أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سالم جبران - ممارسة الإرهاب















المزيد.....

ممارسة الإرهاب


سالم جبران

الحوار المتمدن-العدد: 1811 - 2007 / 1 / 30 - 12:06
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


تبث محطة تلفزيون "المنار" التابعة لحزب الله، عدّة مرات يومياً، إعلاناً دعائياً لهذا الحزب، هذا نصه: "ينتهي حزب الله عندما ينتهي محمد صلّى الله عليه وسلّم، ينتهي حزب الله عندما ينتهي عيسى بن مريم عليه السلام، ينتهي حزب الله عندما ينتهي القرآن الكريم، ينتهي حزب الله عندما ينتهي الإنجيل المقدس".
سمعت هذا الإعلان مرة ومرتين وثلاثاً. ويبدو أن الإعلان أعجب المشرفين على "المنار"، فصاروا كلما وجدوا إمكانية، أعادوا بث الإعلان!!
وقد زارني، هذا الأسبوع، إنسان مسلم، هو أخ وصديق، عاقل ومتواضع ومنفتح الذهن. وقال لي، حتى قبل أن يجلس: أكتبوا يا عمي ! مش معقول! هل يجوز لحزب سياسي أن يسمي نفسه "حزب الله".هل الله، سبحانه وتعالى، عنده حزب خاص به؟ هل سبحانه وتعالى أوحى للسيد حسن نصرالله، بتأسيس هذا الحزب؟ وهل المؤمنون من مسلمين ومسيحيين ودروز ويهود يجب أن يكونوا أعضاء في هذا الحزب وإلاّ، فهم كفّار؟
إنني أعجب، كيف لا يستفز هذا الكلام كل المؤمنين، من كل الأديان، قال، وكيف لا يصرخون في وجه حسن نصرالله: اتقوا الله ولا تسيئوا لاسم الله، فهو جُل اسمه ، أكبر من أن يكون يافطة حزبية. وما تفعلونه هو إساءة صارخة للديانات السماوية جميعاً.
أعترف وأنا أسمع صديقي المنفعل والغاضب سألت نفسي: هل ما يدركه هذا الإنسان المسلم الشهم والشجاع لا تدركه كل أمتنا العربية؟! هل أصبحت أمتنا حقلاً داشراً يتصرف به مَن يشاء، كيف يشاء؟
عبر التاريخ الإنساني كانت الأديان رحمة وهدى. وكان التعصب الديني نقمة ولعنة. فما بالكم بالتعصب الديني المتطرف والمغلق والمعتم؟
كان، ويظل الإيمان، إيماناً صادقاً لوجه الله، مصدر راحة روحية للضمير لا تجارة ولا سُلّماً لمنصب أو جاه أو مال، ولا أداة لإقامة ميليشيات مسلحة، لا حانوتاً، ولا سيفاً للقتال.
هل من الصعب أن يفهم الناس، كل الناس، أن التجارة بالدين هي إساءة للدين وإهانة واستخفاف بعقول المؤمنين والناس عامة، وسبباً للفتنة والاقتتال؟
علينا أن نقول الحقيقة، مهما تكن مُرّة، فقد زادت التجارة بالدين بشكل مذهل، وأصبحت تجارة مربحة عندما دخلت القومية العربية في أزمة عميقة، بجريرة الأنظمة الدكتاتورية التي لوّثت الفكرة القومية حيث صار كل طاغية، سارق وجزّار، احتل الإذاعة، يتكلم كأنما هو صلاح الدين الأيوبي أو خالد بن الوليدً
علينا أن نقول وأن نصارع في سبيل نشر هذه الحقيقة الجوهرية، وهي أن كل حزب هو حزب "أرضي" وليس حزباً "ربانياً" من الممكن أن يصيب ومن الممكن أن يخطيء. إذا قبلنا منطق حسن نصرالله، فإن حزبه مقدس. ولماذا لا يكون رئيس الحزب أيضاً مقدساً ومعصوماً عن الخطأ ؟ وهل الغلمان الإرهابيون الذين كادوا يحرقون بيروت، هم أيضاً مقدسون؟ إلى أية هاوية مرعبة يريد حسن نصرالله والأصولية الدينية المتطرفة عموماً، جر أمتنا العربية؟
السياسة، بطبيعتها تتعامل مع الحياة الدنيوية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وكل الاجتهادات مشروعة، فإذا قبلها الشعب قادت البلاد، وإذا رفضها الشعب تظل في المعارضة. ولكن السياسة الحاكمة، أيضاً، ليست مقدسة وليست منزهة عن الخطأ. وإّذا أخطأت أو فسدت، فمن حق الشعب أن يعاقبها ويسقطها. السياسة هي الأداة الحضارية لإدارة المجتمع على الأرض لا في السماء، وهي –كل سياسة- تتعامل مع القضايا الحياتية، ابتداء من مسألة السلام والحرب، وصولاً إلى الاقتصاد وتنظيم شبكة المجاري في المدينة في إطار القانون، كل الاجتهادات مشروعة، ولكن كلها ليست "مقدسة"، وليست "ربانية"، والشعب يقبلها أو يرفضها.
