|
الأقباط فى الأمثال الشعبية 1
جورج شكرى
الحوار المتمدن-العدد: 1804 - 2007 / 1 / 23 - 09:24
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
بالعمارة والتمارة وجيزة النصارى
ان نصوص الأمثال الشعبية – كما يقول عنها الدكتور( احمد ابراهيم شعلان ) فى الجزء الرابع من كتابه الثمين والسمين " موسوعة الأمثال الشعبية المصرية والتعبيرات السائرة " " هذه النصوص هى عبارة عن شواهد ثقافية على القيم السائدة كالعادات والتقاليد والأعراف وتقوم بدور الموجه العام للسلوك وهى دستور للعلاقات بين الأنساق الثلاثة للمجتمع وهى الفرد والجماعات كوحدات والمجتمع ككل , وهذه النصوص تعبر عن نوعية الثقافة الشعبية المازجة بين كل الطوائف , وهى تعبر عن فلسفة المجتمع بشكل صريح وتلقائى وتحمل خبرات ثقافية اختزنها اللاشعور عن طريق المعاشرة والسمع وتطفو على السطح عند الحاجة . وبأختصار هى المدخل الحقيقى لدراسة الشخصية المصرية ( و الأقباط بالطبع ) ..... "
ولعله حقاً واحد من الأبواب الملكية التى لابد وان تتجتازها كى ما يتسنى لك ان تحصل على قدر لا بأس به من الحقائق المُوثقة بشهادات الأولين عن حال واحوال الأقباط فى العصور الغابرة عن طريق الأمثال الشعبية تستطيع ان تستقصى قيم الأقباط الأجتماعية والثقافية والدينية وعن طريقها تستطيع ايضاً ان تستشف سلوك الأقباط وسلوك افراد المجتمع والمجتمع ذاته ضد الأقباط – حيث انها تقوم بدور الموجه العام للسلوك – لهذا و لذاك وعن طريق الأمثال تستطيع ان تستوحى فلسفة المجتمع القبطى وفلسفة افراد المجتمع والمجتمع ككل ايضاً نحو الأقباط ودراسة الأمثال – كما يقول احدهم – عند امة من الأمم او عند شعب بعينه ( الأقباط فى حالتنا هذه ) يهدف إلى توسيع دائرة البحث بتجاوز الكُتاب والشعراء والقصاصين والمُفكرين إلى الناس العاديين من فلاحين وصناع وحرفيين إذ انها اوسع واشمل لانها لا تخص طبقة معينة ولا فئة ولا اقلية بعينها ذلك ان الأمثال اقوال شائعة تدور على كل الألسنة ويلجأ إليها الجميع عند الضرورة والمناسبة الخاصة به فهو جزء من كل شعبى وكل ثقافى وحتى لا تطول مقدمتنا وتطغى على مساحة المقال ويتحول المقال كله إلى مجرد مقدمة وانا بطبعى لا احب المقدمات الطويلة وافضل ان اكل البيض دون التحدث عنه طويلاً دعونا نبدء ولنبدء بدءاً حسناً سنتحدث فى هذه المرة عن مثل شعبى او قل دعاء شعبى ابنودى شهير وستحدثنا عنه امراه عجوز اسمها فاطمة قنديل ( وهذه هو ما تحدثنا عنه من تجاوز الكُتاب والشعراء والقصاصين والمُفكرين إلى الناس العاديين من فلاحين وصناع وحرفيين ) وفاطمة قنديل لمن لا يعلم هى ام الكاتب والشاعر الكبير ( عبد الرحمن الأبنودى ) اعيروا السمع قليلاً لعبد الرحمن الأبنودى واسمعوه يقول " لقد ظللت معظم سنوات الطفولة أتعجب من هذا الدعاء الذى لا أفهمه .. فى كل مناسبة تدخل المرأة الجارة أو القريبة فى يدها رموز المجاملة . حناء, سكر , شاى , صابون , تطلق زغرودتها فى وجه العروس على أضواء اللمبات الخافتة المدخنة وتعقب زغرودتها بالدعاء الخالد بالعمارة والتمارة وجيزة النصارى يارب ماذا يقلن ؟ كيف أنا منهن وربيت على حجورهن ولغتى لغتهن ولاأعلم ولاأفهم ماذا يقلن رغم تكرار الدعاء أمام أذنى عشرات المرات بالعمارة والتمارة وجيزة النصارى يوماً سألت فاطنة قنديل ( والدته ) عن ماهية هذه العمارة ومعنى كلمة التمارة وما دخل النصارى فى كل هذا التغريب وبدأت تشرح .. " .. يا ولدى طبعاً ده جواز واللى يجوز بنته بيبقى خايف واللى زينا لازم يطمنه علشان كدة بنقوله الكلمات دول عشان يتطمنوا وفى نفس الوقت دعاء علشان ربنا يوفقهم ويثبت قلوبهم على الود والعشرة والجوازة تدوم نمسكهم واحدة واحدة بالترتيب بالعمارة .. يعنى عليهم وعلى الله ( عمار الديار) يعنى يعيشوا ويعمروا البيت .. بايه ؟ طبعاً بالخلفة الصالحة لأن الخلفة وحس العيال فى البيت هى اللى تعمر الدار .. البيت اللى من غير خلفة فقرى وزى القبر ساكت لاضحكة ولا تبكوة ولاياما ولايابا .. أدى العمارة والتمارة أن الوحدة اللى خدها جوزها عشان يعولها ويأكلها ويشربها يتمر فيها العيش والمعروف وتقابل المعروف بالمعروف .. وهى دى يا ولدى التمارة ويسأل الأبنودى " طب و ( جيزة النصارى ) وايه اللى دخل النصارى فى الحكاية ولا هية عشان السجع تمارة وعمارة ونصارى وكدة يعنى ؟!! .." تغضب فاطمة قنديل من السخرية المختبئة وتقول : " اهى اللى بتضحك عليها دى أهم حاجة فى التلاتة " " أنها دعاء لله علشان مايكسرش المحبة وتدوم الجوازة .. ده دعاء بعدم الطلاق .. لأن النصارى ياولدى ما بيطلقوش .. اللى خدها هى اللى خدها .. هية اللى هتتشعلق فى رقبته طول العمر .. زعلوا من بعض .. أتقندلوا.. راحو.. جُم.. أخرتها لبعض عشان معندهمش طلاق .. فأحنا بنتمنى للواد والبت اللى هيتجوزوا أن جوازهم يبقى ( جيزة نصارى ) يعنى جواز دايم علطول مايتكسرش ولافيش حاجة تعطله ومادام عمرت الدار وخلفت عيال ومادام تمر فيها المعروف وبقت تخاف على حاجة جوزها وماله وعياله لازم الجوازة هتدوم زى جوازات النصارى عشان كدة ما فيش غيرها فى حنكنا لما بندخل على اى فرح على طول نهلل " بالعمارة والتمارة وجيزة النصارى "
وحتى مع كونك مثقف لا تستطيع ان تشرح المثل ولا ان تُصيغ كلماتك فى شرحة بصورة اروع من تلك التى اتت بها فاطمة قنديل فقد بلغت القمة فى البساطة والبلاغة العامية _ إن كان للعامية بلاغة -
وعلى سبيل الأستطراد الموضوعى جدير بنا ان نذكر ذلك المثل الشعبى الذى اورده العلامة المحقق ( أحمد تيمور باشا ) فى كتابه ( الأمثال الشعبية - مشروحة ومرتبة حسب الحرف الأول مع كشاف موضوعي - ) يقول المثل ( جوازة نصرانية لا فراق الا بالخناق ) وقد قال فيه .. جوازة مُحرفة عن الزواج بالقلب . والخناق ( بضم اوله وتشديد ثانيه ) يريدون به لموت ... يضرب للشىء يلازم الشىء ولا ينفك عنه وشبهوا هذه الحالة بالزواج عند النصارى لانه لا طلاق فيه ومن الكنايات قولهم ( جوازة نصارى ) وقد ذُكر نفس المثل فى عدد كبير من موسوعات الأمثال الشعبية اللبنانية بعد ترجمة كلمة ( جوازة ) لبنانياً إلى ( جازة ) ( جازة نصرانية لا فراق الا بالخناق ) Achristian Marriage : No Separation Except By Shoking ( too Dificult For a Christian to get a divorce in Lebanon ) وسوف نتحدث عن هذا المثال بصورة مُستقلة فى سلسلتنا هذه ان شاء الرب وعشنا ولا نحتاج هنا ان نقول ان الزواج والطلاق فى العقيدة المسيحية له مفهوم مختلف يميزه عن المفاهيم الاخرى للزواج فى الثقافات المختلفة فوفقًا لما ورد فى إنجيل متي الاصحاح الخامس الآية رقم 21 "وقيل من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق وأما انا فاقول لكم إن من طلق امرأته إلا لعلّة الزنى يجعلها تزني ومن يتزوج مطلقة فإنه يزنى" فى المسيحية يتم الزواج برباط من الله ، فهو رباط مقدس لا يستطيع إنسان أن يفرقه و لا يحل للرجل أن يطلق إمرأته إلا لعلة الزنى ، و من يتزوج مطلقة يصبـح زانيـاً . لأنهـا أمام الله لا زالت مرتبطة بزوجها الأول قلنا اننا لا نحتاج ان نقول ذلك ولذلك لن نقول !! لا انا بل نعمة الله التى معى
#جورج_شكرى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جرعة زائدة من بول الأبل تتسبب فى كتاب فتنة التكفير
المزيد.....
-
التهمت النيران كل شيء.. شاهد لحظة اشتعال بلدة بأكملها في الف
...
-
جزيرة خاصة في نهر النيل.. ملاذ معزول عن العالم لتجربة أقصى ا
...
-
قلق في لبنان.. قلعة بعلبك الرومانية مهددة بالضربات الإسرائيل
...
-
مصر.. غرق لانش سياحي على متنه 45 شخصًا ومحافظ البحر الأحمر ي
...
-
مصدر يعلن موافقة نتنياهو -مبدئيًا- على اتفاق وقف إطلاق النار
...
-
السيسي يعين رئيسا جديدا للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام
-
ثلاثة متهمين من أوزبكستان.. الإمارات تكشف عن قتلة الحاخام ال
...
-
واشنطن تخطط لإنشاء قواعد عسكرية ونشر وحدات صاروخية في الفلبي
...
-
هايتي: الأطفال في قبضة العصابات مع زيادة 70% في تجنيدهم
-
تحطّم طائرة شحن في ليتوانيا ومقتل شخص واحد على الأقل
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|