محمود الزهيري
الحوار المتمدن-العدد: 1813 - 2007 / 2 / 1 - 09:23
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
هل القوي السياسية التي يعتقد أن يكون لها دور فاعل أو فعال في الحياة السياسية التي تم قتلها بواسطة النظام الحاكم في مصر حتي يتم إحتكار الحكم والسلطة في إطار فعاليات الفساد السياسي المحتكر للحزب الحاكم في مصر بلامنازع , دون أن يكون لهذه القوي السياسية دور يذكر في الحياة السياسية في مصر وبعيداً عن إدارة صناعة القرار السياسي , وأعتقد أن القوي التي يمكن أن تكون فاعلة في الحياة السياسية إن هي وافقت علي حالة من حالات الإنفراج الإجتماعي أولاً وتبعتها الموافقة علي حالة من حالات الإنفراج السياسي الذي يجمع كل هذه القوي في بوتقة الهم الوطني علي مرجعية سياسية / إجتماعية أساسها المواطنة وأهدافها الخلاص من حكم الإستبداد والفساد العام المهيمن علي كل أرجاء الوطن من أقصاه إلي أقصاه , والعودة بالحياة السياسية إلي مجراها الطبيعي في إرساء المبادئ الديمقراطية والحرية السياسية وتداول السلطة والإتفاق علي نظام إقتصادي يعيد الحقوق إلي أصحابها وأساسه التوزيع العادل للثروة القومية والتناغم بين الحقوق والواجبات الملقاة علي عاتق كل مواطن دون تفرقة بين مواطن وآخر علي أساس من الدين أو العقيدة أو اللون أو الجنس أو النوع مادام المواطن يحمل الجنسية المصرية التي هي أساس المواطنة الأول .
هل من الممكن أن تحدث حالة من حالات التوافق علي مجموعة من الأهداف يتم السعي لتحقيقها وجعلها هي الأساس الذي تقوم عليه هذه الأحزاب والقوي الإجتماعية / الدينية ذات التأثير الفاعل في المجتمع المصري بملسميه وأقباطه علي تنويعة سياسية متعددة المراجع السياسية وجعل تلك الأهداف لها الأولوية في التحقيق ؟!!
أعتقد أن من أعظم الأهداف هو السعي لوقف المهزلة الدستورية التي يسعي النظام الحاكم إلي تمريها علي نمط ونسق تمرير التعديل المسخرة أو المهزلة للمادة 76 من الدستور والتي تخلت عن المبادئ وتضمنت الضمانات والشروط وكان أن تم التصويت علي تعديلها بالطبل والمزمار البلدي من البعض والرقص علي أنغام موسيقي الروك والميتال من البعض الآخر , بل وصمت آخرون ممن يؤثرون السلامة ويحرمون الرقص والطبل والمزمار البلدي والموسيقي الغربي بل والموسيقي والغناء بوجه عام , وكان ان تم ترك الأمر للجمهور التابع لهم في حرية التصويت أو الأمتناع عنه حسب رغبة كل فرد !!
فهل يمكن أن يتلاقي الوفد والتجمع والناصري والإخوان والأقباط في هذا الهدف الخاص بالوقوف في وجه التعديلات الدستورية المعيبة التي ستعود بمصر إلي عصر المملكة المصرية ويعود شبح الملك فاروق , الذي من الممكن أن يستبدل بشبح الملك مبارك الإبن والذي سيستولي علي عرش مصر بمباركة المليارات والنفوذ السلطوي المحتمي بالسلطة والثروة والمتوافق عليه دولياً من الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي وإسرائيل ومن ورائهم أجهزة المخابرات الدولية ذات السلطة والنفوذ العالي في مصر والمنطقة العربية ؟!!
الإجابة علي هذا السؤال من أصعب الإجابات التي يمكن أن توجه لقادة الأحزاب السياسية في المرحلة السوداء التي تعيشها مصر علي الإطلاق لأنه وحتي هذه اللحظة لم يتم الإتفاق علي إتخاذ قرار لهذه الأحزاب بالموافقة أو الإمتناع عن المشاركة في هذه التعديلات الدستورية المعيبة إبتداءً ولكن الموقف المائع الذي يمسك بالعصا من المنتصف فلاهو يميل إلي الموافقة ولاهو يميل إلي الرفض بالرغم من علم قادة هذه الأحزاب بأن هذه التعديلات الدستورية ستكون معيبة بل وستكون عاراً يلحق بهذه الأحزاب علي مدار حياتهم وينتقل العار إلي مابعد الوفاة ليلازم هؤلاء القادة السياسيين هم وأحزابهم لأنها قد تكون التعديلات الأولي والأخيرة أثناء فترة حياتهم في الحياة لينتقل العار إلي ابنائهم من بعدهم ليكون جمال مبارك وأبناء جمال مبارك هم الذين علي رأس الحكم في مصر وتتحكم أسرة آل مبارك في المصريين من أبنائنا في المستقبل ويكون نضالهم المستقبلي هو من أجل هذه التعديلات المقترحة من جانب مبارك الأب وساعتها سيكون المصير مجهول ولايمكن أن يتكهن به أحد من رجالات السياسة أو علماء الإجتماع لأن المستقبل سيكون علي قدرعالي من السواد والظلمة ولايمكن القراءة لأوراق المستقبل في حالة إنعدام الرؤية !!
فهل من موقف لهذه الأحزاب الثلاثة ضد هذه التعديلات الدستورية من جانب الأحزاب الثلاثة التي من المفترض أن لها تاريخ وثقل سياسي ؟!!
أم أن هذه الأحزاب الثلاثة ستشارك في هذه التعديلات وسوف تصوت علي هذه التعديلات بالموافقة أو بالرفض ويخرج المنتمين لهذه الأحزاب إلي حيث صناديق التصويت وتكون المهزلة والموافقة علي التعديلات المعيبة وتخرج هذه التعديلات إلي دائرة القرار السياسي ويتم السير في إستكمال بناء خط السكة الحديد ليكون جاهزاً لسير قطار التوريث الذي يقوده جمال مبارك ويصل إلي محطة حكم مصر !!
أم أن هذه الأحزاب السياسية سوف تنتظر وتظل علي محطة الإنتظار ليأتي الدور عليها في الحصول علي مبلغ النصف مليون جنيه أو المليون جنيه الذي من المفترض أن يتم صرفه من خزينة الدولة المنهارة إقتصادياً للصرف علي الدعاية الإنتخابية لمهزلة إنتخابات رئيس الجمهورية والتي ستكون بعج التعديلات الدستورية مهزلة إنتخابية يتم تمرير الأمور فيها لصالح المرشح المؤيد بالحزب الوطني ومليارديرات رجال لجنة السياسات وغيرهم من أصحاب المصالح والهبات والمنح من أعضاء الحزب الوطني والمستفيدون من ماكينة مصالح الحزب الوطني الحاكم , ويكون جمال مبارك هو الرئيس المصري المنتخب بالشرعية الدستورية والقانونية التي أقرها الأحزاب الثلاثة بمشاركتهم بداءة في الموافقة علي التعديلات الدستورية والمشاركة في الإستفتاء عليها ومن ثم المشاركة في المسرحية الهزلية التي يكون بطلها مبارك الإبن المرشح لمنصب رئيس الجمهورية وساعتها سيكون نصيب المرشحين من هذه الأحزاب الثلاثة في هذه الإنتخابات هو الصفر الكبير الذي سيتم نقله من خانة مرشح الحزب الوطني إلي خانة رؤساء الأحزاب السياسية لتكون أحزاب المعارضة هي أحزاب الصفر بالدستور والقانون المؤيد بالتعديلات الدستورية والقوانين السيئة السمعة البديلة عن قانون الطوارئ مثل قانون الإرهاب الدائم تطبيقه وليس الإستثنائي في تطبيقه وبالفعل ستتحول مصر إلي سجن كبير بحجم الوطن مصر ويكون السجان الوحيد هو الشاب المكافح من أجل إستمرار إحتكار مصر الوطن ومصر المواطن هو الشاب الرئيس جمال محمد حسني مبارك !!
فهل مبلغ النصف مليون المنتظر أو حتي مبلغ المليون أو حتي المليار جنيه التي سيتعاطاها رؤساء الأحزاب السياسية نظير المشاركة السياسية في مهزلة إنتخابات الرئاسة التي ستبدأ منذ الموافقة علي التعديلات الدستورية وتمريرها بموافقة الأحزاب السياسية الثلاثة الوفد والتجمع والناصري , أهم من مصر وحرية مصر وإستقلالها علي المستوي الوطني والدولي ؟!!
