عليان عليان
الحوار المتمدن-العدد: 8385 - 2025 / 6 / 26 - 16:50
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
إيران انتصرت على الكيان الصهيوني، وتصريحات ترامب ونتنياهو "بروجاجندا" مكشوفة
بقلم : عليان عليان
وضعت الحرب بين الكيان الصهيوني وجمهورية إيران الإسلامية أوزارها بعد مرور (12) يوماً على بدئها ، وراح كل فريق وأعوانه يدعي النصر في الحرب ، فنتنياهو رئيس وزراء الكيان راح يتبجح بالانتصار معلناً أنه قضى على المشروع النووي بالكامل ، وقبله راح الرئيس الأمريكي يتبختر مثل الطاووس في تصريحاته، بأن القنابل أل (12) الخارقة للتحصينات قضت على المشروع الإيراني وإلى الأبد ، وأنه على العالم أن يتنفس الصعداء.
لقد تمكن العدو في عدوانه الجوي في اليوم الأول على إيران ، المخطط له والمدعوم أمريكيا من اغتيال قادة الصف الأول للقوات المسلحة الإيرانية، ومن ضرب مبنى مفاعل نطز النووية الموجود على السطح ، ولعدد آخر من المنشآت العسكرية الإيرانية ، وتوقع أن ترفع القيادة الإيرانية الراية البيضاء .
المأزق الإسرائيلي
لكن القيادة الإيرانية امتصت الضربة بسرعة فائقة ، وعالجت الموقف العسكري وسددت الضربة الصاروخية الأولى في مساء ذات اليوم، ما أوقع حكومة العدو والقيادة العسكرية الإسرائيلية في مأزق ، من عدة زوايا أبرزها:-
1-أن الكيان لا يملك القدرة على تحمل الضربات الصاروخية التي تدك عمق مدن فلسطين المحتلة ومستوطنات الكيان من رأس الناقورة حتى محيط قطاع غزة ومن مدينة إيلات ( أم الرشراش) ونهر الأردن حتى شاطئ البحر المتوسط .
2-أن القيادة الإيرانية تمكنت في غضون ساعات من تعيين قيادات بديلة لإدارة الحرب في إطار مرونة قيادة غير مسبوقة في تاريخ الحروب .
3-أن إمكانات الكيان الصهيوني، لا تمكنه من خوض حرب طويلة الأمد مع طهران ، ولا تمكنه من تحمل كلفة الحرب البشرية والاقتصادية في حال تجاوزت الحرب أياماً معدودات في حين أن إيران قادرة على خوض حرب طويلة الأمد، بحكم إمكاناتها وعدد سكانها الذي يزيد عن ( 95) مليون نسمة ، ومساحتها التي تتجاوز مليون كيلو متر ، وتمتد على شواطئ عدة بحور وهي :-بحر العرب والخليج العربي والبحر الأسود وبحر قزوين.
الدفاعات الجوية والاختراق الاستخباري
تقتضي الموضوعية أن لا نتجاهل مسألتين وهما: ضعف الدفاعات الجوية الإيرانية من جهة والاختراق الاستخباري الإسرائيلي الهائل عبر جيش من العملاء من جهة أخرى، لدرجة أن العملاء تمكنوا من إقامة مصنع للطائرات المسيرة في محيط طهران ، ما وضع القيادة العسكرية الإيرانية في مأزق ، لا سيما أن الطريق إلى طهران باتت معبدة أمام الطيران الحربي الصهيوني ، ناهيك أن وجود جيش من العملاء في إيران سيخلق حالة من الارباك لصانع القرار العسكري والسياسي في إيران.