في لبنان ثماني عشرة طائفة، كيف ستكون حال لبنان إذا أقامت كل طائفة حزباً "ربانياً" يدّعي رئيسه الحكمة القدسية؟ إلى أين سيصل لبنان إذا صار فيه 18 حزب الله، وكلها معصومة ومنزهة؟!!
إننا نلاحظ، منذ السبعينات، من القرن الماضي، عندما بدأت تنكشف عفونة الأنظمة الدكتاتورية، أن الحركات السياسية المتلبسة بعباءة الدين لا تستغل الدين فقط، بل تمارس إرهاباً ضد خصومها، وكأنهم ليسوا خصوم حزب سياسي، بل خصوم الله
والإرهاب الكلامي والدعائي تدهور في كثير من الحالات إلى إرهاب دموي، إلى قتل، أيضاً باسم الله والله سبحانه براء من كل هذا. إن الإرهاب يتحول أيضاً إلى إرهاب نفسي وسياسي ففي مصر مثلاً، تقرر الجماعات الأصولية إلى حد بعيد، أي كتاب يطبع وأي كتاب لا يطبع. ومؤخراً، أقامت الجماعات الإسلامية الدنيا، ولم تقعدها، لأن وزارة الثقافة المصرية طبعت المؤلفات الكاملة للكاتب النهضوي التنويري الخالد طه حسين، بمناسبة مئة سنة على ميلاده، كما منعوا طبع رواية "أولاد حارتنا" للكاتب نجيب محفوظ، في مصر خلال سنين طويلة. أما في العراق فكل امرأة مسلمة أو مسيحية عربية أو كردية، مرشحة للذبح إذا سارت في الشارع، بدون حجاب!
إن الحركات الإسلامية الأصولية من طالبان والقاعدة مروراً بكل الحركات الأصولية في العالم العربي، وصولاً إلى "المحاكم الإسلامية" في الصومال، لها قاسم مشترك-هو بسط القدسية على نفسها كحركات سياسية، ولكن المأساة، أن هذه الحركات تطرح الدين بديلاً للعقل، وتطرح الشعوذة بديلاً للمنطق.
هل فكرنا يوماً إلى أي حد تمزق الحركات "الدينية" المتطرفة نسيج مجتمعاتنا العربية؟ إن التمزق الطائفي يقود إلى الاحترابات والانهيارات. والتعصب المذهبي يفعل في مجتمعاتنا فعل الساطور أو البلطة، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى الوحدة الوطنية والمجتمعية، وإلى السِّلم الأهلي، وإلى النهضة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية ومحاربة الفقر والجوع ورفع مستوى حياة الشعب، بحاجة إلى السلم الأهلي والاعتدال والتسامح واحترام الرأي الآخر، المختلف.
كل القوى الوطنية والاجتماعية والديمقراطية والمتدينة المعتدلة، بحاجة ماسة إلى التصدي للإرهاب وفضح الشعوذة، ومقاومة الوصاية على عقول الناس. التعصب الديني هو توأم الفتنة الدموية، والتعصب الأعمى يُرْهب العقل ويشله، والتعصب يمنع التخطيط العلماني الرشيد للحياة العامة.
إذا أردتم برهاناً صارخاً إلى أين يوصل التعصب الديني فانظروا ماذا جرى في أفغانستان وانظروا أحوال العراق، وانظروا ماذا حل بالصومال، وانظروا كيف كاد يسقط الشعب الفلسطيني في مهاوي الفتنة المظلمة، وأخيراً وليس آخراً، انظروا المخاطر التي يتعرض لها لبنان، شعباً ووطناً، نتيجة المليشيات المسلحة.
إن المسؤولية والشرف القومي والديني والاجتماعي والإنساني يتطلب هبّة شجاعة موحدة تقول لكل المتاجرين بالدين: الدين لله وأمّا الوطن فللجميع، فهل نذبح مجتمعاتنا بالتمزق والاقتتال؟ لقد صاغ شعبنا في حكمة حياتية رائعة شعاراً مقدساً في مطلع النهضة : "الدين لله وأما الوطن فللجميع". وقد صدق الكاتب المصري العظيم نجيب محفوظ، الذي تعرض لمحاولة اغتيال من أوباش إرهابيين متلبسين بالدين، حين قال: "إذا كانت أمتنا تريد الحياة فيجب أن لا تسمح للإرهابيين بتحويل الكلمة الدينية، الروحية والسمحة إلى خنجر مسموم".

