الصراع بين الهند وباكستان رؤية سوسيولوجية

محمود محمد رياض عبدالعال

الحوار المتمدن-العدد: 8337 - 2025 / 5 / 9 - 08:38
المحور: قضايا ثقافية
    

الصراع بين الهند وباكستان هو واحد من أطول وأكثر النزاعات تعقيدًا في التاريخ الحديث، ويمكن تحليله من منظور سوسيولوجي لفهم الجذور الاجتماعية والثقافية والسياسية التي تغذيه. إليك رؤية سوسيولوجية لهذا الصراع:
الجذور التاريخية والهوية الجماعية:
- يرتبط الصراع بتقسيم شبه القارة الهندية عام 1947، والذي أدى إلى إنشاء دولتين على أساس ديني: الهند (ذات الأغلبية الهندوسية) وباكستان (ذات الأغلبية المسلمة). هذا التقسيم خلَّف تركة من العنف الطائفي والنزوح الجماعي، مما عمَّق الشعور بالهوية المتنافسة.
- تُعرِّف كل من الهند وباكستان هويتهما الوطنية جزئيًا من خلال العداء للآخر. فالهند تُؤكِّد على هوية علمانية متعددة الأديان، بينما تُعرِّف باكستان نفسها كدولة للمسلمين في جنوب آسيا.
الدور الاجتماعي للدين والطائفية:
- الدين ليس مجرد عامل سياسي، بل هو جزء من البنية الاجتماعية لكلا البلدين. في باكستان، يُستخدم الإسلام كأداة لتوحيد الهوية الوطنية، بينما في الهند، تصاعدت الحركات القومية الهندوسية (مثل حزب بهاراتيا جاناتا) التي تعزز هوية هندوسية متشددة، مما يزيد التوتر مع الأقلية المسلمة.
- الطائفية والتحريض الديني يُستخدمان سياسيًا لتعبئة الجماهير، مما يعمق الانقسامات ويجعل الحلول السلمية أكثر صعوبة.
النخب السياسية والعسكرية وتكريس الصراع:
- في كلا البلدين، تستفيد النخب السياسية والعسكرية من استمرار الصراع لتعزيز شرعيتها الداخلية. في باكستان، يُستخدم العداء مع الهند لتبرير الإنفاق العسكري الكبير ودور الجيش في السياسة. وفي الهند، يُستخدم الصراع لتعزيز الخطاب القومي.
- وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية في كلا البلدين تُغذي الصور النمطية السلبية عن الآخر، مما يعزز العداء بين الأجيال.
القومية الإقليمية والصراع على كشمير:
- كشمير تمثل نقطة اشتعال مركزية بسبب هويتها المتعددة الأعراق والأديان. المطالبات المتنافسة من الهند وباكستان تعكس صراعًا أعمق حول الحقوق الجماعية وتقرير المصير.
- الحركات الانفصالية في كشمير تُظهر كيف يمكن للقمع السياسي والتمييز الاجتماعي أن يولد مقاومة عنيفة، بينما تُصورها الهند كـ "إرهاب" مدعوم من باكستان.
الديناميات الاجتماعية والاقتصادية:
- الفقر وعدم المساواة في المناطق الحدودية (مثل كشمير) تُغذي السخط. الشباب في هذه المناطق، الذين يواجهون محدودية الفرص، قد ينخرطون في العنف كوسيلة للتعبير عن احتجاجهم.
- كلا البلدين يستخدمان الموارد الهائلة في التسلح على حساب التنمية الاجتماعية، مما يؤثر على الفئات المهمشة.
المجتمع الدولي والعولمة:
- العولمة أدت إلى تدويل الصراع، مع تدخل لاعبين مثل الصين والولايات المتحدة. لكن المجتمع الدولي فشل في إيجاد حل دائم، مما يعكس محدودية المؤسسات الدولية في معالجة النزاعات المتجذرة في الهوية.
من المنظور السوسيولوجي، الصراع ليس مجرد نزاع حدودي أو سياسي، بل هو صراع هوياتي تغذيه الديناميات الاجتماعية الداخلية في كلا البلدين. الحل يتطلب تفكيك الخطابات العدائية، وتعزيز الحوار بين المجتمعات، ومواجهة المصالح الراسخة للنخب التي تستفيد من استمرار الأزمة. بدون معالجة هذه الجذور الاجتماعية، سيستمر الصراع في التكرار.

#محمود_محمد_رياض_عبدالعال (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات