|
المعالجات الجذرية للخلافات الداخلية الفلسطينية
عماد صلاح الدين
الحوار المتمدن-العدد: 1812 - 2007 / 1 / 31 - 11:20
المحور:
القضية الفلسطينية
كتبت فيما مضى مقالا كان عنوانه "فيم الاختلاف مع حماس؟؟" فإذا كانت حماس و على ارض الواقع تعلن أن برنامجها السياسي يقوم على المطالبة بجميع الأراضي المحتلة عام 67 كاملة ونظيفة من الاستيطان والجدار والقواعد العسكرية الإسرائيلية مهما كانت تلك النقاط الاحتلالية والاستيطانية كبيرة أو صغيرة جدا، لان ذلك يعتبر وبحق من مقتضيات ومتطلبات إقامة الدولة ذات السيادة والقابلة للتواصل والحياة قبل كل شيء ، وهي بالإضافة إلى مطلبها وبرنامجها هذا الذي تبنته منذ فترة طويلة ومن خلال زعيمها الروحي الشهيد الشيخ احمد ياسين تؤكد على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين استنادا إلى حقهم التاريخي والطبيعي في ذلك وأيضا طبقا لما جاءت به الشرعية الدولية ممثلة بالقرار 194 لسنة 1948 ، نعم هذا هو برنامج حماس السياسي والواقعي المطلوب ، أما بالنسبة للاعتراف بإسرائيل فحماس ترفض هذا الأمر على الأقل من خلال تجربة منظمة التحرير التي تتزعمها حركة فتح والتي قدمت الاعتراف بإسرائيل دون أن تحصل على ثمن حقيقي مقابل ذلك ، حتى إن بعض الإسرائيليين واخص بالذكر بعض مفكريهم وكتابهم أشاروا بعد خدعة حكوماتهم السابقة للفلسطينيين والعرب بشأن السلام ، قال منتقدا الذين يطالبون حماس بالاعتراف بإسرائيل في مقال له بعنوان :" لماذا الاعتراف بإسرائيل ؟ "إذ إن قيادة منظمة التحرير المعتدلة في حينها اعترفت بإسرائيل ولكنها والشعب الفلسطيني لم يحصل سوى على مزيد من الاستيطان والجدار والاغتيال والقمع والمحاصرة فلماذا تطالبون حماس بالاعتراف بها ، هذا ماذهب إليه داني روبنشتاين في إحدى مقالاته في هآرتس فيما مضى من أيام خوال .
إذن برنامج حماس واقعي ومطلوب ويحقق الحد الأدنى من الحقوق الوطنية الفلسطينية ، لكن المشكلة كما يبدو أنها لدى فئة من حركة فتح ، وهي وبحق التي تمسك بزمام الحركة وتسيطر عليها ، هذه الفئة التي يترأسها محمد دحلان وان كان الظاهر الرئيس عباس كرئيس للسلطة وللمنظمة ولحركة فتح بتوافق داخلي بين أطراف هذه الجماعة أو الفئة برنامجها كما يبدو للمراقب أنها غير الحد الأدنى الذي تتمسك به حماس ، إن برنامجها هو فعلا خارطة الطريق الذي يؤدي إلى دولة بحدود مؤقتة، والمؤقتة هي فعليا الدائمة بناء على التصور الأمريكي والإسرائيلي لخارطة الطريق ، من الناحية العقلية والسياسية والإستراتيجية تتحدد أهداف المرء أو الجهة بالاستناد إلى المرجعية والقاعدة التي يتم الانطلاق منها ، ويبدو أن مرجعية التفاوض من الناحية السياسية والإستراتيجية بالمعنى السياسي والدبلوماسي المجرد فقط لاتحقق إلا الذي يرسم ويحدد مسبقا من الجهة الأقوى في المفاوضات . ليست الإشكالية على هذا النحو وانتهى الأمر ، لابل الإشكالية مضاعفة ومعقدة بسبب موقف الرئيس عباس وفريقه ومابين الأولين وقواعدهم الجماهيرية ، فالرئيس عباس يصرح أحيانا انه مع دولة على كامل أراضي ال67 ومع حق العودة بالحل المتفق عليه " الصيغة المستخدمة لدى الرئيس عباس "، وأحايين أخرى كثيرة ينادي بان المرجعية هي خارطة الطريق والكل يعرف ما هي خارطة الطريق ، بل إن الرئيس ناقض الوثيقة التي قبل بها وأقام الدنيا من اجلها ولم يقعدها بحجة أنها لا تلبي المطالب الدولية، واقصد هنا وثيقة الوفاق التي تمثل البرنامج السياسي للحقوق الوطنية في سياقها الأدنى ، هذا تناقض ظاهر يلمحه أي مراقب بل ربما أي إنسان عادي ، وهو تناقض أيضا ينصرف على وجه التحديد بين الرئيس وأعضاء خطه وما بين معظم التركيبة الفتحاوية على الأرض .
التراجع دون الحد الأدنى من الفريق الاوسلوي كان مرده أن هذا الفريق قد ارتكب خطأ منذ البداية حينما لم يستند إلى مرجعية دولية للتفاوض تتمثل بالشرعية الدولية والقانون الدولي وبالحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية، بمعنى انه لم يحدد مسبقا الهدف من التفاوض وهو الوصول إلى دولة كاملة السيادة على جميع أراضي ال67 ونظيفة من أي استيطان أو وجود إسرائيلي، وبدون القبول بتبادلية الأراضي التي ستؤثر على تواصلية وسيادة الدولة من خلال تجمع المستوطنات الكبيرة حول القدس العربية بالإضافة غالى ضرورة إيجاد حل عادل للاجئين استنادا إلى قرار 194 ، بل للأسف المرجعية كانت التفاوض ثم التفاوض دون الوصول إلى نتيجة ، هذا على عكس عملية التفاوض بين مصر وإسرائيل أو بين الأخيرة وسوريا،إذ كان لكل من مصر وسوريا هدف نهائي من التفاوض وهو انسحاب إسرائيل من كامل شبه جزيرة سيناء ومن الجولان التي لم يتحقق الحل بشأنها بسبب رفض إسرائيل الانسحاب منها بالكامل .
وثيقة الوفاق الوطني فيها الدواء لكل هذه الأدواء ، ولكن المطلوب هو حسم الموضوع من الأطراف وبالتحديد حركة فتح من خلال قيادتها ، عليها أن تحدد ما هو المقصود بالحد الأدنى من الحقوق الوطنية علانية وأمام الإعلام ، وهذه الخطوة على حماس أن تدفع حركة فتح إليها من خلال مبادرتها ومن خلال الإعلام نفسه بتحديد ماهية وطبيعة ومفهوم الحد الأدنى للحقوق الوطنية، وعلى حماس أن تطلب من فتح أن تحدد موقفها من ذلك ، ذلك أن الحوارات في الغرف المغلقة أصبحت وسيلة البعض للتلاعب وللف والدوران ، ولتكون هنالك لجنة وطنية محايدة تؤدي يمين و القسم بكشف كل الذين يحيدون عن مفهوم الحد الأدنى المتفق عليه من الحقوق الوطنية لخطورة الموضوع ، إذا كانت بعض الوظائف العامة تتطلب أداء اليمين في سياق ممارستها، فإننا نرى انه ليس هناك أهم من هذا المجال الذي تتوقف عليها مسيرة قضية بأكملها
لوضع حد للاقتتال ميدانيا، لابد أيضا من وجود لجنة تتابع وتراقب التهدئة الداخلية ، وهي الأخرى مطالبة بأداء اليمين للقيام بواجبها بكل إخلاص وشجاعة ودون تحيز لطرف دون الآخر بسبب الخوف أو النفاق أو الحسابات الأخرى ، يجب أن يترجم تعهد هذه اللجنة بفضح خروقات وافتعالات الجهات التي تريد تخريب الحوار الوطني والساحة الداخلية الفلسطينية برمتها قولا وعملا ، وان الجهة التي تفتعل الأزمة والتخريب هي التي تتحمل المسؤولية كليا دون الالتفات إلى ردة فعل الجهة الأخرى، إلا إذا خرجت عن سياقها الطبيعي.
وهكذا من الممكن أن تكون الأمور واضحة وعلى نور باتجاه وضع حد للازمات والخلافات الداخلية الفلسطينية. بقلم : أ. عماد صلاح الدين كاتب وباحث في مؤسسة التضامن الدولي لحقوق – نابلس 30 – 1 – 2007
#عماد_صلاح_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اللجان الفلسطينية الحاضرة الغائبة عن العمل
-
الحالة الراهنة للقارىء والكتاب في الاراضي الفلسطينية
-
جوهر الصراع يكمن في قضية اللاجئين الفلسطينيين
-
المناورة الاخيرة
-
فيم الاختلاف مع حماس؟
-
سيناريو المشهد الاخير في مواجهة حماس
-
تبكير الانتخابات بالدم الفلسطيني!!
-
التآمر على حق العودة يبدأ
-
هل تعلم جماهير فتح بالحل الذي يقبله الرئيس عباس ؟؟
-
الحل الامثل للتوصل الى حكومة الوحدة الفلسطينية
-
هل دعوة الرئيس عباس للانتخابات المبكرة قانونية؟؟
-
في المنطقة مشهدان فقط!!
-
حقوق الانسان لاتشمل الفلسطينيين والعرب!!
-
قراءة في رهاني قطبي الساحة الفلسطينية
-
حماس والمسار المطلوب
-
اين تكمن المشكلة في المشهد الفلسطيني؟؟
-
المأجورون يخربون بيت فتح!!
-
وإذ يحدثونك عن حكومة الوحدة الفلسطينية
-
مهزلة التعويل على مجلس الامن والامم المتحدة!!
-
المقاومة المؤمنة والعاقلة هي من يوحدنا
المزيد.....
-
شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا
...
-
جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
-
زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
-
كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
-
مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
-
ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
-
مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
-
جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|