(سالم جبران-شاعر ومفكر فلسطيني يعيش في الناصرة).



#سالم_جبران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مؤشرات التطور الاقتصادي والاجتماعي في إسرائيل
- من أين لك أربعة مليارات دولار، يا سماحة الشيخ؟!
- كيف يفكر الفلسطينيون داخل إسرائيل
- فيلم وثائقي إسرائيلي..أثار عاصفة -يوسف نحماني..وسقوط طبريا!:
- في المالية الإسرائيلية..فضائح كبرى وحامي الخزينة-حراميها!
- لبنان نموذج حضاري متقدم للأمة العربية.. فهل يهدمونه؟!!
- نهاية الطاغية..تحذير لبقية الطغاة!
- هروب الأدمغة من العالم العربي
- حول الفساد في العالم العربي: السمكة تفسد من الرأس!
- أنظمة البطش والتخلف واللصوصية-مسؤولة عن فقر الشعوب العربية!
- الأسد -معتدل- و-حضاري- مع أولمرت فلماذا هو بلطجي بالتعامل مع ...
- حزب العمل الإسرائيلي أزمة قيادة..وأزمة طريق!
- ابتهجوا يا عرب : اللغة العربية ألا تواجه خطر الانقراض!
- مؤتمر إنكار المحرقة اليهودية-في إيران هل يخدم، حقاً، قضية فل ...
- !كارثة التخلف الاقتصادي الأساس للتطرف الديني!
- المتعصبون المتطرفون فقط-يخافون من الحوار والتفاعل
- البيان الختامي للإتحاد العام للأدباء مثل بيان ختامي لوزراء ا ...
- الدفاع عن سيادة لبنان الديمقراطي دفاع عن كل المستقبل العربي
- لمواجهة قوى التطرف الديني والاستبداد
- لا قيمة للإنسان وحياة الإنسان


المزيد.....




- الأكثر ازدحاما..ماذا يعرقل حركة الطيران خلال عطلة عيد الشكر ...
- لن تصدق ما حدث للسائق.. شاهد شجرة عملاقة تسقط على سيارة وتسح ...
- مسؤول إسرائيلي يكشف عن آخر تطورات محادثات وقف إطلاق النار مع ...
- -حامل- منذ 15 شهراً، ما هي تفاصيل عمليات احتيال -معجزة- للحم ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- الجيش الإسرائيلي يعلن تصفية مسؤولين في -حماس- شاركا في هجوم ...
- هل سمحت مصر لشركة مراهنات كبرى بالعمل في البلاد؟
- فيضانات تضرب جزيرة سومطرة الإندونيسية ورجال الإنقاذ ينتشلون ...
- ليتوانيا تبحث في فرضية -العمل الإرهابي- بعد تحطم طائرة الشحن ...
- محللة استخبارات عسكرية أمريكية: نحن على سلم التصعيد نحو حرب ...


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سالم جبران - ممارسة الإرهاب