|
المسار التحرري لانتفاضة الشيخ سعيد
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 8390 - 2025 / 7 / 1 - 13:05
المحور:
القضية الكردية
قيل وكتب الكثير ظلما تجاه العديد من المحاولات ، والهبات ، والحركات الكردية التي كانت في جوهرها تعبيرا عن إرادة الخلاص ، وانتزاع الحرية ، تارة باتهامها عشائرية ، محلية ، وأخرى دينية ، وكانت الانتفاضة التي قادها الشيخ سعيد بيران عام ١٩٢٥ في محيط دياربكر بكردستان تركيا احدى ضحايا الحملات الظالمة . هناك مسلمات يجب التأكيد عليها قبل الخوض بالموضوع : أولها : اندلعت الانتفاضة في مرحلة التحرر القومي في كردستان تركيا ، التي تتميز بسمات خاصة من أهمها وقوف معظم طبقات وفئات المجتمع في خندق واحد ضد الاحتلال ، والاضطهاد القومي ، وتتعدد الاطياف ، والتيارات الفكرية ، والثقافية من دون التوقف طويلا على نتائج ( اليوم التالي ) للتحرير . وثانيها : من الطبيعي ان يكون الطرف الأكثر شعبية يتصدر المشهد ، بغض النظر من يكون شخصا ، او رمزا دينيا ، او وجيها اجتماعيا او قبليا ، او مجموعة منظمة . وثالثها : اندلعت انتفاضة عام ١٩٢٥ في ظروف محلية – وطنية – انتصر فيها فصيلا عسكريا بقيادة – كمال اتاتورك – بانقلاب والبعض يقول ثورة على السلطنة العثمانية ، واعلن على انقاضها الجمهورية التركية العلمانية ، وبالرغم من ان الخطوة حظيت بتاييد منقطع النظير من الخندق السوفييتي الاشتراكي ، الا ان الإنجاز – الكمالي – كان يفتقر الى الحد الأدنى من الديموقراطية حيث حلت الدكتاتورية الفردية العسكريتارية محل الاستبداد الامبراطوري ، الى جانب الموقف الشوفيني الواضح من الكرد والاقوام الأخرى بتركيا المتعددة الشعوب ، والثقافات . ورابعها : توفر سببين وجيهين لوقوف الكرد ضد العهد الكمالي وهما الموضوع القومي بمايتعلق بمبدا حق تقرير المصير ، والدفاع عن الوجود ، وكذلك إشكالية المفاضلة بين سلطة عثمانية مسلمة ولكن غير عادلة ، تستوعب العشرات من الشعوب والاقوام بالرغم من عدم الاعتراف الرسمي بحقوقها القومية من جهة وبين نظام سياسي دكتاتوري قومي متعصب يستخدم العنف سبيلا لتطويع الاخر المقابل. وخامسها : في نفس الفترة الزمنية لانتفاضة الشيخ سعيد ، وماقبلها بعقود شهدت أجزاء كردستان الأخرى ، وكذلك دول الشرق الأوسط انتفاضات ، وثورات ، وتحركات جماهيرية في اطار التحرر القومي والوطني ، تصدرتها وجاهات ، وزعامات دينية وقبلية والامثلة كثيرة ( حركات الشيخ عبيد الله النهري ، والشيخ عبد السلام بارزاني ) و( الحركة المهدية بالسودان – عمر المختار بليبيا – المفتي امين الحسيني بفلسطين – وكذلك الحركة الصهيونية الدينية - ....) هذا بالإضافة الى المفكرين النهضويين من البيئات الدينية المسيحية المارونية في لبنان ومصر ، والمسلمة في دول المنطقة ، وجميع تلك الحركات والفعاليات لم تكن بمعزل عن التواصل مع العالم الخارجي والتاثير والتاثر المتبادلين . .وسادسها : بعكس كل أساليب الطعن بمصداقية قادة انتفاضة ١٩٢٥ ، حيث كان بينهم متدينون ، وليبرالييون ، وعلمانييون ، ورجال القبائل ، والاتهامات الموجهة اليهم فانهم لم يهدفوا الى إقامة نظام إسلامي على غرار الخلافة او ماشابه ذلك او العمل على استرجاع السلطنة العثمانية بقدر سعيهم الى اسقاط سلطة اتاتورك الدكتاتورية الشوفينية ، وانتزاع حق تقرير المصير القومي ، كما ان اتهامهم – بعمالة الإنكليز – مجرد ادعاء باطل لسبب بسيط وهو ان الوثائق القديمة اثبتت بما لايدع مجالا للشك ان الاستعمار البريطاني كان العائق امام حرية الكرد منذ تولى ( مارك سايكس ) حاكمية الهند والشرق الأوسط نهاية القرن التاسع عشر ، كما لم يكن الزعيم البريطاني المعروف – تشرشل – صديقا للكرد في يوم من الأيام ، ليس في تركيا فحسب بل بالعراق وسوريا ، وايران أيضا . لقد كتب العديد من المفكرين ، والكتاب المعروفين في الاتحاد السوفييتي سابقا مثل ( لازارييف – والارمني آبوفيان وغيرهما ) عن الانتفاضة بعكس الموقف الرسمي للدولة ، واعتبروها معبرة عن إرادة الكرد من اجل الحرية ، وجزء من حركة التحرر القومية المعادية للظلم ومن اجل تحقيق المساواة ، كما كتب عنها بنفس السياق وبشكل أوسع الدكتور الكردي العراقي – كمال مظهر احمد - ، وكان كتاب الأستاذ – حسن هوشيار – اكثر عمقا لان الكاتب كان ثائرا مشاركا بالانتفاضة وكتب كشاهد عيان ، وجميع هذه الكتب التي تناولت الانتفاضة تم طبعها ، ونشرها من جانب – رابطة كاوا للثقافة الكردية – والكتاب الأخير الذي الفها – حسن هوشيار – باللغة الكردية قام بترجمتها الى العربية – خليل كالو - . صحيح ان الانتفاضة لم تحقق النصر لاسباب ذاتية وموضوعية ، واختلال كبير في موازين القوى العسكرية ، والامكانيات ، ولكنها وبالرغم من كل الآلام فقد تركت آثارا مشجعة لدى الراى العام ، والاوساط الوطنية ، والنخب الثقافية التي لم تهدأ ، بل واصلت الحركة نموها مستفيدة من دروس الانتفاضة بسلبياتها وايجابياتها ، من جانب آخر وبسبب الانتكاسة توجه العديد من المشاركين بالانتفاضة بين أعوام ( ١٩٢٥ – ١٩٢٦ – ١٩٢٧ ) الى ( بني ختي ) جنوب خط السكك الحديدية الفاصلة بين تركيا وسوريا ، وبشكل اخص نحو منطقة الجزيرة للسهولة الجغرافية ، وانضموا الى اشقائهم الكرد السوريين ، واذا كان البعض منهم عادوا ادراجهم الى مواطنهم الاصلية فان العدد الأكبر منهم استقروا ، وواصلوا نضالهم القومي بالاستفادة من الخبرات التي اكتسبوها من الانتفاضة ، ولعب البعض منهم أدوارا في تأسيس حركة – خويبون – وكذلك الحركات الأخرى وبشكل خاص في تأسيس اول تنظيم كردي سياسي سوري . ومايتعلق بالجذور العائلية للشيخ سعيد ، فقد أوضح – حسن هوشيار – في كتابه انه ينتمي بالأساس الى قبيلة – علكان – فخذ – جندكا – والافخاذ الاخرى لهذه القبيلة هي ( ديبو – رمو – سينو – كاتخو - ) وهم من – الكوجر – وموطنهم يتوزع بين مناطق ولايات ( باتمان – سيرت – وان ) ، وقد سمعت نفس هذه الرواية من المرحوم حفيد الشيخ سعيد – ملك فرات – خلال لقائنا في بلدة صلاح الدين بكردستان العراق ، وسمعت احد احفاده وهو رجل دين يقيم بالعاصمة التركية في احد البرامج التلفزيونية السرد نفسه مع إضافة ان اجداد العائلة في زمن العثمانيين هاجروا الى ايران في العهد الصفوي ، وبسبب تعرضهم للاضطهاد لكونهم – سنة – غادروا ايران ، بوجهتين ، قسم من أبناء العمومة توجه الى السليمانية بكردستان العراق وكان من بينهم جد الشيخ محمود الحفيد ( ملك كردستان غير المتوج ) ، والقسم الآخر وبينهم جد الشيخ سعيد توجه الى الموطن الأصلي في كردستان تركيا – دشتا غرزان - ، هذا بحسب رواية الحفيد .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اللقاء السابع والتسعون للجان حراك - بزاف -
-
الحزام العربي تلك الحلقة الأشد وطأة من السلسلة العنصرية
-
المدلول الاستراتيجي لسقوط النظام الإيراني
-
عندما يتجاوز الكردي العموميات يصطدم بالحقيقة المرة
-
لايمكن حل القضية الكردية السورية الا على ايدي أصحابها
-
حول المقاتلين الأجانب في الثورات ( سوريا مثال
...
-
عود على بدء : القضية الكردية السورية الى اين ؟
-
التقرير السياسي الشهري
-
تعقيب على مداخلة السفير الأمريكي في تركيا
-
ذكريات أيام زمان
-
من دفتر يومياتي عودة الى ازمة العلاقات ( الكردستانية )
-
هل سيكون حل القضية الكردية على ايدي الإسلاميين ؟
-
لقاء مع صلاح بدرالدين 2
-
مقابلة موسعة مع صلاح بدرالدين
-
عودة العلاقات بين واشنطن ودمشق
-
من جديد في خصوصية الحركة السياسية الكردية السورية
-
مشروعنا ومشروعهم
-
رسالة كردية سورية الى رئيس الجمهورية
-
التقرير السياسي الدوري عن اللقاء الخامس والتسعي
...
-
كل نوروز وانتم بسلام
المزيد.....
-
قضية جديدة ضد إمام أوغلو واعتقال رئيس بلدية في أنطاليا
-
سعيدة العلمي.. اعتقال الناشطة المغربية يثير غضبا وتساؤلات حو
...
-
يديعوت أحرونوت: الكابينت يناقش غدا ملف الأسرى والوضع في غزة
...
-
اعتقال زوجين سرقا 60 مليوناً في ميسان
-
الأمم المتحدة تنتقد خطط الترحيل الألمانية إلى أفغانستان
-
كاميرا العالم تفضح جرائم الإحتلال من أفواه النازحين في غزة!
...
-
منظمة العفو الدولية: إسرائيل تستخدم التجويع لارتكاب إبادة جم
...
-
عائلات الأسرى الإسرائيليين تطالب ترامب بالضغط لإنهاء الحرب
-
عائلات الأسرى الإسرائيليين في غزة يطالبون بصفقة شاملة أسوة ب
...
-
الاحتلال يكثف جرائم القتل الجماعي وإبادة العائلات إمعانا في
...
المزيد.....
-
“رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”.
/ أزاد فتحي خليل
-
رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر
/ أزاد خليل
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
المزيد.....
|