أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب كاظم محمد - حياة في ساعة واحدة














المزيد.....

حياة في ساعة واحدة


طالب كاظم محمد

الحوار المتمدن-العدد: 8389 - 2025 / 6 / 30 - 09:31
المحور: الادب والفن
    


طقوسك
الساعة الخامسة.

بلا مبالاة، تُبعدين الملاءات الناعمة بأطراف أصابع قدميك عن جسدك، فتكشفين عن فخذيك العاريين. لاتبالين حينما يندلق نهدك الأبيض عبر حمالة قميص النوم الأسود وأنتِ تغادرين سريرك بكسل لذيذ. تُراوغين صداعًا خفيفًا يتسلل إليكِ، حينما أمعنتِ في ليلتك الماضية بالتفكير في طريقة التخلص من شعورك بالإخفاق الذي ينتابك كلما فكرتِ بقشط ذكرياتك القديمة. تمررين أصابعك في خصلات شعرك الكستنائي الكثيف والناعم. بعينين لم تُغادرا بعد وليمة النوم التي طالت ثلاث ساعات، غالبًا ما تنْسَلين إلى فراشك في الثالثة صباحًا.
تشعرين بالرثاء لكل شيء حولك وأنتِ تتطلعين إلى طاولة الكتابة المستديرة والكرسي الخشبي قرب النافذة المشرعة على حديقة الفناء الخلفي. بأسى واستسلام، تُلوحين بيدك ما أن تكتشفي فوضى ليلتك التي تختنق بالشموع والرغبات. كوب قهوة نصف فارغ، كومة أعقاب سجائر ترقد بلا حراك في مرمدة كريستال، وأوراق تناثرت تحت الطاولة واندست تحت السرير. ملعقة شاي، مكعبات سكر، أقلام ملونة، وسلسلة أيقونة اللازورد، تميمتك التي تُسجيها بلطف على شرشف الطاولة. هناك مزهرية تحتضن وردة حمراء كبيرة تُصارع الذبول ببتلاتها الشاحبة. يتسلل ضوء شمس مبكرة عبر الستائر المسدلة، فيكشف أزاهير السجادة الشيرازية الوثيرة. قطيع غزلان يَفِرُّ هاربًة عبر متاهات الورود الملونة في اللوحة الزيتية التي تلقيتها من فنان بوهيمي حاول إغواءك بقصة حب مجوسية، كما أخبرك في اللقاء الأخير. كنتِ تضحكين ملء شِدقك الشهي وأنتِ ترددِين مع نفسك بصوت عالٍ:
قصة حب مجوسية! يا للرجل!.