لكن القيادة العسكرية الإيرانية عوضت ضعف دفاعاتها الجوية، بقوة قصفاتها الصاروخية التي تضمنت 22 موجة حتى قرار وقف إطلاق النار ، تلك الموجات التي مسخرت الدفاعات الجوية الإسرائيلية والأمريكية " القبة الحديدية وأروز وحيتس وثاد وغيرها"، وتفوقت على التقنية والتكنولوجية الصهيو أميركية ، وباتت الطريق في أجواء فلسطين المحتلة ( الكيان الصهيوني) معبدة أمام الصواريخ الإيرانية بمختلف مسمياتها، وفي ذات الوقت قامت بتفريغ قوات خاصة لملاحقة العملاء واصطيادهم الذين تساقطوا كأوراق الشجر في الخريف.
استمر القصف الجوي الإسرائيلي للمدن الإيرانية وللمواقع العسكرية والنووية على مدار الساعة ، واستمر القصف الإيراني للكيان الصهيوني ليلاً ونهاراً، مستخدماً أنواع متعددة من الصواريخ النوعية مثل " خيبر كرمنشاه ، خيبر تشيكن ، فتاح، سجيل..ألخ والمفارقة هنا أن القيادة الإيرانية كانت شفافة جداً بالاعتراف في خسائرها ، وهي ميزة تعكس الثقة بالنفس .
في حين أن قيادة العدو كانت تتكتم على خسائرها البشرية، التي تجاوزت ألف قتيل وجريح وفق التقديرات المحايدة، ولا تعلن عن أي رقم دقيق من قتلاها قبل أن يمر على الرقيب العسكري ، ولم تسمح بنشر أي صورة للدمار غير المسبوق في الكيان الصهيوني، إلا إذا رأت أنها تخدم أهدافها السياسية والدعائية ، ولم تكتف بذلك بل فرضت عقوبات بالسجن على كل من يصور أي موقع عسكري أو مدني مهدم ، وهذا السلوك الصهيوني يعكس الهزيمة والفشل ، ويستهدف عدم التأثير على معنويات الجبهة الداخلية في الكيان الصهيوني.
ومع مرور اليوم تلو اليوم على الحرب ، بدأ الكيان الصهيوني يهتز أمام الضربات الصاروخية التي دمرت أحياءً بكاملها في منطقة غوش دان " تل أبيب الكبرى " وبخاصة في بني براك وريتش لسيون ورحفوت وبتاح تكفا، وفي مناطق حيفا وبئر السبع وبيسان وغيرها ، وخلال 12 يوماً من الحرب ظل (10) مليون مستوطن " -عدد سكان الكيان الصهيوني- في الملاجئ لا يرون ضوء الشمس ، في حين توقفت كافة أوجه العمل والحياة الاقتصادية في الكيان الصهيوني.
ترامب يهاجم الإعلام الأمريكي ونتنياهو يواصل النباح
وبعد أن اكتشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، أزمة الكيان القاتلة وخسائره الكبيرة ، جراء ضربات الصواريخ الإيرانية التي فاقت الصواريخ الأمريكية في تطورها ، وبعد أن اكتشف فشل الضربات الجوية الإسرائيلية في تدمير المفاعلات النووية الإيرانية " نطز ، أصفهان ، فوردو وأراك "، وأن هذه الضربات ضربت قشرة المفاعلات فوق سطح الأرض ، أي المباني الإدارية ، دخل الحرب في يومها الأخير مستخدما(6) طائرات شبح العملاقة (B2 ) القاذفة(أم القنابل) ، التي ألقت ب (12) قنبلة خارقة للتحصينات طراز "جي بي يو 57" من أصل (20) قنبلة تملكها الولايات المتحدة ضد المفاعلات النووية الإيرانية ، بمرافقة (123) طائرة مقاتلة قبل أن يتم الإعلان عن وقف إطلاق النار.
وخرج ترامب ونتنياهو يتبجحان بالنصر ، وأنهما تمكنا من تدمير المفاعلات النووية الإيرانية بشكل كامل، وراح ترامب يهاجم القنوات والصحف الأمريكية ورؤساء تحريرها ومراسليها بأقذع الصفات ، رغم أن قناة أل ( CNN ) كذبت ما تبجح به الثنائي السابق من واقع صور الأقمار الصناعية.
