أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل الرائي - اللوحة كفضاء مسرحي














المزيد.....

اللوحة كفضاء مسرحي


ميشيل الرائي

الحوار المتمدن-العدد: 8342 - 2025 / 5 / 14 - 15:45
المحور: الادب والفن
    


إذا كانت اللوحة فضاءً مسرحياً فإنها لا تُختصر على كونها سطحاً ثابتاً بل هي مجال متحول تُخلق فيه الحركة ضمن الأطر الساكنة كل زاوية فيها صراع بين الألوان والأنماط والصور التي تشتبك وتنفصل في لحظات متتالية اللوحة ليست مجرد تمثيل بل هي تجسيد للزمان والمكان في حركة مستمرة تتجسد فيها الأحاسيس كما لو أنها لحظة مسرحية كاملة لا يمكن أن تكون تابعة للزمن العادي بل هي تدفق مكثف يعكس وعي الفنان بالعالم الذي لا يتوقف عن التحول وفي هذا الفضاء المسرحي يتداخل الماضي مع الحاضر والمستقبل في صراع وجودي يحمل كل لحظة على حدة وكل تفاصيلها على محك التشكيك والتساؤل اللحظات المعزولة فيها تكون بمثابة صراخ غير مرئي يعبر عن ما لا يستطيع الوجود البشري تحمله من عوالم غير قابلة للتفسير بمعايير زمانية معتادة إنها تلك اللحظات التي تحمل مفارقات وجودية حيث تتحرك الصور في تسلسل لا ينتهي بين الحيرة والألم والفرح والحزن بين الاستفهام والرفض ثم إعادة التركيب من جديد

لو أن اللوحة تحاكي المسرح فإنها بذلك لا تكتفي فقط بتقديم تصورات عن التفاعل بين الفضاء والشخصية بل تستدعي في الوقت نفسه فاعلية الفنان والجمهور على حد سواء هي بمثابة مكان تلتقي فيه كل التوترات الداخلية للفنان مع معاني العالم الخارجية لتخلق من هذا المزيج أبعاداً تتجاوز الفهم الظاهر وتصل إلى ما هو غير مباشر اللوحة في هذا الإطار ليست مجالاً لتمثيل الحياة كما هي بل هي عملية إعادة تشكل للصورة التي تحمل في طياتها الأسئلة الأكثر عمقاً عن معنى الوجود ذاته والمكان الذي يشغله الفرد فيها

لا يمكن فهم اللوحة في هذا السياق دون اعتبارها تجسيداً لواقع تتشابك فيه الحواس والمشاعر كما تتشابك النصوص على خشبة المسرح مع اختلاف أنها تتجسد على السطح كما في الصوت تتبدل اللحظات في تسارع غير متوقع ليظهر فيها الجمال والضياع في آن واحد كل خط وكل لون وكل مساحة فارغة تصبح ممراً لتوليد العواطف والإحساسات التي تتراكم لتخلق واقعاً بديلاً هذا الواقع الذي يتشكل هو أداة تفاعل لا تنتهي بين الصورة والروح فكل حركة فيها تشكل ما يشبه النص الذي يرفض الانغلاق ويبقى مفتوحاً على تأويلات لا متناهية

اللوحة تصبح بهذا المعنى فضاءً يرفض الانتهاء فكل تغيير فيها ليس هو مجرد تغيير بصري بل هو إعادة تفسير للأشياء والحياة بصوت صامت لا يتوقف عن الصراخ دون أن يكون قابلاً للفهم التقليدي بل في تناقض مستمر مع المعرفة والواقع هذه اللوحة هي مسرح قائم في ذاتها حيث لا توجد حدود بين الفنان وعملها ولا بين العمل والجمهور بل يتداخل الجميع في فضاء واحد تتشابك فيه الأبعاد الحسية والفكرية والعاطفية وكل شيء يأخذ مكانه في حركة مستمرة وكأن كل لحظة فيها تنبض بالحياة وتكشف عن طبقات وجودية أعمق

الدار البيضاء



#ميشيل_الرائي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتابة إلى ذ. محمد الكغاط


المزيد.....




- مصر.. جدل في البرلمان بسبب إغلاق بيوت الثقافة.. ومسؤول: -مسا ...
- السويد الى نهائي مسابقة الاغنية الاوروبية يوروفيجن
- -المعجم الأدبي- يرى النور في طهران بثنائية فارسية - عربية
- المؤرخ الأميركي يوجين روغان: الاستعمار سلّح الاستشراق والعثم ...
- اللغة العربية والذكاء الاصطناعي.. معركة للبقاء في المشهد الر ...
- في مهرجان كان السينمائي.. لا يجوز الصمت أمام رعب غزة
- صورة محمد بن سلمان -الأيقونية- تثير تفاعلا في سوريا بعد رفع ...
- تألق عربي لافت في حفل افتتاح مهرجان كان السينمائي 2025
- نجوم الفن المصري يتألقون في مهرجان كان السينمائي
- الأرض في ديوان إبراهيم طوقان


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميشيل الرائي - اللوحة كفضاء مسرحي