|
الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها
محمود خلف
الحوار المتمدن-العدد: 8339 - 2025 / 5 / 11 - 22:38
المحور:
القضية الفلسطينية
المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات – «ملف»
الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها
فتحي الكليب محمود خلف عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية
■ مقدمة ■ الفصل الأول: الولايات المتحدة vs الأونروا ■ الفصل الثاني: السعي الأميركي لإنهاء دور الوكالة ووجودها ■ الفصل الثاث: حرب إسرائيل على الوكالة
حزيران/ يونيو 2025
مقدمة ■ تأُسست وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى – الأونروا أو الوكالة - كهيئة دولية مؤقتة، بموجب القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة الرقم 302 بتاريخ 8/12/1949، بهدف تقديم خدمات الإغاثة والتشغيل إلى اللاجئين الفلسطينيين. واستند قرار التأسيس إلى ما صدر عن بعثة الأمم المتحدة المكلفة بإجراء مسحٍ إقتصادي للشرق الأوسط، وإلى تقرير الأمين العام الخاص بمساعدة اللاجئين الفلسطينيين، وكان التقدير حينها بأن ولاية الأونروا لن تطول كثيراً، وستنتهي بمجرد عودة اللاجئين إستناداً للقرار الأممي الرقم 194، لكن بنتيجة غياب حل عادلٍ وشامل للقضية الفلسطينية، وفي مقدمتها قضية اللاجئين الفلسطينيين، كان يجري تجديد ولاية الأونروا عبر الجمعية العامة للأمم المتحدة بشكل دوري. ■ باشرت الأونروا مهامها تجاه اللاجئين الفلسطينيين في شهر أيار/ مايو 1950، وشملت عملياتها في ذلك الوقت 750 ألف لاجيء فلسطيني فقط. وأمام مشهد صعوبة حل قضية اللاجئين الفلسطينيين إستنادا للقرار 194، ونتيجة لتزايد أعداد اللاجئين بعد حرب عام 1967، وتبعات رفض الإحتلال تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، بقيت الحاجة إلى دور الأونروا قائمة، لا بل الحاجة لاستمرار هذا الدور إلى يومنا هذا، وأصبحت تقدم خدماتها لحوالي 6 ملايين لاجيء فلسطيني، مدرجين في سجلاتها في مختلف مناطق عملها التي تشمل الأردن، لبنان، سوريا، غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية. أما فيما يتعلق باللاجئين الفلسطينيين الذين بقوا مقيمين في المناطق التي سيطر عليها الإحتلال الإسرائيلي عام 1948، وبالتالي أُقيمت عليها دولة إسرائيل، فقد إستمرت الأونروا في تقديم خدماتها لهم إلى أن إنتقلت مسئولياتها الخدمية إلى إسرائيل، التي لم تسمح لهم بالعودة إلى بيوتهم وأراضيهم الأصلية، حتى بعد منحهم الجنسية الإسرائيلية. ■ تشمل تقديمات الأونروا اليوم، خدمات التعليم، الرعاية الصحية الأولية، الإغاثة، تطوير أوضاع البنى التحتية، تحسين بنية المخيمات والدعم المجتمعي بأشكال مختلفة، والإستجابة في حالات الطوارىء وغيرها من الخدمات الأساسية والهامة. كما تؤكد وثائق الأمم المتحدة على امتداد وتواصل عمل الأونروا واستمرارها، حيث ينص قرار إنشائها على «تسهيل إعادة اللاجئين وتوطينهم وتأهيلهم إقتصادياً واجتماعياً، وتعويضهم»، وهي المهمة الأساسية، التي إضطلعت بها بعد إنشائها. ■ فيما يتبع سيتم تناول موقف الولايات المتحدة وإسرائيل من وكالة الغوث، منذ تأسيسها وحتى يومنا، والصراع الذي خيض على امتداد العقود المنصرمة لإسقاط شرعيتها، على خلفية السعي الدائب لإلغاء أحد أعمدة الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، ألا وهو حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها منذ العام 1948، باعتبار أن المكانة الراسخة لهذا الحق في بنية القانون الدولي في إطار منظومة الشرعية الدولية، كما تجسدها الأمم المتحدة بمختلف مؤسساتها – بما فيه مجلس حقوق الإنسان ومحكمة العدل الدولية، الخ.. – نقول، إن المكانة الراسخة لهذا الحق، إذ تنطلق من القرار الأممي الرقم 194، فإنها تجد إمتدادها في المكانة القانونية السياسية لكل من «المخيم» و «الوكالة»، ما يعرض المساس بأي من هذه الأقانيم الثلاثة – اللاجيء + الوكالة + المخيم – حق العودة إلى الإهتزاز في المجرى السياسي، أي الصراعي، للأمور، لكنه بالطبع لا يلغي حق العودة، باعتباره حقاً طبيعياً للاجيء الفلسطيني بموجب شرعة حقوق الإنسان. ■ لم يكن موقف واشنطن يتماثل دائماً مع موقف تل أبيب فيما خص موضوع حق العودة وإستتباعاً وكالة الغوث، حيث ساد خط في السياسة الأميركية منذ النكبة، يجمع – وإن كان بصيغ مختلفة – ما بين توطين اللاجئين خارج فلسطين وبين عودة مقننة، أو رمزية لأعداد منهم إلى مناطق الـ48، وصولاً – بعد التوقيع على إتفاقات أوسلو – إلى القبول بحق الدولة الفلسطينية في إستيعاب لاجئي الـ48 ونازحي الـ67 في أراضيها، وإن كان بحدود عدم المساس بأمن إسرائيل المتأتي من الإخلال بالتوازن السكاني الفلسطيني – اليهودي، ما يعني تقييد الحق السيادي للدولة الفلسطينية في إستيعاب مواطنيها بأراضيها. ■ غير أن الإدارة الأميركية أحدثت إستدارة حادة في موقفها حيال مسألة حق العودة والوكالة إبَّان الولاية الأولى لدونالد ترامب– 2017/2021، عندما أشهرت سيف قطع مساهمتها في تمويل موازنة الوكالة، وطالبت بإعادة تعريف مصطلح اللاجيء – لجهة حصر الأمر بالجيل الذي هُجِّر عام 1948، دون الأجيال اللاحقة، الخ.. لا بل جرى تصعيد هذا الموقف المعادي للحقوق الوطنية لشعب فلسطين وصولاً إلى المطالبة بتهجير كل سكان قطاع غزة من أرضهم، مع إفتتاح ولاية ترامب الثانية – 20/1/2025، فلم يعد يقتصر الموضوع على رفض حق العودة، وإنكار القضية من أصلها، بل جرى تبني صراحة – قبل التراجع جزئياً عنها - سياسة التطهير العرقي، أقله في قطاع غزة، كما تطرحها «الصهيونية الدينية»، لا بل تتجاوزها باعتبار الأخيرة تجيز إلى جانب خيار الترحيل، خيار البقاء على أرض فلسطين التاريخية – بوصفها دولة إسرائيل - إما في السجن تمرداً، أو في البلاد إذعاناً. ■ إذ نشير إلى الصلة الوثيقة بين مختلف القضايا والعناوين التي تعبر عن الحقوق الوطنية لشعبنا، فمن أجل الإضاءة على أن إسقاط شرعية الوكالة على طريق إلغائها هو أحد المداخل الرئيسية للإجهاز على حق العودة
المتضمن في القرار 194( )، ما بدوره يقود إلى الإنتقاص من حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني باعتباره حق يمارس من كل الشعب الفلسطيني على كامل ترابه الوطني، ليتحول هدف التحرر الوطني – في أفضل الحالات - إلى حكم ذاتي محدود الصلاحيات لقسم من الشعب على جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. ■ لقد باتت إستهدافات المشروع الصهيوني المدعوم أميركياً واضحة للعيان، ذلك أن قطع الطريق على حق العودة يمنح إجازة المرور لمخطط التهجير بآلية تضييق الخناق على الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم على أرض فلسطين، لكي يلجأوا إلى إلتماس بطاقة سفر باتجاه واحد، أي المغادرة بلا عودة، ومن هنا أهمية الدفاع المستميت عن المكانات الثلاث – اللاجيء + المخيم + الوكالة - التي تشكل الأساس والتعبير القانوني – السياسي لحق العودة، وفي المقدمة الدفاع عن الوكالة ليس بوظيفتها الإجتماعية فائقة الأهمية فحسب، بل أيضاً وخاصة بتفويضها الأممي، الذي يجعلها بحق حاملة رئيسية، وحامية مؤسِسَة للحق الذي لا مساومة عليه، ناهيك عن التنازل عنه، حق العودة إلى الديار والممتلكات■
الفصل الأول
الولايات المتحدة vs الأونروا
1– التوظيف في مشاريع التوطين– 1949/1967 2– مرحلة تراجع الإهتمام الأميركي– 1967/1992 3– معايير كلينتون– 23/12/2000 4– بوش: قضية اللاجئين في إطار «رؤية الدولتين»– 2002/2004
[■ مرّ الموقف الأميركي من وكالة الأونروا بعدد من المحطات والإنعطافات والمراحل، عكست كلٌ واحدة منها رؤية واضحة لدور الوكالة في خدمة السياسة الأميركية والمخططات الإسرائيلية. في الوقت ذاته، إتسمت كل مرحلة من هذه المراحل بمنحى هابط، أي متراجع عن الإعتراف بحق العودة الذي يكفله القرار 194، وصولاً إلى مناصبة وكالة الغوث العداء السافر واعتماد الحل التصفوي لقضية اللاجئين القائم على التوطين، سواء في عين المكان، أو أي مكان آخر يأتي به مخطط التهجير:] (1) التوظيف في مشاريع التوطين 1949 – 1967 [■ تركزت سياسة واشنطن خلال هذه الفترة على توظيف مشاريع الدعم الإقتصادي قبل إنطلاق أعمال الوكالة، ومن ثم تسخير تقديمات وكالة الغوث لاحقاً في مشاريع «توطين» اللاجئين سواء في الضفة والقطاع أو في أقطار اللجوء. وفي هذا الإطار تناسلت المشاريع التالية التي جمع بعضها بين توطين اللاجئين وبين عودة مقننة لبعضهم إلى الديار التي هجروا منها عام 1948:] مشروع جوردن كلاب – 1949 ■ بدأت المحاولات الأميركية الهادفة إلى تصفية قضية اللاجئين قبل تأسيس الأونروا، إذ سعت الولايات المتحدة الأميركية إلى فرض رؤية إقتصادية، إذن توطينية لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين، بدلاً من التعامل معها كقضية سياسية تمثل جانباً مهماً من الحقوق الوطنية الأساسية للشعب الفلسطيني، حيث إتسمت كل مراحل التعامل الأميركي مع الأونروا برفضٍ واضحٍ لتطبيق القرار الأممي 194. وقد ترأست الولايات المتّحدة «لجنة التوفيق الدولية الخاصة بفلسطين»( ) في النصف الثاني من عام 1949، ثم عَيَّنت في آب/أغسطس 1949 جوردن كلاب رئيساً للجنة المسح الإقتصادي، الذي إعتبر أن تطوير مشروع وادي الأردن، على غرار مشروع وادي تينيسي في الولايات المتحدة، قد يسهل عملية توطين معظم اللاجئين الفلسطينيين الموجودين – حينها - في الضفة الغربية، الأمر الذي سوف يقلل من فرص عودتهم إلى بلداتهم ومدنهم المحتلة عام 1948، وتضمن مشروع وادي الأردن تطوير مشاريع ضخمة قادرة على استيعاب أعداداً كبيرة من اللاجئين. [■ ينبغي التمييز بين «لجنة التوفيق الدولية الخاصة بفلسطين» بعضوية الولايات المتحدة + فرنسا + تركيا، المشار إليها في الفقرة السابقة، والتي نص عليها القرار الرقم 194، وبين الأونسكوب– UNSCOP/ UNSpecial Committee on Palestine، أي «اللجنة الخاصة بفلسطين» التي تشكلت بموجب قرار الجمعية العامة الرقم 106 بتاريخ 15/5/1947، وضمت ممثلين عن 11 دولة، هي: أستراليا + كندا + تشيكوسلوڤاكيا + غواتيمالا + الهند + إيران + هولندا + بيرو + السويد + أوروغواي + يوغسلاڤيا، وكلفت بـ «إعداد تقرير بشأن فلسطين للنظر فيه في دورة الجمعية العامة المقبلة». ■ بناءً على هذا التكليف، رفع أعضاء لجنة الأونسكوب في 31/8/1947 نتائج أعمالهم الى الأمين العام للأمم المتحدة تريغيڤ لي، ناصحين بحل الدولتين، على أن يكون بينهما وحدة إقتصادية. وإقترحت الأونسكوب بوضع القدس وبيت لحم تحت وصاية دولية، وبأن تكون مساحة الدولة العربية الفلسطينية نحو 11 ألف كم2، ومساحة الدولة اليهودية نحو 15 ألف كم2 من أرض فلسطين، وأن يدخل المشروع حيّز التنفيذ فور إنتهاء الإنتداب البريطاني في فترة لا تتجاوز تاريخ 1 آب/ أغسطس 1948، ما أسس لقرار الجمعية العامة الرقم 181 بتاريخ 29/11/1947 بعنوان «التوصية بخطة لتقسيم فلسطين»]( ). ■ أوصى كلاب في تقريره المقدم للجمعية العامة للأمم المتحدة في 1/11/1949 بأن تتبنى الأونروا مشاريع إنتاجية، وبرامج تأهيل حرفية ومهنية، تسعى من خلالها إلى جعل اللاجيء الفلسطيني يعتمد على ذاته، بدلاً من الإعتماد على المساعدات الدولية. وقد تبنت الجمعية العامة مشروع كلاب في شهر 12/1950، وأسس لهذا الغرض صندوق دولي لدمج اللاجئين الفلسطينيين، ساهمت الولايات المتحدة فيه بنحو 70%. لكن سرعان ما فشل مشروع كلاب بسبب نقص الأموال، وفق تقرير مفوض عام الأونروا لعام 1951، وبذلك فشلت أولى المحاولات الأميركية في خلق بيئة إقتصادية وإجتماعية بديلة للفلسطينيين في الدول المضيفة، تساهم في حل قضية اللاجئين على أساس إقتصادي قائم على فكرة «التوطين» سواء في الضفة والقطاع أو في الدول المضيفة، يتبعها إنهاء الأونروا وتفكيكها، وبالتالي إلغاء الحل السياسي القائم على حق العودة، باعتباره أحد أعمدة ممارسة شعبنا لحق تقرير المصير■ مشروع ماك غي – 1949 ■ في 3/3/1949، قدمت وزارة الخارجية الأميركية مشروعها لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين، المعروف بمشروع ماك غي، وارتكز المشروع على إعادة ربع اللاجئين الفلسطينيين إلى الديار التي هجروا منها منذ عام 1948، مقابل توطين بقيتهم في الدول العربية - العراق وسورية - والضفة الغربية وقطاع غزة. وبحسب المشروع، يشرف على عملية التوطين وكالة تنشأ لهذا الغرض، تديرها وتمولها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، وتعمل هذه الوكالة على تحقيق تنمية إقتصادية شاملة، عبر إقامة مشاريع إقتصادية تنموية ومعونات مالية وتقنية في الدول الراغبة بتوطين اللاجئين. غير أن المشروع فشل، نتيجة رفضه من قبل الدول العربية لتعارضه مع القرار 194■ مشروع التوطين في الجزيرة السورية – 1949 ■ بعد إنقلاب الزعيم( ) حسني الزعيم على رئيس الجمهورية الشرعي شكري القوتلي في 29/3/1949، وإستلامه الحكم في سوريا، وقبل التوقيع على إتفاقية الهدنة مع إسرائيل في 20/7/1949، عرض حسني الزعيم في 9/5/1949 أثناء توقف مفاوضات الهدنة مع إسرائيل شهراً كاملاً – بين شهري 5 و6/1949- مشروعاً متكاملاً من 3 نقاط: 1- عقد لقاء بينه وبين بن غوريون رئيس الحكومة الإسرائيلية في دمشق أو تل أبيب؛ 2- التوصل إلى إتفاقية سلام تنهي الصراع مع إسرائيل؛ 3- توطين 300 ألف لاجيء فلسطيني في منطقة الجزيرة، شمال شرق سوريا مقابل دعم مالي وعسكري من الولايات المتحدة. لم يُقيَّض النجاح لهذا المشروع لسببين: 1- إصطدامه بوضع بن غوريون شروطاً مسبقة للقاء، أهمها إنسحاب الجيش السوري من المنطقة المجردة من السلاح التي حددها إتفاق الهدنة، وعدم قبول حسني الزعيم بأن يكون اللقاء مع وزير الخارجية، موشيه شاريت؛ 2- والأهم، إصطدام هذا المشروع بمعارضة داخلية من أوساط السلطة إبتداءً، إلى جانب سقوط حكم حسني الزعيم في 14/8/1949 على يد قائد الجيش، الزعيم سامي حناوي، الذي بدوره تمت الإطاحة به في 19/12/1949 على يد العقيد أديب الشيشكلي. وفي كل الأحوال فقد دُفن هذا المشروع بعد أن آلت المناصب الرسمية الأولى في الدولة إثر إنتخابات رئاسة الجمهورية في كانون الأول/ ديسمبر 1949 إلى ترويكا هاشم الأتاسي رئيساً للجمهورية + ناظم القدسي رئيساً للحكومة + رشدي الكيخيا رئيساً لمجلس النواب، المعروفين بكونهم من أكثر الشخصيات الوطنية تشدداً فيما يتعلق بالصراع العربي – الإسرائيلي■ مشروع بلاند فورد – 1951 ■ تم تعيين الأميركي جون بلاند فورد مفوضاً عاماً لـلأونروا في الفترة بين عامي 1951-1953. وفي هذه المرحلة قدّم فورد مشروعه القائم على تأسيس برنامج شامل للتنمية ولتوطين اللاجئين الفلسطينيين، عبر نقلهم من مناطق ذات كثافة سكانية عالية صغيرة المساحة، إلى مناطق تسمح ظروفها الطبيعية والديمغرافية بتطبيق برامج إقتصادية تنموية تستوعب اللاجئين الفلسطينيين وتسمح بدمجهم فيها. وسعى فورد من خلال هذا المشروع إلى نقل قرابة مليون لاجيء فلسطيني من لبنان إلى مصر والعراق، حيث تؤمن إقامتهم في منازل جديدة تُبنى خصيصاً لهم، على طريق دمجهم في الإقتصاد المحلي؛ ولتحقيق ذلك، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 393- 2/12/1950، القاضي بإنشاء صندوق دولي بقيمة 30 مليون-$- لإعادة دمج اللاجئين الفلسطينيين ومن ثم توطينه. ■ عرض فورد المشروع على جامعة الدول العربية، وحظي بدعمٍ نسبيٍ منها، بخلفية أنه سينقذ الكثير من اللاجئين من أوضاعهم الراهنة. واستناداً إلى الموقف العربي الداعم جزئيا، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة المشروع في دورتها السادسة. لكن ما لبث أن فشل المشروع نتيجة مظاهرات اللاجئين الإحتجاجية في كل من الأردن ولبنان وقطاع غزة، إذ إعتبر اللاجئون أن مشروع فورد سيؤدي في النهاية إلى توطينهم وإلغاء حقّهم بالعودة إلى الديار التي هجروا منها عام 1948، ما أدى إلى تراجع الدول العربية عن قبول المشروع، ومن ثم فشله وإلغائه■ مشروع الإنماء الموحد للمصادر المائية في غور الأردن – 1953 ■ إعتبر الرئيس الأميركي السابق دوايت أيزنهاور مشاريع الإستثمار المشتركة بين الدول العربية (خصوصاً الأردن) والإحتلال الإسرائيلي للموارد المائية، بوابة حل قضية اللاجئين الفلسطينيين، عبر توطينهم في الدول العربية، ودمجهم في المشاريع الإقتصادية الناشئة عن هذا الإستثمار. كما تضمنت خطة أيزنهاور إعفاء الدول العربية من المساهمة في تكاليف هذه المشاريع وأعبائها المالية. لكن لم يَحظَ مشروع أيزنهاور بموافقة الأطراف المعنية به، وتحديداً موافقة الدول العربية التي اعتبرته بديلاً مرفوضا عن حق العودة■ مشروع جون فوستر دالاس – 1955 ■ عرض جون فوستر دالاس، وزير الخارجية الأميركي في الفترة الممتدة بين 1953-1959، خطة مفصلة لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين، عبر