من المنتصر في الحرب ؟ إيران أم الكيان الصهيوني
ويبقى السؤال في ضوء نتائج الحرب : من هو المنتصر في السياق النسبي " الكيان الصهيوني وأمريكا" أم إيران ؟ وللإجابة على هذا السؤال أؤكد أن إيران في السياق النسبي خرجت منتصرة بالنقاط ... كيف؟
أولاً: -أن الأهداف الرئيسة للحرب، التي قادتها الولايات المتحدة ، عبر أداتها " الكيان الصهيوني" لم يتحقق منها أي هدف ، فالكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية حددتا الأهداف التالية من العدوان على النحو التالي:
تدمير البرنامج النووي الإيراني/ تدمير البرنامج الصاروخي الإيراني/ إسقاط النظام الإيراني من خلال دفع الجماهير الإيرانية للثورة عليه .
لكن من واقع الوثائق والتحقيقات ، لم تتمكن الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني من تحقيق الهدف الأول ، وهو تدمير البرنامج النووي الإيراني ، حيث أصدرت كل من وزارة الدفاع الأمريكية وإدارة الاستخبارات الأمريكية ، بأن الضربات الصاروخية للمفاعلات النووية قد تعيق المشروع النووي الإيراني لبضعة أشهر ، ما اضطر ترامب لأن يبلع لسانه مؤقتا في حين استمر نتنياهو بالنباح، متجاهلاً حقيقة أن الحروب تكسب بنتائجها وليس بإلقاء الخطب الفارغة.
وهنا لا بد أن نشير هنا إلى أن البرنامج النووي الإيراني،، لم يمس بأذى حقيقي بعد أن تبين من واقع صور الأقمار الصناعية ، أن عدد كبير من الشاحنات الإيرانيىة، نقلت أجهزة الطرد المركزي من منشأة فوردو النووية ، التي سبق وأن تمكنت من تخصيبب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة ، وأن نشير أيضاً إلى تصريحات القيادة الإيرانية بأنها نقلت (400) كيلو غرام من اليورانيوم المخصب من مفاعل فوردو إلى جهة آمنة.
وبخصوص الهدف الثاني ممثلاً بتدمير القدرات الصاروخية ، فقد زعم العدو الصهيوني أنه دمر (50) بالمائة منها ، ما يعني أن إيران ظلت تمتلك 50 في المائة أخرى ، فهذه الخمسين بالمائة الأخرى كفيلة في أي حرب أخرى، أن لا تبقي في الكيان الصهيوني، مكاناً دون تدميره ،ناهيك أن الكيان الصهوني والإدارة الأمريكية تدركان جيداً أن مصانع الصواريخ الإيرانية قادرة على تعويض ما تم تدميره في غضون أقل من ثلاثة أشهر.
أما الهدف الثالث المتعلق بتحريك الجماهير الإيرانية، للثورة على النظام وإسقاطه ، فقد فشل فشلاً ذريعا بالمطلق ، وقد تمثل بالمظاهرات التي عمت الشارع الإيراني دعماً للنظام في مواجهة العدوان، لدرجة أن المعارضة ضد النظام وقفت معه ورفعت راية الدفاع عن الوطن.
ثانياً: وإذا انتقلنا إلى الصورة الأخرى في الكيان الصهيوني ، التي تؤكد انتصار إيران فقد تمثلت فيما يلي:
1-الدمار الهائل في الكيان الصهيوني جراء استهداف المنظومات الصاروخية الإيرانية الباليستية والفرط صوتية برؤوسها المتفجرة ( 1000- 1500 ) كغم للمنشآت والقواعد العسكرية الإسرائيلية والقواعد الاستخبارية في مختلف أرجاء الكيان مثل وحدة ( 8200) والعلمية للأبحاث النووية والكيماوية والرياضيات التطبيقية مثل " معهد وايزمان" والمنشآت الاقتصادية والنفطية "مصفاة حيفا في الشمال ،مصفاة أسدود في الوسط،منصات الغاز البحرية الإسرائيلية مثل تمار وليفياثان وكريش" ،ومواقع التحكم والسيطرة والمطارات العسكرية ومختلف الأحياء الاستطانية.
