أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - الغيمة.. قصيدة شيللي بترجمتها الكاملة














المزيد.....

الغيمة.. قصيدة شيللي بترجمتها الكاملة


حكمت الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 8389 - 2025 / 6 / 30 - 20:07
المحور: الادب والفن
    


قصيدة: بيرسي بيش شيللي
ترجمة: حكمت الحاج

أنا التي أحمل زخات المطر العذبة
وآتي بها من البحار والأنهار
إلى الزهور الظمآنة،
أحمل ظلاً خفيفًا لأوراق الشجر المستريح في أحلام الظهيرة.
ومن جناحيّ تنثال قطرات الندى التي توقظ البراعم الجميلة،
حين تهتز بالنعاس في حضن أمّها الأرض
وهي تدور راقصة حول الشمس.
ألوّح بسوطي المصنوع من البَرَد
فأبيّض السهول الخضراء،
ثم أذيب ذاك البَرَد مطرًا،
وأضحك، بينما أمرّ بين الرعود.
أنثر الثلج على الجبالٍ الشاهقةٍ تحت أقدامي،
فتئنّ أشجار الصنوبر العظيمة من الهلع،
وطوال الليل يكون وسادي ناصع البياض
وأنا نائمة في حضن العاصفة.

عالياّ، فوق أبراج قصوري السماوية،
يجلس، في كهفٍ تحتي، ذاك البرق، قائدي،
يقيّدٌ الرعد، يتلوّى، ويزمجر من حينٍ لآخر.
فوق الأرض والمحيط، بلطفٍ وهدوء،
يقودني هذا الطيار، مدفوعًا بحبّ الأرواح
التي تتحرك في أعماق البحر البنفسجي.
فوق الجداول والنتوءات والتلال،
فوق البحيرات والسهول،
حيثما يحلم، تحت جبلٍ أو نهر،
تظلّ الروح التي يحبها حاضرة.
أما أنا، فأنعم طوال الوقت
بابتسامة السماء الزرقاء،
بينما هو يذوب في زخات المطر.

الشمس المشرقة بلون الدم
بعينيه الشهبيتين،
وبريشه المشتعل الممدود،
يقفز على ظهري، وأنا أبحر في الأفق،
عندما يغيب نجم الصباح.
كما لو أن نسرًا، للحظةٍ واحدة،
هبط على قمة جبلٍ،
هزّته زلزلة،
جلس تحت نور جناحيه الذهبيين.
وعندما يتنفس الغروب، من البحر المضيء تحته،
حرارته المليئة بالراحة والحب،
تتدلى مثل كَفَنٍ قرمزيّ من أعالي السماء،
أضمّ جناحيّ وأرتاح في عشي الهوائي،
ساكنة مثل يمامةٍ تحضن بيضها.

تلك الكرة العذراء المحملة بالنار البيضاء
التي يسميها البشر القمر
تنزلق متلألئة فوق أرضيتي الصوفية
التي نثرتها نسمات منتصف الليل
وحينما تكسر خطواتها الخفية
-التي لا يسمعها إلا الملائكة-
نسيجَ سقف خيمتي الرقيق
تطل النجوم من خلفها وتحدق
وأنا أضحك لرؤيتها تدور تدور وتهرب
مثل أسراب نحل ذهبي
ذلك يحدث عندما
أوسع الشقوق في خيمتي
التي بنتها الرياح
حتى تهدأ الأنهار والبحيرات والبحار
كشرائط سماوية سقطت عليَّ من عَلٍ،
مرصفة بعضها بالبعض، مخيطة بالقمر.

أربط عرش الشمس بحزامٍ ملتهب،
وعرش القمر بحزامٍ من اللؤلؤ؛
تفورُ البراكين وتترنّح النجوم،
حين ترفع الزوابع رايتي.
من رأس إلى رأس، بشكل يشبه الجسر،
أمتدّ فوق بحرٍ جارف،
مانعةً ضوء الشمس من العبور،
كأنني سقف، والجبال أعمدتي.
أنا قوس النصر الذي أمرّ تحته
بصحبة العواصف والنار والثلج،
حين تُقيّد قوى الهواء بعرشي،
يكون قوسي ذو المليون لون،
وهو النار الكروية التي حيكت ألوانها الناعمة فوقه،
بينما كانت الأرض المبللة تضحك تحتي.

أنا ابنة الأرض والماء وربيبة السماء؛
أمرّ عبر مسامات البحر والساحل،
أتغيّر، لكنني لا أموت.
فبعد المطر، حين تتطهر سماء الجنة من الشوائب،
وتتآزر الرياح وأشعة الشمس
لتبني قبة الهواء الزرقاء،
أضحك بصمتٍ على نصبي التذكاري،
ومن كهوف المطر، كطفلٍ من رحم، كروحٍ من قبر،
أنهضُ، أنهضُ لأهدمه من جديد.

