أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - مظهر محمد صالح - الجغرافيا السياسية تحسم الانتصار: من حروب الأرض إلى معركة المضائق البحرية















المزيد.....

الجغرافيا السياسية تحسم الانتصار: من حروب الأرض إلى معركة المضائق البحرية


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 8390 - 2025 / 7 / 1 - 02:52
المحور: قضايا ثقافية
    


1-تمهيد:
في عصر لا تُحسم فيه الحروب بالمدافع وحدها، تبقى المضائق البحرية “أوردة الأرض”، من يسيطر عليها يكتب مسار التجارة والسياسة والحرب.
فالجغرافيا، وإن بدت صامتة، تظل اللاعب الاساس في لعبة الأمم وحروبها.
في عالم متشابك تهيمن عليه التجارة البحرية والنفط والطاقة، أصبحت المضائق المائية نقاط ارتكاز أساسية في التنافس الجيوسياسي والصراع على النفوذ. فمن يسيطر على هذه الممرات يملك مفاتيح الاقتصاد العالمي ، ويمكنه أن يستخدمها كأداة ضغط أو وسيلة ردع استراتيجية ، أو حتى كوسيلة لحسم الحروب دون إطلاق رصاصة الحسم قبل اعلان الفوز .
2- منذ العام 1948 وحتى 2025، لم تكن نتائج الحروب تُحسم فقط بالسلاح، بل تحسم في كثير من الأحيان عبر الجغرافيا السياسية. وإذا كانت إسرائيل قد فرضت واقعًا على (الأرض) في الاحتلالات والتوسع الجغرافي في كل حرب من حروبها القصيرة الاجل مع النظام الرسمي العربي وتحديداً في ثلاثة حروب مركزية بين الاعوام 1948 ،1967، 1973 ، فإن التغيير الحقيقي جاء وللمرة الاولى من حرب رسمية بينها وبين الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، حيث تحوّل ميدان الصراع القصير الاجل من التهديد باحتلال الأرض الى سيادة الجو ،لتحسمها في اللحظة الاخيرة ، نقل ميدان عمليات الحرب الصاروخيه الجوية الى عسكرة مفاجئة لواحدة من اخطر الممرات المائية في العالم وأشدها حذراً ، وهو مضيق هرمز البحري.
3-الجيوبولتيك البحري بدّل استراتيجية الرصاصة الاخيرة في احتلال الارض:
بعبارة اخرى ، تاريخيا لم تحسم الحروب النظامية بين العرب وإسرائيل منذ العام 1948 ، أي نتيجة تُجبر إسرائيل على التراجع، بل واصلت احتلال الأرض وتوسيع النفوذ. لكن مع اندلاع الصراع غير المباشر بينها وبين إيران، دخل عامل جديد قلَّب المعادلة: اذ قامت ايران بالتهديد بأغلاق مضيق هرمز، وهو شريان عالمي للطاقة.
فأرقام الحسم الجغرافي التي تظهر ان هرمز هو مضيق الطاقة العالمية الذي جعل الصين تحديدا تتحول الى( وسيط خفي ) تتسارع اليها الامم عبر إثارة مصالحها في ايقاف الحرب كونها المستورد والمنتفع الرئيس للنفط الخام و المشغل لعجلاتها الصناعية والطاقوية التي تمر تجهيزاتها عبر هرمز وبنسبة تقارب 50% من اصل استيراداتها للنفط الخام البالغة 10 ملايين برميل نفط يوميا ، وهو الامر الذي حول الصين من حليف خفي شبه استراتيجي لأيران ، الى ضاغط لوقف الحرب ، بانتصار الجغرافيا السياسية الايرانية قبل ان تتوقف عجلات الصين بكونها مصنع العالم واسيا كلها.
منوهين ان 20 %من النفط العالمي و 30% من الغاز المسال و 45%من القيمة السوقية للطاقة المصدَّرة عالميًا ، تمُر عبر مضيق هرمز .
حيث تستورد الصين يومياً حوالي 5 ملايين برميل من النفط الخام من منطقة الخليج والشرق الأوسط.
هذا ما يعكس اعتماداً ذا اهمية على الممرات الإستراتيجية ولاسيما مضيق هرمز، ما جعل الجغرافيا البحرية أداة ضغط فعّالة في السياسة الدولية، والجيوبولتيك البحري بدل استراتيجية الرصاصة الاخيرة في احتلال الارض.
وان أي تهديد لهذا الممر (كالتهديد الإيراني بإغلاق هرمز في اليوم العاشر للحرب) عجل وبشكل مباشر على مخاوف الاقتصاد الصيني ، بكونه الاقتصاد الاول عالميا في استيراد موارد الطاقة النفطية من منطقة الخليج عبر ممرها المائي قبل ان تمتد اثار تلك الحرب نحو اسيا وعموم اقتصاد العولمة.