2- الخسائر الاقتصادية : اعترف العدو بأن خسائره جراء الحرب تفوق (3) مليارات دولار وأن خسسائر المستوطنين بلغت أكثر من مليار دولار/ وقد تلقى صندوق التعويضات في سلطة الضرائب الإسرائيلية نحو 39 ألف طلب للتعويض عن أضرار مادية مباشرة، جراء سقوط صواريخ إيرانية داخل (إسرائيل /( وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن صندوق التعويضات تلقى حتى 24 حزيران الجاري حوالي 38 ألفا و700 طلب تعويض منذ بداية الحرب الإسرائيلية الإيرانية في 13 يونيو/ حزيران الجاري،ومن بين تلك الطلبات 30 ألفا و809 طلبات تعويض عن أضرار لحقت بمبان مباشرة، و3713 طلبا عن أضرار بمركبات و4085 طلبا عن أضرار بمعدات وغيرها.
2- انهيار الحالة المعنوية للمستوطنين جراء مكوثهم في الملاجئ 12 يوما ، وسرقة منازلهم من قبل لصوص إسرائيليين ، أثناء مكوثهم في الملاجئ.
3- الهروب من الكيان ، من خلال فرار آلاف المستوطنين إلى قبرص ، ومن خلال توجه عشرات الألوف من اليهود إلى شرم الشيخ في مصر عبر سيناء ، والانتقال بعد ذلك إلى العواصم الغربية ، وتوسل نتنياهو لشركات الطيران العالمية بعدم نقل ( مواطنين) إسرائيليين إلى الخارج .
4- الفشل الذريع لمنظومة الدفاع الجوي الصهيونية التي لم تعترض سوى أقل من (2) في المائة من الصواريخ الإيرانية وفق تصريحات لضباط إسرائيليين ، التي تجاوزت 400 صاروخاً ، رغم تبجح رئاسة الأركان الإسرائيلية بأنها أسقطت معظمها ، ناهيك عن نفاذ معظم مخزون الكيان من صواريخ الدفاع الجوي .
5- الفشل الذريع لقاذفات القنابل الاستراتيجية الأمريكية في تدمير أجهزة الطرد المركزي واليورانيوم المخصب.
6- أن قرار وقف إطلاق النار جاء بناء على طلب من وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر للرئيس الأمريكي ، في ضوء الخسائر الهائلة والتدمير المنهجي للصواريخ الإيرانية في عموم أرجاء الكيان ، وعدم قدرة ( إسرائيل) على مواجهة حرب استنزاف طويلة الأمد من قبل إيران.
وأخيراً : وحسب العديد من المراقبين فإن ردّ الفعل الإيراني الذي أتى على مراحل، لم يكن ارتجاليًا، فالقيادة الإيرانية كانت تعدّ لهذا السيناريو منذ زمن بعيد، فبعد سنتين من التوترات المتقطعة وعمليات الاختراق السيبراني والاغتيالات الغامضة، استخلصت طهران دروسها وأعادت بناء تموضعها الدبلوماسبي والعسكري ، وفور تلقي الضربة الأولى، بدأت بإرسال رسائل مركّبة عبر صواريخها ومواقفها المتحدية، التي مكنتها من تحقيق نصر نسبي على العدو الصهيو أميركي ، ومن أن تكون الضربة الصاروخية الأخيرة لها ، مبرهنةً أن يدها كانت هي العليا في مواجهة أل(12) يوماً.
انتهى
#عليان_عليان (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