أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد حسنين الحسنية - شرعية ثالثة، لا تعديلات دستورية















المزيد.....

شرعية ثالثة، لا تعديلات دستورية


أحمد حسنين الحسنية

الحوار المتمدن-العدد: 1811 - 2007 / 1 / 30 - 09:48
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


منذ أطلق الحاكم المطلق لمصر، مبارك الأول، و الأخير بإذن الله، تصريحاته بشأن تعديلات أخرى للدستور، حتى أصبح هذا محور الحديث العام، في الصحافة العامة و الحزبية، و بلغ ذلك الحديث ذروته بعد خطاب سيادته، و تراوحت ردود الأفعال، بين مهلل و مطبل و مزمر كما هو معهود في أروقة الحزب الحاكم و في الإعلام المملوك للسلطة الحاكمة، و بين ناقد و مطالب بالمزيد معتبرا إنها لا تكفي، و أن المطلوب هو مزيد من التعديلات و لكن على أساس الدستور الحالي، فكل ما رجته تلك الطائفة لا يخرج عن مبدأ الحذف و الإضافة من الدستور الحالي السيء السمعة، و لكن هناك من وصل إلى شوط أبعد، حين طالب بدستور جديد، كما جاء على لسان أحد أبرز قادة حركة كفاية، الأستاذ جورج إسحق.

دعونا نفترض أن السيدين، الرئيس و ظله، قد تنازلا فوافقا على كافة التعديلات، سواء بالحذف أو الإضافة، و التي تقدمت بها معظم قوى المعارضة، الطليقة و الحبيسة و المقيمة بالخارج، بل و دعونا نحلم بإنه قد تم كتابة دستور جديد، كما أرادت حركة كفاية، بل دعونا نطلق لخيالاتنا العنان بلا حدود فنشطح، لنتجاوز أحلام كل السياسيين المعارضين و ما وصلت إليه قرائحهم، و نقول ان الرئيسان، رئيس الدولة للشئون الخارجية و ولده و ساعده الأيمن و ولي عهده رئيس الدولة للشئون الداخلية، قد قررا التبني الكامل و دون أي حذف أو تعديل أو تأويل لأحد دساتير البلدان الحرة، سوى تعديل إسم الدولة فقط ليصبح مصر، و شخصيا أفضل أن يكون هذا الدستور هو الدستور الهندي، لأن الهند أقرب الدول لحالتنا، فقر و مرض و جهل منتشرين، مع حفظ الفارق في إنهم يعملون، في الهند، للقضاء عليهم على قدم و ساق بينما تعمل الأنظمة الحاكمة من 1952 على زيادة رقعتهما في محروستنا، كما تضم الهند عرقيات من كل شكل و لون مثلما تضم مصر البحاروة و الصعايدة و السيناويين و الواحيين و البجا و النوبيين و الأمازيغ، كذلك تضم الهند لغات و رطنات لا حصر لها، و أديان و مذاهب من كل بقاع العالم، مثلما أيضا تضم مصر المسلمين و المسيحيين و غير ذلك، و كل فرقة كبيرة تنقسم إلى إنقسامات فرعية أصغر، و لكن رغم ذلك فإنها - أي الهند بالطبع - تتمتع بديمقراطية راسخة البنيان منذ إستقلت في 1947، فلم تتعرض لهزات أو لفترات تقطعها كما حدث لشقيقتيها باكستان و بنجلاديش، أو مع شقيقتنا السودان.

دعونا نشطح كما قلت فنقول أن مبارك الأب قرر أن يفاجئ الشعب الشهر القادم، شهر فبراير الذي سبق و أن أعلن فيه عن التعديلات الدستورية الأولى منذ عامين، و ذلك بالمضي لما هو أبعد من كل المقترحات التي طرحتها المعارضة المصرية بكل أطيافها، و ذلك حتى يكسب نقاط لدى الشعب، رفعا لشعبيته و شعبية ولده الأثير، و ذلك بتبني النموذج الهندي بكل حذافيره.

