|
لا بد من مواجهة، سياسة هدم المنازل في القدس
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 1808 - 2007 / 1 / 27 - 12:00
المحور:
القضية الفلسطينية
بعد أن إستكمل الإحتلال إقامة جدار الفصل العنصري حول القدس، وعزلها عن محيطها العربي الفلسطيني سياسيا، إقتصاديا، إجتماعيا وجغرافيا، بدأ يشدد من إجراءاته القمعية والإذلاليه، بحق السكان العرب المقدسيين، في محاولة لتهجير المقدسيين عن مدينتهم قسرا، وعبر الكثير من السياسات والإجراءات، والتي لعل أخطرها سياسة التطهير العرقي، وفي هذا الجانب والسياق، وتحقيقا للأهداف المرسومة والمخطط لها إحتلاليا فإن قطاع البناء والذي يشكل أحد أبرزدعائم صمود سكان القدس العرب في المدينة المقدسه، حيث جرى التركيز على هذا الجانب بشكل لافت للنظر، ورغم كل القيود والإجراءات التعسفيه والقمعيه التي يضعها الإحتلال أمام السكان العرب في هذا الجانب، إلا أن السكان مصممون على الوجود والبناء، ولثنيهم وتعجيزهم، شرع الإحتلال في سن قوانين " قراقوشيه "، تتلخص في مصادرة خلاطات الباطون والمضخات، التي تقوم بإيصال الباطون الى البناء غير المرخص، وإذا ما نجح صاحب البيت أو البناء في تجاوز هذه العقبه، فإن شركة المياه، والتي هي إسرائيليه، ترفض تزويد البناء بالماء، وحتى لو تمكن صاحب البناء في التخلص من كل هذه العقبات، فإن بلدية وداخلية الإحتلال جاهزتان، والمواطن هنا أمام خياران كلاهما مر ويؤديان لنفس الهدف، وهو هدم الببيت على رأس ساكنيه، فأولا المواطن صاحب البناء غير المرخص، تفرض عليه غرامه ماليه باهظه، حدها الأدنى خمسون ألف شيكل، أي ما يعادل 12000 $، والأعلى تصل الى مليون شيكل، أي ما يعادل 250000 $، والمواطن ليس مطالب بدفع الغرامه فقط، بل يجد نفسه، أمام مسلسل تعجيزي ورحله عذاب لا تنتهي، فيما يسمى بإجراءات الحصول على الرخصه طويله ومعقده ولا تنتهي، فهو بحاجه الى رسوم مساحه، ورسوم تنظيم، ورسوم محامي، ورسوم مهندس، ورسوم طابو، ورسوم مجاري، ورسوم تحسين ملامح مدينه، وحتى لو وفر المواطن الغلبان كل هذه الإشتراطات، فهو لن يعفى من عملية الهدم، وبمعنى آخر دفع الغرامه، ليس بديلا عن الهدم، وكثيرا ما تنتهي رحلة العذاب، بهدم البيت وتحميل المواطن تكاليف عملية الهدم، ولكن الإحتلال رأى أن تحقيق الأغلبية اليهوديه في القدس الشرقيه، لن يتحقق عبر هذه الإجراءات، والتي رغم ظلمها وتعسفها ولا شرعيتها ولا قانونيتها ولا أخلاقييتها، فإنها غير كافيه لردع العرب والحد من وجودهم وتكاثرهم، وبالتالي لا بد من إجراءات أكثر تعسفيه، أي سياسة التطهير العرقي، والقيام بعمليات الهدم مباشره للبيوت غير المرخصه، سواءا أكانت غير مسكونه أو مسكونه من سنوات طويله، هذه السياسه الإسرائيليه العنصريه، لم نرى ونسمع أي مظاهر إحتجاج أو إدانه لها من أصحاب سياسه النفاق والمعايير المزدوجه الأمريكان والأوروبيين، هذه الساسه العنصريه التي تندرج تحت بند جرائم حرب، تشريد السكان من بيوتهم وهدمها على رؤوسهم، يجب عدم المرور عليه مرار الكرام، من كل الجهات ذات العلاقة فلسطينيا، وعدم الإكتفاء بالشجب والإستنكار والبكاء، أو التضامن المحدود جدا من بعض قوى السلام الإسرائيلية الهامشيه، هذه السياسه التي تصاعدت وتائرها بشكل كبير بعد بناء جدار الفصل العنصري، لم تواجه فلسطينيا، بأية خطط أو برامج عمليه، وأيضا طرق وآليات التصدي لهذه السياسه غير متوفره، وترك المواطن الغلبان لمواجه قدره، إلا من خيمة صليب أحمر، وتعاطف وتضامن محدود من المقربين، وهذه كله بالأساس، راجع الى عدم الإهتمام الجدي من قبل السلطة والأحزاب بالقدس ومصيرها، وغياب المرجعيات والعناوين، وقصر المواجه على الجانب الشعاري والخطابي والعاطفي، ولم يلمس المواطن المقدسي،أية سياسات عمليه من شأنها، أن تعزز من صموده ووجوده، سواءا على المستوى الوطني السياسي، او على المستوى الهم المباشر إقتصاديا وإجتماعيا وخدماتيا، وهذه المسأله في غايه الأهميه والخطوره وعليها يتوقف بشكل أساسي مصير المدينه المقدسه، وبدلا من اللجان والمرجعيات والعناوين الإعلاميه والشكليه، " والفرمانات البراشوتيه " والتعينات الفوقيه والفئويه، فإنه آن الآون من أجل عمل جدي وحقيقي ووحدوي من أجل إنقاذ المدينة المقدسه، وهذا أول ما يتطلب عنوان ومرجعيه واضحه تتولى مسؤوليه هذا الملف بكل جوانبه وتشعباته، ماليا قانونيا، وإداريا وسياسيا وتنظيميا، وأنا لا أفهم لماذا لا يجري العمل على إعتماد مؤسسه مثل مركز القدس الإجتماعي والإقتصادي لمثل هذه المهمه، ورفدها بكل الطاقات والكفاءات من أجل متابعة هذا الملف، أم أن البعض يرى أن الفئويه قادره على حل هذه المشكله ؟