أعتقد أن الأحزاب الثلاثة ستضحي بمصر في مقابل الحصول علي هذه المبالغ المالية لتشارك في صناعة المهزلة الإنتخابية والسياسية علي مسرح الأحداث في مصر المنكوسة المهزومة برجالها وقاداتها في السياسة والفكر والثقافة !!
فهل سيتم تصيحح التوجه والإعلان الفوري عن رفض ومقاطعة هذه التعديلات الدستورية علي أعين ومسمع الملأ في مصر والعالم ؟!!
اعتقد أن الأيام وحدها هي التي لها حق الإجابة عن هذا السؤال !!
أما بالنسبة للإخوان والأقباط فما تزال ساحة تخوف الإخوان من الأحزاب الأخري قائمة خاصة بعد الإعلان عن إنشاء حزب سياسي مدني للإخوان ذو مرجعية إسلامية وفي إنتظار إعلان برنامج الحزب , ولن يتم الإعلان عن حالة وفاق بين الإخوان والأحزاب السياسية الأخري من أقصي يمينها إلي أقصي يسارها , وسيظل النظر للأقباط نظرة المغايرة في الدين والعقيدة هي الرائدة ويكون الكلام عن المواطنة وحقوق المواطنة محض هراء لأن الحاكم في الأمر هو تفسيرات وتأويلات النصوص الدينية التي تنفي الآخر في الوطن وتعلي من شأن الدين حسب المفهوم من النصوص الدينية , ومن ثم فلاتوافق , ولا إنتظار لإنفراج الأزمة القائمة بين الأقباط والإخوان , وأن النظام الحاكم والقوي السياسية الأخري تريد إستخدام الأقباط علي حد قول القطب والمفكر القبطي ميلاد حنا , إستخدام الأقباط بمنطق الفاسوخة في الحياة السياسية المصرية المصرية , أو كديكور لتزيين أي عمل سياسي أو إجتماعي أو إحتفالية دينية في المناسبات القومية دون أن يكون للأقباط دور حقيقي فاعل في الحياة السياسية المصرية , ومن ثم يكون الخيار بالنسبة للأقباط هو جمال مبارك تخوفاً من المصير المجهول من بروز قوي سياسية / دينية مثل الإخوان المسلمين !!
وقد يكون هناك حالة من حالات التوافق بين الإخوان المسلمين والنظام الحاكم من تحت الموائد المستديرة أو المستطيلة من أجل تمرير صفقة جمال مبارك لتوليه حكم مصر في مقابل حزمة من المصالح التي تعود بالنفع علي الإخوان المسلمين ومنها وقف حالة التصعيد ضد الإخوان المسلمين وتركهم في المجال الدعوي والإرشادي , ولتذهب التعديلات الدستورية جميعها ومن قبلها الدستور المصري إلي الجحيم لأن الغاية ليست هي حكم مصر فقط وإنما هي عودة الخلافة الإسلامية لتكون هي الحاكمة في الموضوع وليس حكم مصر فقط !!
ومن هنا يمكن تفسير حالة التواطؤ علي مصر من غالبية القوي السياسية بمافيها الإخوان المسلمين والأقباط والصامتون منهم علي خلفيات فعاليات الحركة المصرية من أجل التغيير كفاية بما حوته من فعاليات تمثلت في التظاهرات والندوات والمؤتمرات التي عقدتها وكان غياب الأحزاب السياسية والإخوان المسلمين والأقباط وكأنه متعمد إذ لم يشارك رؤساء الأحزاب الثلاثة في هذه الفعاليات علي الإطلاق ولم يكون للكنيسة المصرية دور في هذه الفعاليات وغاب دور الإخوان المسلمين في غالبية الفعاليات إلا من الدور الرمزي فقط !!
فهل ستكون للأحزاب الثلاثة دور في صناعة مسقبل مصر بمصاحبة الإخوان والأقباط ؟!!
أم أنهم سيكون لهم الدور الفاعل في خروج مصر من التاريخ ؟!!
أرجوكم تقبلوا لغة النقد والنقض !!
نريد موقف واضح
فهل هذا ممكن ؟!!
#محمود_الزهيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