فهل ذلك ما سيجعل من مصر دولة ديمقراطية حقا، تتبادل فيها السلطة، و يختفي الفساد و الإحتكار، فلا يعود بضع رجال للأعمال يحتكرون البلد، وترى وجوههم في كل مجال من إستصلاح الأراضي لتجميع السيارات، و من صناعة الأسمنت للهواتف المحمولة للحديد و الصلب، و من تجارة اللحوم و تصدير الخضروات لإقامة التجمعات السكنية الجديدة و أعمال المقاولات و المشروعات السياحية، إلى الصناعات الدوائية و المصحات العلاجية؟

هل تلك التعديلات أو حتى كتابة دستور جديد أو حتى تبني دستور ديمقراطي سبق تجربته، هو الذي سيجعل من المجتمع المصري مجتمع تصان فيه حقوق الإنسان بالأفعال لا فقط بالنصوص، و يقف جميع المصريين سواسية أمام القانون، دون النظر لمستوياتهم الإجتماعية- الإقتصادية فلا يعود أحد ينظر لأصولهم و ألوانهم و أديانهم، و لا إلى لهجاتهم و مناطق سكناهم و توزيعهم الجغرافي، فيختفي التمييز ضد أبناء البسطاء في دخول السلك الدبلوماسي و الشرطي، و يتساوى الجميع مسلمين و مسيحيين و غير ذلك في نفس الحقوق و الواجبات، و يقتلع التمييز الحادث بحق الصعايدة و النوبيين و السيناويين من جذوره فيعودوا ليشعروا إنهم غير مغبونين في حقوقهم بينما يطالبون بكافة الواجبات كاملة، فتكف الشرطة عن إعتبار أن كل سيناوي إما جاسوس أو تاجر مخدرات و سلاح، و ينفتح التلفزيون المصري للمذيعين النوبيين و نرى وجوه سمراء وسيمة بشوشة لنجوم و نجمات من المشاهير تقف أمام كاميرات التلفزيون و السينما المصرية، و يصبح من حق بسطاء الصعايدة التنقل بحرية في كافة أرجاء مصر، فلا يمنعون من دخل محافظتي جنوب سيناء و البحر الأحمر، و تصبح اللهجات الصعيدية مألوفة للأذن المصرية في كافة أرجاء مصر، ليس فقط من خلال مسلسلات الجنوب المصري، على نمط أفلام الويسترن الأمريكية، بل في البرامج الشبابية و الحوارية مثلما لهجات بحري و القاهرة متداولة بلا حرج، و يختفي التصوير النمطي للصعيد، في مسلسلات و أفلام الجنوب المصري على إنه ثأر و عصبية قبلية، و يختفي التعامل مع الصعايدة على إنهم لاجئين إقتصاديين أو مشاريع متطرفين، و يأخذ الصعيد نصيبه في الإستثمار الحقيقي الذي يخلق وظائف حقيقية مثمرة تعطي مردود يكفل حياة كريمة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

إليست التجربة الحالية كافية، لأصحاب إقتراحات الحذف و الإضافة من المحبوسين بقضايا ملفقة و تنتظرهم قضايا أخرى جديدة مبتكرة، و لأصحاب كتابة دستور جديد من حركة كفاية و غيرهم، بل و حتى ما طرحته شخصيا، على سبيل الإفتراض، عندما تخيلت تبني دستور جاهز سبق تجربته و أثبت نجاحه على مدى قرابة ستين عاما في ظروف مقاربة للظروف المصرية و بمقياس أكبر، و أعني الدستور الهندي، للتدليل على أن النصوص الدستورية و القانونية وحدها لا تكفي لتأسيس المجتمع الذي تحلم به غالبيتنا؟؟؟؟

أليس الدستور المصري الحالي، و معه القوانين العادية السارية المفعول، تحوي بعض النصوص الجيدة، التي تحمي و بحق بعضا من حقوق المواطن المصري؟؟؟ و لكن هل يتم إحترام تلك النصوص إن هي تعارضت مع إرادة الطبقة الحاكمة و هواهم، بل حتى إن تعارضت و إراده أصغر ضابط شرطة يتنمر على البسطاء؟؟؟ أليس التعذيب ممنوع قانونا، و لكنه يمارس على نطاق واسع، و ما يصل للإعلام ليس إلا قمة جبل الجليد الطافية التي تخفي المياه تحتها ما هو أكبر و أفظع؟

الحل ليس في نصوص مكتوبة، أكانت تأخذ شكلا دستوريا أو قانونيا، الحل هو الشعب، الحل في النفوس لا النصوص.