توطين الجزء الأكبر منهم في الدول العربية، وتسهيل هجرة جزء آخر إلى دولٍ أخرى، وعودة أعدادٍ محدودة منهم إلى قراهم ومدنهم التي هجروا منها عام 1948، وتقديم تعويض مادي عن أملاك وأموال اللاجئين الفلسطينيين. سعى دالاس عبر هذه الخطة إلى تجزئة القضية الفلسطينية إلى عدة قضايا صغيرة، منها قضايا: المياه، اللاجئين والتنمية الإقليمية، على أن تتكفل الولايات المتحدة بتقديم دعم مالي كبير لحل هذه القضايا، وفي مقدمتها قضية اللاجئين، ومن بينها تقديم قروض مالية كبيرة للإحتلال الإسرائيلي لمساعدته على تعويض اللاجئين مادياً، وبالتالي إنهاء قضيتهم. رفضت إسرائيل والدول العربية خطة دالاس. ويعود رفض إسرائيل إلى عدم تقديم أي تنازل بشأن قضية اللاجئين، مقابل الإستعداد لمناقشة موضوع الحدود. في حين رفضت الدول العربية الخطة لتخوفها من أن يؤدي تنفيذها إلى تعزيز سطوة الإحتلال الإسرائيلي ونفوذه عليهم■ مشروع داغ همرشولد – 1958 ■ طلبت الولايات المتحدة في عام 1958 من الأمين العام للأمم المتحدة داغ همرشولد، مراجعة عمليات الأونروا وولايتها وتقديم الإقتراحات لاستبدالها بدلاً من تجديد ولايتها الدورية، بهدف نقل اللاجيء الفلسطيني من الإعتماد على المساعدات الدولية إلى الإعتماد على الذات. ووفق همرشولد، فإن سبيل حل قضية اللاجئين الفلسطينيين سياسياً يمر عبر تهيئة تنمية المنطقة إقتصادياً، على اعتبارها بوابة لدمج اللاجئين في دول المنطقة إقتصادياً، ما يهيء الظروف الملائمة لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين سياسياً عبر توطينهم في هذه الدول. وقد رفض كلٌ من اللاجئين الفلسطينيين وجامعة الدول العربية هذا المشروع، ما أدى إلى طي ملفه■ مشروع جوزيف جونسون للسلام – 1962 ■ كلّف الرئيس الأميركي الأسبق جون كينيدي، رئيس مؤسسة كارنيغي للسلام في حينه جوزيف جونسون، بتقديم خطة لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين. وبعد صياغة الخطة، خَلُصَ جونسون إلى تصورٍ قائم على منح كل رب أسرة من أسر اللاجئين الفلسطينيين الحق في الإختيار بين العودة إلى موطنه في مناطق الـ 48، أو البقاء في المجتمع الذي يعيش فيه مع تلقيه تعويضاً مادياً عن قيمة ممتلكاته، مضافاً إليها الفوائد المستحقة عن الفترة الماضية، مع منح حكومة إسرائيل الحق في رفض عودة أي لاجيء فلسطينيٍ لدواعٍ أمنية تحددها هي، دون غيرها. كما رأى جونسون تنفيذ المشروع على مراحل، وبإشراف مباشر من الأمم المتحدة، وبتمويل أميركي، وبمساهمة مالية من الإحتلال الإسرائيلي والدول الغنية. رفضت إسرائيل كما الدول العربية مشروع جونسون، على خلفية تقدير إسرائيل أنه يهدد أمنها القومي، لما يتضمنه من أبعادٍ سياسية وديمغرافية. في حين إعتبرته الدول العربية عائقاً محتملاً أمام التنمية، إن قبلت أعداد كبيرة من اللاجئين بالتعويضات، وبالتوطين في أماكن لجوئهم الحالية، لاعتبار معاناة الدول التي تستضيف اللاجئين من محدودية الموارد، خصوصاً مصر والأردن■
(2) مرحلة تراجع الإهتمام الأميركي 1967 – 1992 [■ تراجع الإهتمام الأميركي بقضية اللاجئين الفلسطينيين بعد حرب 1967، في مقابل بروز أفكار لإقامة كيان سياسي فلسطيني – بمساحة وصلاحيات وعاصمة منقوصة - في الضفة والقطاع، إنما دون مستوى الدولة المستقلة، أي تحت سقف الحكم الذاتي، خصوصاً بعد توقيع مصر إتفاقية كامب ديڤيد- 1978، التي لحظت هذا التوجه ضمن ما سمي بـ «إتفاقية الإطار»؛ في حين إستمر الدعم المالي الأميركي لخدمات الأونروا بهدف المساهمة في ضمان إستقرار اللاجئين الفلسطينيين سياسياً. وتركزت مجمل المبادرات الأميركية على طبيعة الكيان الفلسطيني المحتمل، في إطار الحكم الذاتي، وسعت إلى حل قضية اللاجئين عبر عودة رمزية إلى هذا الكيان، و – بالأساس - توطينهم في دول اللجوء مع دفع تعويضات لهم، إلى جانب توطينهم في بلد ثالث، ومن ضمن هذه المبادرات الأميركية نذكر مايلي:] نقاط ليندون جونسون الخمس لتسوية الصراع العربي / الإسرائيلي للسلام – 1967 ■ أعلن الرئيس الأميركي ليندون جونسون في 19/6/1967 عن تصور إدارته لأسس التسوية المقترحة للصراع العربي – الإسرائيلي عُرفت باسم «نقاط جونسون الخمس»، ورد من ضمنها وفي نقطتها الثانية بالتحديد مصطلح: «العدالة للاجئين»، وهو مصطلح فضفاض يتجاهل القرار 194، إستعاده قرار مجلس الأمن الرقم 242- 22/11/1967 في فقرته 2/ب بالنص على «تحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين»■ وثيقة هارولد ساوندرز – 1975 ■ في 12/11/1975 قدم نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى وجنوب آسيا هارولد ساوندرز، مداخلة أمام لجنة فرعية منبثقة عن لجنة العلاقات الدولية لمجلس النواب الأميركي، أشار فيها إلى ضرورة «الأخذ في الحسبان، في التفاوض من أجل سلام عربي – إسرائيلي، المصالح المشروعة للعرب الفلسطينيين بأشكال عديدة .. إذ أن البعد الفلسطيني – الإسرائيلي هو قلب هذا الصراع». ومع أن هذه المداخلة أشارت إلى «المصالح الفلسطينية» وتفادت إستخدام مصطلح «الحقوق»، إلا أنها تعتبر أول إقرار أميركي بأن القضية الفلسطينية تقع في «قلب» الصراع العربي - الإسرائيلي، ما يتطلب إيجاد حل عادل لها إستناداً للقرار الدولي 242، شرط إعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بشرعية دولة الإحتلال، والتخلي عن الكفاح المسلح، في حين غاب أي طرح لحل لقضية اللاجئين الفلسطينيين في المداخلة المذكورة■
مشروع كارتر للسلام في الشرق الأوسط – 1977 ■ عرض الرئيس جيمي كارتر موقفه في 16/3/1977 بشأن متطلبات السلام في الشرق الأوسط مشيراً إلى 3 شروط رئيسية، من ضمنها ما خص «التعامل مع المسألة الفلسطينية»، على النحو التالي: «يجب توفير وطن للاجئين الفلسطينيين الذين عانوا لسنوات عديدة»، مستخدماً تعبير «وطن»- Homeland وليس «دولة». غير أنه تم التراجع عن هذا الموقف إثر الإعتراضات الحادة التي أثارتها إسرائيل على «البيان الأميركي - السوڤييتي»- 1/10/1977، الذي نص – من بين أمور أخرى – على «حل المسألة الفلسطينية، بما يشمل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني»، حيث حَلَّ هذا التعبير لأول مرة في بيان رسمي تشارك فيه الإدارة الأميركية، التي كان يقتصر كلامها حتى ذلك الحين على «المصالح الفلسطينية». ■ وفي سياق مؤداه تراجع واشنطن عن المواقف المتقدمة التي عكسها البيان المذكور، جاء بعد 4 أيام – مستدركاً - «البيان المشترك الأميركي - الإسرائيلي» - 5/10/1977 بعنوان «ورقة العمل الإسرائيلية – الأميركية بشأن مؤتمر جنيڤ» لتشير في فقرتها الرابعة إلى «حل مسألة اللاجئين العرب واللاجئين اليهود وفق شروط يتم الإتفاق عليها»، ما عنى الربط بين موضوعين، لا علاقة البتة بينهما، وكأنهما – من زاوية الحقوق - يتحركان على نفس السوية، فجرى الخلط المتعمد بين مغادرة طوعية ليهود عرب في خدمة مشروع الإستيطان الصهيوني، وبين تهجير قسري، عنفي ودموي، للأصلانيين من شعب فلسطين، يصب في خدمة هذا المشروع الإستعماري■ مشروع ريغان للسلام – 1982 ■ بعد إستكمال خروج قوات منظمة التحرير من بيروت – 30/8/1982 بنتيجة الحرب على لبنان والمقاومة الفلسطينية (حرب لبنان الأولى بالتسمية الإسرائيلية)، تقدمت واشنطن بمشروع ريغان– 1/9 لتسوية الصراع العربي – الإسرائيلي، إنطلق من «إتفاقية الإطار» المنبثقة عن «إتفاقية كمب ديڤيد»- 9/1978 بين مصر وإسرائيل. أكد مشروع ريغان أن «الولايات المتحدة لن تدعم ضم إسرائيل أو سيطرتها الدائمة» على الضفة والقطاع؛ إلا أنه – في المقابل شدد على أن «الولايات المتحدة لن تدعم إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة»، وبالمقابل فإنها «ستؤيد في مفاوضات الوضع الدائم إرتباط الضفة وغزة بالأردن» ولم يتضمن مشروع الرئيس الأميركي رونالد ريغان للسلام في الشرق الأوسط أي طرح لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين■ مبادرة بوش الأب – 1991 ■ لم تقدم مبادرة الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب أي حلٍ لقضية اللاجئين الفلسطينيين، في حين ركزت كسابقاتها على ضرورة الإعتراف بإسرائيل، وحقها بالأمن والسلام، مقابل الحاجة إلى سد الفجوة بين العرب والإحتلال، وبين الفلسطينيين والإحتلال عبر سلام شامل يعتمد على قراري مجلس الأمن 242 و338، من دون الإشارة إلى ضرورة تطبيقهما■ مؤتمر مدريد – 1991 ■ سعت الإستراتيجية الأميركية في مؤتمر مدريد للسلام إلى أن تؤدي المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية إلى إقامة حكمٍ ذاتيٍ فلسطينيٍ في المرحلة الأولى، على أن تتبعها مرحلةٌ ثانية يحدد التفاوض فيها الوضع الدائم للضفة الغربية وقطاع غزة. في حين لم ينتج عن المؤتمر أي طروحات لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين، التي أُحيلت إلى مجموعة عمل خاصة باللاجئين برئاسة كندا، في إطار «المفاوضات متعددة الطرف» لبحثها على قاعدة تنموية إقتصادية، الأمر الذي لم يسمح بأن تخلص المجموعة المذكورة إلى أي نتيجة تذكر، باستثناء إقرارها – وهذا أمر من الأهمية بمكان - بأن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين ذات طابع سياسي بالأساس■ بعد توقيع إتفاق أوسلو – 1993 ■ بعد التوقيع على إتفاق «إعلان المباديء» في أوسلو– 13/9/1993 أعلنت وكالة الغوث في 6/10/1993 عن برنامج أطلق عليه إسم «برنامج تطبيق السلام- PIP»، بعد التشاور مع كبار المتبرعين واللجنة الإستشارية ومنظمة التحرير الفلسطينية. هدف البرنامج إلى تقديم الدعم الإقتصادي والإجتماعي للمرحلة الإنتقالية من إتفاق «إعلان المباديء»، من أجل تشجيع اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن على دعم مسار «التسوية» الفلسطينية - الإسرائيلية. وقد رفعت الولايات المتحدة مساهمتها المالية المقدمة لهذا البرنامج من نحو 600 ألف-$- - 1994 إلى أكثر من 900 مليون-$- - 1995، ومن ثم إلى أكثر من 1,8 مليار-$- - 1997. ■ إستهدفت الأموال الأميركية تنفيذ مشاريع بنية تحتية دائمة للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية تحديداً، في سياق الدعم الأميركي لمسار «التسوية السلمية» الفلسطينية - الإسرائيلية، ومساهمة منها في إيجاد حلول بديلة لقضية اللاجئين الفلسطينيين، عبر توطينهم في أماكن وجودهم وخصوصاً في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعبر السماح بعودة محدودة فقط. ثم أعلنت وكالة الأونروا في 21/1/1995 عن وثيقة بعنوان «الأونروا والفترة الإنتقالية: منظور خمس سنوات لدور الوكالة ومتطلباتها المالية»، تضمنت سعي الوكالة إلى إنهاء خدماتها المقدمة للاجئين الفلسطينيين منذ عام 1950 مستندة إلى أحد عاملين رئيسين: إما نتائج عملية السلام، أو عجز الوكالة المالي المستمر■
(3) معايير (Parameters) كلينتون 23/12/2000 مقترحات لتجاوز الفشل ■ إثر فشل قمة كمب ديڤيد الثلاثية – 7/2000 بمشاركة الولايات المتحدة + م.ت.ف + إسرائيل، واندلاع الإنتفاضة الثانية– 28/9/2000، وقبل أربعة أسابيع من إنتهاء ولايته الثانية– 20/1/2001، تقدم الرئيس بيل كلينتون بـ «مقترحات»/«معايير»( ) لـ «إتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين»- 23/12/2000، في إجتماع عُقد في البيت الأبيض بمشاركة رئيس دائرة المفاوضات في م.ت.ف، د. صائب عريقات، وشلومو بن عامي وزير خارجية إسرائيل. ■ تناولت مقترحات/ معايير كلينتون العناوين الرئيسية لقضايا ما يسمى بـ «الحل الدائم»: الأرض + الأمن + القدس + اللاجئون + نهاية الصراع، باعتبارها «أفكاري (أي أفكار كلينتون). إذا لم تقبل، فإنها لن تزال عن الطاولة وحسب، وإنما تذهب معي أيضاً عندما أترك منصبي». إحتل عنوان «اللاجئون» المساحة الأوفر في نص «المعايير» بلغ 40% من مساحته، وإتسم بدرجة عالية من الوضوح والتحديد، والتعاطي المنفتح نسبياً مع موضوع اللاجئين، (بقدر ما يمكن الكلام عن إنفتاح في الموقف الأميركي، الذي كان ومازال متحيِّزاً للموقف الإسرائيلي)، لا سيما بالمقارنة مع ما آل إليه موقف واشنطن مع إفتتاح الولاية الثانية لولاية ترامب– 20/1/2025، الذي بات يتبنى جهاراً نهاراً مخطط التطهير العرقي (بدءاً من غزة) والضم، الركنين المتأصلين في صلب سياسة الحكومة الإسرائيلية الحالية، «اليمينو - فاشية»■ معايير كلينتون وفيما يلي النص الكامل لـ «معايير كلينتون»، الخاصة بموضوع اللاجئين: ■ «أشعر بأن الخلافات تتعلق بدرجة أكبر بالصياغات وبدرجة أقل بما يجري على مستوى عملي. أعتقد بأن إسرائيل مستعدة للإعتراف بالمعاناة المعنوية والمادية التي تعرض لها الشعب الفلسطيني نتيجة لحرب 1948 وبالحاجة إلى تقديم المساعدة للمجتمع الدولي في معالجة المشكلة. ينبغي إنشاء لجنة دولية لتنفيذ كل الجوانب التي تنجم عن إتفاقكم: التعويض، إعادة التوطين، إعادة التأهيل، الخ.. إن الولايات المتحدة مستعدة لأن تقود جهداً دولياً لمساعدة اللاجئين. الفجوة الأساسية تدور حول كيفية التعامل مع مفهوم حق العودة. أعرف تاريخ القضية وكم سيكون صعباً بالنسبة إلى القيادة الفلسطينية أن يبدو أنها تخلَّت عن هذا المبدأ. لم يكن باستطاعة الجانب الإسرائيلي أن يقبل بأي إشارة إلى حق في العودة ينطوي على حق للهجرة إلى إسرائيل من غير إعتبار لسياسات إسرائيل المستقلة، أو مواقفها، أو بطريقة من شأنها تهديد الطابع اليهودي للدولة. إن أي حل يجب أن يعالج إحتياجات كلا الطرفين. الحل يجب أن يكون منسجماً مع مقاربة الدولتين التي قبلها الطرفان كلاهما كوسيلة لإنهاء النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي: دولة فلسطينية كوطن للشعب الفلسطيني، ودولة إسرائيل كوطن للشعب اليهودي. وبموجب الحل على أساس الدولتين، ينبغي أن يكون المبدأ المرشد هو أن الدولة الفلسطينية ستكون نقطة الإرتكاز للفلسطينيين الذين يختارون أن يعودوا إلى المنطقة من دون إستبعاد أن تقبل إسرائيل بعض هؤلاء اللاجئين. أعتقد بأننا نحتاج إلى تبني صياغة بشأن حق العودة توضح أن ليس هناك حق محدد في العودة إلى إسرائيل نفسها، ولكنها لا تلغي تطلع الشعب الفلسطيني للعودة إلى المنطقة. في ضوء ما تقدم أقترح بديلين: 1- يعترف الجانبان كلاهما بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى فلسطين التاريخية، أو.. 2- يعترف الجانبان كلاهما بحق اللاجئين في العودة إلى وطنهم. سيحدد الإتفاق هذا الحق العام بطريقة تتوافق مع الحل القائم على أساس دولتين، وسيحدد المواطن الخمسة المحتملة للاجئين: 1- دولة فلسطين؛ 2- مناطق من إسرائيل ستنقل إلى فلسطين ضمن تبادل الأراضي؛ 3- إعادة توطين في الدولة المضيفة؛ 4- إعادة توطين في دولة ثالثة؛ 5- الإدخال إلى إسرائيل. سيوضح الإتفاق في سياق تعداد هذه الخيارات أن العودة إلى الضفة الغربية، وقطاع غزة، والمناطق التي تم حيازتها ضمن تبادل الأراضي ستكون حتماً لجميع اللاجئين الفلسطينيين. هذا بينما سيعتمد التوطين في البلدان المضيفة، وإعادة التوطين في بلدان ثالثة والإستيعاب داخل إسارئيل على سياسات تلك البلدان. تستطيع إسرائيل أن توضح في الإتفاق أنها تعتزم إعتماد سياسة يتم بموجبها إستيعاب بعض اللاجئين في إسرائيل بما يتفق مع قرار إسرائيل السيادي. أعتقد أن الأولوية يجب أن تعطى للاجئين في لبنان. يوافق الجانبات على أن هذا هو تنفيذ للقرار 194»■ الوثيقة النرويجية [■ إستعادت «الوثيقة النرويجية» الصادرة عن الدولة التي إعترفت بالدولة الفلسطينية في 28/8/2024، إستعادت هذه الوثيقة حول «مباديء إتفاق فلسطيني – إسرائيلي إفتراضي» التي صدرت عام 2012 عملياً أفكار «معايير كلينتون»، فأتت الفقرة السادسة من هذا الوثيقة بعنوان «اللاجئون» على النحو التالي: «تلتزم إسرائيل بالإعتراف بالمعاناة المعنوية والمادية التي لحقت بالشعب الفلسطيني نتيجة لحرب 1948، ويتعيَّن أن يكون حل مشكلة اللاجئين متسقاً مع نهج الدولتين كوطن لشعبيهما، وستشكل الدولة الفلسطينية النقطة المحورية للفلسطينيين الذين يختارون العودة إلى المنطقة، في حين تستقبل إسرائيل بعض هؤلاء اللاجئين، كما سيكون للاجئين خمسة خيارات للسكن: في دولة فلسطين؛ وفي المناطق التي يتم نقلها من إسرائيل إلى فلسطين في إطار التبادل؛ وفي الدولة المضيفة؛ وفي دول ثالثة؛ وفي إسرائيل، وسيتم منح حق العودة إلى دولة فلسطين والمناطق المتبادلة لجميع اللاجئين»]■ (4) بوش الإبن: قضية اللاجئين في إطار «رؤية الدولتين» 2002 – 2004 المحطات الثلاث ■ حل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي ضمن «رؤية حل الدولتين» تُنسب عادة إلى الرئيس بوش الإبن، إستناداً إلى 3 محطات إجتازتها هذه «الرؤية»: 1- الأولى من خلال خطاب بوش( ) – 24/6/2002، إبّان حملة «السور الواقي» التي شنتها إسرائيل للقضاء على الإنتفاضة الثانية. وفي هذا الخطاب ورد مايلي: – « رؤيتي هي لدولتين تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن». – «الولايات المتحدة ستؤيد قيام دولة فلسطينية تكون حدودها وجوانب معينة من سيادتها مؤقتة إلى حين الإتفاق عليها في إطار تسوية نهائية في الشرق الأوسط». – «سيتم التفاوض على الحدود النهائية والعاصمة وغير ذلك من جوانب سيادة هذه الدولة بين الأطراف في إطار تسوية نهائية». – «إنهاء الإحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967 من خلال تسوية يجري التفاوض عليها بين الأطراف على أساس قراري الأمم المتحدة 242، 338 مع إنسحاب إسرائيل إلى حدود آمنة ومعترف بها». – «علينا أيضاً حسم القضايا المتعلقة بالقدس ومحنة اللاجئين الفلسطينيين». 