* ملحوظة حول الترجمة:/
في الحقيقة، اختيار ضمير المتكلم المؤنث "أنا التي" في ترجمة الخطاب الضمني للقصيدة، لم يأتِ اعتباطًا، بل استند إلى منطق داخلي في بنية النص الأصلي لشيللي، الذي يخاطب الغيمة أو السحابة (The Cloud) بوصفها كائنًا شعريًا مُشخّصًا — لكنها ليست مذكرًا بالضرورة. بل على العكس، هناك ما يشير إلى تأنيث هذه الذات:
1. الإحالة الصريحة في النص الأصلي: ففي المقطع الأخير يقول شيللي:
> "I am the daughter of Earth and Water,
And the nursling of the Sky"
هنا يصرّح بأن السحابة هي "ابنة" الأرض والماء، وأنها "الطفلة المدللة للسماء"، وهذا يحسم جنس المتكلم داخل القصيدة بوصفها أنثى، لا ذكرًا.
2. الخيال الرومانتيكي وتقمص الطبيعة: في الشعر الرومانتيكي، كثيرًا ما تُجسّد عناصر الطبيعة بأجساد وأصوات أنثوية: السحابة، الريح، الليلة، النجمة... وغالبًا ما تُربط بالخصب، بالرقة، بالتحول، وكلها صور حاضرة بقوة في القصيدة.
3. بلاغة التأنـيث في الترجمة العربية:
في اللغة العربية، استخدام "أنا التي" بدل "أنا الذي" يُضفي على الغيمة أو السحابة طابعًا أكثر حيوية ونعومة، ويمنح النص إيحاءً خصبًا وانسيابيًا يليق بصورة السحابة التي: تمطر وتُرضع الأرض، تحضن البراعم، تنام، وتطير، وتضم، وتبني، ثم تهدم، وكلها أفعال فيها شبه بالأمومة والأنوثة الشعرية، ما يعزّز اختيار التأنيث صوتيًا ودلاليًا. (حكمت الحاج).



#حكمت_الحاج (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغيمة
- الشعر والفلسفة: أية علاقة
- -نزهات- ستاندال: يمنع دخول -روما- على كل من هب ودب..
- كعبُها عالٍ وقِدْحها مُعلَّى..
- كراس كوابيس أدورنو
- الظل والعاصفة
- بين ضجر الملوك ووجع الهزيمة
- جثة تفكر: قراءة فوكويّة في رواية نزار شقرون “أيام الفاطمي ال ...
- حينما يصبح الشعر نشيدا للإنسان، ونشدانا للحرية والانعتاق
- هوروسكوب
- أميلكار، هانيبال وقرطاج، في رواية تونسية جديدة..
- أوسكار وايلد وصادق هدايت في مسلسل عربي
- رعد عبد القادر باللغة السويدية: الصقر مع الشمس بأجنحة الشعر ...
- نحو سرد موجز، نحو رواية ليست طويلة..
- نظرة ما إلى قواعد اللعبة: من المحيط إلى المركز
- ترابكَ
- لا ترمني بوردة
- نحو رواية قصيرة
- تحديات جديدة أمام المسرحيين في عالم اليوم: نحو علاقة حيوية م ...
- تمر الشمس في برج الحمل


المزيد.....




- ميريل ستريب تعود بجزءٍ ثانٍ من فيلم -Devil Wears Prada-
- ستيفن سبيلبرغ الطفل الذي رفض أن ينكسر وصنع أحلام العالم بالس ...
- أشباح الرقابة في سوريا.. شهادات عن مقص أدمى الثقافة وهجّر ال ...
- “ثبت الآن بأعلى جودة” تردد قناة الفجر الجزائرية الناقلة لمسل ...
- الإعلان عن قائمة الـ18 -القائمة الطويلة- لجائزة كتارا للرواي ...
- حارس ذاكرة عمّان منذ عقود..من هو الثمانيني الذي فتح بيوته لل ...
- الرسم في اليوميات.. شوق إلى إنسان ما قبل الكتابة
- التحديات التي تواجه الهويات الثقافية والدينية في المنطقة
- الذاكرة السينما في رحاب السينما تظاهرة سينما في سيدي بلعباس
- “قصة الانتقام والشجاعة” رسمياً موعد عرض فيلم قاتل الشياطين D ...


المزيد.....

- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - الغيمة.. قصيدة شيللي بترجمتها الكاملة