|
المغول وصدام حسين وحدهما دفعا الشعب العراقي لهجرة وطنه
عبدالكريم هداد
(Abdulkarim Hadad)
الحوار المتمدن-العدد: 1808 - 2007 / 1 / 27 - 12:00
المحور:
مقابلات و حوارات
حاورته: ليلى بارع يشكل الشاعر عبدالكريم هداد الى جانب عدد من الشعراء العراقيين في المهجر ، نموذجاً مثاليا لوضع المثقف العربي اليوم ، مثقف يحلم بالحرية ويمارسها خارج الهواء العربي الذي قلما يسمح للمبدع بهوامش حرية واسعة ، هاجر من العراق نحو السويد ، وقضى سنوات الأنتظار ببعض الدول العربية زار المغرب مؤخرا فكان الأستجواب التالي لرصد بعض من محطات الشاعر المهاجر . *هاجرت العراق هربا من الظلم ، هل تشعر بالسعادة للحكم بالأعدام ضد صدام حسين ؟؟ ** إن سعادتي لا تكمن في قرار إعدام صدام ، وذلك لأن المشكل الأساسي والكبير ، الذي دفع بي الى قارات المنفى ، هو جور النظام الشمولي والقائم على التعسف البوليسي المنظم والمتغلغل في جميع مفاصل هرمية الدولة وساحات حركة المجتمع العراقي ، حيث لغة الألغاء لكل ماهو مختلف عن رؤية الحزب الحاكم ، الذي أنهك العراق بنظام دكتاتوري قاد البلاد نحو حروب لا مبرر لها . وإعدام صدام ، لن ينهي لغة الدمار والتعسف والظلامية وثقافة الجهل العشائري البدوي والطائفي الذي يحرك حياة المدينة العراقية اليوم ، فماتزال المنظومة الفكرية والثقافية التي أنجبت صدام حسين كدكتاتور دموي ، قوية في العصب المحرك للمجتمع العراقي . لذا ، فإن سعادتي هي حيث أجد حريتي وكرامتي ، التي دعتني الضرورة الى أن أهاجر العراق بحثا عن سقف آمن ، يمنحني الكبرياء كإنسان حر . *لماذا هذا الحزن الذي يطبع أعمال العراقيين المقيمين في الخارج ؟ ** إن الحزن حالة إنسانية ، وهي إنعكاس تبرزه النفس البشرية ، لضغوطات وقائع الحياة اليومية للفرد والمجتمع ، وقد تجلى الحزن كرافد أساس وراسخ في صلب تكوينات ملامح الأنسان العراقي ، وهو نتيجة حتمية شعورية أفرزها التراكم الهائل من عواصف العذابات المتتالية التي عاشها العراق تاريخيا . ولم يهاجر الأنسان العراقي بشكل جماعي وكبير الى خارج العراق الآمرتين ، الأولى عند دخول جيوش المغول بغداد . والهجرة الثانية ، هي حين اشتد العنف والأضطهاد تجاه القوى الوطنية العراقية أواخر سبعينيات القرن الماضي على يد نظام صدام حسين ،وأغلبية المهاجرين في الفترة الثانية هم من مبدعي ومنتجي الثقافة العراقية ، حيث تركوا فراغا كبيرا في مساحة الوعي العراقي الذي يشغله حاليا التخلف الشديد واواضح في الشارع العراقي . وما الحزن الذي يطبع أعمال العراقيين الأبداعية خارج العراق ، إلا إنعكاس طبيعي لمسارات الحياة ، وهي حالة بعيدة عن الأنكسار ، وإن كان هنالك من يؤسس له ضمن مانشيتات سياسية عراقية مرفوضة ،لكن الحزن في الأبداع ، ماهو الا حنين طفولي وخاصية لترقب فرح مأمول ، وإن تأخر كثيراً ! *تستقر اليوم في السويد ، لكنك سجلت حضورك في عدد من الدول العربية ، هل السماء العربية تضيق بالشعراء العرب ؟ ** بما أن منابع ثقافتي الأساسية وتكويناتها الفكرية هي عربية الأطار والمنحى بكل تجلياتها ، بما فيها اللغة العربية كوسيلة أداء فني ، إبداعي عالي الجودة ، فمازت مشدوداً نحو " السماء الأولى " حيث ساحة الألتقاء الواسعة مع متلق ، لي معه قاسم مشترك ، لذا أحاول دوما ، وبكل تواضع ، أن أسجل حضوري من خلال إصداراتي المطبوعة عبر دور نشر معروفة في الوطن العربي ، وإن ضاقت السماء العربية ، وأنا على ثقة أن هنالك من ينتظر قصيدتي . * ماذا منحتك الغربة ، وماذا أخذت منك ، لنتحدث عن أعمالك التي قمت بكتابتها في السويد ؟ ** إنني أميل الى مصطلح " المنفى " بدلا من " الغربة" لأن مفردة " منفى " تحمل في طياتها دلالة الموقف الذي أفتخر به ، تجاه سلطة جثمت على مصائر أمة ، بدموية مفرطة ،حيث التنكيل والتعسف والبطش في تكوينات الشعب العراقي المتعدد الثقافات . وحيث أقيم اليوم في السويد ، وبكل كبرياء ، وبفيضه الأنساني التائق الى صباحات ، وأنا أمتلك عنان إرادتي وحريتي وكرامتي المضمونة والمصونة بقوانين رائعة كصفاء بياض ثلج السويد . بلاد الثلج المشمسة ، بدفئها الأنساني والحضاري . وعلى قدر ما منحتني " الغربة " اشياء جميلة أضافت الى تكويني الذاتي اشياء أخرى ، فتحت لي آفاقاً متعددة متنوعة الرؤية وتجليات الكتابة بكل أشكالها المتجددة في التشكيل والبناء والخلق . لذا فقد امتلكت مساحة مستجدة لأستكشاف الأماكن والزمن الهارب ، من خلال سياق أحداث ووقائع مقرونة بمذاقات جديدة تدفع بالحواس دوما نحو المشغل الأبداعي للكتابة . وقد ساعدتني السويد ، في التأسيس لحالة التوازن مع عالم مضطرب ، رغم إصرار اندهاشي المتواصل في ذلك الضوء وظله البهي بين دروب الطفولة ومرابعها ، الآ وهي مدينة " السماوة" ونخيل فراتها المشوش بالأساطير وإيقاعات الفلكلور الشعبي ، وعلى قدر اندهاشي الطفولي ، لم أزل منبهرا في احتفالية صداقتي لمدينة " يوتوبوري " وقدميها يغسلهما بحر الشمال وغابات الأخضرار المتلألئ ، ومن هنا ، فمعظم كتاباتي في السويد ، تفترشهما هاتان المدينتان على حدود القلب ، وما بينهما تغفو إمرأة في الروح ، تأسرني وتعشقني سرا لذيذا ، وأنتظرها شعرا بكل سنين العمر ..! * تتوقف دوما عند حدود الشعر ، الآ تغريك الرواية أو القصة القصيرة ؟ ** مازال الشعر كفؤا في إغراءاته لي ، إن الشعر مازال هو المملكة الفاضلة ، ومازلت أحاول أن أشيد فيها بيوتا من الشعر ، تكفي الروح ، وبوسع وطن مازال يلوث ذاكرتي بالحنين الطفولي . وبالرغم من اختياري للقصيدة الشعرية ملاذا آمنا من تاريخ يكرر نفسه في مشاهد من التهريج اليومي ، رغم ذلك ، فهنالك ما يغريني في تجريب الكتابة بأشكال أخرى ، منها القصة ، وقد حاولت في ذلك أكثر من مرة ، ويبقى هاجس يدفع بي نحو الرواية .. قد أغرق في تفاصيلها يوما ما . * هل ساعد الطرب ، خاصة الأغاني الملحنة ، على لفت النظر الى القصيدة العراقية الشعبية ؟ ** للأسف الشديد ، إن ما تسمعينه اليوم عبر القنوات التي يزدحم بها الفضاء العربي للأعلام ، ليس بالغناء العراقي الممتلك للمقومات الفنية التي تحدد ملامح الغناء العراقي عموماً . فما تسمعينه من أغان ، ما هو الا إنعكاس حقيقي للوضع العربي المتشرذم ، وهو عنوان الإنهيار . وقد قال ابن خلدون في يوم ما إن انهيار العمران يبدأ أولا بالغناء . وأما القصيدة العراقية الشعبية ، فقد نجحت بقوة مشهود لها في الولوج نحو عالم الغناء العراقي في سبعينيات القرن الماضي ، عندما قدمت اغاني ناجحة بكل المقاييس الفنية على يد شعراء شعبيين عراقيين أمثال مظفر النواب وأبو سرحان وسعيد زامل وزهير الدجيلي وناظم السماوي وآخرين . *كيف تنظر الى القصيدة العراقية في المهجر اليوم ؟ ** إن القصيدة العراقية في المهجر ، مازالت وفية لحركة الشعر العراقي الحديث ، على يد اسماء لم تلوثها إيقاعات الحروب المدمرة وأضواء مهرجانات المديح . وهي تزداد قوة في مضامينها وتوسعات تجاربها ، في انطلاقة التأثير ، لما تمتلك من مقومات فنية خاصة ، ساعدتها مساحة الزمان والمكان الجديدين من حرية المنفى-المهجر . وهي قصيدة حاضرة لا يمكن تجاهلها من خلال الأصدارات الشعرية والنقدية ، وتداخلها في حياة المهجر ، ولها فرسانها من الشعراء أمثال الشاعر الكبير سعدي يوسف والشاعر عبدالكريم كاصد والشاعر مهدي محمد علي وآخرين .
#عبدالكريم_هداد (هاشتاغ)
Abdulkarim_Hadad#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أبقيه طفلاً
-
عيدينْ ..( نص لأغنية عراقية )؟
-
حيث قرأ المتنبي قصيدتَهُ ..!!!؟
-
ارمِ قلبي
-
رحيم الغالبي ، شهادة مختصرة لتاريخ صعب
-
أنا الهَوَى ، فَمَنْ يَكْتبُني ..؟!
-
أنا الهَوَى ، فَمَنْ يَكْتبُني ..!؟
-
رايِدْ وَطَنْ حَلْيانْ
-
ترنيمة الى بيروت
-
تِسْواهِنْ حَبيبَة ..!!!؟ - شعر شعبي عراقي
-
هكذا تأتي ..!؟
-
تساؤلات
-
طفل لم يرمِ حجراً
-
سبع بوسات - شعر شعبي عراقي
-
وردة - نص شعر شعبي عراقي
-
ياطَيِّبْ الذاتْ - نص غنائي – شعر شعبي عراقي
-
هذه ليستْ بلادي...!
-
حبيبة وعيد آذار - شعر شعبي عراقي
-
قصائد
-
ألا يعتذر الخاكيون ...؟
المزيد.....
-
-خطوة مهمة-.. بايدن يشيد باتفاق كوب29
-
الأمن الأردني يعلن مقتل مطلق النار في منطقة الرابية بعمان
-
ارتفاع ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان وإطلاق مسيّرة بات
...
-
إغلاق الطرق المؤدية للسفارة الإسرائيلية بعمّان بعد إطلاق نار
...
-
قمة المناخ -كوب29-.. اتفاق بـ 300 مليار دولار وسط انتقادات
-
دوي طلقات قرب سفارة إسرائيل في عمان.. والأمن الأردني يطوق مح
...
-
كوب 29.. التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداع
...
-
-كوب 29-.. تخصيص 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة لمواجهة
...
-
مدفيديف: لم نخطط لزيادة طويلة الأجل في الإنفاق العسكري في ظل
...
-
القوات الروسية تشن هجوما على بلدة رازدولنوي في جمهورية دونيت
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|