2- المحطة الثانية نتوقف أمامها على يد مشروع «خارطة الطريق على حل الدولتين الدائم للنزاع الفلسطيني – الإسرائيلي ترتكز إلى الأداء»- 30/4/2003( )، التي تنص على أن «الهدف هو تسوية نهائية وشاملة لهذا النزاع بحلول عام 2005، كما طرحت في خطاب الرئيس بوش في 24/6/2002»، وفيها يرد ما يلي: – «تنصب الجهود في المرحلة الثانية (من خطة «خارطة الطريق») على خيار إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات حدود مؤقتة وخاصيات (أو علامات) السيادة- attributes of sovereignty». وفي هذا الإطار ينعقد مؤتمر دولي «فوراً في أعقاب إنتهاء إنتخابات فلسطينية ناجحة، لدعم التعافي الإقتصادي الفلسطيني وإطلاق عملية تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة». – «إعادة إحياء التعاطي المتعدد الأطراف في قضايا تشمل موارد المنطقة المالية والبيئية والنمو الإقتصادي واللاجئين وضبط (أو الحد من) التسلح». – في المرحلة الثالثة (من خطة «خارطة الطريق») يعقد المؤتمر الدولي الثاني بعد إنقضاء 8 شهور على إطلاق المرحلة الأولى- 30/4 «للمصادقة على إتفاق يتم التوصل إليه حول الدولة الفلسطينية المستقلة ذات الحدود المؤقتة والإطلاق الرسمي لعملية (...) تؤدي إلى حل دائم لقضايا الوضع النهائي بعد عامين من بدء المرحلة الثالثة بما في ذلك الحدود، والقدس، واللاجئون، والمستوطنات، ودعم التقدم نحو تسوية شرق أوسطية شاملة بين إسرائيل ولبنان، وإسرائيل وسوريا، تتم بأسرع وقت ممكن». – يتوصل الفريقان إلى إتفاق وضع نهائي وشامل ينهي النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني بعد سنتين و 8 شهور من بداية المرحلة الأولى (...) تتضمن حلاً متفقاً عليه، عادلاً، ومنصفاً وواقعياً لقضية اللاجئين (...)». – قبول الدول العربية إقامة علاقات طبيعية كاملة مع إسرائيل وأمن لجميع دول المنطقة في إطار سلام عربي– إسرائيلي شامل». 3- أما المحطة الثالثة، فتعبر عنها رسالة الرئيس بوش( ) رداً على رسالة شارون رئيس الحكومة الإسرائيلية – 14/4/2004 (التي أكد عليها بيان الرئيس الأميركي الصادر بنفس اليوم)، التي شرح فيها خطته لفك الإرتباط، وفيها يرد: – «إن إطار العمل الواقعي المتفق عليه والعادل والنزيه لإيجاد حل لموضوع اللاجئين الفلسطينيين كجزء من إتفاق المرحلة النهائية سيحتاج إلى إرسائه من خلال إقامة دولة فلسطينية وتوطين اللاجئين فيها بدلاً من توطينهم في إسرائيل». – «وكجزء من تسوية السلام النهائية، يجب أن يكون لإسرائيل حدود آمنة ومعترف بها، وهو ما يمكن أن ينبع من خلال المفاوضات بين الأطراف طبقاً لقراري مجلس الأمن الدولي رقم 242 و 338. وعلى ضوء الوقائع الجديدة على الأرض، بما فيها مراكز التجمعات السكانية الرئيسية (أي المستوطنات) الموجودة في إسرائيل، فمن غير الواقعي أن نتوقع نتيجة المفاوضات النهائية عودة كاملة إلى خطوط الهدنة لعام 1949، وقد توصلت كل الجهود السابقة لمناقشة حل الدولتين إلى النتيجة ذاتها. فمن المتوقع أن إتفاق على الوضع النهائي لا يمكن أن يتحقق إلا على أساس تغييرات متبادلة يتم الإتفاق عليها تعكس تلك الحقائق الواقعية»■ إلتباس «رؤية الدولتين» ■ من هذه المحطات الرئيسية الثلاث، التي تضيء على «رؤية، أو حل الدولتين» للرئيس بوش الإبن، نكتشف كم هي ملتبسة، لا بل واهية الصلة بينها وبين هدف الحل الوطني المرحلي القائم على دولة فلسطينية مستقلة بعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967 + ضمان حق العودة إلى الديار والممتلكات للاجئين الفلسطينيين التي هجروا منها منذ العام 1948، الذي يكفله القرار الأممي الرقم 194، فهذه «الرؤية»: 1- تعتمد من أجل تحقيقها نفس آلية عملية أوسلو: مرحلة إنتقالية تعقبها مرحلة وضع دائم، حيث تلحظ قيام دولة ذات حدود مؤقتة لن تتجاوز رقعتها مساحة المنطقتين أ و ب مجتمعة، أي 38% من مساحة الضفة الغربية (دون إحتساب مساحة القدس الموسعة وقرى اللطرون والعمق الإقليمي المشاطيء للبحر الميت)، كما أن معالمها السيادية لن تتجاوز شكلياتها وحق جباية الضرائب، الخ.. باعتبار أن السيادة الفعلية على الأراضي والمعابر والحدود، .. ستبقى بيد الدولة القائمة بالإحتلال. 2- أما المفاوضات التي ستقود إلى «حل الدولتين»، فلن تكون نتاجاً لمفاوضات ثنائية، بل لمفاوضات تشمل التسوية مع لبنان وسوريا، وصولاً إلى «قبول الدول العربية إقامة علاقات طبيعية كاملة مع إسرائيل في إطار سلام عربي – إسرائيلي شامل»، ما يعني قلب المعادلة التي تقوم عليها مبادرة السلام العربية – 2002، في تسبيق إقرار الحقوق العربية والفلسطينية على إقامة علاقات طبيعية مع دولة الإحتلال. 3- المرجعية الشرعية الدولية التي تتم عادة الإحالة إليها (قراري مجلس الأمن 242، 338،..) ليست ملزمة، بل توجيهية، منفتحة على نتائج العملية التفاوضية نفسها، فهي ليست للتنفيذ بمنطوقها، حمّال الأوجه في القضايا الرئيسية، بل لتأطير المفاوضات وصولاً إلى مخرجاتها، فالقرار 242 – على سبيل المثال – لا يدعو إسرائيل للعودة إلى المواقع التي كانت تقف عندها عشية إندلاع الحرب، أي 4 حزيران/ يونيو 1967، ولا لخطوط الهدنة لعام 1949، بل إلى «حدود آمنة ومعترف بها»، حدود لا تعني سوى تلك التي تلبي الشهية التوسعية لدولة الإحتلال، المنحكمة بدورها لنسبة القوى القائمة باعتبارها مازالت راجحة لصالح التحالف العضوي بين الولايات المتحدة وإسرائيل. 4- وعلى هذا النسق، فإن «رؤية بوش» لا تتضمن – بالإتجاه العام – بنوداً جاهزة للتنفيذ، بل تطرح عناوين قضايا تدور عليها مفاوضات مع طرف وافر الإمكانيات، إن لم يكن متفوقها – إسرائيل – برعاية وسيط غير نزيه – الولايات المتحدة – ليس فيما يتعلق بقضايا الوضع الدائم فحسب، بل أيضاً فيما يتصل بالهدف المباشر، أي «الدولة ذات الحدود المؤقتة». ومن هذا التعويم المتعمد لقضايا النزاع الفعلية، نستثني ما يستجيب بشكل كامل لمصلحة إسرائيل كموضوع تعديل الحدود، الذي بات يستوعب ضم «مراكز التجمعات السكانية الرئيسية الموجودة في إسرائيل»(!) – أي المستوطنات التي يجري الجزم منذ الآن – already – بأنها باتت موجودة ضمن حدود الكيان■ مباديء كيري – 2016 ■ في ظلّ ولاية الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، أعلن وزير خارجيته جون كيري في 28/1/2016 عن مباديء المفاوضات النهائية بين حكومة الإحتلال وم.ت.ف، متمثلة في قيام دولة فلسطينية على حدود عام 1967، مع تبادلٍ متساوٍ للأراضي، وبما يضمن إحتياجات الإحتلال الأمنية، والتوصل إلى إتفاق بشأن قضية اللاجئين الفلسطينيين عبر التعويض والتوطين، واعتبار القدس عاصمة لكل من الدولتين■
الفصل الثاني
السعي الأميركي لإنهاء دور الوكالة ووجودها
1– الأونروا أثناء ولاية ترامب الأولى – 2017/2021 2– الأونروا أثناء ولاية بايدن– 2021/2025 3– مهمات وإتجاهات عمل
(1) الأونروا أثناء ولاية دونالد ترامب الأولى 2017 – 2021 خطوات متلاحقة ■ بعد مضي ما يتجاوز سبعة عقود على ولادة قضية اللاجئين وجريمة تهجير الشعب الفلسطيني، قُدمت خلالها مشاريع وسيناريوهات لحل قضيتهم زاد عددها عن 30 مشروعاً، توزعت على مشاريع متكاملة تناولت المشكلة بأدق تفاصيلها، ودراسات بحثية وسيناريوهات طرحت في حوارات مشتركة أو أفكار نوقشت في الكونغرس الأمريكي أو البرلمان الأوروبي، أو دراسات صادرة عن أشخاص لعبوا أدواراً مهمة على مستوى الصراع العربي والفلسطيني – الإسرائيلي. على خلفية كل هذا طرحت إدارة ترامب مشروعها المعروف باسم «صفقة القرن» - 28/1/2020 الذي إعتمد عملياً معظم الأفكار الإسرائيلية، بعد أن كانت قد أفرجت عن عديد عناصره – منذ العام الأول لولايتها - سواء ما خص مكانة القدس، أو الحجر المالي على الوكالة، أو التنظير لقانونية الإستيطان، أو إلغاء مكانة اللاجيء بالنسبة للمتحدرين من صلب الجيل الأول، أو التطبيع الإقتصادي على مستوى الإقليم، الخ.. ■ في حربها ضد وكالة الغوث واللاجئين الفلسطينيين، تسلحت الولايات المتحدة، ولا زالت بسلاحين: الأول تحريض الدول المانحة، خاصة الدول الغربية، لدفعها نحو قطع مساهماتها في موازنة الأونروا، والضغط على دول العالم بهدف الإستجابة للمواقف الأمريكية ومخططاتها داخل الأطر الدولية؛ والثاني سلاح المساعدات الخارجية، حيث تعتبر المساعدات المالية إحدى الوسائل المؤثرة الموظفة في خدمة السياسة الخارجية الأمريكية واعتمادها عليها في تعاطيها مع بعض الدول في العالم. وقد برز ذلك بشكل واضح في الجمعية العامة للامم المتحدة قبل وبعد التصويت على مشروع قرار الرئيس الأمريكي بشأن الإعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل- 12/2017، والتهديد العلني الصريح من مندوبة الإدارة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هايلي: «إن الولايات المتحدة ستقطع التمويل عن جميع الدول التي ستصوت ضد القرار»، وهذا أيضا ما عبر عنه الرئيس ترامب بتغريدته الشهيرة: «واشنطن تعطي الفلسطينيين مئات الملايين من الدولارات سنوياً ولا تنال أي تقدير أو إحترام، هم لا يريدون حتى التفاوض على إتفاقية سلام طال تأخرها مع إسرائيل». ■ وبشكل عام، فإن الإستراتيجية الأمريكية في التعاطي مع وكالة الغوث واللاجئين الفلسطينيين عموماً، لا تخرج عن استراتيجية التعاطي مع المنظمات الدولية بفرض الشروط المسبقة عليها، والأمر المطلوب بنظر الرئيس الأمريكي من وكالة الغوث هو الإستجابة للمواقف الأمريكية، سواء ما له علاقة بإعادة النظر بالمكانة القانونية للاجئين الفلسطينيين وتعريفهم من قبل الأونروا، أو لجهة المشاركة في رسم سياسات الأونروا وصوغ برامجها، لتكون منسجمة مع المشروع الأمريكي - الإسرائيلي، الذي بات واضحاً أن أحد أهدافه هو إلغاء وكالة الغوث وتحويل خدماتها إلى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. ■ جاء إستهداف وكالة الغوث في إطار مشروع سياسي أمريكي شكل مروحة سياسية إستهدفت القضية الفلسطينية برمتها، وتوزعت على قضايا كثيرة في مقدمتها: القدس، حق العودة من بوابة وكالة الغوث، الاستيطان، الترتيبات النهائية والحدود، وهي القضايا المعروفة باسم «قضايا الوضع الدائم» التي لحظتها إتفاقات أوسلو، بهدف رسم واقع جديد يجبر الشعب الفلسطيني على تقديم تنازلات تؤدي الى فتح الآفاق لتسوية بسقف هابط تضمن المصالح الإسرائيلية.. ■ حتى العام 2018، كانت المساهمة المالية الأمريكية المقدمة الى الشعب الفلسطيني تتوزع على صيغ ثلاثة: • الأولى هي المساعدات التي تقدمها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية – US Aid، والتي تأسست وفقا لقانون أقره الكونغرس- 1961 وعرف باسم «قانون المساعدات الخارجية لعام 1961». وتعتبر هذه الوكالة الذراع الذي تمارس من خلاله الإدارة الأمريكية ضغوطها على العديد من دول العالم، خاصة وأنها تقدم مساعدات لعشرات الدول ومنظمات المجتمع المدني، وهي تخضع لإشراف مباشر من الرئيس ومن وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي الأمريكي، وتعمل على تنفيذ برامجها وفقا لسياسات وتوجهات وزارة الخارجية. • الثانية هي الدعم الذي يقدم للنظام السياسي للسلطة الفلسطينية تحت عنوان «الدعم الإقتصادي للقانون والنظام»، يتفق معظمه على تطوير برامج لها علاقة بالأمن والقانون و«مكافحة الإرهاب» وبرامج التدريب والنفقات الإدارية واللوجستية لقوات أمن السلطة الفلسطينية والشرطة، وتدريب القضاء والمحامين.. وغير ذلك من البرامج المحددة في القانون الأمريكي للمساعدات الخارجية. • الثالثة هي الأموال المقدمة لموازنة الأونروا بأقسامها الثلاثة: الصندوق العام، المشاريع والطواريء، التي لم تثبت على رقم معين، وظلت تتراوح خلال العشر سنوات الأخيرة بين 300 و370 مليون-$-. ■ لم يكن قرار إدارة ترامب الأولى بقطع المساهمة المالية في موازنة وكالة الغوث وليد ساعته، أو كرد فعل على رفض القرار بشأن القدس، بل كان جزءاً من سياسة واعية سارت عليها الإدارة الأمريكية باختيار التوقيت المناسب للإعلان. ويمكن رؤية هذا الإستنتاج في العديد من القوانين والقرارات التي سَنَّها الكونغرس الأمريكي منذ العام 2012، حيث تم إقرار عدد من القوانين التي إتكأ عليها الرئيس الأمريكي ترامب في ولايته الأولى وصولاً إلى الثانية لتبرير سياساته وإجراءاته ضد وكالة الغوث والسلطة الفلسطينية.. ومن هذه القوانين: • قانون أقره مجلس النواب الأمريكي بالإجماع عام 2012، ويهدف إلى «تعديل تمويل المساعدات الخارجية» بإلزام وزارة الخارجية بالإبلاغ عن عدد الذين يستحقون المساعدات من إجمالي عدد اللاجئين الفلسطينيين الذين يتلقون مساعدات من وكالة الغوث. وكان الهدف من هذا القانون هو خفض حجم المساعدة الأمريكية للأونروا بذريعة عدم حيادية الوكالة وتحولها إلى منصة للتحريض على إسرائيل وعلى الحض على العنف ضدها.. • أقر مجلس النواب الأمريكي قانون «تايلور فورس»- 2017، وهو القانون المتعلق بتقليص حجم المساعدات الأمريكية إلى السلطة الفلسطينية، بذريعة دفع السلطة الفلسطينية رواتب الأسرى والشهداء. ■ وبعيداً عن التشريعات والقوانين الأمريكية والقرارات الإدارية من وزارة الخارجية وغيرها من المؤسسات، فقد حاولت الولايات المتحدة خلال الولاية الأولى لترامب أن تبرر إجراءاتها تجاه وكالة الغوث التي تعتبر، من وجهة النظر الأمريكية، أنها تجاوزت حدود مهمتها، وأنها تساهم في: 1- تغذية الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي؛ و 2- في استمرار إعتماد الوكالة على تعريف للاجيء الفلسطيني، ينتج عنه تضخيم في أعداد اللاجئين؛ و 3- الوكالة تعيش حالة من الفساد ويجب إدخال إصلاحات كبيرة على عملها حتى تكون منسجمة مع آليات عمل مؤسسات الأمم المتحدة. وبغض النظر عن صحة هذه الإتهامات، التي لا تصمد أمام أي تدقيق جدي، فقد أكدت السنوات التي تلت، بأن الولايات المتحدة كانت تبحث عن أي ذريعة لدعم سياستها وموقفها باستهداف وكالة الغوث تمهيدا للإنقضاض عليها، وقد برز هذا الأمر بشكل واضح في أكثر من موقف لأركان الإدارة الأمريكية، وصولاً إلى عهد الرئيس بايدن، بحيث أصبحت سياسة النيل من وكالة الغوث نقطة مركزية في استراتيجية الولايات المتحدة وفي طريقة تعاطيها مع ملف الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي■ العام 2020 .. عام الأزمات والصمود ■ رغم أن العام 2020 كان عام الأزمات المالية المتراكمة في موازنة وكالة الغوث، إلا أنه شكل بارقة أمل في إمكانية معالجة الأزمة المالية، بعد طرح مقترحات ومشاريع حلول كان من شأنها أن تحل الأزمة المالية بشكل جذري، لو أن الدول المانحة تعاطت معها بجدية، ونقصد بذلك الإقتراحات المتعلقة بالتمويل المستدام لأكثر من عام، حيث تجاوبت مع هذا المقترح بعض الدول وتَخَلَّفت أخرى عن الوفاء بتعهداتها والتزاماتها، ما أدى إلى أن تشهد الكثير من برامج الأونروا تخفيضاً واضحاً، نتيجة العجز المالي الذي بلغ في بعض السنوات نحو مليار-$-. وقد كانت المرة الأولى منذ تأسيس الأونروا يصل فيها العجز المالي إلى هذا الرقم، ما دفعها إلى المس ببعض البرامج المحمية سابقاً بخطوط حمراء، خاصة رواتب الموظفين، بعد العجز عن تأمين السيولة الكافية، وهو الأمر الذي تكرر في أكثر من عام، تلا قطع المساهمة المالية الأمريكية، بعد الإستدانة من بعض صناديق الأمم المتحدة. ■ ما حدث على مستوى الرواتب، كان مؤشرا على إجتياز الوكالة لأسوأ الأزمات في تاريخها، رغم أنها عانت من مشكلة مماثلة خلال عامي 2017 و 2018، لدرجة أن قيمة العجز في تلك الفترة وصلت إلى نحو 446 مليون-$-، لكن تم تجاوزها. كما تكرر أيضاً، وبسبب الأزمة المالية، ترحيل عجز العام 2020 إلى العام 2021، مما جعل الوكالة تدخل العام الجديد بميزانية منقوصة.. حتى لو أن بعض الدول قدمت تبريرات غير مقنعة بأن سبب الأزمة يعود لعدم قدرة بعض الدول المانحة على مواصلة دعم الأونروا مالياً، إلا أنه كان واضحاً، أن الأزمة التي تشكو منها موازنة وكالة الغوث تعود لأسباب سياسية وليس لاعتبار الشح المالي؛ ومع أن أزمة الأونروا كانت أسوأ أزمة تشهدها، فقد كانت هناك إمكانية، كما أعلنت الأونروا أكثر من مرة، لتجاوز قيمة العجز، لو تمكن مسؤولو الأونروا والجهات المعنية الأخرى من حشد التمويل، وفق الصيغة التي إقترحتها الأونروا وأمين عام الأمم المتحدة، وإذا ما حافظت الدول المانحة على نفس المبالغ المقدمة في عامي 2018 و 2019. ■ حتى نهاية ولاية ترامب الأولى، لم تكن الدول المانحة قد أوفت بوعودها تجاه الميزانية، حيث وصل عجز الصندوق العام لأرقام كبرى، ولم تكن نداءات الطواريء والمناشدات الخاصة بحال أفضل، إذ أن الوكالة كانت تواجه نقصاً يبلغ 60% في الميزانية، ولم تتلقَ سوى 60% من قيمة النداءات المتعلقة بالإستجابة لتداعيات جائحة كورونا والبالغ 94,6 مليون-$-، وهو ما ترك إنعكاسات سلبية على مستوى تدهور الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية للاجئين في جميع مناطق العمليات.. ولتأكيد حقيقة أن بعض الدول المانحة تأثرت بالموقف الأمريكي وبالتحريض الذي لجأت إليه واشنطن وتل أبيب، يمكن ملاحظة الضغط على الموازنة من قبل دول خفضت مساهمتها لأسباب سياسية مباشرة، وأحجمت عن معالجة العجز المالي في ميزانية الوكالة، والذي لا يكاد يساوي شيئا مقارنة بما أقرته الدول الغنية للدول الفقيرة على مستوى العالم من دعم سنوي تجاوز مليارات الدولارات؛ ومع ذلك فإن 42 دولة ومؤسسة، زادت من تمويلها، وتمكنت الأونروا عام 2019 من تعويض الفارق الذي أحدثه توقف المساهمة الأميركية. فأين هي الدول 42 والمؤسسات من أزمة اليوم، ولماذا تغدق الأموال في عام وتحجبها في عام آخر؟ ■ في خطوة إيجابية لمحاصرة سياسة إستهداف الأونروا، أعلنت الأخيرة أنها دخلت مع 17 دولة باتفاقيات مالية لسنوات عدة تخلق – في حال الإلتزام بها - ثباتاً مالياً، لجهة الحصول على ميزانية واضحة المعالم في الأعوام 2020–2022، الأمر الذي دفع بالكثيرين إلى التساؤل عن مصير هذه الإتفاقيات، خاصة بعد تحذيرات المفوض العام من نفاذ أموال الوكالة وعدم قدرتها على تغطية مصروفاتها، وبروز مؤشرات عن حالة خطرة وصلتها موازنة الأونروا، ومن مظاهرها: • وصول الوكالة إلى حافة إنهيار نقدي بسبب عدم وجود تمويل مستدام، كما عبر عن ذلك المفوض العام بعد أن لامس العجز المالي نحو 330 مليون-$-، وهو أمر لم يحدث إلا بعد الإجراءات الأمريكية في العام 2018، رغم أنه تراجع إلى 200 ومن ثم 115 مليون-$- بالتتابع في نهاية شهري 9 و10/2020. • كانت المرة الأولى التي يعيش فيها اللاجئون قلقاً متزايداً، ترافق مع مواقف أمريكية وإسرائيلية عدائية من وكالة الغوث ودورها، في ظل تزايد قيمة العجز المالي في جميع الصناديق، وعدم قدرة الأونروا على تحويل أموال من صندوق لآخر.. لكن بالمقابل أقرت الوكالة برامج مؤقتة من خارج الصندوق العام جرى تمويله من خارج الموازنة، ومثال ذلك مشروع «مال مقابل عمل»-«Cash for Money» الذي انطلق عام 2020 بدعم من بنك التنمية الألماني والإتحاد الأوروبي. • وصول الخطر في عامي 2018 و 2019 إلى تهديد الأمن الوظيفي للملاكات العاملة، في سابقة لم تحدث في تاريخ الأونروا التي عجزت على دفع رواتب موظفيها البالغة 70 مليون-$- (30 و40 مليون-$- بالتتابع لشهري 11 و12/2018). وقد حصلت الأونروا على 20 مليون-$- كقرض من صندوق الطواريء التابع للأمم المتحدة لتسوية هذا الوضع. ■ بانقضاء ولاية ترامب الأولى في 20/1/2021، ترك وراءه إرثا ثقيلا من قوانين وقرارات سياسية وإدارية ومخطط واضح المعالم في استهداف قضية اللاجئين الفلسطينيين ووكالة الغوث.. ورغم أن مشروعه السياسي (صفقة القرن) لم يحقق النتائج المرجوة في العديد من عناوينه في الولاية الأولى، إلا أنه شكل ضغطاً على إدارة جو بايدن، التي تذرعت بما تركته الإدارة السابقة، وواصلت العمل على هدى ذلك المخطط، رغم أنها إعادت النظر بقرار إدارة ترامب بشأن الأونروا وأعلنت عن استئناف تمويل موازنة وكالة الغوث، رغم الإستدراكات الكثيرة التي وضعتها والتي ترجمت لاحقاً في إتفاقية وقعتها مع الأونروا، أطلق عليها اسم «إتفاقية الإطار»، ثم عادت وقطعت المساهمة بشكل كامل بعد 7 أكتوبر 2023■ (2) الأونروا أثناء إدارة بايدن 2021 – 2025 ■ قبل ضمان وصوله إلى البيت الأبيض، نظم فريق الرئيس (المرشح) جو بايدن، سلسلة حوارات مع السلطة الفلسطينية وقيادتها السياسية، كما مع الجالية الفلسطينية في الولايات المتحدة، أغدق خلالها الكثير من الوعود التي ثبت تهافتها لاحقاً، كإعادة فتح مقر مفوضية م.ت.ف في واشنطن (والتي كان قد أغلقها ترامب)، وإعادة إفتتاح القنصلية العامة الأميركية في القدس الشرقية، لتكون صلة الوصل مع السلطة، وليس السفارة التي نقلت بقرار من ترامب إلى القدس الغربية، بعد أن إعترف بالقدس – كل القدس - عاصمة لدولة إسرائيل، كذلك إستئناف المساعدات المالية للسلطة ولوكالة الغوث، وغيرها من الوعود. ■ بعد فوزه بالرئاسة، أخَلَّت إدارة بايدن بكل وعودها، ما عدا إستئناف المشاركة في تمويل الأونروا، لكن وفقاً لشروط، وضعتها اللجنة المتخصصة في الكونغرس، وافقت عليها الأونروا، في إتفاق «إطار العمل المشترك» (الإطار) الذي يلزم الأونروا، بما يخالف المباديء التي أقرها القرار 302، والمفاهيم التي تبنتها هي نفسها أساسا لعملها في صفوف اللاجئين. ومن الشروط (القديمة – الجديدة) التي وضعها الكونغرس على الأونروا مقابل إستئناف تمويلها، نورد ما يلي: • حرمان الموظف الفلسطيني في الأونروا من حقه في أي نشاط سياسي (حزبي أو مستقل) أو إجتماعي، بدعوى الوقوف على «الحياد» في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، أي بتعبير آخر، تجريد الموظف الفلسطيني من هويته الوطنية، ومن حقه في تقرير مصيره، وهو ما يخالف القوانين الدولية، وشرعة حقوق الإنسان، وقرارات الشرعية الدولية. • تقديم ضمانات إلى الكونغرس أن لا يستفيد من خدمات الأونروا الأفراد الأعضاء في «منظمات إرهابية»، علماً أن م.ت.ف، وكافة فصائلها، مدرجة على لائحة «الإرهاب» الخاصة بالكونغرس الأميركي، وهذا يفترض بالوكالة أن تميز بين «لاجيء مسالم» يستحق الإستفادة من الخدمات، و«لاجيء إرهابي» يجب أن يحرم منها، أي أن تتبنى الأونروا التصنيف الأميركي لمفهوم «الإرهاب». • تنقية البرامج التربوية في مدارس الأونروا، من كل ما يعتبر «تحريضاً على الإرهاب والكراهية»، لصالح «قيم ومفاهيم التسامح الإنساني»، أي التوقف عن تبني الرواية الفلسطينية للقضية الوطنية، بما في ذلك كل ما له علاقة بالتاريخ الوطني، كالنكبة وغيرها، وإلغاء الشعارات الوطنية المعلقة على الجدران في الباحات والصفوف، والتوقف عن تعطيل المدارس في المناسبات الوطنية (بما في ذلك ذكرى النكبة، وذكرى وعد بلفور، وقرار التقسيم، وغيرها)، في خطة محكمة، من شأنها أن تغسل دماغ الأجيال الفلسطينية الناشئة، وأن تجعل منها أجيالاً منزوعة الحس والوعي الوطني، «متسامحة» مع دولة الإحتلال، مؤهلة لتتقبل أي حل للمسألة الفلسطينية، بما في ذلك ما له علاقة بحق العودة، ومصير القدس، وغيرها من ملفات القضية الوطنية، فضلاً عن العمل على تهميش الأطر الإجتماعية المؤهلة للإنتماء إلى المؤسسات الوطنية الحزبية والإجتماعية. وهكذا تفقد وكالة الأونروا موقعها كشاهد على النكبة، وشاهد على جريمة الإستعمار الغربي بحق الشعب الفلسطيني، كما تفقد دورها كمؤسسة معنية بالمساهمة في بناء المجتمع الفلسطيني، لتصبح مجرد أداة بيد تلاقي المصالح الأميركية – الإسرائيلية■
بايدن على خطى ترامب (استراتيجية التحريض) ■ رغم أن الاستراتيجية الأمريكية، في التعاطي مع القضايا الدولية، تغيرت في الكثير من عناوينها، بما فيها كيفية التعاطي مع وكالة الغوث، حيث استأنفت إدارة بايدن تمويل الوكالة، إلا أنها واصلت ما كانت الإدارة السابقة قد اعتمدته لجهة إتباع استراتيجية متدرجة لتحقيق أهداف واشنطن وتل أبيب بضرب حق العودة من مدخل إستهداف وكالة الغوث من خلال العناوين التالية: 1- تحريض الدول المانحة الغربية والعربية على وقف أو تخفيض مساهمتها في تمويل موازنة الوكالة، بحجج وذرائع واهية، أكانت أكاذيب أو إفتعال مشكلات وأزمات والنفخ فيها أمام الدول المانحة. 2- إستهداف الجسم البشري داخل الوكالة، أي الموظفين تحت شعار ما سمي بالحيادية. 3- التحريض ضد مناهج التعليم بذريعة أنها تحرض على العنف وزرع الكراهية، رغم تأكيدات منظمات دولية بطلان هذه المزاعم واعتبارها مجرد أكاذيب. 4- محاصرة الوكالة باتفاقات ثنائية وثلاثية بما يجعلها أسيرة لسياسات وإملاءات بعض الدول المانحة، كما حصل بين الوكالة والولايات المتحدة عندما تم التوقيع على إتفاقية الإطار. • وتجمع الأطراف المعنية، على أن وكالة الغوث تتعرض منذ سنوات لحملة منسقة تستهدف وجودها، في إطار مشروع سياسي يطال القضية الفلسطينية بشكل عام وقضية لاجئيها بشكل خاص. وتتعدد أشكال الإستهداف لتمتد إلى كل تفصيل يتعلق بالوكالة سواء على مستوى البرامج والسياسات أو على مستوى الموظفين والمنشآت. ■ الواضح أن سياسة التحريض باتت في عهد الرئيس بايدن تحتل موقعاً متقدماً في السياسة الأمريكية والإسرائيلية، حيث حفل هذا العهد بعشرات التقارير من منظمات ومؤسسات أمريكية وأوروبية كانت وظيفتها الأساسية التحريض على الأونروا، حتى وإن كانت كاذبة وتفقتر إلى المصداقية، لكن الرسالة المقصودة هي جعل هذه المنظمة الأممية موضع تشكيك دائم لإضعاف الثقة الدولية بدورها تمهيداً لإضعاف، ومن ثم إلغاء مكانتها السياسية والقانونية التي يتأسس عليها حق العودة لملايين اللاجئين الفلسطينيين، وفقا لقرار تأسيسها. ■ ولما كان ضرب وكالة الغوث بإلغاء قرار تأسيسها – أي القرار الأممي 302 - صعباً جداً في هذه المرحلة، كونها لا زالت تحظى بثقة الأسرة الدولية، خاصة في الجمعية العامة للامم المتحدة التي تعتبر المرجعية الأساس للأونروا، فقد إتبعت إسرائيل، وبدعم مباشر من الولايات المتحدة، استراتيجية إفراغ الوكالة من داخلها، وبدأت بتطبيقها قبل العهد الأول للرئيس ترامب باستهداف شخص المفوض العام السابق بيير كرينبول، لتنتقل بعد ذلك إلى منشآت الأونروا ثم مدارسها ومناهج التعليم فيها التي تؤسس لجيل متعلم يدرك أبعاد الصراع وحيثياته. لكن بعد أن تبين أيضا صعوبة الأمر، خاصة بعد أن نفت وكالة الغوث الإتهامات بشأن مناهجها التعليمية، جرى وضع الموظفين في مرمى النار الإسرائيلية، خاصة موظفي التعليم. أي أن جميع مكونات الوكالة باتت موضع إستهداف إسرائيلي، وهذا ما كان يفسر إنتقال حملات التحريض من عنوان إلى آخر طبقاً لمقتضيات الهجمة واتجاهاتها وأهدافها الآنية. ■ خلال إجتماع اللجنة الإستشارية لوكالة الغوث الذي إنعقد في بيروت يومي 14 و15/6/2022، قال المفوض العام ما حرفيته: «إن الحملات المنسقة لنزع الشرعية عن الأونروا بهدف تقويض حقوق لاجئي فلسطين تتزايد في وتيرتها وعدوانيتها». وهذا ما يوجب إخراجها من نقاش إن كانت الوكالة تتعرض لضغوط أم لا، فخلفية مواقف المفوض العام تنطلق من إدراكه بأن العدوان سيتواصل. ولهذه الغاية إعتمدت إسرائيل الأسلوب المتدرج في الإستهداف، ومعها مؤسسات البحث والدراسات المكلفة بمهمة إعداد «داتا» حملات التحريض، وقد كان لديهم أكثر من «بنك أهداف» جرى التصويب عليه، طالت الموظفين إسماً إسماً ورصد لكل منشور على مواقع التواصل، إضافة إلى رصد كافة مناهج التعليم، بما فيها مناهج السلطة الفلسطينية التي لا علاقة للأونروا بها، إضافة إلى منشآت الأونروا واستراتيجيات عملها.. وكانت منظمة - UN Watch، وهي منظمة غير حكومية وتتخذ من جنيڤ عاصمة لها، ولها فروع في عدد من الدول، هي الأكثر نشاطاً بين كافة مؤسسات التحريض. ■ في عام 2022، وبعد يومين من إجتماع للدول المانحة في نيويورك، قامت المنظمة سابقة الذكر بتسليم بعض أعضاء الدول المانحة، الأوروبية بشكل خاص، وأمين عام الأمم المتحدة نسخة من تقرير يحرض ضد معلمي وموظفي الوكالة في الضفة الغربية وقطاع غزه، متهمة عشرات الموظفين (120 موظفاً) بما سمي «التحريض على العنف ومعاداة السامية» على وسائل التواصل الإجتماعي.. طالبة وقف تمويل موازنة الأونروا (1,6 مليار-$-) ومراجعة حسابات مستخدمي فيسبوك من الموظفين الذي «ينشرون تغريدات ومنشورات على شبكات التواصل تحث وتشجع على مقاومة الإحتلال، ما يتطلب طردهم من الوظيفة». وكان السؤال في حينه هو: لماذا لم تطلب هذه المنظمة من إدارة موقع فيس بوك، وهي التي تملك علاقات واسعة مع إدارته، حظر حسابات المعلمين والموظفين التي تتهمهم بالتحريض وغير ذلك من إتهامات، وهي التي تفعل ذلك بشكل دائم في اطار محاربة المحتوى الوطني الفلسطيني، والسبب هو أن هدف المنظمة ومن خلفها إسرائيل والولايات المتحدة، ليس الموظفين فحسب، إنما التأثير على الدول المانحة لاتخاذ إجراءات على مستوى قطع أو خفض مساهمتها المالية. ■ لقد أصدرت هذه المنظمة- UN Watch تقريراً جديداً في كانون الأول/ ديسمبر 2024 بعنوان «تحالف الأونروا والإرهابيين»، حفل بسيل من الأكاذيب التي ظلت معلقة دون أدلة. بدورها أخذت إسرائيل التقرير وأرسلته إلى عدد واسع من دول العالم، دون أن تتمكن من تقديم دليل واحد يؤكد صحة المزاعم الواردة في التقرير، ومع ذلك فإن بعض الدول المانحة إعتبرت أن ما جاء في التقرير هو حقائق مؤكدة وبنت سياساتها إستناداً على ذلك، دون أن تتسلم من إسرائيل أو من المنظمات المحرضة أدلة حسية تثبت صحة إتهاماتها.. والسؤال المنطقي الذي يفرض نفسه هو التالي: هل أن المنظمة المذكورة قادرة بمفردها على رصد تحركات ونشاطات وتغريدات أكثر من 30 ألف موظف، أم أن هناك أدوات محلية تراقب الموظفين وتعمل على ملاحقة تحركاتهم ونشرياتهم؟ فلو عدنا قليلا إلى إتفاق الأطار الموقع مع الولايات المتحدة، لتيقنّا أسباب إصرار الولايات المتحدة على ابراز فقرات خاصة بالموظفين والحيادية كشروط لاستئناف مساهمتها المالية التي قطعتها إدارة ترامب.. أي أن تقارير تلك المنظمات ليست مصداقة، بل هي تقارير شاركت في إعدادها مصادر وجهات أمنية وإستخبارية ذات أغراض معادية. ■ جاء في إتفاقية الإطار الموقعة بين وكالة الغوث والولايات المتحدة في آب/ أغسطس 2021 سعي الطرفين «لتدريب موظفي الأونروا لدعم حيادية الوكالة.. وإلتزام الأونروا بالإبلاغ عن أي إنتهاكات جسيمة للحياد مع الولايات المتحدة، ومعالجة أي إنتهاكات من هذا القبيل بما يتماشى مع متطلبات إطار الحياد الخاص بها». ولعل الفقرة الأخطر والتي تجيب على التساؤل السابق هي إلتزام الأونروا «تقديم لوائح بموظفيها إلى الحكومات المضيفة، بما في ذلك السلطات الفلسطينية والإسرائيلية..». وإذا كان منطقياً التنسيق والتعاون مع الدول المضيفة والمانحة، فما هو المنطق في تقديم لوائح بأسماء الموظفين إلى إسرائيل، إن لم يكن تغذية حملة التحريض على الوكالة. ■ إن هدف إسرائيل والمنظمات المعنية بالتحريض وببث الأكاذيب والأضاليل ليس كما يعتقد البعض منع الموظفين من التعبير عن آرائهم وعن هويتهم الوطنية فحسب، فهذه مسألة تدرك إسرائيل ومن خلفها بأنها خطوة ناقصة ولن تضيف لها شيئا، وبالإمكان تجاوزها بأكثر من طريقة، بل أن الهدف المباشر هو تحقيق أمرين في آن معاً: 1- التأثير على قرارات الدول المانحة، خاصة الأوروبية منها، لأن الاستراتيجية الإسرائيلية تقوم على إفراغ الوكالة من داخلها ولجعلها منظمة مفلسة بلا أموال، مما يسهل طرح البدائل عنها، وهو السبب الذي جعل كل الشعب الفلسطيني يرفض مواقف المفوض العام حول هذه المسألة. وإلا كيف نفسر مثلاً أن إسرائيل أوكلت مهمة التحريض لمنظمة تتخذ من أوروبا مقراً لها، وأن تقارير هذه المنظمة تستهدف الدول الأوروبية بشكل مباشر، وهي التي تعتبر المانح الأكبر للوكالة. 2- إرهاب الموظفين وجعلهم أداة طَيِّعة بيد الإدارة وعزلهم وطنياً عن بقية فئات شعبهم، وجعل الملاحقة سيفاً مسلطاً فوق رقابهم، بل ودعوتهم في وقت لاحق للمساهمة في خلق جيل مغترب عن تاريخه، وجاهل لوقائعه. ■ إن المشكلة بالنسبة لموظفي الأونروا ليست في تطبيق نظام الموظفين الخاص بالأمم المتحدة الجاري الإلتزام به من قبل الجميع، بل بالتفسيرات الإستنسابية التي تجعل من الإنتماء لفلسطين، الأرض والقضية والهوية، هو خرق للحياد ولنظام موظفي الأمم المتحدة، بينما هو – بكل بساطة - تعبير الموظف الفلسطيني عن هويته الوطنية؛ وهل دعوة الموظف لتطبيق قرارات الأمم المتحدة هو خرق لحياد الأمم المتحدة؟ وهل الدعوة للأمم المتحدة لحماية موظفيها من اللاجئين الفلسطينيين وتوفير بيئة آمنة لهم للتعبير الحر عن الرأي وحمايته تجاوز على نظام الموظفين؟ فإذا كان مجرد التعبير عن الرأي يعد تهمة بالعدوان على إسرائيل أو بارتكاب عمل معادٍ للسامية، فعلى الهيئات المعنية في الأمم المتحدة أن تعود عشرات السنوات إلى الوراء لإعادة تعريف معنى «حرية الرأي والتعبير». ■ إن من يحرض على المناهج التعليمية للأونروا يتجاهل أن المناهج الإسرائيلية تحفل بمئات النصوص التي لا تحصى على الكراهية فحسب، بل تدعو إلى قتل العرب والفلسطينيين بشكل صريح، هذا ما كنا نطرحه فيما مضى، وكان الجواب من مؤيدي إسرائيل أن لا علاقة للأمم المتحدة والدول المانحة بالمناهج الرسمية للدول، ومنها المنهاج الإسرائيلي. والمعنى أنه حين يرتكب المحتل والمستوطن والغازي كل أشكال الإنتهاكات ضد الشعب الفلسطيني ويمارس العنصرية بأسوأ أشكالها، تقف الأمم المتحدة وبعض الدول المانحة متفرجة على ما يجري، بذريعة أننا لا نقدم لهم أموال، أي أن بعض الدول المانحة هي نفسها من تخالف شروط التبرع المالي الطوعي بجعله مشروطا بتحقيق أهداف سياسية، وحين يقف اللاجيء للدفاع عن نفسه في وجه من تقول الأمم المتحدة أنه محتل يصنف بأنه خرق للحياد، فيساق إلى التحقيق ويفصل من عمله بدعوى تحريض على فعل وليس ارتكاب الفعل نفسه. فماذا يمكن أن نسمي هذا التعاطي مِن قبل مَن يدعون أنهم حماة الديمقراطية ومدافعين عن حرية الرأي في نظام ليبرالي غربي يزعم أنه يقدس تلك القيم.. ■ لسنا بحاجة لجهد كبير كي نثبت أن هناك بعض الاشخاص داخل وكالة الغوث، موظفين محليين ودوليين، يعملون كمخبرين لدى الولايات المتحدة ويمدونها بكل ما تحتاجه من معلومات ومعطيات رقمية يجري إستخدامها والبناء عليها باستخلاصات سياسية تهدف إلى التشهير بوكالة الغوث.. ولهذا السبب تبرز الحاجة الدائمة إلى حماية أرشيف الأونروا وضمان عدم وصوله إلى إسرائيل والولايات المتحدة، إن لم يكن قد وصل فعلا، واعتباره مسألة وطنية هامة لا تتعلق بوكالة الغوث وحدها بل وبالمرجعية الفلسطينية الممثلة بدائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية. ■ لا نقلل من حجم الإستهداف والضغوط التي تتعرض لها وكالة الغوث، وحتى لو كانت التقارير الإسرائيلية التي تصدر باسم منظمات ومؤسسات بحثية كاذبة ولا تستند لحقائق ملموسة، فإن موظفي وكالة الغوث مدعوون إلى التآزر والتضامن والدفاع عن حقوقهم وأمنهم الوظيفي، والتعاطي مع الإستخدام السياسي لما سمي الحيادية بشكل جماعي بما يمنع إرهاب الموظفين والاستفراد بهم بشكل فردي. لذلك ينبغي رفع مستوى اليقظة بين الموظفين بعدم أعطاء العدو وحلفاءه فرصة الإستفادة من بعض «الهفوات» الغير محسوبة النتائج، وليس المقصود هنا الإستجابة للضغوط الإسرائيلية أو الإنحناء أمامها، بل عدم تقديم «مماسك» وذرائع يمكن أن تستخدم كحجج لزيادة مستوى التحريض، خاصة في هذه المرحلة التي تعيشها الوكالة.. وموقع منظمة «UN Watch» على شبكة الإنترنت يحفل ببعض هذه الأمور التي يمكن تلافي بعضها، إن لم يكن معظمها، بغض النظر عن صحتها وموضوعيتها، بل وقانونيتها■ (3) مهمات وإتجاهات عمل ■ حين وضعت إسرائيل وكالة الغوث على جدول أعمالها، عملت على تسخير كافة إمكاناتها لنجاح أجندتها، وجَنَّدَت خلال الأعوام الماضية كافة أسلحتها غير الشرعية وغير القانونية وغير الأخلاقية من أجل إستهداف حق العودة، واعتبرت أن مهمة بعثاتها الخارجية وسفاراتها في العالم يجب أن تكون إقناع دول العالم، خاصة الأوروبية منها، بعدم جدوى مواصلة دعم الفلسطينيين إقتصادياً ومالياً، وأن الأعوام القادمة يجب أن تكون أعوام إسقاط وكالة الغوث.. ورغم صمود الشعب الفلسطيني طيلة الأعوام الماضية في مواجهة مفاعيل صفقة ترامب – نتنياهو، خاصة في الشق المتعلق بحق العودة وعنوانه الكبير وكالة الغوث، إلا أن واقع المواجهة الفلسطينية لهذا المخطط يشوبه الكثير من الثغرات، في مقدمها الإنقسام وتداعياته، وهذا ما يُحَمِّل الحالة الفلسطينية بجميع مكوناتها الرسمية والفصائلية والشعبية والمؤسساتية مسؤولية كبيرة في صياغة برنامج عمل موحدة في مواجهة المخطط الأمريكي - الإسرائيلي. ■ إن هذا يرتب مسؤوليات ومهمات كبيرة على البعثات الدبلوماسية الفلسطينية، خاصة في أوروبا، وعلى الجاليات الفلسطينية أيضاً وجميع الأطر الفلسطينية التصدي للمحاولات الإسرائيلية الناشطة في أوروبا وفضحها، وتقديم الصورة على حقيقتها بأن إسرائيل تمارس أساليب الكذب والنفاق والخداع، وأيضاً أساليب الضغط على بعض الموظفين الأجانب وعلى مراكز بحثية من أجل تأكيد وجهة نظرها لجهة العبث والمس بوكالة الغوث.. وعلى البعثات الدبلوماسية في الخارج مهمة التواصل مع ممثلي الرأي العام الأوروبي، ووضع الخطط الكفيلة بدخص المزاعم الإسرائيلية، بوضع قضية وكالة الغوث والمخطط الأمريكي والإسرائيلي الذي يستهدفها على طاولة المتابعة اليومية، وهذه قضية تتحمل مسؤوليتها وزارة الخارجية الفلسطينية التي لا تتعاطى – حتى الآن – مع ما يتهدد حق العودة من مخاطر جدية، بما يستحقه من إهتمام. ■ كما أن دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية، ورغم الجهود التي بذلتها في التواصل مع الدول المانحة، إلا أنها مطالبة بصياغة استراتيجية وطنية خاصة بوكالة الغوث ودعوة الكل الفلسطيني للمشاركة بها، وهي معنية إلى جانب الفصائل بحماية الموظفين وإشعارهم أنهم ليسوا وحدهم في مواجهة منظمات الحركة الصهيونية التي أوكل إليها مهمة التحريض والعبث بوكالة الغوث ودورها، واعتبار أن الدفاع عن موظفي الأونروا في هذه المرحلة هو دفاع عن مكانة وكالة الغوث باعتبارها العنوان السياسي المباشر لكون قضية اللاجئين قضية سياسية وليست مسألة محض إنسانية، كما يحاول البعض أن يصور ذلك.. ■ إن اللاجئين الفلسطينيين ينتمون إلى شرائح إجتماعية توحدها المعاناة من تداعيات اللجوء على مختلف المستويات، وأن ظروف وصعوبات الحياة خاصة في جانبها الإقتصادي ليست سوى من إفرازات المشروع الأمريكي - الإسرائيلي لقناعة الأمريكيين الذين ينغلقون في فقاعة «عقدة العقوبات» بأهمية هذا النوع من الحروب، بعد أن فشلت جميع أشكال الحروب السابقة في تحقيق أهدافها، فكانت الحرب الإقتصادية وحروب التجويع في مسعى جديد لإيصال اللاجئين إلى حالة من اليأس والإحباط علها تسهم في اختراق جدار الرفض والصمود والإصرار على التمسك بالحقوق الوطنية وحق العودة بالذات. إن المخيمات الفلسطينية في كافة التجمعات الفلسطينية تتعرض لاستهداف واضح واستنزاف لطاقاتها البشرية عبر خلخلة الإستقرار الإجتماعي للاجئين وتشجيعهم على الهجرة وإضعاف عناصر التماسك السياسي والإجتماعي داخل المخيمات، وهي النقاط التي أبقت قضية اللاجئين نابضة بقوتها حتى اليوم. وذلك في إطار إستكمال التطبيقات الميدانية للمشروع الصهيوني الذي ما زال يراهن على العامل البشري بمده – إستقدام مستوطنين /وجزره – تهجير فلسطينيين/ باعتباره أحد العوامل الحاسمة في الصراع. ■ وإن كانت وكالة الغوث هي المستهدف الأول والمباشر بالمخطط الأمريكي - الإسرائيلي، فإن الهدف الأبعد هو تصفية حق العودة لملايين اللاجئين. لذلك تصبح الهيئات الفلسطينية على مستوى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية والفصائل واللجان الشعبية والمؤسسات والمثقفين والناشطين والحركة الجماهيرية المنظمة عموماً، مدعوة بأسرها إلى تحمل مسؤولياتها لجهة البحث عن حلول للمشكلات الإجتماعية ووضع خطة وطنية تستجيب للحد الأدنى من مطالب الشباب وطموحاتهم سواء على المستوى السياسي باستعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الإنقسام، بما يبعث برسالة إطمئنان إلى شعبنا بأسره بالسعي الجدي نحو ترتيب أوضاع البيت الداخلي، أو على المستويين الإقتصادي، والتعاطي مع ظاهرة هجرة الشباب الفلسطيني باعتبارها خطر يتهدد تماسك المجتمع الفلسطيني■
الفصل الثالث
حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية
■ مقدمة 1– قانون الكنيست بحظر نشاطات الأونروا 2– أسباب إستهداف الأونروا 3– إستهداف الأونروا بعد «طوفان الاقصى» 4– تمرد إسرائيل على الشرعية الدولية 5– من أجل معاقبة إسرائيل 6– معركة نزع الشرعية عن وكالة الغوث 7– من تداعيات قانون حظر نشاط الأونروا ■ ملاحق
مقدمة ■ إستند موقف إسرائيل من قضية اللاجئين الفلسطينيين منذ بداياته الأولى إلى مبدئين إثنين، هما: عدم الإقرار بالمسؤولية عن تهجير اللاجئين الفلسطينيين من أرضهم وممتلكاتهم عام 1948 + رفض عودتهم إلى مدنهم وقراهم التي هُجّروا منها منذ النكبة. وبناء على هذا الموقف، أرفقت حكومة تل أبيب في مضمون رسالتها الموجهة إلى «لجنة التوفيق الدولية الخاصة بفلسطين»- 2/8/1949 إحاطة وزير خارجيتها موشيه شاريت، المقدمة للكنيست، التي تنص على أنه «يجب حل قضية اللاجئين العرب، ليس من خلال عودتهم إلى إسرائيل، بل من خلال توطينهم في دول أخرى». ■ ونظراً للدور الهام الذي لعبته الأونروا على أكثر من مستوى، فقد كانت دائماً محط إستهداف الثنائي الإسرائيلي - الأميركي، الذي سعى في أكثر من مناسبة إلى إفراغ الأونروا من مضمونها السياسي - القانوني وتحويلها إلى مجرد هيئة خدماتية إنسانية؛ لذلك، بادرت إسرائيل إلى طرح مشاريع عكست هذه الرؤية لدور الوكالة على خلفية الرفض القاطع لتطبيق القرار 194، الذي يكفل حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى الديار والممتلكات. ■ في 17/8/2018، أعلن رئيس بلدية القدس المحتلة نير بركات عزمه إزالة مؤسسات الأونروا من القدس الشرقية لأنها «منظمة سياسية» و«مدارسها تعلم الإرهاب» و«حق العودة غير قائم». كما طالب رئيس حكومة الإحتلال بنيامين نتنياهو في 11/6/2019 بتفكيك الأونروا، وإنهاء دورها لأنها تؤبد قضية اللاجئين. وقال ممثّل الإحتلال الإسرائيلي، داني دانون، لدى الأمم المتحدة في 31/10/2019: «سنستخدم كل الوسائل الممكنة حتى يتم إنهاء عمل الأونروا»، متهماً الأونروا بأنها «توظف أموال الدعم الدولي في تسويق الرواية الفلسطينية بهدف المسّ بإسرائيل ومكانتها الدولية»■ (1) قانون الكنيست بحظر نشاطات الأونروا ■ في 26/1/2025، دخل إلى حيِّز التنفيذ قانون «وقف نشاطات الأونروا في أراضي دولة إسرائيل» الذي تم سَنَّهُ في الكنيست في 28/10/2024، أي قبل 90 يوماً من سريان مفعوله. القانون يتضمن قرارين يكملان بعضهما البعض: الأول يحظر عمل الوكالة في الأراضي السيادية لإسرائيل، بما فيه القدس الشرقية بعد قرار ضمها للكيان؛ والثاني يُعلن عن وقف علاقات العمل وإتصالات إسرائيل مع الوكالة، ما يعني أيضاً إلغاء إلتزام إسرائيل العائد إلى العام 1967 بمنح الحماية وحرية الحركة لموظفي الوكالة في المناطق المحتلة. القانون لا يُمكن إسرائيل من منع الوكالة من العمل في الضفة والقطاع، باعتبارهما خارج أراضيها السيادية. ولكن، بما أن إسرائيل تواصل السيطرة على الضفة والقطاع وعلى المعابر التي تؤدي إليهما، فإن وقف التعامل مع الوكالة وحرمان موظفيها من الحماية وحرية الحركة، يقود إلى تعطيل عمل الأونروا، التي لن يكون بمقدورها – من بين أمور أخرى - إستخدام المعابر البرية والجوية والبحرية من أجل نقل المواد الغذائية والأدوية والمعدات الطبية والوقود، الخ.. إلى منشآتها ومؤسساتها. ومن التداعيات الخطيرة لهذا القانون، أنه سيجعل من غير الممكن على الأونروا، التعامل مع البنوك الإسرائيلية، مما سيؤدي «إلى الإنهيار الإداري للوكالة في الضفة والقطاع بسبب العراقيل التي ستوضع على دفع الرواتب، وعلى الدفع للموردين والمقاولين وغيرهم من المتعاملين مع الوكالة». هذا إلى جانب «منع مؤسسات الدولة وكيانات وأشخاص آخرين يتولون مناصب عامة، بحسب القانون، من إقامة أي علاقة مع الأونروا، أو أي جهة من طرفها»، بحيث يتم «إلغاء التسهيلات الضريبية والحصانة الدبلوماسية التي كانت تتمتع بها الوكالة». ■ أثار تصويت الكنيست على قانون حظر عمل الأونروا بقسميه غضباً دولياً واسعاً، ترافق مع دعوة المجتمع الدولي من خلال إصدار قرارين عن الجمعية العام للأمم المتحدة إلى إسرائيل من أجل تعليق قانونها الذي «ينتهك القانون الدولي باستهدافه المباشر عمليات إحدى وكالات الأمم المتحدة، ويهدد مصير المساعدات الإنسانية في غزة». وقال المفوض العام للأونروا في تعليقه على القانونين: «إن هذا التصويت يخلق سابقة خطيرة تتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة وينتهك إلتزامات دولة إسرائيل بموجب القانون الدولي»، وهو «يزيد من معاناة الفلسطينيين ولا يشكّل سوى عقاب جماعي». بينما قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في 29/10/2024: «الأونروا تظل الجهة الأساسية المسئولة عن تقديم المساعدات الضرورية للاجئين فلسطين.. ولا يوجد بديل يمكنه القيام بدورها»، ودعا إسرائيل «إلى التصرف وفقاً لالتزاماتها بموجب ميثاق الأمم المتحدة وفيما يتعلق بالقوانين الدولية، بما في ذلك تلك المتعلقة بالقانون الإنساني وحقوق الإنسان»، مشدداً على أن «القوانين الوطنية (أي الصادرة عن دول بعينها) لا يمكنها تغيير هذه الإلتزامات»، وذلك قبل أن يعلن عزمه على «عرض هذه القضية على الجمعية العامة للأمم المتحدة». ■ كما ندد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية/ WHO، بالقرار «الذي لا يطاق»، والذي ستكون له «عواقب مدمرة»، وأضاف أن ذلك «يتعارض مع إلتزامات إسرائيل ومسؤولياتها»، مؤكداً أن «الأونروا شريان حياة لا يمكن تعويضه للشعب الفلسطيني». واعتبر ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة – اليونيسيف/ UNICEF أن القانون الذي أقرّه الكنيست ضد الأونروا «ينطوي على طريقة جديدة لقتل الأطفال الفلسطينيين»، مشيراً إلى أن منظمته «لا تستطيع تقديم المساعدات المُنقذة للحياة من دون الأونروا». ■ أما فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الأممية المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، فقالت: «إن إسرائيل تهدف إلى تصفية الأونروا، باعتبارها رمزاً للوجود الدولي في فلسطين». وطالبت بـ «تعليق عضوية إسرائييل في الأمم المتحدة» باعتباره «واجب على المجتمع الدولي تنفيذه بسبب ما فعلته خلال 15 شهراً الماضية ضد الأمم المتحدة». ■ وفي تعليقها على القانون بقسميه، أعلنت حتى الولايات المتحدة – المتواطئة عادة مع إسرائيل - أنها «قلقة للغاية»، وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية، على الدور الإنساني «الحاسم» للأونروا في غزة، في حين دعت سبع دول حليفة لإسرائيل، من بينها ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، السلطات الإسرائيلية إلى «تعليق تشريعاتها هذه»، محذرة من «عواقبها المدمرة في الضفة الغربية وقطاع غزة». وحتى في إسرائيل، أثار مشروع القانون، قبل يوم من إقراره، القلق بين كبار المسؤولين في وزارة الخارجية، حسبما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، التي حَذَّرت من أنه «إذا تم إعتماد النص في القراءة الثانية والثالثة في الكنيست، فقد يتم تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة لانتهاكها ميثاق المنظمة»■ (2) أسباب إستهداف الأونروا ■ تأسست الوكالة بناء على قرار أممي هو القرار 302- 8/12/1949 تجدد الجمعية العامة للأمم المتحدة ولايتها دورياً، غالباً مرة كل ثلاث سنوات، لذا فهي تعيد تذكير دول العالم أجمع بالقضية الفلسطينية، من مدخل موضوع اللاجئين وبمظلومية شعب فلسطين، وبمسؤولية الإحتلال عنها. ويستند القرار المذكور إلى قراري الجمعية العامة 212-19/11/1948 القاضي «بإنشاء صندوق خاص للاجئين الفلسطينيين»، والقرار 194- 11/12/1948 القاضي بإنشاء «لجنة توفيق تابعة للأمم المتحدة» معنية أيضاً بـ «تقرير حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم»، والأخير هو القرار الذي تسعى إسرائيل للتنصل من تطبيقه، كونه ينص صراحة على
«وجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم»( )؛ علماً أن القرارين 212 و 194 «يؤكدان بصورة خاصة أحكام الفقرة 11 من القرار 194»، كما ورد في ديباجة القرار 302، كما وبفقرتيه 5 و20، فالأولى «تعترف بأنه من الضروري إستمرار المساعدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين، بغية تلافي أحوال المجاعة والبؤس بينهم، ودعم السلام والإستقرار، مع عدم الإخلال بأحكام الفقرة 11 من قرار الجمعية العامة رقم 194 الصادر في 11/12/1948»؛ والفقرة الثانية – ذات الرقم 20 توعز فيها الجمعية العامة «إلى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين في الشرق الأدنى بالتشاور مع لجنة التوفيق بشأن فلسطين التابعة للأمم المتحدة، لما فيه خير أداء مهمات كل منها، وخصوصاً فيما يتعلق بما ورد في الفقرة 11 من قرار الجمعية العامة 194...». ■ هذه الصلة التأسيسية للقرار 302 بالقرار 194 هي التي تفسر إصرار إسرائيل ومعها الولايات المتحدة على إستهداف الأونروا والسعي إلى تقويضها كلياً، أو تغيير ولايتها بالحد الأدنى، لا سيَّما أن الأونروا تُعرِّف اللاجئين الفلسطينيين بأنهم أولئك الأشخاص الذين كانت فلسطين هي مكان إقامتهم الطبيعي خلال الفترة بين شهري 6/1946 و5/1948، والذين فقدوا منازلهم ومورد رزقهم نتيجة حرب 1948... وأن أبناء لاجئي فلسطين الأصليين، المتحدرين من صلبهم مؤهلون أيضاً للتسجيل لدى الأونروا. ■ يُسَهِّل تقويض الأونروا تلاعب الإحتلال بتعريف اللاجيء الفلسطيني، لجهة التعريف الذي يشير إلى طابعه الإنتقالي العابر كما ورد في «ميثاق اللاجئين»- 1951، بدلاً من تعريف الأونروا، الذي يصون مكانة اللاجيء، وحقوقه ويبقي عليها إلى أن تُحل في إطار الحل، الذي تنص عليه الفقرة 11 من القرار الأممي الرقم 194. لقد شمل تعريف الأونروا للاجيء الفلسطيني أبناء اللاجئين وذُريتهم. ولا يستثني تعريف الوكالة اللاجئين الحاصلين على جنسيةٍ أخرى، ما يساوي الحفاظ – على مدار الأجيال - على حق العودة وفق القرار 194. ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين وفق سجلات الأونروا حتى شهر 12/2020 حوالي 6.4 ملايين لاجيء فلسطيني. ■ وبالمقابل، فإن «ميثاق اللاجئين»- 1951 يحرم اللاجيء من توريث وضعه القانوني وحقوقه لِذُريته، وفي مقدمتها حقهم في العودة والتعويض من بعده، كذلك تنتفي صفة اللجوء وفق هذا الميثاق في حال حصول اللاجيء على جنسية دولة أخرى، وأصبح يتمتع بحمايتها، وبالتالي يفقد حقه في العودة والتعويض في هذه الحالة. وقد إستثنت إتفاقية عام 1951 من تعريفها اللاجئين الفلسطينيين عندما نصت في الفقرة د/1 على أن «لا تشمل هذه الإتفاقية الأشخاص الذين يتمتعون حالياً بحماية أو مساعدة هيئات أو وكالات تابعة للأمم المتحدة غير مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين». وعلى الرغم من سجلات الأونروا ووثائقها، يرفض الإحتلال الإقرار بأرقام الأونروا التي تتولى عملية حفظ سجلات وقيود اللاجئين الفلسطينيين، ويزعم أن مجمل لاجئي فلسطين الأحياء اليوم لا يتجاوز عددهم الـ 200 ألف لاجيء فلسطيني، وذلك إستناداً إلى تعريف «ميثاق اللاجئين»- 1951، الذي يحرم نسل اللاجيء من مكانته القانونية، ومن الحق الطبيعي والإنساني والقانوني في العودة والتعويض. ■ ثمة أسباب أخرى، تدفع إسرائيل للإطاحة بالولاية القانونية – السياسية التي تتقلدها الوكالة لجهة التأكيد على موقعية «حق العودة» ضمن منطومة الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، تتمثل بمايلي: 1- المساهمة في إبراز الكيانية/الهوية الفلسطينية: تمثّل الأونروا إطاراً مؤسسياً جامعاً لشريحة واسعة من الفلسطينيين، إذ تقدم خدماتها لمجمل المخيمات داخل فلسطين وفي أقطار اللجوء، الأمر الذي ساهم في صون الهوية الفلسطينية وتكريسها، خصوصاً في مخيمات اللجوء في الدول المضيفة، التي راهن الإحتلال وداعموه على إندماج اللاجئين في مجتمعاتها، وخسارتهم لهويتهم الوطنية الجامعة. لقد إلتقى دور الوكالة – بتأثيره على نجاح لاجئي الشتات الفلسطيني في الحفاظ على هويتهم الوطنية، وعلى بنية وطنية وإجتماعية فلسطينية - مع واقع إستمرار حالة اللجوء وزخم الحياة الوطنية بفعل حضور فصائل المقاومة ودورها الكفاحي. 2- حفظ الذاكرة الفلسطينية: ساهمت الأونروا في حفظ الذاكرة الوطنية الفلسطينية، تحديداً ذاكرة النكبة وما تبعها من جرائم الإحتلال الإسرائيلي، ومن مأساة الفلسطينيين المستمرة حتى اليوم، وهو ما تعتبره دولة الكيان تهديداً وجودياً له، لاعتبارها جامعاً وطنياً، يحرض الفلسطينيين على إستعادة حقوقهم المغتصبة منذ النكبة. إن الأساس القانوني – السياسي الذي قامت عليه الوكالة، معطوفاً على برنامجها التربوي ودورها الإجتماعي، يساهم بلا أدنى شك في إعلاء شأن الحقوق وتأكيدها في المجرى العملي للأمور■
(3) إستهداف الأونروا بعد «طوفان الاقصى» ■ في 26/1/2024، زعم مسؤولون إسرائيليون أن 12 موظفاً من موظفي الأونروا «متورطون» في حرب أكتوبر 2023، وتناقلت العديد من وسائل الإعلام، نقلاً عن معطيات إستخباراتية، إدعاءات بأن حوالي 10% من موظفي الأونروا في قطاع غزة، أي نحو 1200 شخص، يقيموا علاقة بحركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، رغم أن وكالة الأونروا وحتى اللحظة لم تتلقَ أي معلومات، أو أدلة، من إسرائيل بخصوص هذه المزاعم.. ورغم مسارعة المفوض العام للأونروا في 26/1/2024 بفصل بعض الموظفين المتهمين فوراً، مبرراً القرار بأنه «حرصاً على مصلحة الوكالة»، إلا أن عدداً من الدول المانحة وفي مقدمتها الولايات المتحدة، سارعت إلى إعلان تعليق مؤقت لمساهماتها المالية للأونروا بناء على المزاعم الإسرائيلية، حتى قبل صدور نتائج التحقيق. فيما سارعت العديد من الدول والمنظمات والمؤسسات الدولية والإتحادات المحلية والدولية والفصائل الفلسطينية إلى إدانة هذه الخطوة، كما أدانت أيضاً قيام الأونروا بفصل موظفيها بناء على إدعاءات الإحتلال ليس إلا. واعتبر قرار التعليق بمثابة عقاب جماعي لعموم اللاجئين والأونروا. ■ وبناءً على طلب من الأمين العام للأمم المتحدة، قام مكتب خدمات الرقابة الداخلية، وهو أعلى هيئة تحقيق في الأمم المتحدة، بفتح تحقيق في المزاعم الإسرائيلية، وشكّل الأمين العام، في 5/2/2024، لجنة مستقلة للتحقيق تحت إسم «لجنة المراجعة المستقلة» برئاسة وزيرة خارجية فرنسا السابقة كاترين كولونا، لم يكشف تقريرها، الصادر في 22/4/2024، عن «أي خلل وظيفي كبير داخل المنظمة»، على الرغم من بروز بعض «المشاكل المرتبطة بحياديتها»، وأن إسرائيل «لم تقدم حتى الآن دليلاً على إتهاماتها الرئيسية». ■ وبناء على نتائج هذا التقرير إستأنفت الدول تمويلها، باستثناء الولايات المتحدة، بعد أن دحض التقرير قسماً كبيراً من الإتهامات الإسرائيلية، وإن إعترف بوجود مشكلات «حياد سياسي»، إلا أن التقرير أقرّ بأن الأونروا «تمتلك آليات لضمان هذا الحياد، أكثر مما تمتلكه وكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة»، مقدّراً أن الأونروا «لا يمكن إستبدالها ولا الإستغناء عنها»، وأن الهجوم عليها، بينما تواجه غزة «أزمة إنسانية، بل وجودية متعددة الأبعاد»، يكشف عن «سياسة غير مسؤولة للأرض المحروقة، بينما هناك طريق أفضل للرد على التساؤلات والإنتقادات بشأن وضع الأونروا، وهو بذل كل الجهود من أجل إيجاد أفق سياسي يحل محل أفق الحرب المظلم القائم اليوم». ■ ولدحض الإتهامات ضدها، أصدرت الأونروا في 29/2/2024، وثيقة بعنوان: «حقائق في مواجهة المعلومات المضللة»، ذكرت فيها أنها «كأي منظمة أخرى تابعة للأمم المتحدة، تقوم بإجراء فحوصات مرجعية مفصلة لجميع موظفيها»، كما «تقوم سنوياً بإطلاع السلطات المضيفة، في لبنان والأردن وسورية والسلطة الفلسطينية، وكذلك إسرائيل بصفتها السلطة القائمة بالإحتلال في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية وغزة، على أسماء وأرقام الموظفين ووظائفهم»، وأنها لم تتلقَ، قبل شهر 1/2024، «أي إشارة من السلطات المعنية حول تورط موظفيها في جماعات مسلحة». ■ وأضافت الوثيقة أنه «خلال النزاعات في قطاع غزة، وقعت حوادث إنتهكت فيها جهات مسلحة من كلا الجانبين حيادية مواقع الأونروا المحمية بموجب القانون الدولي»، ما دفع الأونروا إلى «إدانة مثل هذه الإنتهاكات لمباني الأمم المتحدة». أما فيما يتعلق بالزعم الإسرائيلي بأن مناهج التعليم المتبعة في مدارس الأونروا تحض على «الكراهية»، فقد أوضحت الوثيقة أن الأونروا «تستخدم الكتب المدرسية للحكومة المضيفة، بما يتماشى مع أفضل ممارسات الأمم المتحدة للتعليم الجيد في مخيمات اللاجئين»، وهي «تقوم بمراجعة جميع الكتب المدرسية المستخدمة في مدارسها لتحديد الأجزاء التي تتوافق مع قيم الأمم المتحدة ومعايير اليونسكو التعليمية، ولا تتسامح الأونروا مع خطاب الكراهية أو التحريض على التمييز أو العنف، وقد أكد المحللون المستقلون وخبراء التعليم الدوليون على جودة محتوى التعليم الذي تقدمه الأونروا في مدارسها». ■ وفي 30/5/2024، طالب المفوض العام للوكالة، فيليب لازاريني، إسرائيل بوقف «حملتها» ضد الوكالة، في مقال رأي نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» بعنوان «يجب على إسرائيل أن توقف حملتها ضد الأونروا»، ورد فيه: «بينما أكتب هذه السطور، تحققت وكالتنا من مقتل ما لا يقل عن 192 من موظفيها في غزة، وتضرر أو دُمر أكثر من 170 مرفقاً تابعاً لها، وقد هُدمت المدارس التي تديرها الأونروا، وقُتل 450 نازحاً أثناء لجوئهم إلى المدارس أو غيرها من منشآت الأونروا»؛ كما تقوم قوات الأمن الإسرائيلية، منذ 7/10/2023، «باعتقال موظفي الأونروا في غزة، الذين أفادوا بتعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة أثناء إحتجازهم»؛ كما «يتعرض موظفو الأونروا للمضايقات والإهانات بصورة منتظمة عند نقاط التفتيش الإسرائيلية في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية» التي إحتلها إسرائيل وضمتها. وأعرب فيليب لازاريني عن أسفه لأن «المسؤولين الإسرائيليين لا يهددون عمل موظفينا فحسب»، بل يعملون أيضاً على نزع الشرعية عن الأونروا من خلال تصويرها «كمنظمة إرهابية تروّج للتطرف»، داعياً المجتمع الدولي إلى «العمل بحزم ضد الهجمات غير الشرعية على الأمم المتحدة، ليس من أجل غزة والفلسطينيين فحسب، بل من أجل جميع الدول»■
(4) تمرد إسرائيل على الشرعية الدولية ■ في بداية شهر 10/2024، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي «منع الأمين العام للأمم المتحدة، من دخول البلاد»، ولم يكن الأمين العام أول من يتم منعه، فقد سبق أن منعت إسرائيل عدداً كبيراً من المسئولين الدوليين من زيارتها على خلفية إتخاذهم مواقف لا تنسجم مع السياسة الإسرائيلية، ومن بين هؤلاء: فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في «الأراضي الفلسطينية المحتلة»، ومسؤول السياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي. ورغم أن إسرائيل تدين للأمم المتحدة الإعتراف بمكانتها القانونية، أو بمركزها القانوني كدولة، إلا أن العداء كان سمة ملازمة لعلاقة إسرائيل بالمنظمة الدولية، لعدة أسباب، ومنها: – إن إسرائيل هي «الدولة» الوحيدة في العالم التي قُبلت عضويتها في الأمم المتحدة وفقاً لقرار الجمعية العامة الرقم 273 – 1949( )، بالشرط المعلق على إلتزامها بتطبيق القرارين الرقم 181-1947 الخاص بتقسيم فلسطين، والقرار الرقم 194 - 1948 المتعلق – من بين أمور أخرى - بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم. هذا إلى جانب مواظبة الأمم المتحدة من خلال عديد منظماتها لعشرات القرارات التي تؤكد على الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني. – إصدار الجمعية العامة عام 1975 للقرار رقم 3379 الذي إعتبر «الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز العنصري».. ورغم إلغاء القرار عام 1991 إثر إنطلاق العملية السياسية في إطار مؤتمر مدريد للسلام – 30/10/1991، وبنتيجة الإنقلاب الذي حصل في موازين القوى الدولية، بعد إنهيار الإتحاد السوڤييتي، فما زال القرار 3379 يشكل عقدة تاريخية يؤرق إسرائيل والحركة الصهيونية، في حال تجدد شروط إستعادته، أو ترويجه وتنشيط عملية تداوله. ■ هذا الموقف العدائي حيال الأمم المتحدة يعود إلى المراحل الأولى لنشوء الكيان الإسرائيلي، عندما حَوَّلت الحركة الصهيونية أفكارها السياسية وأيديولوجيتها القائمة على الأساطير والمزاعم التوراتية إلى أدوات قتل وإرهاب، فلجأت إلى إغتيال «وسيط الأمم المتحدة في سبيل تسوية سلمية للحالة المستقبلية في فلسطين»( )، الكونت برنادوت (19 أيلول/ سبتمبر 1948)، بعد يوم واحد فقط من وضع تقريره الذي قدم فيه الأسباب الموجبة لضرورة عودة جميع اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم.. وحتى مع الإنقلاب الذي حصل في موازين القوى الدولية، التي أخذت تميل لصالح إسرائيل، نتيجة الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية على دول أخرى، بقيت الأمم المتحدة محافظة على الحد الأدنى من صدقيتها في التعاطي مع أنظمتها الداخلية، وبقي القسم الأكبر من الدول داعماً ومؤيداً للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، رغم التهديدات العلنية من مسئولين أميركيين وإسرائيليين بمعاقبة الدول التي تناصر الحقوق الفلسطينية. ■ تُعتبر فلسطين، كحركة تحرر وطني وكدولة مراقبة تتمتع بعديد إمتيازات الأعضاء العاملين في الأمم المتحدة أكثر من حظي بقرارات دعم من الأمم المتحدة ومنظماتها، على النقيض من إسرائيل، الدولة التي صدرت بحقها أكثر قرارات الإدانة. وهذا ما يفسر إفتعال إسرائيل للأزمات مع الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية، لوضع العالم أولاً تحت سيف الإبتزاز التاريخي على خلفية ما تَعَرَّض له اليهود بفعل مأساة «المحرقة» في أوروبا، كونها جريمة إبادة جماعية غير مسبوقة في القرن العشرين؛ وثانياً بهدف حرف الأنظار عن حقيقة أن فلسطين ما زالت القضية، التي تُحظى باهتمام كبير في العالم. ■ إن موازين القوى الدولية داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما زالت تميل لصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية، وذلك بالقرارات السنوية والدورية التي تصدر عن عدد من مؤسسات الأمم المتحدة التي تؤكد على مجموعة من القضايا، والتي قدرتها بعض المؤسسات الصهيونية في الفترة بين عامي 2015 - 2022 بـ 140 قراراً تناولت عديد القضايا.. لذلك، فإن منظمات الأمم المتحدة ومؤسساتها والقرارات الصادرة عنها كانت وما زالت موضع عداء من جانب إسرائيل. ولولا الدعم الذي تحظى به من بعض أعضاء مجلس الأمن (ڤيتو الولايات المتحدة)، لكانت إسرائيل منذ زمن خارج الأمم المتحدة.. فخلال فترة زمنية قصيرة، إتخذت إسرائيل مواقف حادة وصلت إلى درجة العداء التام لعدد كبير من مؤسسات الأمم المتحدة ومسؤوليها، ما أثار مخاوف على المستوى الدولي بشأن مصير هذه المؤسسات العاملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بعد أن تعرض أعضاءها لتهديدات وصل بعضها حد التهديد بالقتل، إضافة إلى عشرات المنظمات والمؤسسات الدولية التي تصنفها إسرائيل كمنظمات معادية لها.. ■ لم يكن إعلان الكنيست إحدى وكالات الأمم المتحدة (الأونروا) «منظمةً إرهابية»، إلا تتويجاً لمسار العداء التاريخي من جانب إسرائيل ورفضها للقرارات التي تعبر عن الإرادة الدولية الجامعة الممثلة بالجمعية العامة للأمم المتحدة، حتى وصل الأمر لدرجة إعلان رأس هذه المنظمة – أي أمينها العام - شخصاً غير مرغوب فيه ووصفه بأنه «شريك في الإرهاب» ويُمنع عليه دخول إسرائيل، بل إعتبار الأمم المتحدة نفسها بأنها «مستنقع لمعاداة السامية». ■ لم تنجح الأمم المتحدة دائماً بالحفاظ على السلم والأمن الدوليين، كما حددها ميثاق الأمم المتحدة، نتيجة الإمتيازات التي مُنحت للدول الخمس العظمى المنتصرة في الحرب العالمية الثانية (الولايات المتحدة + الإتحاد السوڤييتي + الصين + بريطانيا + والتي أضيفت إليها فرنسا بناءً على إلحاح بريطانيا)، لجهة عضويتها الدائمة في مجلس الأمن- P5، وإمتلاكها لحق النقض، أي الڤيتو. ومن بين النتائج السلبية لهذا الترتيب، الذي إعتمد على خلفية الرهان على إضطلاع هذه الدول بدور «الشرطي العالمي» الضامن للسلام، عجز مجلس الأمن عن عكس مواقف أغلبية الدول الممثلة في الجمعية العامة، المعبرة عن مواقف شعوب العالم في دعم تطلعات حركات التحرر الوطني وغيرها من القضايا، التي تحفظ حقوق الشعوب ومصالحها، بعيداً عن سياسات الهيمنة والتبعية والوصاية الأجنبية■ (5) من أجل معاقبة إسرائيل ■ رغم الجهود الدولية التي بذلت لتجاوز هذه الإشكالية من خلال نص القرار 377 الصادر عن الجمعية العامة عام 1950 تحت عنوان «الإتحاد من أجل السلام»، والذي بموجبه تُمنح الجمعية العامة حق إتخاذ قرار التدخل باستخدام القوة تحت الفصل السابع من الميثاق في قضية ما، أخفق مجلس الأمن في اتخاذ قرار بشأنها نتيجة إستخدام إحدى الدول الخمس لحق الڤيتو، فإن الجمعية العامة ظلت عاجزة عن تطبيق عشرات القرارات التي صدرت من أجل حفظ الأمن والسلم الدوليين، كما حصل مع تلك، المتعلقة بالقضية الفلسطينية، فظلت معلقة نتيجة إستخدام حق النقض، ما يشجع إسرائيل على المضي في تمردها على الشرعية الدولية. ■ إسرائيل نموذج فاقع للتأثيرات السلبية لهذه التوازنات، وانعكاس للتناقضات والصراعات بين الدول الكبرى. فرغم أنها العضو الأكثر تعرضاً للنقد والإدانة دولياً، وتصدرها لقائمة الدول التي صدرت بحقها قرارات دولية لمراجعة سياساتها الكولونيالية، والكيان الأقل إلتزاماً بهذه القرارات، والأكثر تمرداً عليها، فإن الأمم المتحدة تقف عاجزة عن إتخاذ ولو إجراءً واحداً، يردع هذا التمرد ويجبر إسرائيل على احترام الإرادة الدولية. صحيح أن الڤيتو الامريكي يلعب الدور الأساس في تشجيع إسرائيل على مخالفة قرارات الشرعية الدولية والسير بعكس الإرادة الدولية، إلا أن هناك هامشاً بقي موجوداً، لم تتمكن الجمعية العامة من تفعيله والإستفادة منه لحماية قراراتها، والإبتعاد عن تأثيرات الڤيتو، إلا في حالات نادرة وبتوصيات لم ترَ النور.. ■ ترتفع اليوم أصوات كثيرة من قبل دول ومؤسسات وخبراء في القانون الدولي تدعو إلى طرد إسرائيل من الأمم