، فالواقع أثبت أن الهجمه على المدينه المقدسه واسعه وشامله ومداره من أعلى المستويات الحكوميه الإسرائيليه، وهي أكبر من كل الأحزاب والفصائل الفلسطينيه، بل وحتى الطرف الفلسطيني بكل ألوانه وأطيافه، والمواجه تحتاج الى جهد عربي وإسلامي داعم وساند، وإلا فإن خسارة المعركه في هذا الجانب أكيده، ونصبح أمام حقائق وواقائع على الأرض، يتحول فيها سكان القدس الشرقيه العرب الى جزر في محيط إسرائيلي، فالبناء والهجوم الإستيطاني الإسرائيلي طال قلب البلدة القديمه، وقلب الأحياء العربيه المحيطة بها بأكملها، وعمليات التهجير " والتطفيش " للسكان العرب تجري على قدم والساق، وبدون أي صخب وضجيج، في ظل عجز فلسطيني شامل، لا تتحمله جهة واحده، بل المسؤوليه يتحملها الجميع، وإن كانت بدرجات متفاوته، والملام الأول والأخير هم أهل القدس أنفسهم، وعليه فإن أهل القدس عليهم أن لا يستمروا في الندب والبكاء وجلد الذات، وإنتظار أن يأتيهم الفرج والحل من المجهول، أو من أصحاب " الفرمانات " والتعينات، فعليهم أن يقرعوا الخزان، وعليهم المبادره وتعليق الجرس، وأن يوحدوا جهودهم وطاقاتهم، وأن يعملوا على بناء أجسام ومؤسسات تتولى متابعة شؤونهم وهمومهم الخدماتيه والإقتصاديه والإجتماعيه، وأن تعمل على مقارعة ومواجهة بلدية القدس والإحتلال فيما يخص حقوقهم في هذه الجوانب، والتي يجب عدم التازل عنها، فمقابل الضرائب التي تجبى من سكان المدينة العرب، ويجري صرف معظمها على الخدمات وأعمال التطوير في القسم الغربي من المدينه، يجب إيجاد الآليات والطرق القانونيه والنضالية المشروعه من أجل إلزام سلطات الإحتلال بصرف أموال هذه الضرائب على خدمات السكان في القدس الشرقيه، وهذا لن يتحقق بدون أن ينظم ويوحد أهل القدس جهودهم وطاقاتهم من أجل حماية حقوقهم ووجودهم في المدينة المقدسه.
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جماعة أو - زلم - الملاقط
-
القدس تعزيز الاستيطان
-
قراءة أولية في محاكمة الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات
-
المطلوب من القوى الديمقراطية الفلسطينية تحمل مسؤولياتها في ه
...
-
أما آن الأوان لأهل القدس ..أن ينظموا أنفسهم ويتوحدوا
-
قراءة أولية في لقاء عباس - أولمرت
-
فلتان أمني ، تهدئه، لجان تحقيق والنتيجة صفر
-
علينا أن لا نضيع البوصلة إسرائيل وأمريكا الخطر وليس إيران
-
الوجه الآخر للقدس
-
التهدئة تبدأ في بغداد وتنتهي في القدس
-
حماس فتح ملتحية في الصراع على السلطة
-
لبنان على حافة الاستنقاع والحرب الأهلية
-
مقاربة لبنانية_ فلسطينية الرئاسة والحكومة
-
التيار الثالث أو الطريق الثالث بلا طريق
-
بين (ليبرمان) و حماس مع فارق التشبيه
-
بيت حانون, قانا, الفلوجة, قندهار
-
القدس والعمل السياسي
-
الانتخابات المبكرة دوامة من الأزمات ولا بديل عن حكومة الوحدة
...
-
-رايس- تسوق بضاعة فاسدة لحفر باطن جديد
-
لبنان أكثر من أجنده وأكثر من رؤيا
المزيد.....
-
صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع
...
-
الدفاع الروسية تعلن إسقاط 8 صواريخ باليستية أطلقتها القوات ا
...
-
-غنّوا-، ذا روك يقول لمشاهدي فيلمه الجديد
-
بوليفيا: انهيار أرضي يدمّر 40 منزلاً في لاباز بعد أشهر من ال
...
-
في استذكار الراحل العزيز خيون التميمي (أبو أحمد)
-
5 صعوبات أمام ترامب في طريقه لعقد صفقات حول البؤر الساخنة
-
قتيل وجريحان بهجوم مسيّرتين إسرائيليتين على صور في جنوب لبنا
...
-
خبير أوكراني: زيلينسكي وحلفاؤه -نجحوا- في جعل أوكرانيا ورقة
...
-
اختبار قاذف شبكة مضادة للدرونات في منطقة العملية العسكرية ال
...
-
اكتشاف إشارة غريبة حدثت قبل دقائق من أحد أقوى الانفجارات الب
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|