باطن قدمك العاري يلامس الفرو الناعم وأنتِ تتطلعين إلى الهالات التي أضاءت سرب الطيور وقصب البامبو واللقالق بمناقيرها الرشيقة في رسومات الستائر. تلك الستائر التي حجبت ظلال ثمار شجرة النارنج الناضجة في حديقة الفناء الخلفي. يُغويكِ عطر قداح النارنج المُنْعشة حينما تستيقظين في وقت مبكر، غالبًا عند لحظات الفجر الأولى عندما يتسلل خيط الضوء الأبيض في الأفق المعتم. حينها يكون الجو باردًا ونقيًا، بعد ليلة عاصفة صفعت السماء المُتجهِّمة بالغيوم الكثيفة والبروق، وصوت طبول الرعد التي ترددت بصخب في مخدعك.
شخصيات الرواية تسبب لكِ الأرق والقلق. أحدهم يجلس قبالتكِ، طوال الوقت يُحدّق في عينيكِ كأنه ينتظر اعترافًا ما. يمكنني أن أراه من مكاني حيث أجلس في الانزواء القصي وحيدًا، أستمتع بكوب القهوة والتجوال في متاهات ملامحك. أعرف أنه أحد أبطالك، ولكنه انشغل عن الآخرين مُحدِّقًا في شفتيكِ بطريقة لفتت إليكما انتباه رواد المقهى.
فيما المرأة التي ستحتفل بنهاية عقدها الخامس في يوم الأحد المقبل، الأنيقة جدًا، بنظارتها الكبيرة التي استقرت على أنفها المثير، تلف عنقها بوشاح بنفسجي اختلط بالأخضر الفاقع والوردي المشوب باحمرار خفيف. تُخفي ثمارها الناضجة بقميص حريري بلون أزرق بروسي. كانت تنظر إليكِ بطرف عينيها، كأنها تنتظر أن تدعوها إلى طاولتكِ، ولكنها كانت تنتقل بلا مقدمات أو دعوة مع كوب القهوة الساخن لتشارككِ طاولتكِ.
الآخرون هم أيضًا يشغلون تفكيركِ كثيرًا ويسببون لكِ الصداع بمشكلاتهم واعترافاتهم وقصص الحب التي اعترضت طريقهم. تخططين لكل شيء سيحدث، وستضعين أوراقًا بيض للمفاجآت التي تعترض طريقكِ وأنتِ تسردين حيواتهم المُضطربة. فقصص الحب التي تنتهي بتراجيديا كبيرة تُلهمكِ كثيرًا.بينما الرجل الثاني في الرواية، والذي يُقلق تفكيركِ، وهو على أي حال سيُغادر الأحداث قبل أن تصل روايتكِ إلى نهايتها، سيُشبه إلى حد بعيد حبيبكِ الذي أخفق في ترميم خساراتكِ بقصة حب كنتِ تأملين أن تكون عاتية، تُطيح باتزانكِ وبأقانيمكِ. كنتِ تفكرين بأنه سيُشعل أوقاتكِ بالجحيم والأضاحي والتراتيل والمواعيد المجوسية، ولكن لم يحدث أي مما كنتِ تفكرين في حدوثه.أما الرجل الآخر، فهو في عقده الرابع، يدعي أشياء عديدة، في أغلبها متناقضة ولا تُشبه إحداها الأخرى في شيء. فهو مرة قاص محترف، ومرة فنان تشكيلي، وعاشق أو صعلوك يتسكع في الطرقات بلا هدف. تدركين أنه يحاول تقمص شخصيات مختلفة وغير نمطية، يحاول إغواء نساء في الثلاثين يشعرن بالخيبة بشخصيته المختلفة. ستمارسين عليه قسوتكِ وستضعينه دائمًا في مواقف لا يُحسد عليها، كأنكِ تُفرغين فيه إخفاقاتكِ، وستقتصين منه كل الفجائع التي أحالت حياتكِ الوديعة إلى فوضى عارمة.
الساعة السادسة والربع.
ستُزيلين طعم النوم من فمكِ وعن رموشكِ وأنتِ تغرقين وجهكِ بالماء ورغوة الصابون تحت الدوش، بينما ينساب بدفئه بين تقاطيع قوامكِ المشدود. تشعرين بمتعة الاسترخاء والخدر اللذيذ يتسلل إلى كتفيكِ بعد ليلة مجهدة كنتِ تُصارعين فيها كوابيسكِ المعتادة. أنا أعرف كل شيء عنكِ، يومياتكِ وتفاصيلكِ السرية. لا تسأليني كيف أستطيع الانغمار في حياتك، فالأمر يحدث فحسب لا أكثر. لأنكِ تعيشين وحيدة، لا تُبالين بعُريكِ أمام المرآة المستطيلة في مخدعكِ. تشدِّين رأسكِ بمنشفة وردية، وتتركين جسدكِ الرشيق يقطر عطره وأنوثته فوق البلاط الرخامي البارد.
ولكنكِ، كما لو كنتِ تقومين بطقوس مقدسة، تلفين خصركِ بالمنشفة وتدخلين مطبخكِ عارية الصدر. تُعدِّين القهوة العربية، وتضعين في طبق صغير قطعة جبن شيدر مزينة بملعقة مربى مشمش مع قطعة خبز محمصة، هذا هو فطوركِ. فطور الروائية التي ستحتفل بأنوثتها التي ستكتمل بتفردها بعد أن تُحرر نفسها من أصفاد قصة حب ثالثة كبّلت معصميها.
عليكِ التذكر بأني الآخر قد اعترف لكِ في موعد ما يجمعنا مع بعض بأني سأجعلكِ تعيشين قصة حب مجوسية. يمكنكِ إخباري، فأنتِ تعرفين الاتصال بي عبر الواتساب.
أنتظركِ



#طالب_كاظم_محمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصف قديسة
- الخزاف الاول
- المدينة الضالة
- سرد شفاهي من النمط الثالث
- ميزان الرذيلة
- اعادة كتابة نص
- اليباب
- نصوص
- انوثتك
- الموت
- حب مابعد منتصف الليل
- المشهد الاول
- فوتوغراف
- قلبك برتقالة بحجم الخليقة
- مذكرات شيوعي صغير
- في الطريق الى المخلّص
- الكتابة في ادب الاطفال بين المغامرة والتجربة
- القبو
- في الطريق من كاني ماسي الى بيبو
- ترانيم


المزيد.....




- التحديات التي تواجه الهويات الثقافية والدينية في المنطقة
- الذاكرة السينما في رحاب السينما تظاهرة سينما في سيدي بلعباس
- “قصة الانتقام والشجاعة” رسمياً موعد عرض فيلم قاتل الشياطين D ...
- فنان يعيش في عالم الرسوم حتى الجنون ويجني الملايين
- -فتى الكاراتيه: الأساطير-.. مزيج من الفنون القتالية وتألُق ج ...
- مسرحية -أشلاء- صرخة من بشاعة الحرب وتأثيرها النفسي
- الجمعة.. انطلاق نادي السينمائيين الجدد في الرياض
- غدا.. اجتماع اللجنة الفنية للسياحة العربية بمقر الجامعة العر ...
- “مبروك لجميع الطلاب ” رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور ...
- مذكرة تفاهم رباعية لضمان التمثيل القانوني المبكر للأحداث بين ...


المزيد.....

- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب كاظم محمد - حياة في ساعة واحدة