4- الاستنتاجات :
ان التهديد بغلق مضيق هرمز هو من أوقف الحرب للمرة الاولى في تاريخ حروب الشرق الاوسط و لصالح طرف خصم لإسرائيل منذ العام 1948 بغية تقييم من هو المنتصر .
اذ جاء انتصار الجيوبوليتيك للممر المائي بضغط العولمة ومصالحها التجارية بدلاً من تقاليد النصر في حروب اسرائيل القديمة القائمة على توسيع جغرافيتها الحدودية الارضية مع محيطها الاقليمي العربي عند كل حرب توسعية خاطفة.
اذ خسرت تل أبيب ورقة التفوق السياسي والعسكري بورقة احتلال الحدود والاراضي لدول الجوار المتحاربة والضم القسري لها ،كما حصل في ثلاث حروب رسمية كبرى ، لتجعل الحرب الصاروخية والجوية الاخيرة تدفع بالتحول في نمط الجغرافيا السياسية للامساك بالممر المائي لاقتصاد العولمة بيد الخصم الجيوسياسي لاسرائيل ، ذلك للمرة الاولى منذ العام 1948 في بلوغ معنى الانتصار بالحرب بين مفاتيح البحر المتوسط و مغالق الخليج العربي في هرمز .
وبهذا لم تعد القوة العسكرية وحدها كافية ، فالانتصار الآن بات يُحسم بورقة الجغرافيا السياسية المائية بالرغم من استخدام الجو على نطاق واسع : فمن يملك المضائق اليوم، والتحكم بالمعابر، والمنافذ البحرية، يملك قدرة وقف الحرب أو إشعالها في جغرافية سياسية شديدة التعقيد .
وفي هذا السياق، تكون إيران قد حققت أول انتصار استراتيجي غير مباشر على إسرائيل دون إطلاق الرصاصة الاخيرة او الصاروخ الاخير ، اذ كانت أستراتيجية احتلال الارض كشرط المنتصر الذي يوقف الحرب كما فعلتها اسرائيل في حروبها التقليدية الرسمية مع البلدان العربية منذ العام 1948 قد انتهى ، بعد ان استلزمت الحرب الجوية بالتحول حالاً عبر التحكم في نقطة اختناق بحرية جيواقتصادية عالمية للطاقة والتجارة والنفوذ العسكري ، بعد ان فرضت الممرات البحرية دورها للمرة الاولى كانتصار جغرافي من طعم ونمط اخر، مثلها الممر المائي الخطير لهرمز كورقة ذكية في اختبار توازن الردع والردع الصاروخي المتبادل .
وبهذا أصبحت المضائق المائية عنصرًا مركزيًا في معادلة الهيمنة الشرق اوسطية . فبينما تتغير توازنات القوى على اليابسة والجو ، يبقى من يتحكم بالمصالح البحرية هو من يملك القدرة في التأثير على القرار السياسي والاقتصادي وعلى المستوى الاقليمي و الدولي.
إنها استراتيجية الهيمنة البحرية التي تصنع الفارق في معارك اليوم والغد .