الحل في تغيير نفسية و عقلية الشعب، بالقضاء على الجهل بالحقوق، و محاربة اللامبالاة بإنتهاكها، و إستئصال اليأس من إستردادها و حساب منتهكيها ببعث الأمل، الحل يكون بزرع الرغبة في إستعادة الحقوق، و خلق الإستعداد للتضحية من أجل إستعادتها ثم حمايتها فلا تسرق ثانية من بين أيدينا و أمام ناظرينا كما سرقت من قبل منذ أكثر من نصف قرن بقليل.

سياسة الخطوة خطوة لا تجدي، فكل مطالبة بمجرد تعديلات و حتى كتابة دستور جديد إنما هي حرف للشعب عن المسار الصحيح الذي يجب أن يسلكه ليصل لمبتغاه، فكفى تضليلا للشعب، و كفى مهادنة للحاكم، و كفى تذللا للطغاة، فلا لرفع الإلتماسات لحاكم وأد القليل الذي كان قائما من مظاهر الحرية، و ينظر لمصر على إنها عزبة قابلة للتوريث و التقسيم و البيع، و إنها بقرة يجب أن تحلب حتى ينقطع الدر و ينصرم الدم.

المسار الذي يجب أن نسلكه ليس بتدبيج المقالات من خلف القضبان و الجلوس أمام كاميرات بعض الفضائيات لسرد عيوب بعض المواد و إقتراح بديلا لها، بل أن يذهب كل منا إلى أقرب ميدان كبير لمسكنة في مصر، أو إلى أقرب سفارة أو قنصلية مصرية إن كان بالخارج، في قر هذا الشتاء و حتى في لهيب الصيف القادم، حتى يسقط النظام برمته و رميمه.

الحل مع بناء نخر السوس أساسه ليس في ترميمه، مثلما ليس الحل ترقيع ثوب منحول متهالك تآكلت خيوطه، الحل في نقض البناء المسوس الأساس من أساسه، ثم بناء جديد صحيح الأساس متين البنيان لا يمت للقديم الفاسد بصلة، و البناء الجديد هو: تأسيس شرعية مصرية ثالثة، ترث شرعيتي 1805 و 1919، و لكن بشكل يناسب العصر مثلما كانت 1919 مختلفة عن 1805، فلكل وقت ما يناسبه و إن كانت الأسس متشابهة مثل الإستقلالية و تداول السلطة و المساواة و ما إلى ذلك، نريد جمهورية حقيقة إسما و جوهرا، هذا هو المطلب و ذاك هو الحل، أكرره و أعيده و لن امل من إسترجاعه، لأنه ليس هناك غيره، و إن كان البعض يظن إن كان هناك غيره، فليجب على الأسئلة السابق طرحها في هذا المقال، و ليقف بصدق و بصوت عال ليقول لنا هل هناك أمل في تصحيح كل الأخطاء المذكورة أعلاه، و الحصول على كافة الحقوق المسلوبة، على يد الرئيس الحالي أو ولده الأثير أو أحد أفراد نظامه، و إسترداد كل ما سرق من أفواه أطفال مصر؟؟؟؟؟؟؟؟

الشعب يعرف الحل الصادق من الأقوال المخادعة و الواهمة، لأنه يعرف الإجابة، و في يده وحده الحل.



#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحاولوا أن تزرعوا عقدة ذنب إسلامية


المزيد.....




- إيطاليا: اجتماع لمجموعة السبع يخيم عليه الصراع بالشرق الأوسط ...
- إيران ترد على ادعاءات ضلوعها بمقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- بغداد.. إحباط بيع طفلة من قبل والدتها مقابل 80 ألف دولار
- حريق ضخم يلتهم مجمعاً سكنياً في مانيلا ويشرد أكثر من 2000 عا ...
- جروح حواف الورق أكثر ألمًا من السكين.. والسبب؟
- الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 250 صاروخا على إسرائيل يوم ...
- اللحظات الأولى بعد تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL قرب مطار ا ...
- الشرطة الجورجية تغلق الشوارع المؤدية إلى البرلمان في تبليسي ...
- مسؤول طبي شمال غزة: مستشفى -كمال عدوان- محاصر منذ 40 يوم ونن ...
- إسرائيل تستولي على 52 ألف دونم بالضفة منذ بدء حرب غزة


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد حسنين الحسنية - شرعية ثالثة، لا تعديلات دستورية