المتحدة، غير أن هذه الدعوات ما زالت تصطدم بنص المادة الخامسة التي ترهن مسألة طرد أي عضو من الأمم المتحدة بتوصية من مجلس الأمن ستسقط على يد تفعيل حق الڤيتو، ما يطرح إمكانية تعليق عضوية إسرائيل في المنظمة الدولية بتجاوز نص المادة الخامسة، وبالإستفادة من سابقة دولية تعود إلى العام 1974، عندما تم تعليق عضوية جنوب أفريقيا بسبب إعتمادها لنظام الفصل العنصري. ■ في الواقع الإسرائيلي الراهن، فهناك عشرات القوانين الإسرائيلية العنصرية التي لا تختلف – توصيفاً ومضموناً - عن القوانين والتشريعات التي سنّتها حكومة البيض في جنوب أفريقيا، نذكر منها: قانون العودة- 1950، قانون الجنسية- 1951، قانون أملاك الغائبين- 1950، قانون إستملاك الأراضي والتصرف بها- 1953، قانون تقادم الزمن- 1957، قانون توزيع السكان- 1975 الذي يمنع على غير اليهود البناء في بعض المدن، قانون التخطيط- 1982 الذي لا يسمح بمنح رخص بناء في التجمعات الفلسطينية لمعالجة مشكلة الكثافة السكانية، قانونا المواطنة وسحب الجنسية- 2008، قانون النكبة- 2011، قانون التغذية القسرية للأسرى- 2015، قانون راشقي الحجارة- 2015، قانون منع الآذان- 2017، قانون محاكمة الأطفال الفلسطينيين دون سن 14 عاما- 2018.. إضافة إلى مئات القرارات الإدارية التي تتسم بطابع عنصري وتمييزي فاقع.. ■ إن القوانين والممارسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في مناطق الـ 48 والـ 67 على حد سواء، خاصة بعد إقرار «قانون الدولة القومية لليهود في إسرائيل»- 2018، تطرح العنصرية اليهودية بشكلها المؤسسي، وتضعها بشكل رسمي كسياسة للكيان ومؤسساته. وبالتالي، فإن الإحتلال شرّع بقوانينه نظام التمييز العنصري وأعاد تأسيس نفسه من جديد ككيان إحتلالي وعنصري خارج عن القانون ومعادي للديمقراطية، ولا يعيش إلا على وقع سياسات التطرف والعدوان ضد الشعب الفلسطيني.. وهو ما يعطي الأسباب الموجبة لتعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة كمقدمة لطردها من المؤسسات الدولية الأخرى التابعة للأمم المتحدة.. ■ ما يضفي مشروعية أكثر على مطلب الطرد أو التعليق هو مخالفة إسرائيل أولاً لشروط قبولها عضواً في الأمم المتحدة لجهة عدم إحترامها لمقاصـد الأمم المتحدة، خاصة لجهة حفظ السلم والأمن الدولي واحترام حق الشعوب بتقرير مصيرها، وامتناع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو إستخدامها ضد سلامة الأراضي أو الإستقلال السياسي لأية دولة. ولعل العنوان الأهم الذي يمكن وضعه في قائمة الأسباب الموجبة هو القانون الإسرائيلي بحظر أنشطة وكالة الغوث وإلغاء «إتفاقية المقر»، وهي الإتفاقية الموقعة معها عام 1967، وهو إجراء لا يعتبر – فحسب - تعدياً على كل ما سبق من إلتزامات، بل ومناقضاً لنص المادة 105 من الميثاق والتي تنص صراحة على أن «تتمتع الهيئة (الأونروا) في أرض كل عضو من أعضائها بالمزايا والإعفاءات التي يتطلبها تحقيق مقاصدها.. وكذلك يتمتع المندوبون من أعضاء الأمم المتحدة وموظفو هذه الهيئة بالمزايا والإعفاءات التي يتطلبها إستقلالهم في القيام بمهام وظائفهم المتصلة بالهيئة». ■ إن إسرائيل بممارساتها وسياساتها وإجرامها اليومي ضد الشعب الفلسطيني، وتحديها العلني والصريح لمنظمات ومسؤولي الأمم المتحدة، ورفضها الإمتثال للقرارات التي تصدرها المنظمات الأممية، هي من تضع نفسها خارج إطار مسار التعاون الدولي الذي تمثله الأمم المتحدة؛ وبالتالي، فإن هذه المنظمة تصبح معنية في المقام الأول بتطبيق مبدأ المساواة بين جميع أعضائها، وتفعيل آليات العقاب والمساءله ضد كل عضو لا يمتثل للإرادة الدولية ويشكل بممارساته تحدياً لما تعتبره المنظمة تهديداً للسلام العالمي.. إن ما تقوم به إسرائيل من جرائم عابرة للحدود لا يؤهلها لأن تكون عضواً قادراً على تحمل الإلتزامات التي يقرها ميثاق الأمم المتحدة وبشهادة غالبية دول العالم، التي أعطت صوتها لفلسطين، وأدانت إسرائيل على جرائمها وعلى خرقها الدائم للميثاق، فإسرائيل بخلفيتها الأيديولوجية هي كيان يتصرف كأنه فوق القانون، لا بل فوق النظام الدولي بكافة مؤسساته، وهي غير قادرة على الوفاء بأهم تعهد لها وهو إحترام رغبة الشعوب بتقرير مصيرها بحرية. ■ إن الإفلات من العقاب وعدم محاسبة من ينتهك القانون الدولي، ومن يستسهل إرتكاب الجرائم ضد المدنيين العُزل بما فيه الأطفال والنساء، ومن يتفاخر بعدائه للأسرة الدولية ممثلة بالأمم المتحدة وبالمنظمات الدولية، يقدم المسوغات التي تجعل من إسرائيل كياناً خارج الشرعية الدولية. وبالتالي فإذا كانت المؤسسات الدولية عاجزة عن إتخاذ إجراءات رادعة ضد إسرائيل، رغم الإدانات الدولية المتكررة، فمن حق شعوب العالم أن تأخذ المبادرة في الدفاع عن نفسها، وفقاً لما أقرته الشرعية الدولية التي أعطت للدول، فُرادى أو جماعات، الحق في الدفاع عن النفس، بما يشمل مصالحها وحقوقها الوطنية■ (6) معركة نزع الشرعية عن وكالة الغوث ■ إن إسرائيل ليست وحدها من يخوض معركة نزع الشرعية عن وكالة الغوث، بل هناك العديد من الدول التي تتشارك معها، وهي معركة لم تعد محصورة باتهامات ومزاعم إسرائيلية تعلم الدول الغربية والأطلسية المانحة للأونروا أنها كاذبة ومضللة، وتعلم أن الهدف هو ليس ما تدعيه إسرائيل وبعض الدول الحليفة لها، بل بدأت تمس خطوط حمراء ومصالح وحقوق أكثر من ستة ملايين لاجيء فلسطيني ما زالوا يتمسكون بحق العودة. ■ في 30/12/2023، أي بعد مرور ثلاثة أشهر على العدوان على القطاع، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن خطة وضعتها وزارة الخارجية الإسرائيلية من ثلاث مراحل، تهدف إلى حل الأونروا، وأحالت هذه الخطة إلى الحكومة للعمل بموجبها: 1- الإدعاء بإلقاء القبض على مجموعة من «الأرهابيين» من حماس، ممن شاركوا في الهجوم على غلاف غزة يوم 7/10/2023؛ 2- شن حملة تحريض واسعة على الوكالة، ودعوة الجهات المانحة لوقف تمويلها؛ 3- تتولى خلالها الولايات المتحدة، قيادة أوسع حملة مع حلفائها، لتجفيف مصادر تمويل الوكالة، تعطيل برامجها وشلها، وبالتالي إعتبارها في عداد المنحلة. ■ إن مصدر عداء إسرائيل لوكالة الغوث يكمن أساساً في تجسيدها إلتزام المجتمع الدولي بقضية اللاجئين الفلسطينيين بجانبيها الإنساني الخدماتي والقانوني – السياسي الذي يجدد التمتع بحق العودة للأجيال تحدراً، إلى أن تحل قضيتهم؛ لذلك يخطيء من يعتقد أن الحرب الإسرائيلية المعلنة ضد وكالة الغوث بدأت في 7/10/2023، بنتيجة إتهامات بمشاركة بعض موظفي الوكالة في أعمال «طوفان الأقصى»، ولا مع إقرار الكنيست الإسرائيلي لقانون يحظر أنشطة الأونروا في إسرائيل وفي الأراضي الخاضعة لسيطرتها، ولا بإلغاء «إتفاقية المقر» مع الأونروا والتي كان من نتيجتها سحب الإعتراف بوكالة الغوث، رغم أنها جزء من منظومة الأمم المتحدة وليست مؤسسة فلسطينية، بكل ما نتج عن ذلك من سحب للإمتيازات والحصانات والإعفاءات المالية والضريبية والجمركية التي كانت هذه المنظمة تتمتع بها، إستناداً لتلك الإتفاقية وإلى المادة 105 من ميثاق الأمم المتحدة، بل أن إستراتيجيات التخلص من الأونروا بدأت بشكل مكثف ومدروس -منهجياً وعملياً- بجهد منسق بين واشنطن وتل أبيب، منذ العهد الأول للرئيس الأميركي ترامب، في إطار الخطة المعروفة بـ «صفقة القرن»، لا بل سبقت إعلانها الرسمي في 28/1/2020 حيث إحتلت مسألة إستهداف الوكالة وإنهاء خدماتها موقعاً متقدماً في سياسة الإدارة الأميركية. ■ كان واضحاً أن هناك خطة وضعتها المؤسسات الإسرائيلية لكيفية التعاطي مع وكالة الغوث مستقبلا، وقد إنقسمت إلى مراحل ثلاث: 1- تشويه صورة الأونروا في أعين المانحين؛ 2- عدم السماح للأونروا بتقديم خدماتها بشكل مباشر، خاصة في القطاع وطرح منظمات دولية بديلاً عنها؛ 3- نقل مهام وكالة الأونروا إلى الهيئة التي ستحكم غزة بعد إنتهاء الحرب وإلغاء «إتفاقية المقر» الموقعة مع الأونروا. وقد عَبَّر الأمين العام للأمم المتحدة عن رفضه لهذه الخطة لأكثر من سبب، ومنها: «إن كافة منظمات الأمم المتحدة غير مهيأة لتولي المسؤوليات التي تقوم بها الأونروا، وأن الكلفة التشغيلية للأونروا أقل بكثير من كلفة تشغيل وكالات أممية أخرى، فالرواتب التي تدفعها الأونروا تمثّل ثلث الرواتب التي تدفعها اليونيسف أو برنامج الأغذية العالمي أو منظمات أخرى تابعة للأمم المتحدة». ■ رغم ذلك واصلت إسرائيل حملتها، ولم تترك وسيلة من وسائل الضغط إلا ولجأت اليها، فمارست كل أشكال التحريض على جميع مكونات الوكالة، سواء ما له علاقة بالبرامج والسياسات أو المناهج التعليمية والموظفين والمنشآت، حتى وإن كان التحريض مضللاً ويفتقر إلى المصداقية، لكن الرسالة كانت بجعل هذه المنظمة الدولية موضع تشكيك دائم لإضعاف الثقة الدولية بدورها تمهيداً لإلغاء مكانتها السياسية والقانونية التي يتأسس عليها حق العودة لملايين اللاجئين الفلسطينيين، وفقا لقرار تأسيسها كما سبقت الإشارة. ■ لقد فشلت إسرائيل في محاولاتها الهادفة - كما ذكر المفوض العام في أكثر من مناسبة - إلى نزع الشرعية عن وكالة الغوث. لكن فشل تلك المحاولات لم يترتب عليه طي ملف الحرب على الوكالة، بل إستمرت إسرائيل ومن معها في حربها بأكثر من شكل. وأطلق القرار الجماعي لنحو 19 دولة في بداية عام 2024 بتعليق التمويل ناقوس خطر قد يتواصل ويتفاعل مستقبلاً، حتى لو أن معظم الدول إستأنفت تمويلها، نتيجة الإحراج الذي تسببت به إسرائيل بعدم تقديمها ما يثبت صحة إتهاماتها ضد وكالة الغوث.. ■ التطور الجديد الذي يُخشى منه هو ما أعلنته بعض الدول المانحة بتقديم دعم مالي كبير لمنظمات دولية غير وكالة الغوث، ما يؤشر إلى خطر داهم يجب التصدي له منذ الآن على المستويات الدولية والعربية والفلسطينية. فقد أعلنت حكومة السويد مثلا أنها ستتوقف عن تمويل وكالة الغوث وستزيد بدلاً من ذلك إجمالي المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر قنوات أخرى (72.44 مليون-$-). كما أعلنت الحكومة اليابانية أنها ستقدم مساعدات جديدة لفلسطين (بنحو 100 مليون-$- أمريكي)، وسيخصص هذا المبلغ لدعم السلطة الفلسطينية، والرعاية الصحية، والمآوي، والتعليم، والدعم النفسي والإجتماعي، والصناعة، وتوفير الغذاء، وذلك من خلال منظمات دولية غير وكالة الغوث. ■ إن إستثناء وكالة الغوث من الدعم السويدي والياباني يضع أكثر من علامة إستفهام حول صدقية الموقف لهاتين الدولتين اللتين ما زالتا حتى اللحظة تؤكدان دعمهما السياسي للأونروا، بل أن تكريس المنظمات البديلة عن وكالة الغوث يشكل شراكة مباشرة مع إسرائيل في موقفها من وكالة الغوث. فإسرائيل ومنذ العام 2017 تدعو إلى استبدال الأونروا بمنظمات أخرى تقدم الخدمات إلى اللاجئين الفلسطينيين نيابة عنها، وهي لهذا السبب، لا غيره، إستهدفت مخازن ومقرات الأونروا في قطاع غزه ودمرت مدارسها ومقراتها الصحية وقتلت العشرات من موظفيها، ومنعتها من ممارسة دورها في مناطق الـ 48 وغير ذلك من إجراءات كان هدفها منع الأونروا من أداء وظيفتها ووضع العالم أمام أمر واقع يقود بالنهاية إلى إيجاد منظمات دولية تقدم الخدمات إلى اللاجئين بما يساهم في الخلاص التدريجي من وكالة الغوث.. وبالتالي، فإن مجاراة إسرائيل في مخططاتها هو شراكة ليس في جريمة إلغاء الأونروا فحسب، بل وبحرب الإبادة التي إرتكبتها إسرائيل في قطاع غزه وفي الضفة الغربية.. ■ في العام 2022 قال المفوض العام لوكالة الغوث: «من الممكن حل المشكلة من خلال تقديم الخدمات من منظمات دولية نيابة عن الأونروا»، وقد جوبهت هذه المواقف برفض رسمي وفصائلي وشعبي فلسطيني واسع دفعت المفوض العام إلى إعلان إلتزامه بنص المادة 18( ) من القرار 302 التي تشير إلى التعاون والتنسيق مع منظمات الأمم المتحدة وليس تقديمها الخدمات نيابة عن الأونروا. وما أثار قلق اللاجئين أن تصريحات المفوض العام بشأن «إمكانية» إحالة الخدمات إلى هيئات الأمم المتحدة إلتقت مع مواقف علنية لنتنياهو عام 2017 عندما دعا صراحة إلى إلغاء وكالة الغوث وإحالة خدماتها إلى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.. ■ يبدو واضحا أن إعلان المفوض العام إلتزامه بنص المادة 18 لم يكن كافياً ولم يردع إسرائيل وبعض الدول من تكرار محاولاتهم إيجاد منظمات أخرى تقدم الخدمات بدلاً من الأونروا في سياق وبهدف شطبها وإلغاءها. وهنا تكمن خطورة خطوة الحكومة السويدية، والتي رغم إنها أعلنت أن سبب خطوتها وقف تمويل الأونروا هو الحظر الإسرائيلي الذي سيجعل توجيه المساعدات للفلسطينيين عبر الوكالة أكثر صعوبة، أي أن السويد لم تتصرف – على زعمها - وفقاً لسياستها الخارجية المعلنة بدعم وكالة الغوث ووفقا للقيم التي تلتزم بها خاصة حقوق الإنسان والعدالة.. بل إستناداً إلى أمر واقع تعمل إسرائيل على فرضه، أدى إلى استجابة السويد له. ■ هناك من يحاول دفن رأسه في الرمال حين يطمئن ويعتبر أن القرار 302 ما زال يشكل حماية للوكالة التي ما زالت تحظى بثقة الأسرة الدولية داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإن كنا نوافق على صحة هذا الإستنتاج مبدئياً، لكن الذي يحصل هو أن إستهداف وكالة الغوث يأتي عبر عناوين ليس من ضمنها إلغاء القرار 302، بل من خلال التحريض على الوكالة، موظفين ومناهج تعليمية..، وعبر دفع الدول المانحة لقطع تمويلها عن الوكالة، وبالتالي فما يجري هو العمل على إنهاء الوكالة من داخلها وإفراغها من أي مضمون سياسي وإجتماعي وإقتصادي بالضغط على الدول المانحة لوقف تمويلها لتتقدم منظمات دولية أخرى كبديل عن الأونروا. وهنا تكمن الخطورة في توجيه الدعم السويدي والياباني إلى منظمات بديلة، وبما يساهم –عملياً- في مخطط تجفيف الموارد المالية للوكالة وصولاً إلى نزع الشرعية عنها. ■ الدعم السويدي والياباني وغيره من كافة الدول المانحة هو أمر مقدر ويجب زيادته ليكون منسجماً مع الإحتياجات المتزايدة لمجتمعات اللاجئين؛ غير أن المطلوب هو دعوة الدول المانحة المعهودة والمستجدة إلى التوازن في توزيع مساهماتها المالية على الأولويات الأساسية للاجئين، ومن خلال الأونروا وليس بواسطة منظمات بديلة.. لأن تكرار هذا الأمر وتعميمه على دول مانحة أخرى من شأنه أن يحقق الهدف الإسرائيلي الفعلي، وهو تعطيل قيام وكالة الغوث بدورها، وهذا ما سيدفع ببعض الدول المانحة إلى توجيه مساهماتها المالية باتجاه منظمات أخرى بذريعة الصعوبة في إيصال الخدمات إلى مستحقيها، كما بررت السويد موقفها■ (7) من تداعيات حظر نشاط الأونروا ■ وفي الواقع العملي، ماذا يعني حظر نشاط وكالة الغوث في إسرائيل وفي الضفة الغربية وقطاع غزه؟ يشكل إقرار الكنيست الإسرائيلي لقانون قضى بحظر نشاط إحدى وكالات الأمم المتحدة في إسرائيل وهي «وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين»- الأونروا، التي تضم أكبر عدد من الموظفين نحو 30 ألف موظف، سابقة خطيرة هي الأولى من نوعها في تاريخ العلاقات الدولية. وقبل التصويت على القانون بأيام، دعا مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة وعشرات الدول والمؤسسات الدولية، بما فيها دول حليفة لإسرائيل إلى سحب المشروع وعدم إقراره، لما يتضمنه من مخالفات قانونية أولاً، وما سوف يترتب عليه من نتائج إنسانية ستقود إلى تضرر الملايين من اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزه، الذين يعتمدون على الأونروا كمصدر رئيسي لهم في تقديم خدمات الصحة والتعليم والإغاثة الإجتماعية( ). وبالرغم من ذلك أصرت إسرائيل على موقفها ومضت بهذا القانون لإقراره، غير آبهة لا بمواقف دول العالم ومنظماته ولا بنتائجه وتداعياته الإنسانية.. ■ ومنذ تأسيسها في العام 1949، عملت وكالة الغوث بحرية تامة في الضفة الغربية وقطاع غزه في تقديم خدمات التعليم والصحة والإغاثة للاجئين. وبعد إحتلال إسرائيل لكافة الأراضي الفلسطينية عام 1967، وقعت «إتفاقية مقر» مع الأونروا لتنظيم عملها ومنحتها حرية الحركة وتسهيلاتها، والإعفاءات المطلوبة. لكن هذه الإتفاقية أصبحت بحكم الملغاة بعد إقرار القانون، ما سيحرم وكالة الغوث من حقوق وإمتيازات عديدة ستمنعها من ممارسة نشاطها، ومن ضمنها: – إلغاء كافة الإمتيازات والحصانات الممنوحة للبعثات الدبلوماسية الدولية، بما فيها وقف الإعفاءات الضريبية والجمركية ورفع الحماية عن موظفي ومنشآت ومركبات الأونروا وقطع الإتصال معها ومنعها من ممارسة أي نشاط في الأراضي التي تعتبرها إسرائيل «سيادية». – إعتبار مخيم شعفاط الكائن في مدينة القدس غير قانوني وهو يضم أكثر من 60 ألف لاجيء فلسطيني، ما سيترتب عليه الإضرار بمكانة المخيم من الناحية القانونية، ومن ثم التعاون بشكل متدرج مع عصابات المستوطنين المدججين بالسلاح لتهجير سكانه تمهيدا لتفكيكه. – ستكون منشآت الأونروا في الضفة الغربية موضع إستهداف من قبل جيش الإحتلال، إستناداً إلى قوانين إسرائيلية خاصة بما يسمى مكافحة الإرهاب، وبما يفسح المجال أمام إستباحتها من قبل المستوطنين، الذين سبق لهم وأن حاصروا مقرات للأونروا ودعوا إلى إحراقها.. ■ إن ما يجب التأكيد عليه هو أن القوانين والقرارات التي إتخذتها إسرائيل، وإن كانت تشكل خطورة كبيرة ونقلة نوعية في التعاطي مع واحدة من أكثر منظمات الأمم المتحدة شمولية وعملانية، خاصة لجهة تداعياتها السياسية والإنسانية، إلا أن تأثيرها على حق العودة سيبقى محدوداً، خاصة إذا ما توافرت الإرادة لدى الأمم المتحدة والدول الداعمة للوكالة وولايتها، في رفض القوانين والإجراءات الإسرائيلية، وعدم التعاطي معها وجعلها أمراً واقعاً، فحق العودة لا يستمد قوته من وجود وكالة الغوث فحسب، على الأهمية الفائقة لذلك بكل تأكيد، بل يستمده أولاً من الحق الطبيعي والتاريخي للاجئين في أرضهم وأن هذا الحق - كما أكدت على ذلك العديد من القرارات الدولية وقرارات المحاكم وفتاوى فقهاء القانون الدولي لا يسقط بالتقادم مهما مرت عليه السنين- خاصة وأن أصحابه من ملايين اللاجئين لا زالوا يحملون رايته؛ وثانياً هو حق مدعوم بالقرار الأممي الرقم 194 وعشرات القرارات الدولية التي لا تمنح حقاً للاجئين بقدر ما تؤكد على حق مؤصل، موجود ومؤكد وسابق للقرار 194. ■ وقد جاء رد الأمم المتحدة على رسالة إسرائيل بإلغاء «إتفاقية المقر» لعام 1967 ومواقف العديد من المسؤولين الدوليين لتؤكد على جملة من البديهيات: رغم الخطورة التي يشكلها قانون حظر الأونروا وإلغاء إتفاقية المقر، كونه سيزيد من المعاناة الإنسانية للاجئين الذين يعتمدون على خدمات الأونروا، إلا أنه لن يؤثر على وجود الوكالة القائمة بتفويض أممي. كما أن حظر عمل الوكالة سيعني أن إسرائيل كونها السلطة القائمة بالإحتلال ستكون هي المعنية بتأمين الخدمات الإنسانية للاجئين في الضفة وقطاع غزة.. ■ ان صمت العالم على جرائم إسرائيل وممارسة الضغوط على الأطر القضائية الدولية جعل إسرائيل تشعر أنها محمية بقوة الڤيتو الأميركي ودعم الدول الغربية والأطلسية لانتهاكها الدائم لميثاق الأمم المتحدة ولحقوق الإنسان، كل هذا شجعها على تحديها الدائم للأسرة الدولية ورفض قراراتها، بمثال تمزيق الميثاق على منبر الأمم المتحدة من قبل المندوب الإسرائيلي في شهر أيار/ مايو 2024؛ فإقرار قانون حظر أنشطة الأونروا، يشكل إستهتارا بما تبقى من المنظومة الدولية، ولم يكن ليحصل بهذا الأسلوب لولا الدعم اللامحدود الذي تتلقاه إسرائيل من الولايات المتحدة بشكل خاص، وصمت الدول الغربية، المتواطيء دعماً لإفلات إسرائيل من العقاب طيلة عقود لخرقها الدائم للقرارات الدولية ولمواصلة إجرامها وحرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني. ■ لا يجب التقليل من خطورة الحرب الإسرائيلية على وكالة الغوث التي تشكل إحدى المكانات القانونية - السياسية التي يتأسس عليها حق العودة، التي تشمل القرار 194 ومكانة المخيمات والأهلية القانونية المتمثلة في تعريف اللاجيء، وكلها عناصر ستبقى قائمة بعد صدور القانون. إن ما طرحه قانون حظر الوكالة بقسميه، لا يتعدى كونه فتح معركة أخرى ستضاف إلى سلسلة المعارك الوطنية التي يخوضها الشعب الفلسطيني بمساندة أحرار العالم، ذلك لأن إسرائيل، وإن كانت قادرة على أن تفرض تطبيق «قانونها» بالقوة العسكرية والإحتلالية في الضفة الغربية وقطاع غزه، فهي غير قادرة لا على المس بوكالة الغوث وشرعيتها وتفويضها الدولي، ولا على منع الوكالة من تقديم خدماتها في أماكن تواجد اللاجئين خارج فلسطين وحتى في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، ما يجعل من هذه المعركة معركة رابحة بالضرورة كونها معركة الدفاع ليس عن قضية اللاجئين وحق العودة والأونروا فحسب، بل وأيضاً معركة الدفاع عن الأمم المتحدة وقراراتها، وصدقية المنظومة الدولية برمتها■
ملحق رقم 1 إتفاقية المقر [ الإتفاقية عبارة عن تبادل رسائل بين مايكل كوماي – Michael Comay، المستشار السياسي لوزير خارجية دولة الإحتلال أبا إبيان وبين المفوض العام لوكالة الغوث (الاونروا) في حينه لورانس مايكلمور- Lawrence Michelmore، والتي عرفت لاحقاً باتفاقية كوماي - مايكلمور. وقد دخلت الإتفاقية حيِّز النفاذ في 14 حزيران/ يونيو 1967، وفيما يلي نص الرسالتين:]
رسالة وزارة خارجية إسرائيل 14/6/1967
عزيزي المفوض العام، أود أن أشير إلى المحادثات التي أجريتها معك ومع زملائك خلال اليومين الماضيين، وأن أؤكد إتفاقنا على أنه بناءً على طلب حكومة إسرائيل، ستواصل الأونروا مساعدتها للاجئين الفلسطينيين، بالتعاون الكامل من جانب السلطات الإسرائيلية، في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة. من جانبها، ستسهل حكومة إسرائيل مهمة الأونروا بأفضل ما في وسعها، مع مراعاة القواعد أو الترتيبات التي قد تقتضيها إعتبارات الأمن العسكري فقط. وعلى هذا الفهم، نحن مستعدون للموافقة من حيث المبدأ على: أ) ضمان حماية وأمن موظفي الأونروا ومنشآتها وممتلكاتها؛ ب) السماح بحرية حركة مركبات الأونروا إلى داخل وخارج إسرائيل والمناطق المعنية؛ ج) السماح للموظفين الدوليين في الوكالة بالتحرك داخل وخارج إسرائيل والمناطق المعنية؛ وسيتم تزويدهم بوثائق الهوية وأي تصاريح أخرى قد تكون مطلوبة؛ د) السماح للموظفين المحليين في الوكالة بالتنقل داخل المناطق المعنية بموجب الترتيبات التي تم التوصل إليها أو التي سيتم التوصل إليها مع السلطات العسكرية؛ ه) توفير مرافق الراديو والإتصالات والهبوط؛ و) في انتظار إتفاق تكميلي آخر، الحفاظ على الترتيبات المالية القائمة سابقًا مع السلطات الحكومية المسؤولة آنذاك عن المناطق المعنية، فيما يتعلق بما يلي: i) الإعفاء من الرسوم الجمركية والضرائب والرسوم المفروضة على استيراد الإمدادات والسلع والمعدات؛ ii) توفير خدمات التخزين والعمالة للتفريغ والمناولة والنقل بالسكك الحديدية أو الطرق مجانًا في المناطق الخاضعة لسيطرتنا؛ iii) أي تكاليف أخرى تتحملها الوكالة كما سبق أن تكبدتها السلطات الحكومية المعنية. ز) الإعتراف بأن إتفاقية إمتيازات وحصانات الأمم المتحدة المؤرخة في 13 شباط/ فبراير 1946 التي تعد إسرائيل طرفًا فيها، تحكم العلاقات بين الحكومة والأونروا في كل ما يتعلق بوظائف الأونروا. ستعتبر حكومة إسرائيل والأونروا هذه الرسالة وقبولك الكتابي بمثابة إتفاقية مؤقتة ستظل سارية المفعول حتى يتم استبدالها أو إلغاؤها■ مايكل كوماي المستشار السياسي لوزير الخارجية رسالة وكالة الغوث 14/6/1967 سعادتكم، أشير إلى خطابكم المؤرخ في هذا اليوم، وأود أن أؤكد أن الأونروا مستعدة لمواصلة مساعدتها للاجئين الفلسطينيين في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة على الأساس المقترح في خطابكم. وسوف يخضع هذا لأي إتفاقيات تكميلية أخرى قد تكون مطلوبة، وللترتيبات التفصيلية التي سيعقدها ممثلو الأونروا مع السلطات في المنطقتين المعنيتين. ومن الطبيعي أن هذا التعاون لا يعني أي التزام أو موقف من جانب الأونروا فيما يتصل بوضع أي من المناطق المعنية أو أي صك يتعلق بها، بل يتعلق فقط باستمرار مهمتها الإنسانية. وكما أوضحت في محادثتنا، فإن التسهيلات المذكورة في الفقرات (أ) إلى (ز) من خطابكم ضرورية إذا كان للوكالة أن تعمل بشكل فعال. ولهذا السبب أتوقع أن يتم رفع القيود التي قد تفرض في الوقت الحالي على الإستخدام الكامل لتلك المرافق بمجرد أن تسمح الإعتبارات الأمنية العسكرية بذلك. أوافق على أن خطابك وهذا الرد يشكلان إتفاقًا مؤقتًا بين الأونروا وحكومة إسرائيل، ويظل ساريًا حتى يتم استبداله أو إلغاؤه. ويخضع إتفاق الأونروا لأي تعليمات أو قرارات ذات صلة صادرة عن الأمم المتحدة. لورنس مايكلمور المفوض العام لوكالة الغوث ملحق رقم 2 نص قانون «وقف نشاطات الأونروا في أراضي دولة إسرائيل» 28/10/2024 [■ أقر الكنيست الإسرائيلي بأغلبية أصوات كتل الائتلاف والمعارضة الصهيونية، يوم 28/10/2024، مشروعي قانونين مترابطين. وينص القانون الأول على:] 1- هدف القانون منع كل نشاط لوكالة الأونروا، في مناطق دولة إسرائيل. 2- لا تقيم الأونروا، ولا تشغل أي ممثلية لها، ولا تقدم أي خدمات، ولا أي نشاط، بشكل مباشر أو غير مباشر، في المنطقة السيادية لإسرائيل■ [■ في حين يضع القانون الثاني إجراءات لتطبيق القانون الأول، وهي:] 1- إلغاء المعاهدة القائمة بين إسرائيل ووكالة الأونروا، التي تم توقيعها يوم 14 حزيران/ يونيو 1967. وزير الخارجية (الإسرائيلي) يبلغ الأمم المتحدة بانتهاء مفعول المعاهدة مع الأونروا، خلال 7 أيام من يوم إقرار هذا القانون. 2- يُحظر على أي سلطة من سلطات الدولة (الإسرائيلية)، بما في ذلك جهات ومؤسسات وأفراد، يتولون مهمات ومسؤوليات عامة بموجب القانون، إقامة أي تواصل مع الأونروا أو أي جهة من طرفها. 3- لا يوجد في تعليمات هذا القانون ما يمنع أي إجراءات جنائية ضد العاملين في وكالة الأونروا، بما في ذلك أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أو حرب «السيوف الحديدية» (الحرب على غزة)، أو أي إجراء جنائي بموجب قانون مكافحة الإرهاب- 2016 (الإسرائيلي)، أو ما يمنع القيام بإجراءات ضد هؤلاء العاملين»■ ملحق رقم 3 بيان صحفي صادر عن مجلس الأمن بشأن الأونروا 30 /10/2024 ■ أكد أعضاء مجلس الأمن على الدور الحيوي الذي تلعبه وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا) في تقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة للاجئي فلسطين من خلال برامج التعليم والصحة والإغاثة والخدمات الإجتماعية الأساسية والمساعدات الطارئة في الأرض الفلسطينية المحتلة والأردن ولبنان والجمهورية العربية السورية. وشدد أعضاء مجلس الأمن على أن الأونروا تظل العمود الفقري لجميع الإستجابات الإنسانية في غزة، وأنه لا يمكن لأي منظمة أن تحل محل أو تستبدل قدرة الأونروا وتفويضها لخدمة لاجئي فلسطين والمدنيين، الذين هم في حاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية منقذة للحياة. وحذر أعضاء مجلس الأمن بشدة من أي محاولات لتفكيك أو تقليص عمليات الأونروا وتفويضها، مدركين أن أي انقطاع أو تعليق لعملها من شأنه أن يخلف عواقب إنسانية وخيمة على ملايين لاجئي فلسطين، الذين يعتمدون على خدمات الوكالة، فضلا عن الآثار المترتبة على المنطقة. وأعرب أعضاء مجلس الأمن عن قلقهم البالغ إزاء التشريع الذي تبناه الكنيست الإسرائيلي. وفي هذا الصدد، حثوا الحكومة الإسرائيلية على الإمتثال لالتزاماتها الدولية واحترام إمتيازات وحصانات الأونروا والوفاء بمسؤولياتها في السماح بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بجميع أشكالها إلى قطاع غزة وفي جميع أنحائه بصورة كاملة وسريعة وآمنة بدون عوائق، بما في ذلك توفير الخدمات الأساسية التي يحتاج إليها السكان المدنيون بشدة. وطالب أعضاء مجلس الأمن جميع الأطراف بتمكين الأونروا من تنفيذ ولايتها، كما اعتمدتها الجمعية العامة، في جميع مناطق عملياتها، مع الاحترام الكامل للمباديء الإنسانية المتمثلة في الإنسانية والحياد والنزاهة والإستقلال، واحترام القانون الدولي الإنساني بما في ذلك حماية مرافق الأمم المتحدة والمرافق الإنسانية. وسلط أعضاء مجلس الأمن الضوء على النتائج التي توصلت إليها المراجعة المستقلة لآليات وإجراءات ضمان إلتزام الأونروا بمبدأ الحياد الإنساني، والتي قادتها (وزيرة خارجية فرنسا السابقة) كاثرين كولونا، ورحبوا بالتزام الأمين العام للأمم المتحدة والوكالة بالتنفيذ الكامل لتوصياتها ودعوا إلى التعجيل بتنفيذها، بما يتماشى مع إلتزام الأونروا بمبدأ الحياد. وأحيط أعضاء مجلس الأمن علماً بالتدابير المتخذة لإنهاء توظيف تسعة من موظفي الأونروا في أعقاب هجمات السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023. وأكدوا على أهمية إتخاذ تدابير في الوقت المناسب لمعالجة أية إدعاءات ذات مصداقية ولضمان المساءلة عن أية إنتهاكات لسياسات الوكالة المتعلقة بمبدأ الحياد. ودعا أعضاء مجلس الأمن جميع الأطراف إلى اتخاذ الخطوات اللازمة للسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في غزة وتسهيلها وفقاً للقانون الدولي الإنساني. وأعرب أعضاء مجلس الأمن عن تقديرهم للعمل الذي يقوم به موظفو الوكالة، بما في ذلك في ظل ظروف بالغة الصعوبة، في إطار الوفاء بولاية الوكالة، وأكدوا على أهمية ضمان إستمرارية الخدمات الحيوية التي تقدمها الأونروا للاجئي فلسطين، وأقروا بجهود الدول الأعضاء لتعزيز دعمها للأونروا■ 30 تشرين الأول/ أكتوبر 2024 ملحق رقم 4 فرانشيسكا ألبانيز: إسرائيل تريد تصفية الأونروا باعتبارها رمزاً للوجود الدولي في فلسطين ■ قالت المقررة الأممية المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز إن «إسرائيل تهدف إلى تصفية الأونروا، باعتبارها رمزاً للوجود الدولي في فلسطين». وأكدت ألبانيز في مقابلة صحفية أنه لا يمكن لأحد إنهاء الأونروا التي وجدت بموجب قرار دولي ومحمية بقواعد ومواثيق الأمم المتحدة. وأوضحت أن «إسرائيل لا تستهدف الأونروا لإنهاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين فحسب، بل تستهدفها لأنها أكبر هيئة تابعة للأمم المتحدة في فلسطين، وبالتالي فإن التخلص منها سيسهل ويسرع التخلص من أي وجود أممي آخر يعارض سياسة تل أبيب القائمة على التطهير العرقي وإخضاع الشعب الفلسطيني». وقالت ألبانيز إن «الأونروا لن تختفي لأنها جزء من الأمم المتحدة، وإذا أرادت الدول الأعضاء إنهاء عملها فلا يمكنها فعل ذلك إلا من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وليس من خلال تغيير القوانين أو تجريم الوكالة كما تفعل إسرائيل، ولا عبر قطع التمويل عنها كما فعلت سويسرا وهولندا والولايات المتحدة وغيرها، أما حقوق اللاجئين الفلسطينيين فستظل محفوظة لأن هذه الحقوق منصوص عليها في القانون الدولي». وأضافت أن «طلب تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة أمر لا ينبغي إهماله لما قامت به إسرائيل من إعتداء على مؤسسات الأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة». وتابعت: «عندما طالبت بتعليق عضوية إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ركزت على نقطة محددة ألا وهي أنه حتى لو تجاهلنا الإحتلال غير القانوني ونظام الفصل العنصري الذي هو جريمة ضد الإنسانية، وحتى لو تجاهلنا الإبادة الجماعية، فإن تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة واجب على المجتمع الدولي تنفيذه بسبب ما فعلته خلال الـ15 شهراً الماضية ضد الأمم المتحدة». وأردفت: «خلال 15 شهرا دمرت إسرائيل 70% من مقرات الأمم المتحدة في غزة، واستهدفت مدارس الأونروا التي كانت تؤوي اللاجئين، ورأينا أطفالا قُصفوا أثناء بحثهم عن مأوى في منشآت الأونروا، كما جرّمت إسرائيل الأونروا ووصفتها بالإرهاب، واعتبرتني أنا نفسي والأمين العام للأمم المتحدة شخصيات غير مرغوب بها، واتهمت العديد من مسؤولي الأمم المتحدة بمعاداة السامية وتمجيد الإرهاب»■ وخلصت قائلة: «إسرائيل مزقت ميثاق الأمم المتحدة أمام أعضاء الجمعية العامة، ولذلك، وبسبب عدم احترامها لقوانين الأمم المتحدة، فإنها لا تستحق أن تبقى ضمن عضوية الأمم المتحدة حتى تتراجع وتحترم قواعد وقوانين المنظمة الأممية»■ 9/3/2025
#محمود_خلف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محمود خلف: وجود هيئة العمل الوطني مؤقت
المزيد.....
-
أسعد الشيباني: سوريا ترفض التقسيم ووحدة أراضي بلادنا لا تقبل
...
-
طائرة فاخرة من قطر بقيمة 400 مليون دولار تشعل غضب الديمقراطي
...
-
فوزاي يسرق القلوب والنقانق.. كلب كورجي بوليسي يشعل مواقع الت
...
-
شاهد: بعد إعادة تأهيلهما.. إطلاق نمرين صغيرين في البرية شرق
...
-
ضغطا على بوتين.. ألمانيا لا تستبعد منح أوكرانيا صواريخ تاورو
...
-
مصر تشيد بالجهود الرامية لبدء المفاوضات المباشرة بين روسيا و
...
-
حفتر يأمر بالتعاون الكامل مع النائب العام لكشف مصير النائب إ
...
-
ترامب يقيل مسؤولة حقوق النشر في خطوة أثارت انتقادات ديمقراطي
...
-
ليبيا.. اجتماع أمني في طرابلس لمنع الانزلاق نحو المواجهة
-
مشاهد لاصطياد المسيرات الروسية درونات جيش زيلينسكي وحلفائه ف
...
المزيد.....
-
الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها
/ محمود خلف
-
الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها
/ فتحي الكليب
-
سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية
...
/ سمير أبو مدللة
-
تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل
/ غازي الصوراني
-
حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية
/ فتحي كليب و محمود خلف
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|