصريين والكوفيين، المرجع السابق، ص: 415
41. ابن الأنباري، الانصاف في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين، تحقيق جودة مبروك، الطبعة الأولى، الجزء الأول، مكتبة الخانجي، بالقاهرة، 2002م، ص: 181
42. ابن الأنباري، المرجع السابق، ص: 184
43. ابن الأنباري، المرجع نفسه، ص: 184
44. العكبري، التبيين عن مذاهب النحويين البصريين والكوفيين، المرجع السابق، ص: 415
45. المرادي، الحسن بن قاسم، الجني الداني في حروف المعاني، تحقيق فخر الدين قباوه ومحمد نديم فاضل، الطبعة الأولى، دار الكتب العلمية، بيروت –لبنان، 1413هـ/ 1992م. ص: 121
46. ابن الأنباري، المرجع السابق، ص: 184
47. العكبري، التبيين عن مذاهب النحويين البصريين والكوفيين، المرجع السابق، ص: 415
48. ابن الأنباري، الانصاف في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين، تحقيق جودة مبروك، الطبعة الأولى، الجزء الأول، مكتبة الخانجي، بالقاهرة، 2002م، ص: 138
49. العكبري، التبيين عن مذاهب النحويين البصريين والكوفيين، المرجع السابق، ص: 115
50. ابن الأنباري، المرجع السابق، ص: 184
51. العكبري، التبيين عن مذاهب النحويين البصريين والكوفيين، المرجع السابق، ص: 96
52. العكبري، المرجع السابق، ص: 98






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- قرار أميركي -بلا أساس- بشأن أوكرانيا.. وهيغسيث في موقف محرج ...
- رئيس إفريقي يعتذر لمواطنيه عن حربين قتل بهما ربع مليون شخص
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن
- كيتي بيري وأورلاندو بلوم يؤكدان انفصالهما
- نتنياهو يعلن إرسال وفد إسرائيلي إلى قطر الأحد لإجراء محادثات ...
- إسرائيل تتجه نحو هدنة في غزة لكنها تتجاهل الحديث عن وقف الحر ...
- عاجل| 3 شهداء في قصف إسرائيلي على شقة في حي التفاح شرقي مدين ...
- عادل إمام بين أولاده وأحفاده.. تفاعل مع أحدث صورة لـ-لزعيم- ...
- بعد حادث تصادم جديد.. السيسي يوجه بدراسة إغلاق الطريق الدائر ...
- في تحدّ للحزبين الجمهوري والديمقراطي.. ماسك يعلن عن تأسيس حز ...


المزيد.....

- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - إبراهيم نوح - الخلاف الصرفي بين ابن الأنباري والعكبري في الأفعال،دراسة وصفية تحليلية