5- ختاماً ، وبهذا حُسمت معركة الايام الاثنا عشر لمصلحة ايران ، وعبر بوابات هرمز في اليوم العاشر للحرب الجوية المتبادلة بين الطرفين.
حيث غدت المضائق ومرور المصالح الدولية الضاغط الاكبر في رسم خرائط وقف الحرب وتحديد من هو المنتصر او الفائز فيها بقوة الجغرافية السياسية والاقتصادية قبل غيرها من عوامل القوة وأنماطها، ذلك في خضم فواعل باتت فيها بلدان محيط العالم ، تفرض توازن القوة الجغرافية السياسية البحرية في النظام السياسي والاقتصادي العالمي المركزي .
انها معادلة اختبرت فيها اسرائيل قدراتها وتحولها الصعب المتعثر والاوحد من (قطب مركزي مهيمن) على ارض الشرق الأوسط الجديد الى (كيان محيطي) في النظام الامبريالي العالمي في تقرير مناخات الحرب وقواعد الاشتباك .



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار الطالب وعامل النظافة : كرامة تلامس البحر
- الحي 798: ركيزة العاصمة بكين في الاقتصاد البنفسجي
- وضعت الحرب أوزارها على سجادةٍ إيرانيةٍ شديدةِ التوهج : سردية ...
- شلالات فكتوريا… ليس هديرها استعمارًا، بل إفريقياً سردية ثقاف ...
- حيدر آباد: رفاه الحُكم وتواضع الرحيل
- الولايات المتحدة في الشرق الاوسط: حربٌ بلا حرب
- سلطان إبراهيم: السمك الذي يحسم الجدل
- سور الصين العظيم . جدار الذاكرة … جدار الأمة
- اطفال الآيس كريم في قاعة صندوق النقد الدولي: تربية ناعمة في ...
- رُعاة البقر والهواتف الذكية: تأملات على هامش زيارة إلى كنساس ...
- هل بقي للحياة من طَعم؟
- في سنغافورة: الألماس خلف الزجاج، و الفقراء خلف الأمل
- مصافحة دبلوماسية ناعمة بلا عناء ولكن…؟
- لماذا يرتفع الدينار العراقي في السوق الموازي ؟.
- بين العقل والمال : رحلة في دهاليز التفكير الطبقي…!!
- بين انحناء العامل واستواء السوق:قراءة في وهم التكافؤ
- القمة العربية الاولى في الكويت : ذكريات حزينة برفقة الرئيس ا ...
- الكادح الريعي بين السركال والسجان .. قصة من حياتي .
- كيمياء المالية العامة العراقية في مواجهة التحديات الخارجية ع ...
- الامبريالية المالية و الماركنتالية الجديدة تحت راية واحدة : ...


المزيد.....




- مهلة -الأسبوعين- التي حددها ترامب بشأن روسيا أصبحت الآن في ا ...
- نصائح موضة عملية لتنظيم حقيبة السفر بأناقة
- مصر.. أول تعليق رسمي على تغيير اسم شارع -قاتل السادات- خالد ...
- نتنياهو: الخطر الإيراني يفوق التهديد الذي مثلته القومية العر ...
- باريس تحترق.. القنوات المائية ومرشات التبريد هما الملاذ الوح ...
- أين اختفى الفهد الأسود؟ القضية تتفاعل في بلغاريا وتكهّنات بع ...
- بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران.. هل تتوقف الحرب في غ ...
- -نزع سلاح حزب الله-.. هل ما زال لبنان يمتلك هامشا للتفاوض؟
- إغلاق جزئي لبرج إيفل ومنع وسائل النقل الملوثة... حالة تأهب ق ...
- صحيفة لوفيغارو تستعيد وصف جحيم باريس خلال موجة الحر عام 1911 ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - مظهر محمد صالح - الجغرافيا السياسية تحسم الانتصار: من حروب الأرض إلى معركة المضائق البحرية